أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيبلاد النهرين عطشىتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراقمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

حكومة السوداني لا تبالي بالأرقام الصادمة عن عدد العراقيين الذين يعيشون تحت خط الفقر

الأرقام الصادمة التي كشفها المركز الإستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، عن وجود أكثر من عشر ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر. تكاد تكون نصف الحقيقة.

بغداد- الرافدين
قال اقتصاديون عراقيون إن الأرقام الصادمة التي كشفها المركز الإستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، عن وجود أكثر من عشر ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر، تكاد تكون نصف الحقيقة.
وبلغت نسب الفقر نحو 25 بالمائة من إجمالي عدد السكان في العراق، في حين أن احتياطي البنك المركزي العراقي يفوق الـ 115 مليار دولار.
وتتضخم في العراق البلد الغارق في الفساد، معادلة اقتصادية شاذة عن بلد تدر عليه ثروته النفطية مليارات الدولارات سنويًا وشعب يعيش ربع سكانه تحت خط الفقر.
ويتوقع العديد من الاقتصاديين ارتفاع عدد العراقيين الذين يعيشون تحت مستوى خط الفقر إلى أكثر من 13 مليون مواطن خلال العام 2024، بسبب الأزمات الاقتصادية في البلاد والمرتبطة بانخفاض قيمة الدينار، بالإضافة إلى المتغيرات التي تشهدها الأسواق من ارتفاع كبير في مستويات الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية، وتراجع المستوى المعيشي للعائلة العراقية.
وأجمع الاقتصاديون على أن اللاعدالة الاجتماعية والفساد والفشل الحكومي قضت على الطبقة المتوسطة في العراق بشكل كامل وأن ملايين المتقاعدين وملايين أخرى من الخريجيين الجامعيين العاطلين يعيشون الفقر في أسوأ صوره في بلد يتباهي بموازنته المليارية.
وقالوا يكفي أن نرى أن هناك أكثر من خمسة آلاف حي عشوائي في مدن العراق يقطنها الملايين جميعهم يعيشون تحت خط الفكر وتهدر كراماتهم الإنسانية في حياة تفتقر إلى شروط المعيشة.
وتعزو مراصد حقوقية أسباب ارتفاع نسبة الفقر إلى سوء التخطيط الاقتصادي، والفساد المالي والإداري الذي ضرب مؤسسات البلاد واستشرى في جميع مفاصلها دون وجود عمل حقيقي يحد أو يقضي على هذه الظاهرة.
وتستغل عصابات الجريمة والميليشيات الفقر الذي يعيشه أبناء هذه الاحياء العشوائية لتشغيلهم في مهام إجرامية وتجارة مخدرات وبيع أعضائهم البشرية.
وقال نائب رئيس المركز حازم الرديني “بحسب بيانات وزارة التخطيط لدينا نحو 25 بالمائة من سكان العراق يعيشون تحت خط الفقر وهو ما يشكل أكثر من عشرة ملايين من سكان العراق الذي وصل عددهم إلى 43 مليون نسمة”.
وأضاف “رغم أن وزارة العمل تقوم عبر دائرة الرعاية الاجتماعية بتوزيع رواتب شهرية لمليوني أسرة إلا أن هناك أكثر من مليون أسرة تستحق راتب الرعاية، غير أن موازنة العام 2024 جاءت خالية من أي تخصيصات جديدة لشبكة الحماية”.
وقالت الناشطة آلاء الياسري إن “دوافع الاتجار بالبشر تعود بالدرجة الأساس للعوز المادي لهذه العائلات”.
فيما نبهت الباحثة الاجتماعية ندى العابدي إلى أن تردي الواقع الاقتصادي وارتفاع نسب الفقر أزمات ألقت بظلالها على الأسرة ومستويات تعليمها ما أدى لتراجع البنية النفسية ودفع رب الأسرة الجنوح للجريمة واستسهال بيع أفراد عائلته.
وأوضحت العابدي أن هناك عوامل أخرى أبرزها استشراء الفساد والرشى في المؤسسات الحكومية المؤدية إلى “التراخي في حصول المجرم على جزائه أو الإفلات من العقاب”.
وفي بلد يعد من أغنى بلدان المنطقة، دفع الفقر عائلات كثيرة للتحايل القانوني والاتفاق على الطلاق من أجل الحصول على راتب الرعاية الاجتماعية الذي لا يتجاوز 180 ألف دينار عراقي.
وأكدت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، تأشير حالات كثيرة للطلاق الوهمي أو الصوري والإبقاء على العقد الشرعي بين الزوجين، من أجل الحصول على راتب للرعاية الاجتماعية، الذي تشمل ضوابطه المرأة المطلقة عن زوجها.
وقال المتحدث باسم الوزارة نجم العقابي إن “الوزارة شخصت هذه الحالة خصوصا خلال الأعوام السابقة، حيث تم اكتشاف العديد من حالات الطلاق الصوري من خلال الباحث الاجتماعي والذي أوضحت التقارير وبعد التدقيق وجود حالات اتفاق بين الزوج وزوجته على إجراء الطلاق في المحاكم الرسمية والإبقاء على العقد الشرعي، لغرض الحصول على راتب الرعاية الاجتماعية”.


الناشطة آلاء الياسري: دوافع الاتجار بالبشر تعود بالدرجة الأساس للعوز المادي لهذه العائلات
وأضاف، أن الأعوام الماضية، تم تشخيص حالات وأعداد كبيرة من المتورطين بالطلاق الصوري تصل إلى آلاف الحالات.
ورغم الإيرادات الكبيرة التي تدخل لخزينة الدولة، يؤكد اقتصاديون أن أكثر من 25 بالمائة من الشعب العراقي وبما يعادل نحو 10 ملايين مواطن يعيشون تحت خط الفقر.
وبحسب بيانات دائرة الرعاية الاجتماعية، هناك 109567 مطلقة مشمولة بالمعونة، و244689 أرملة.
وتتصدر محافظات الجنوب معدلات الفقر، ففي مقدمتها محافظة المثنى بنسبة 52 بالمائة، وتليها محافظة القادسية وميسان وذي قار بنسبة 48 بالمائة، وتبلغ نسبة الفقر في العاصمة بغداد 13 بالمائة، وفي محافظات كردستان العراق 12.5 بالمائة، في حين تصل نسبة الفقر في محافظات الوسط إلى 18 بالمائة وفقًا لوزارة التخطيط.
وتفاقمت ظاهرة الفقر في محافظة المثنى ويواجه سكانها خطر الفقر والبطالة بشكل كبير نتيجة انحسار المساحات الزراعية إلى مستويات قياسية بسبب استمرار أزمة الجفاف، على الرغم من خصوبة أراضيها ووفرة مواردها الطبيعية وموقعها الجغرافي المهم.
وأقرت مديرية الإحصاء في محافظة القادسية، بارتفاع نسبة الفقر إلى 47 بالمائة ونسبة البطالة إلى 35 بالمائة في عموم الديوانية خلال العام الحالي.
وأكدت المديرية، أن مشاكل الفقر والبطالة تفاقمت بشكل كبير في محافظة القادسية التي تعد ثاني أفقر المحافظات بعد المثنى، وذلك بسبب عدم وجود مشاريع نفطية أو منافذ حكومية، ناهيك عن القطاع الزراعي الذي يعاني الإهمال والتراجع نتيجة ضعف الدعم الحكومي.
وكشفت مديرية إحصاء نينوى، عن ارتفاع نسبة الفقر في المحافظة لتصبح 85 بالمائة.
وقال مدير إحصاء نينوى نوفل سليمان إن نسبة الفقر في المحافظة مازالت في أعلى مستوياتها وبلغت 85 بالمائة، كاشفا عن وجود أعداد كبيرة من البطالة المقنعة بين صفوف شباب الموصل بشكل خاص ونينوى بشكل عام.
وسبق أن كشف إعلان رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني عن شمول 2.151.551 أسرة بأموال دعم الرعاية الاجتماعية، عن جهل مريع بدور الحكومة في معالجة الفقر وليس التباهي بزيادة عدد الفقراء في البلد.
واجمع اقتصاديون على أن السوداني في استعراضه الإعلامي عن شمول أكثر من مليوني أسرة بالرعاية الاجتماعية، فهو يعلن عن وجود أكثر من عشرة ملايين فقير في العراق، إذا افترضنا في معدل عام كل أسرة عراقية تتكون من خمسة أفراد.
وأكدوا على أن بلدًا مثل العراق يزخر بثروته الهائلة، من المفرض أن تعمل الحكومة فيه على استثمار أموال الثروة النفطية في مشاريع منتجة تدير عجلة الاقتصاد العراقي وتقلل عدد الفقراء في البلد، وليس التباهي بزيادة أعدادهم كما عرض السوداني.
ويرى خبراء أن مواجهة الفقر يحتاج إلى خطوات في مقدمتها تنشيط القطاع الاقتصادي بشكل عام ودعم الواقعين تحت خط الفقر في برامج الإقراض ورعاية المشاريع الصغيرة.
وأجمعوا على أن نظام الحماية الاجتماعية المعمول به حاليًا يخص شريحة معينة من الفقراء، ولكنه نظام إعانات ومنح فقط وليس نظام تمكين.
وشددوا على أن الأهم في الواقع العراقي ليس مواجهة حالة الفقر عن طريق توزيع الأموال، بل معالجة الملفات الاقتصادية والخدمية التي ستساهم مباشرة في تحسين الإيرادات لجميع العاملين في مختلف القطاعات.

نساء يجبرن على الأعمال الشاقة سبب الفقر وغياب الدعم الحكومي
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى