أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

التلوث البيئي يهدد حياة تسعة ملايين من أهالي بغداد

تعد العاصمة بغداد من أسوأ مدن العالم من حيث جودة الهواء والتلوث وفقًا لإحصائية عالمية دورية تعتمد على بيانات الأمم المتحدة والبنك الدولي ومنظمة الفاو ومنظمة العمل الدولية.

بغداد – الرافدين
حذر مختصون وناشطون في مجال البيئة من مخاطر التلوث البيئي في بغداد والتي تهدد حياة نحو تسعة ملايين نسمة من سكان العاصمة، والتي تتمثل بالغازات المنتشرة والملوثات في سماء بغداد الناتجة عن حرق الوقود وعوادم السيارات والمصانع أو الدخان المنبثق عن حرائق الطمر الصحي في أطرافها.
وتشهد المدن العراقية تسجيل حالات جديدة من الإصابة بأمراض وبائية وتنفسية نتيجة تراكم النفايات واحتراقها بطرق بدائية مما يسبب مشاكل صحية كبيرة للسكان، فيما تقف حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني عاجزة أمام هذا الملف المهم دون أن تحرك جهودها في تحسين إدارة النفايات وإقامة مرافق تخزين ومعالجة.
ويعاني العراق منذ سنوات من ارتفاع معدلات التلوث البيئي، وتعد العاصمة بغداد من أسوأ مدن العالم من حيث جودة الهواء والتلوث وفقًا لإحصائية صدرت في التاسع من تشرين الأول 2023 لمرصد “WORLD OF STATISTICS” الذي يصدر إحصائيات عالمية دورية بمختلف المجالات اعتمادًا على بيانات الأمم المتحدة والبنك الدولي ومنظمة الفاو ومنظمة العمل الدولية.
وأكد المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق أن “عوادم المركبات تشكل أكثر من 60 بالمائة من تلوث هواء بغداد ما يشكل خطرًا كبيرًا على الصحة العامة”.

المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق: عوادم المركبات تشكل أكثر من 60 بالمائة من تلوث هواء بغداد ما يشكل خطرًا كبيرًا على الصحة العامة.

وقال رئيس المركز فاضل الغراوي، إن “الوضع البيئي المتردي قد أسهم في ارتفاع نسب الأمراض السرطانية وأمراض الجهاز التنفسي والباطنية، حيث يعاني العراق من تفشي هذه الأمراض نتيجة ارتفاع مستويات الملوثات في المياه”.
وتعاني بغداد من تراكم كبير في أعداد السيارات في شوارع المدينة في ظل استيراد عشوائي دون رقابة أو دخولها لمقاييس السيطرة النوعية.
وحذر مختصون من تراكمات التلوث الحاصل في العراق، في المقابل ليس هناك حلول حكومية واقعية لمعالجة تداعيات هذا التلوث، كما أن المنشآت الصناعية والصحية والخدمية الحكومية والأهلية تصرف مخلفاتها في نهر دجلة أو تلقيها في أماكن ليست مواقع نظامية للطمر الصحي.
والتقطت عدسة إحدى الوكالات الأنباء المحلية، مجموعة صور جوية عبر طائرة مسيّرة تكشف عن واقع بيئي مؤلم في العاصمة العراقية بغداد، وتسلط الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجه المدينة في مجالات البيئة والبنية التحتية.
وتبرز الصور الملتقطة مشاهد مؤثرة لمدينة بغداد، تمتد من طريق سريع السيدية والدورة وصولاً إلى المنصور والجادرية والبياع، مرورًا بمحطة كهرباء الدورة ونهر دجلة.

تلوث أجواء بغداد بسبب عوادم المركبات والمصانع

وتظهر هذه الصور التغيير الملحوظ الذي طرأ على هذه المناطق “الراقية” والتي كانت في السابق تتميز بالأشجار والخضرة، وأصبحت اليوم تعاني من هذا التلوث البيئي.
وتكشف هذه المشاهد أيضا عن صورة قاتمة للتلوث البيئي، حيث تسود الأجواء المغبرة وتغطي السماء سحب من الغبار والتلوث، مما يجعل العاصمة العراقية تبدو كصحراء شاسعة تفتقر إلى الخضار والتشجير.
ويقول سكان محليون، أن التلوث البيئي يتفاقم، لاسيما في مناطق جنوب شرقي بغداد، بما في ذلك محيط مدينة بسماية الحديثة، حيث تكدست النفايات والمواد الكيميائية، مما أدى إلى تلوث المياه وخلق مخاوف جدية بشأن صحة السكان والبيئة.
ويحتل العراق المرتبة الثانية عالميًا في التلوث البيئي بعد روسيا، حيث يتم حرق 18 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا.
وفي تقرير آخر نشره موقع “نومبيو”، تبين أن مؤشر التلوث في العراق ارتفع إلى 73.59 بالمائة، مع تدهور جودة الأماكن الخضراء والحدائق إلى 38.14 بالمائة.
وبلغ تلوث الهواء 66.99 بالمائة، وتلوث مياه الشرب 55.50 بالمائة، وارتفاع الضوضاء إلى 52.06 بالمائة.
وأكد رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، في تصريح صحفي أن “العراق احتل المرتبة 55 في معدلات ملكية السيارات في العالم بناء على نسبة السيارات المستخدمة لكل 1000 شخص، كما وجاء بالمرتبة 20 من أصل 63 دولة بنسبة النمو التي تبلغ 4 بالمائة سنويا.

أكرم حنتوش: أمانة بغداد تذهب باتجاهات غير مدروسة، فعليها الإعلان عن فرص استثمارية لمدن صناعية خارج بغداد، بدلا من نقل المنشآت الموجودة حاليا

وأضاف أن “عدد السيارات في العراق ارتفع ليصل الى 8 ملايين سيارة في عام 2024، حيث سجل ارتفاع بنسبة 1.9 بالمائة أي بحدود سيارة واحدة لكل 5.55 شخص، مقارنة بعام 2023 الذي بلغت نسبته 1.8بالمائة عن سنة 2022”.
وأشار “أنه من المتوقع أن تبلغ أعداد السيارات في العراق بحلول 2030 أكثر من 10 ملايين سيارة”، محذرًا من أن “ارتفاع عدد السيارات سيؤدي إلى الضغط على البنى التحتية للطرق والجسور إضافة الى الكلف الكبيرة لاستيراد”.
وطالب الحكومة بوضع سقف لأعداد المركبات بما يناسب الطاقة الاستيعابية للطرق، وكذلك إنشاء منظومة حديثة للنقل الجماعي تعتمد على الطاقات المتجددة، وتجسد مفاهيم التنمية المستدامة والمدن الذكية بكل تفاصيلها المعتمدة على الغازات الصديقة للبيئة، وتقليل استيراد السيارات التي تعمل بالبانزين والغاز لتاثيراتها الخطيرة على البيئة وصحة الإنسان.
وبحسب مدير قسم مراقبة وتقييم نوعية الهواء والضوضاء في وزارة البيئة، علي جابر لفتة، أن تزايد أعداد المركبات غير المنطقي ساهم بارتفاع نسبة التلوث في الجو.
وقال لفتة إن “التأثير التراكمي يتفاقم بسبب التزايد غير المنطقي لإعداد المركبات، حيث توجد أكثر من 3 ملايين مركبة في بغداد، مما يتطلب إجراءات حقيقية وإرادة مجتمعية وحكومية للمعالجة، من خلال وضع سقف لأعداد المركبات بما يناسب الطاقة الاستيعابية للطرق، وكذلك إنشاء منظومة حديثة للنقل الجماعي تعتمد على الطاقات المتجددة، وتجسد مفاهيم التنمية المستدامة والمدن الذكية بكل تفاصيلها المعتمدة على تقنيات الإدارة الرقمية وأنظمة المرور وترشيد الطاقة الذكية”.
وقررت أمانة بغداد مؤخرًا نقل المنشآت الصناعية الحكومية والأهلية المنتشرة في مختلف المناطق، إلى خارج حدود المدينة، في محاولة متأخرة للحد من التلوث البيئي، فيما رأى متخصصون أن هذا الإجراء غير مجدٍ ويؤثر سلبا على الصناعيين، ويفتقر للخطط اللازمة لتنفيذه.
ويرى الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش خطوة أمانة بغداد بنقل المنشآت الصناعية إلى خارج حدود المدينة تذهب باتجاهات غير مدروسة.
وقال حنتوش إن “أمانة بغداد بالواقع تذهب باتجاهات غير مدروسة، فعليها الإعلان عن فرص استثمارية لمدن صناعية خارج بغداد، بدلا من نقل المنشآت الموجودة حاليا، مع التأكيد على ضرورة توفير الخدمات والبنى التحتية والأمن للمدن الجديدة”.
ونبه إلى أن “نقل المنشآت وخلق تجمعات صناعية خارج العاصمة سيؤثر على أرباب الأعمال والصناعيين، كونه سيؤدي إلى غلق مصانعهم وورشهم لفترة طويلة وربما يؤدي إلى خسارتهم لزبائنهم”.
ولفت إلى أن “موضوع مصفى الدورة فأنا مع قرار نقله إلى خارج العاصمة بغداد، خصوصا وأن عملية تفكيك المصانع وإعادة نقلها وبنائها ما عادت بالموضوع المعقد فتوجد هناك شركات مختصة تعمل على إنشاء مصافي ومصانع بتقنيات عالية الدقة”.

تأثر الثروة الحيوانية بسبب التلوث البيئي وتصريف المواد السامة من المصانع مباشرة للنهر
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى