أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

السلاح المنفلت أكبر من قدرة السوداني وحكومته على السيطرة عليه

يمكن لأي شخص في العراق شراء قطعة سلاح في أي وقت، وبعض ممن يعملون في بيع الأسلحة ينتمون إلى جهات رسمية، مثل الحشد الشعبي، ومن الصعب محاسبتهم، وهذا يحتاج إلى قرار سياسي قبل القرار الأمني.

بغداد – الرافدين
فشلت من جديد جهود حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني في حصر السلاح المنفلت والذي تقف وراء انتشاره الحروب والأحداث الأمنية التي مرت بها البلاد.
ورغم اتخاذ الحكومة خطوات لتحجيم الظاهرة، لكن النتائج غير مرضية، لاسيما والبلد تتحكم فيه الميليشيات الموالية لإيران والتي تتمتع بترسانة كبيرة من الأسلحة وسط عجز السلطات عن السيطرة عليها.
ويُعدّ السلاح المنفلت في العراق من أكثر المشاكل التي تعوق استشراء الأمن والاستقرار في البلاد، لما له من تأثيرات كبيرة على الأمن المجتمعي.
وسبق أن تعهد السوداني ضمن برنامجه الحكومي بسحبه وإنهاء ظاهرة السلاح المنفلت خارج نطاق المؤسسات الرسمية والشرعية للدولة، وهو التحدي الذي أثيرت شكوك سياسية حول قدرته على الوفاء به.
وتفاقم أمر انتشار الأسلحة حتى أصبح من الصعب الوصول إلى رقم يحصر أعداد قطع السلاح التي يمتلكها العراقيون ضمن ما يوصف بأنه “السلاح المنفلت”، لكن تقارير غير رسمية تؤكد أن الرقم يتجاوز 15 مليون قطعة سلاح، ما بين خفيف ومتوسط وثقيل، ما يفسّر الاستخدام العشوائي المتكرر لتلك الأسلحة.
ويرى مراقبون أن السبب الرئيس في انتشار السلاح المنفلت يعود إلى عدم القدرة على فرض القانون على الجميع، بالإضافة إلى عدم وجود تعريف واضح للسلاح المنفلت، ولم يحصر هذا السلاح بدائرة محددة لتعريفه، لاسيما وأنه يقترن بجهات متنفذة منذ احتلال البلاد في عام 2003، وتأسيس الحكومات المتعاقبة بعده.
ويؤكد المراقبون على أن هناك ما يسمى “سلاح المقاومة”، وهذا السلاح رسمي تارة تحت مظلة هيئة ميليشيا الحشد، وغير رسمي تارة أخرى تحت مسمى “المقاومة الإسلامية”، والعديد من الفصائل المسلحة دخلت تحت المظلة الحكومية، إلا أنها تتلقى الأوامر من الخارج ولا تأتمر بأمر الحكومة.

السلاح المنفلت وراء تفاقم العنف والجريمة في العراق

ويوجد سلاح العشائر، الذي تسبب بالنزاعات العشائرية، خصوصًا في مناطق الجنوب والفرات الأوسط، حيث تتقاتل العشائر بالسلاح الثقيل والمتوسط، وهناك نوع آخر من السلاح، هو السلاح الفردي، وهذا موجود في معظم البيوت، وبعضها يضم أفرادًا ينتمون إلى الفصائل المسلحة أو الأجهزة الأمنية أو الجماعات العشائرية.
وأحد أصناف الأسلحة المنفلتة هو سلاح الجماعات الدولية المنتشرة في العراق، سواء على الحدود مع سوريا، أو في مناطق شمالي البلاد، والمرتبطة بدول الجوار، مثل تنظيم حزب العمال الكردستاني (بي كا كا)، وسلاح هؤلاء قرار نزعه ليس بيد السلطات العراقية، وإنما مرتبط بمصالح دولية، ويستحيل على حكومة تمثل مصالح سياسية وإقليمية أن تحصر ما يسمى بالسلاح المنفلت، كون هذا السلاح يستخدم في جزء كبير من مصالح الجهات المشكلة للحكومة والداعمة لها.
وتخشى الحكومة فتح جبهات داخلية لا قدرة لها على السيطرة عليها، كما أنها لا تريد خسارة أطراف خارجية قد تكلف خسارتها إطاحة الحكومة كلها.
وسجل خلال شهر أيار الماضي مقتل ما لا يقل عن 40 عراقيًا في جرائم جنائية مختلفة، أو خلال مشاكل عشائرية واجتماعية، وكان المشترك بينها جميعًا وجود سلاح بحوزة الجناة ينطبق عليه وصف السلاح المنفلت.
وأكد مصدر أمني أن تعهد رئيس حكومة الإطار التنسيقي بإنهاء ظاهرة السلاح المنفلت خارج نطاق المؤسسات الرسمية والشرعية، لا يمكن تنفيذه بسهولة كونه يواجه عراقيل عدة.
وأضاف المصدر الأمني الذي طلب عدم كشف هويته لعدم السماح له بالحديث لوسائل الإعلام أن “سوق السلاح في العراق يصعب السيطرة عليه، ويمكن لأي شخص شراء قطعة سلاح في أي وقت، وبعض ممن يعملون في بيع الأسلحة ينتمون إلى جهات رسمية، مثل الحشد الشعبي، ومن الصعب محاسبتهم، وهذا يحتاج إلى قرار سياسي قبل القرار الأمني”.
وتنشط على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، تجارة الأسلحة المختلفة، وهي تجذب الكثير من الشباب وتغريهم بالشراء.
وعمد المتاجرون بها إلى تأسيس مجموعات خاصة، تروّج لبيع وشراء السلاح، وراجت تجارة السلاح في العراق إلكترونيًا خلال السنوات الأخيرة، بعد حملات دهم وملاحقة متاجر الأسلحة المعروفة في بغداد وباقي المحافظات، ما تسبب في تضييق أمني على المتاجرين به ودفعهم إلى الترويج الإلكتروني للأسلحة المتوفرة لديهم.
ويجري فيها بيع أنواع مختلفة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة أحيانًا، مع تحديد أسعارها، وبعد الاتفاق إلكترونيًا على السعر تجري عملية الشراء والتسليم حسب المكان الذي يتفق عليه الطرفان.
ويتطلب شراء السلاح عبر تلك المجموعات الإلكترونية الانضمام إليها، وموافقة المسؤول عنها لتصفّح أنواع الأسلحة المعروضة في المجموعة، والاطلاع على مواصفاتها وأسعارها.
وحذر متخصصون عسكريون وأمنيون أن انتشار السلاح تترتب عليه تداعيات كبيرة، ويعمل على زيادة حالة الفوضى، ويزيد مستويات العنف في البلاد.
وقال العميد المتقاعد حسن العبيدي إن من بين أبرز أسباب انتشار السلاح المنفلت ضعف الأمن والاستقرار، والفساد الإداري، والتوترات السياسية والاجتماعية.
واستدل الخبير الأمني على رأيه بالنزاعات العشائرية التي تتكرر في محافظات الجنوب، وبعضها يستمر لأيام عدة، ويعمد خلالها المسلحون المتنازعون إلى استخدام أسلحة خفيفة ومتوسطة، تصل في بعض الأحيان إلى رمي قذائف صاروخية.
وقال إن “انتشار السلاح وراء زيادة معدلات الجريمة، فحين يتاح للأفراد الوصول إلى الأسلحة بسهولة، سيقومون باستخدامها في أغراض غير قانونية، فضلاً عن تصعيد التوترات الطائفية والسياسية”.
وطالب العبيدي بضرورة مواجهته السلاح المنفلت بجدية، وذلك من خلال “تعزيز القدرات الأمنية، وتعزيز الجهود الدولية لمكافحة التهريب والاتجار غير المشروع بالأسلحة، إضافة إلى وضع منهاج تثقيفي لتوعية المجتمع بأهمية نبذ العنف، وما ينتجه ذلك من تنمية للأفراد والبلاد”.
وكانت السلطات الحكومية في العراق قد قررت شراء الأسلحة من المواطنين، وزيادة المكافآت المالية للأسلحة الثقيلة والمتوسطة التي يسلمها المواطنون إلا أن هذه المبادرة لم تشهد إقبالًا رغم مرور أشهر على انطلاق حملة شراء الأسلحة من المواطنين.

فوضى السلاح في العراق تتخطى محاولات ضبطها
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى