هيئة علماء المسلمين في العراق: نظرية الحد الأدنى من الجهد لم تعد صالحة لمواجهة إبادة غزة
معادلة الصراع على الأرض -برغم ضراوة العدوان وشدة ما ينجم عنه من حرِّ القتل وانعدام الملاذ وتفاقم الكوارث الإنسانية- ما تزال تُظهر صمود وثبات مقاومة أهلنا في غزة، وتصاعد العمليات المثخنة بالعدو وصد توغلاته وهجماته، وإيقاع الخسائر الكبيرة في صفوف جنوده ومعداته وآلياته.
عمان- الرافدين
قالت هيئة علماء المسلمين في العراق إن آلة القتل والتدمير ما تزال تفعل فعلها الآثم تجاه أهلنا في قطاع غزة، مخلفةً أكثر من (126) ألف ضحية لغاية الآن ما بين شهيد ومصاب، علاوة على حجم الدمار الرهيب الذي أتى على مظاهر الحياة جميعًا في القطاع فوأد بين أنقاضه آلاف المفقودين، ولم يترك للملايين من البشر هناك سبيلًا للمأوى أو سببًا للعيش أو ملاذًا للأمن.
وأكّدت الهيئة في بيان أصدرته الأربعاء العاشر من تموز أنه وعلى الرغم من وصول المأساة الإنسانية مستويات غير مسبوقة بعد انقضاء ما يزيد عن تسعة أشهر من جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، التي يواصل الاحتلال الصهيوني شنّها على القطاع وأهله؛ فإن عدوانه يعكس إصرارًا -طوال هذه المدة- على ارتكاب المزيد من المجازر ولا سيَّما استهدافه أماكن إيواء النازحين، وتجمعات المدنيين المكتظة بالأطفال والنساء والضعفاء، وسعيه المستمر نحو رفع عدَّاد الضحايا على نحو من الوحشية المفرطة والكراهية المتطرفة لكل ما يمتُّ للحياة بصلة، في ظل حرب التجويع القاتلة في المناطق الشمالية من القطاع، وتضييق الحصار المفضي إلى استمرار عمليات النزوح من مناطق الجنوب، فضلًا عمّا يحيق بمناطق الوسط ومخيماته من مجازر متسلسلة ومتعاقبة لا يكف جيش الاحتلال عن محاولات إبادة الجنس البشري فيها.
وذكرت الهيئة أن ذلك يأتي في وقت يتطرف الاحتلال وحكومته وأجهزته الأمنية في التنكيل بأهلنا في مناطق فلسطين الأخرى عن طريق: الاقتحامات، والاعتقالات، وهدم البيوت، وتجريف المزارع، فضلًا عن تصاعد وتيرة تدنيس المقدسات ولا سيما المسجد الأقصى المبارك، وما يرافق ذلك كلَّه من انتهاكات للحقوق الإنسانية، ومن ذلك ما وثقته مؤخرًا شهادات عدد من الأسرى والمعتقلين المفرج عنهم، التي تروي مشاهد مفزعة لأصناف التعذيب التي واجهوها في السجون، ما بين ضرب، وطعن، وتجويع، وأمراض، ظهرت آثارها على أجسامهم وتصرفاتهم وقواهم العقلية.
وجددت هيئة علماء المسلمين في العراق تأكيدها على أن معادلة الصراع على الأرض -برغم ضراوة العدوان وشدة ما ينجم عنه من حرِّ القتل وانعدام الملاذ وتفاقم الكوارث الإنسانية- ما تزال تُظهر صمود وثبات مقاومة أهلنا في غزة، وتصاعد العمليات المثخنة بالعدو وصد توغلاته وهجماته، وإيقاع الخسائر الكبيرة في صفوف جنوده ومعداته وآلياته؛ بحيث بات غير قادر على الاستمرار في سياسة الإيهام والمراوغة في بيان حجم هذه الخسائر وآثارها في الإخفاق السياسي والتخبط الأمني لكيان الاحتلال.
وشددت الهيئة على أنه لم يعد أمام شعوب وجماهير أمتنا الكريمة التي لم تدخر جهدًا مستطاعًا فيما سلف من الأشهر للتعبير عن دعمها لقطاع غزة وأهله ومقاومته، ومناهضتها عدوان الاحتلال وسياسة الغطرسة والإجرام التي يتبناها؛ إلا أن تسلك المزيد من المسارات في هذا السياق، لتعبّر مجددًا عن حقيقة أمة الجسد الواحد؛ بالتوكل على الله تعالى وحده، والنزول إلى الميادين والساحات، وإيقاد جذوة الغضب من جديد، والضغط على صنَّاع القرار، وزيادة زخم المقاطعة والتثقيف لها، والسعي نحو صناعة رأي جمعي وموقف موحد لا يعيقه حد أو يحول دون مآربه حائل؛ يقوم على تجريم الاحتلال وعدوانه وحرب الإبادة التي يسلكها، وتقديم النجدة لأهلنا المستضعفين في القطاع، وتوفير أنواع الدعم كلِّها: المادي والمعنوي والسياسي والإعلامي والعسكري؛ للمقاومة خاصة وعلى الأصعدة الأخرى عامة.
وفي ختام بيانها؛ أكّدت هيئة علماء المسلمين في العراق على أن نظرية الحد الأدنى من الجهد لم تعد صالحة في هذه المرحلة، وأن أمام الجميع على اختلاف وتنوع مستوياتهم مسؤوليات مشتركة وواجبات لا مناص من القيام بها؛ لأن كل ما يحتاجه أهلنا في قطاع غزة مما ذكر آنفًا هو من ضمن استطاعة الأمّة -بشعوبها وأفرادها ونخبها وأنظمتها- وفي وسع الجميع ومقدرتهم، ولم تعد الأعذار -أيًا كانت- مبررة لاستمرار معاناة أهلنا المستضعفين هناك، فإن سنن الله تعالى ماضية وغلّابة، وطريق النجاة من آثار التقصير في التعامل معها واضح وبيِّن.