أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

الإعدامات في العراق عمليات قتل متعمدة تحت غطاء “قضائي”

عمليات الإعدام استهداف طائفي بمعناها العام، ولكن في جوهرها هي استهداف للهوية الوطنية، لأن هذه الاستهدافات تؤدي إلى تغييرات ديمغرافية كبيرة وهجرة الكفاءات العراقية الصلبة الحقيقية.

بغداد – الرافدين
أجمعت أوساط حقوقية على أن الإعدامات الممنهجة التي تنفذها الحكومة في العراق ضد السجناء المحكوم عليهم بالإعدام تجري استنادًا إلى اعترافات ملوثة بالتعذيب.
وأكدت على أن عمليات الإعدام تتم بموجب قانون غامض لمكافحة الإرهاب، ترقى إلى مستوى الحرمان التعسفي من الحياة، بل وإلى مستوى جريمة ضد الإنسانية.
وطالبت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بوقف فوري لجميع عمليات الإعدام، وضمان إعادة محاكمة السجناء بشكل عادل ونزيه.
وافرد برنامج “تحت الضوء” الذي يبث على قناة “الرافدين” مساحة للحديث عن تزايد وتيرة الإعدامات في الفترة الأخيرة، في حلقة تحت عنوان “لماذا العراق بلد الإعدامات”؟
وقال عضو اللجنة العليا للميثاق الوطني العراقي الدكتور يحيى السنبل خلال مشاركته في البرنامج إن “عمليات الإعدام وعمليات الاستهداف الطائفي هي أفعال ممنهجة، وقد وضع أسسها الاحتلال الأمريكي بالتوافق مع إيران ومع عدد من الأنظمة الحاقدة على العراق”.
وأضاف أن “الحكومات الطائفية منذ 2003 لم تصدر عفوًا واحدًا عمن قاوم الأمريكان، ولم تقم مطلقًا بإعادة محاكمة هؤلاء الذين انتزعت اعترافاتهم تحت التعذيب وتحت التهديد باعتقال عائلاتهم وزوجاتهم”.
وأشار إلى أن “عمليات الإعدام التي تسرع بها الحكومة الطائفية هي بتوجيه إيراني من أجل رفع الحرج عنهم عندما يصدر قانون عفو مخجل، والذي سينال النصيب الأكبر منه أصحاب الجرائم وتجار المخدرات ومن الممكن أن يفرج عن عدد قليل من الأبرياء، فهذا هو ما تصدره الحكومات الطائفية على مرور السنين”.

الدكتور يحيى السنبل: عمليات الإعدام والاستهداف الطائفي فعل ممنهج، وقد وضع أسسه الاحتلال الأمريكي بالتوافق مع إيران ومع عدد من الأنظمة الحاقدة على العراق

وقالت المحامية والباحثة في القانون الدولي إيناس زايد خلال مشاركتها في البرنامج “عندما نتحدث عن عقوبة الإعدام فنحن نتحدث عن جزاء يجب أن يتم في ظل ظروف محاكمة عادلة وقضاء محايد وأيضًا يتمتع بكافه ضمانات المحاكمة العادلة”.
وأضافت أنه “بالنظر إلى القضاء في العراق نجد هناك الكثير من الثغرات التي لا يمكن معها وصف المحاكمات التي يتعرض لها الأشخاص بأنها محاكمات عادلة”.
وأكدت أنه “في بعض الأحيان هناك تمييز على حسب المذهب أو حتى العرق أو الانتماء السياسي وغيرها، وهناك حرمان من حق الدفاع حيث أن العديد من الأشخاص لم تتاح لهم فرصه التواصل مع محامي أو حتى مع ذويهم من أجل إبلاغهم بالتهم الموجهة إليهم، وبعضهم لم يعلم ما هي التهم بالضبط الموجهة إليهم ابتداءًا”.
وأشارت إلى أن “أغلب الاعترافات أخذت تحت ظروف مهينة ولا إنسانية وأيضًا في سجون أقل ما توصف بأنها تفتقر لأدنى مقومات الحياة”.
وأوضحت أن “هناك العديد من الظروف التي تقع في دائرتها الشبهة حول أي قرار من الممكن أن يتم اتخاذه من قبل المحكمة فكيف إذا كنا نتحدث عن عقوبة الإعدام وهي أخطر عقوبة حيث تعتبرها منظمه العفو الدولية هي انتهاك لحق الإنسان بالحياة”.
ولفتت إلى أن “الدول التي تتبع هذه العقوبة في أشد الحالات خطورة هناك فرصة تمنحها الدولة أو يمنحها القضاء للشخص خصوصًا إن كانت هناك أدلة جديدة من الممكن أن يثبت بها براءته من الجرم المسند إليه، ولكن هناك الإعدامات حتى لا تتيح للشخص أو المتهم الفرصة لاستئناف الحكم أو لتمييزه أو حتى الذهاب إلى محكمه عليا”.
وبينت أن “عقوبة الإعدام تنفذ في العراق على وجه السرعة كنوع من أنواع التصفية الجسدية لبعض الأشخاص من خلال غطاء قانوني وقضائي مع الأسف لأن هذه التصفيات لا يمكن أبدًا أن توسم بأنها شرعية أو قانونية تحت أي ظرف في هذه الحالات”.
وشددت على “ضرورة اتخاذ إجراءات عملية على كافة الأصعدة، لأن الصمت عن هذه الانتهاكات غير مقبول، وهناك الكثير من الذين ينتظرون أحكامهم ويجب إنقاذهم حتى لا تستمر دوامة الخسائر في الأرواح، فضلًا عن الضحايا الذين تم إعدامهم زورًا وبهتانًا وهم لم يرتكبوا أي جرم، لا يمكن أبدًا القول بأن حقوقهم قد ضاعت”.

إيناس زايد: بالنظر إلى القضاء في العراق نجد هناك الكثير من الثغرات التي لا يمكن معها وصف المحاكمات التي يتعرض لها الأشخاص بأنها محاكمات عادلة

وقال الباحث السياسي عبد الله سلمان في مداخلة له ببرنامج “تحت الضوء” إن “عمليات الإعدام هي عمليات استهداف طائفية بمعناها العام، ولكن في جوهرها هي استهداف للهوية الوطنية، لأن هذه الاستهدافات تؤدي إلى تغييرات ديموغرافية كبيرة جدًا، وتؤدي أيضًا إلى هجرة كافة الكفاءات العراقية الصلبة الحقيقية”.
وأضاف أن “ازدياد وتيرة الإعدامات المقصود منها أيضًا التهيئة لأجواء تريدها إيران منها الحرب الأهلية على أساس طائفي، وهو الذي رفضته كل القوى السياسية العراقية التي تناهض الاحتلال وتناهض إيران، وما أثبتته ثورة تشرين أن هذا المجال وهذا الحيز الذي تريده أمريكا وإيران أن يدخل الشعب العراقي إلى حرب طائفية”.
وأكد على أن الغاية من الإعدامات والمضايقات اللا إنسانيه وهضم حقوق المواطنين والسرقة والفساد هو هدف الجهات التي تقود العملية السياسية، وهي الأطراف المؤثرة التابعة لإيران، والتي تريد من المواطن العراقي أن يتنكر لوطنيته ويرفض العيش بالبلد، ويصل إلى قناعه الاستسلام على أن هذا البلد لم يعد سببًا للعيش، بينما من الناحية السياسية يجب أن يكون هذا هو الدافع الأساسي لعملية العمل المضاد للتغيير.
وأشار إلى أننا بحاجة إلى مظاهرات قوية وضغط جماهيري شعبي كبير ليس فقط من العائلات المتضررة، وإنما المجتمع بشكل عام يجب أن يأخذ مسؤوليته في هذا الإطار وأن يضغط بكافة الاتجاهات ومنها على سبيل المثال المنظمات الدولية والجامعة العربية لتوليد ضغط دولي وإقليمي.
ولفت إلى أنه ستندفع هذه الأزمات إلى باب مغلق وسيثور الشعب، لكن عدم تثوير الشعب وتركه ساكتًا على هذه الجرائم سيطول الأمر كثيرًا، لذلك يتعين على الشعب العراقي التحرك والتجمع على نقطة واحدة وهي إنقاذ البلاد ومستقبل أجيالها، فمن غير المعقول أن يترك لمسلسل الإعدامات وتغييب الهوية.

عبد الله سلمان: نحن بحاجة إلى مظاهرات قوية وضغط جماهيري شعبي ليس فقط من العائلات المتضررة من الإعدامات، وإنما المجتمع بشكل عام يجب أن يأخذ مسؤوليته في هذا الإطار وأن يضغط بكافة الاتجاهات

وكانت هيئة علماء المسلمين في العراق قد طالبت بتفعيل الجهد الوطني في حملة مناهضة للإعدامات والانتهاكات التي يتعرّض لها المعتقلون في السجون الحكومية، خاصة وأن حملات الإعدامات مستمرة، في ظل سلطة قضائية موغلة بالفساد والطائفية.
وأكّدت الهيئة أنها ماضية في متابعة ملف السجناء والمعتقلين العراقيين وأحكام الإعدام الجائرة بحقهم، وأنها تسعى جاهدة لبذل كل ما يمكنها من جهود لإنقاذهم من مشانق الموت الظالمة، التي تنفذها حكومات الاحتلال المتعاقبة دون هوادة على مدى إحدى وعشرين سنة.
وانتقد مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين الدكتور مثنى حارث الضاري موقف رئيس الجمهورية في العراق الذي تصدر عنه المصادقات على أحكام الإعدام، وصمتها على ما يحدث من عمليات إعدام جماعي، مؤكدًا على أن رئاسة الجمهورية لا تقدم ولا تؤخر شيئًا في ملف المعتقلين وحملات الإعدامات الظالمة التي تقودها السلطات الحكومية تجاههم.
وأكد الدكتور الضاري على أن المنظمات الدولية في غالبها تعتمد على الرواية الحكومية التي تكون مغايرة للحقيقة، ومناقضة لواقع الحال، فضلاً عن كونها رواية غير حيادية لأن السلطات متهمة بالانتهاكات، ولا يمكن أن تكون شهادتها في هذا الشأن معتبرة.
من جهته قال رئيس جمعية المحامين العرب في لندن صباح المختار خلال مداخلة له على قناة “الرافدين” أن العراق في مقدمة الدول الأكثر تنفيذًا لحكم الإعدام في العالم وهذه الإعدامات ممنهجة بحسب الأمم المتحدة.
وأضاف أن “هناك مشاكل معقدة حيث يعتقل الشخص بناءًا على وشايات من المخبر السري تم تمارس عليه شتى أنواع التعذيب والتنكيل حتى أن  في كثير من الحالات هناك أشخاص قطعت أجزاء من جسمهم أثناء التحقيق، فضلًا عن حجب المحامين عنهم وإن وجدوا تقيد صلاحيتهم بحيث لا يستطيعوا القيام بواجبهم”.
وأكد على أن الحكومة لا تبذل جهدًا في معالجة الأخطاء الجسمية التي تحدث من مرحلة الاعتقال إلى التغييب إلى الإعدام وإنماء تكتفي بإجراءات شكلية.
وشدد على ضرورة معالجة قانون مكافحة الإرهاب لأن هذا القانون لا يستوي مع المستوى الدولي والقانوني في أي مكان.
من جهته ناشد والد أحد المحكومين بالإعدام وقف التنفيذ وإجراء مراجعة قانونية للملفات.
وقال الحاج أبو عدنان العزاوي “نناشد البرلمان والجهات الرقابية المسؤولة عن حقوق الإنسان متابعة الملف”.
وأوضح أن “السنوات السابقة شهدت ضغوطًا بملفات التحقيق وأن الكثير من المحكومين انتزعت منهم اعترافات تحت التعذيب، وصدرت بحقهم أحكام بالإعدام، وهو ما يستدعي مراجعة ملفاتهم وعدم تنفيذ الأحكام بشكل سري”.
وأضاف “لسنا مطمئنين، نتخوف من تنفيذ الأحكام بشكل مباغت. يجب على الجهات المسؤولة تحمل مسؤوليتها إزاء هذا الملف”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى