أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراقمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

العنف يتواصل في العراق بسبب نظام عدالة جنائية يغذّي الإفلات من العقاب

منظمة العفو الدولية تدين تحيز القضاة الذي يظهر بشكل خاص في الأحكام التي لا تتناسب مع خطورة الجريمة في المحاكم العراقية.

بغداد– الرافدين
أعربت منظمة العفو الدولية “أمنستي” الأربعاء عن أسفها لأنّ الناجيات من العنف المنزلي في كردستان العراق يواجهن “عقبات كبيرة” عندما يتعلق الأمر بضمان حمايتهنّ، مندّدة بفشل السلطات في إحالة المعتدين إلى القضاء حتى عندما تكون الضحية قد تعرضت للاغتصاب أو حتى للقتل.
وقالت المنظمة الحقوقية الدولية في تقرير إنّ الإقليم الكردي الذي يقع شمالي العراق ويتمتّع بحكم ذاتي ويطمح لأن يكون واحة للاستقرار والحداثة “فشل” في حماية النساء.
وأضافت أمنستي ومقرّها في لندن أنّ “العنف القائم على النوع الاجتماعي يتواصل بسبب نظام عدالة جنائية يغذّي الإفلات من العقاب، وإطار حماية منهك ويعاني من نقص في التمويل”.
وبحسب التقرير فإنّ سلطات الإقليم الكردي “تفشل في محاسبة مرتكبي العنف المنزلي، ولا سيّما في حالات مفجعة من القتل والاغتصاب والضرب والإحراق بالنار”.
وأعربت المنظمة عن أسفها للظروف “شبه السجنية” في العدد الضئيل من الملاجئ المتاحة للنساء ضحايا العنف المنزلي في الإقليم.
ويستند التقرير إلى 57 مقابلة مع عاملين في المجال الإنساني ومسؤولين و15 ناجية.
وفي تقريرها، دعت العفو الدولية إلى توفير المزيد من التمويل لخدمات حماية المرأة.
وشدّدت المنظمة الحقوقية على أنّ التحدّي الرئيسي الذي يواجه الناجيات هو أنه “يجب عليهنّ أن يقدمن بأنفسهنّ شكوى جنائية ضد المعتدي عليهنّ حتى يتم إجراء تحقيق”.

من يحمي المرأة العراقية
وهذه الشكوى ضرورية أيضاً “للحصول على خدمات الحماية، بما في ذلك في المنازل”.
وحتى حين تتقدّم النساء بدعوى جنائية فإنّهن “يواجهون في كثير من الأحيان أعمالاً انتقامية وتهديدات وترهيباً من قبل المعتدي أو الأسرة”، لدفعهنّ إلى التخلّي عن الإجراء القضائي.
ودانت منظمة العفو الدولية أيضاً “التحيّز” بين بعض القضاة لصالح الرجال، والذي يظهر بشكل خاص في “الأحكام التي لا تتناسب مع خطورة الجريمة”.
ونقل التقرير عن اختصاصي اجتماعي قوله إنّ “النساء لا يرغبن في الذهاب إلى المحكمة لأنه سيتم سؤالهنّ: ماذا فعلتِ لتجعليه يفعل هذا بك؟”.
وشدّد التقرير على أنّه “لا ينبغي سؤال الضحايا عمّا فعلنه ليتمّ ضربهنّ أو طعنهنّ أو إطلاق النار عليهن”.
وحتى داخل المنزل، فإنّ كابوس النساء لا ينتهي، وفق التقرير.
وقالت أمنستي إنّ “حرية تنقّل النساء والفتيات، وإمكانية وصولهن إلى الهواتف والإنترنت مقيّدة بشدّة”، معتبرة أنّ هذه القيود قاسية لدرجة تكاد تبلغ مستوى “الحرمان من الحرية تعسّفاً”.
وقالت آية مجذوب، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية “تتعرض الناجيات من العنف الأسري في إقليم كردستان العراق للخذلان من كل ناحية. فمن لحظة هروبهن من الأوضاع المسيئة، تواجه هؤلاء النساء والفتيات بشكل متكرر عقبات شاقة في سعيهن لطلب الحماية والوصول إلى سبل تحقيق العدالة، مما يعرضهن للخطر ويسمح للجناة بالإفلات من العقاب. في الوقت نفسه، تواجه الناجيات اللواتي يلتمسن اللجوء إلى مراكز الإيواء ظروفًا أشبه بالسجن، ما يضطر النساء والفتيات في بعض الحالات إلى العودة إلى أوضاع مسيئة بشكل مروع”.

آية مجذوب: قانون حماية النساء في العراق بشأن العنف الأسري لا يتعدى كونه حبر على ورق
وأضافت “لقد سنّ إقليم كردستان قانونًا تقدميًا بشأن العنف الأسري لا مثيل له في العراق، إلا أن البحث الذي أجرته منظمة العفو الدولية خلص إلى أن هذا القانون في الوقت الحاضر لا يتعدى كونه حبر على ورق. يشكل هذا التقرير دعوة للسلطات لوضع حد عاجل للإفلات من العقاب على العنف الأسرى، بما في ذلك عن طريق ضمان أن تكون التحقيقات في جرائم العنف الأسري فعالة وأن تتمحور حول الناجيات. ويجب على السلطات إلغاء إجراءات المصالحة الإلزامية كشرط مسبق للإجراءات الجنائية. علاوة على ذلك، يتعيّن على حكومة إقليم كردستان زيادة التمويل للمؤسسات التي تدعم الناجيات من العنف الأسري، وإلغاء متطلبات صدور أمر من المحكمة وتقديم شكوى جنائية رسمية لتمكين الناجيات من الوصول إلى مراكز الإيواء، وتحسين الظروف المعيشية فيها”.
وفي 2023، قُتلت في إقليم كردستان 30 امرأة، مقارنة بـ44 امرأة قتلن في 2022، بحسب الإحصاءات الرسمية التي استشهدت بها منظمة العفو الدولية.
ومن العنف المنزلي إلى الزواج المبكر والإكراه الاقتصادي، تظلّ مسألة حقوق المرأة موضوعاً شائكاً في العراق، البلد الذي يبلغ عدد سكانه 43 مليون نسمة، وحيث تهيمن الأفكار الأبوية والذكورية على المجتمع المحافظ.
ووجدت منظمة العفو الدولية أيضًا أن آليات الحماية والإبلاغ التي أنشأتها الدولة تعاني من نقص شديد في التمويل والموارد، مما يضعف للغاية قدرة المؤسسات على دعم النساء والفتيات اللواتي يتعرضن للعنف الأسري. وتشمل هذه المؤسسات المديرية العامة لمناهضة العنف ضد المرأة والأسرة، ومراكز الإيواء التي تديرها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
وأعرب مسؤولون في هذه المؤسسات عن استيائهم من ضعف الإيمان أو غياب الالتزام الكافي بمناهضة العنف ضد المرأة من قبل المسؤولين عن التمويل.
وكانت مراكز الإيواء الثلاثة التي زارتها منظمة العفو الدولية بحاجة للإصلاح، ومكتظة، وتفتقر للموظفين، وغير مجهزة بشكل مناسب لتلبية احتياجات الناجيات.
وتحتاج النساء والفتيات إلى أمر من المحكمة للدخول إلى مراكز الإيواء والخروج منها، ولا يمكن الحصول على هذا الأمر إلا إذا تقدمن بشكوى جنائية ضد المعتدين عليهن. بالتالي، يستبعد هذا الشرط الناجيات اللواتي يمتنعن عن تقديم شكاوى، لأسباب تشمل الخوف من التعرض للانتقام.
بمجرد وصول النساء والفتيات إلى مراكز الإيواء، يتم تقييد حريتهن في التنقل والوصول إلى الهواتف والإنترنت تقييدًا شديدًا. وقد وجدت منظمة العفو الدولية أن هذه القيود المفروضة على حرية التنقل والاتصال غير متناسبة، وتصل إلى حد الحرمان التعسفي من الحرية.
وأعرب أحد المحققين في المديرية العامة لمناهضة العنف ضد المرأة والأسرة عن أسفه لهذا قائلًا “تتوقف حياة النساء والفتيات اللواتي يدخلن مراكز الإيواء… أنظرُ إلى النساء اللواتي يأتين بجروح وكدمات في عيونهن، وأنا أعلم أنه مهما فعلت، بعد أن يغادرن هذا المكتب، سيعدن في 90 بالمائة من الحالات إلى الوضع نفسه الذي جاء بهن إلى هنا في المقام الأول”.
واختتمت آية مجذوب قائلة: “العاملون في الخطوط الأمامية منهكون. يجب على حكومة إقليم كردستان ضمان ترجمة وعودها بعدم التسامح مطلقًا مع العنف ضد المرأة إلى إجراءات ملموسة، من خلال زيادة الدعم لهذه المؤسسات، وإجراء إصلاحات قانونية رئيسية لإزالة العوائق أمام سبل تحقيق العدالة، وإطلاق حملات عامة للتثقيف والتوعية ضد التمييز بين فئات النوع الاجتماعي والعنف القائم على النوع الاجتماعي. إن التقارير المتزايدة عن العنف الأسري في إقليم كردستان العراق يجب أن تكون بمثابة نداء ينذر بأن النظام الحالي يخذل النساء والفتيات”.
نساء كردستان العراق ضحايا قانون منحاز وقضاة مرتشين
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى