أخبار الرافدين
تقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدوليةعربية

عائلة فلسطينية تشدو بأنغام الأمل على أنقاض مخيم جباليا

بصوته الندي، يردد محمد المقيد كلمات من أغنية للشاعر الراحل إبراهيم صالح المعروف بـ”أبو عرب”، والتي تقول “يا توتة الدار.. صبرك على الزمان إن جار.. لا بد ما نعود مهما طول المشوار".

غزة-على ركام المنازل التي دمرها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، يجلس أفراد عائلة “المقيّد” الفلسطينية يرددون أغان وطنية وأناشيد ثورية.
يحاول هؤلاء المنشدون بث روح الأمل والفرحة بين سكان المخيم المنكوب، الذين يعيشون آلام الحرب والحصار والجوع.
وبشكل شبه دوري، ينظم أفراد عائلة المقيد جلسات طربية ثورية داخل المخيم للتخفيف من معاناة السكان، والتي خلفتها الحرب المستمرة منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
ورغم الدمار الهائل في مخيم جباليا الناجم عن آخر هجوم وحشي إسرائيلي في أيار الماضي، إلا أن عددا كبيرا من العائلات ما زالت تعيش في المخيم على أنقاض منازلها المهدمة.
وفي نهاية أيار أعلن جيش الاحتلال إنهاء عمليته العسكرية في جباليا التي استمرت 20 يومًا، والتي خلف فيها أعداد كبيرة من الشهداء المدنيين ودمارا هائلا في البنية التحتية.
وأفاد شهود عيان آنذاك بأن الجيش “دمر أحياء سكنية كاملة في المخيم قبل انسحابه، ضمن سياسة العقاب الجماعي التي يمارسها بحق الفلسطينيين”.
بصوته الندي، يردد محمد المقيد كلمات من أغنية للشاعر الراحل إبراهيم صالح المعروف بـ”أبو عرب”، والتي تقول “يا توتة الدار.. صبرك على الزمان إن جار.. لا بد ما نعود مهما طول المشوار”.
وجد الفلسطينيون الذين أحاطوا بالمقيد بهذه الكلمات تجسيدا لمعاناتهم التي خلفتها الحرب من تشرد، ومحاكاة لأحلامهم بالعودة.
ولاقت هذه الوصلات الإنشادية والغنائية تفاعلا كبيرا من المواطنين الذين وجدوا فيها ملاذا يهربون إليه من واقعهم المرير.
يقول محمد “نسعى من خلال هذه الفقرات الإنشادية والغنائية الترفيه عن أبناء شعبنا الفلسطيني في ظل الحرب الإسرائيلية المتواصلة، وإيصال رسالة لشعوب العالم أجمع أننا صامدون رغم الحرب والقتل والدمار”.
ويضيف والبسمة ترتسم على وجهه “سنوصل رسالتنا من قلب الدمار والمخيم والمعاناة بأن هناك ابتسامة وأن هناك حياة تنبض في مخيم جباليا”.
من جانبه، يقول المنشد أشرف المقيد “ننظم حفلات تحاكي مراحل القضية الفلسطينية، رغم ما يعتريها من قتل وألم وتدمير وتشريد للشعب الفلسطيني”.
ويضيف “أعدنا إحياء بعض الأغاني الثورية والوطنية الفلسطينية القديمة والحديثة التي تكشف حجم الدمار والمعاناة التي يعانيها الشعب، خاصة أننا نعيش منذ 9 أشهر وما يزيد في حرب الإبادة الجماعية”.
يصر منشدو عائلة المقيد مواصلة مشوارهم في الغناء الثوري الذي يحاكي الواقع الفلسطيني، مهما حدث من “قتل وتدمير وتهجير”.
ويتابع أشرف قائلا “الابتسامة تعكس حب الحياة، ونحن لنا حق في هذه الحياة، وسنبقى مبتسمين مهما حدث”.
أما أبو عمر المقيد فيقول “نطلق على جباليا اسم مخيم الثورة (مثّل شرارة انطلاق الانتفاضة الأولى عام 1987)، وجاءت هذه الحرب الغاشمة لإنهاء الوجود الفلسطيني فيه وتغييب ابتسامة سكانه”.
ويضيف “هذه الابتسامة ضج فجرها من وسط هذا الدمار ولاقت من يحتويها، لذا سنبقى حافظين لهذه الشعلة، شعلة الابتسامة والثورة حتى نصل بها إلى المجد العالي”.
الطفل أحمد فوزي، أحد المشاركين في الجلسات الغنائية، يقول “عند عودتنا إلى حارتنا في مخيم جباليا بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي وجدنا الشبان ينشدون أغانٍ ثورية ووطنية على أنقاض المخيم المدمر”.
ورغم حجم الدمار الهائل، إلا أن الطفل يرسم على محياه ابتسامة بثتها الأغاني التي ساهمت بالتخفيف من معاناة سكان المخيم، وفق قوله.
ويضيف أحمد “بهذه الأصوات والأغاني الثورية، شعرنا بأن الحياة عادت للمخيم”.
ومنذ السابع من تشرين الأول الماضي تشن “إسرائيل” بدعم أمريكي مطلق حربا على غزة أسفرت عن أكثر من 125 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.
ويواصل نتنياهو هذه الحرب متجاهلا قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى