أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراقمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

مهربو نفط العراق إلى إيران يجمعون 200 مليون دولار شهريا

معظم المصادر السياسية وفي قطاع النفط أوضحت لوكالة "رويترز" أن الغالبية العظمى من النفط المنقول بالشاحنات يذهب إلى إيران عبر المعابر الحدودية العراقية الرسمية، منها معبر حاج عمران أو من خلال بنجوين في الجنوب.

أربيل– الرافدين
تنطلق المئات من الشاحنات المحملة بالنفط يوميا من مواقع بالقرب من أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق إلى إيران شرقا، مسببة حالة شلل مروري على طرق سريعة جبلية متعرجة في المنطقة.
وتمثل الشاحنات الجانب الأكثر وضوحا في عملية ضخمة لنقل النفط من الإقليم العراقي شبه المستقل إلى إيران وتركيا في صفقات غامضة وغير رسمية استشرت منذ إغلاق خط أنابيب للصادرات الرسمية العام الماضي.
وجمعت وكالة “رويترز” تفاصيل عن هذه التجارة من خلال مقابلات مع أكثر من 20 شخصا من بينهم مهندسو نفط عراقيون وأكراد وتجار ومسؤولون حكوميون وسياسيون ودبلوماسيون ومصادر في قطاع النفط.
ورسمت هذه التفاصيل صورة لتجارة مزدهرة تحمل فيها أكثر من 1000 شاحنة ما لا يقل عن 200 ألف برميل من النفط منخفض الأسعار يوميا إلى إيران وكذلك إلى تركيا -لكن بكميات أقل- وهي تجارة تدر 200 مليون دولار شهريا تقريبا.
هذه التجارة هي أحدث نسخة من تجارة النفط العراقية طويلة الأمد في السوق السوداء والتي ينظر إليها على نطاق واسع بأنها تعود بالنفع على النخب السياسية والميليشيات المرتبطة ارتباطا وثيقا بالمصالح التجارية.
وقال 12 شخصا إن المسؤولين في الحزبين الحاكمين في كردستان، الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي تنتمي إليه عشيرة البارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني الذي تنتمي إليه عشيرة الطالباني، هم المستفيدون.
وذكر مصدر يعمل في تجارة النفط الكردية “هناك متاهة من مندوبي المبيعات في السوق السوداء يحصلون على المال وأشخاص يوافقون على تلك المبيعات. لا يعني ذلك أنهم يغضون الطرف فقط. إنهم يحصلون على حصتهم”.
وقال دبلوماسي كبير في بغداد إن المصالح السياسية مرتبطة بالتجارة لدرجة أن استئناف الصادرات الرسمية عبر خط الأنابيب، الذي كان ينظر إليه ذات يوم على أنه أولوية، تراجع في جدول الأعمال الدبلوماسي.
ولم يرد مسؤولو الحزب الديمقراطي الكردستاني على طلبات التعليق على تجارة السوق السوداء. ولم يعلق محمد، المسؤول في الاتحاد الوطني الكردستاني، على من قد يكون وراء ذلك.
ويقول مسؤولون أكراد إن المنطقة اضطرت إلى هذه التجارة بسبب إغلاق خط الأنابيب، الذي يعتبرونه جزءا من محاولات أوسع تبذلها الأحزاب والميليشيات المنضوية في الإطار التنسيقي الحاكم والمدعومة من إيران في بغداد للحد من الحكم الذاتي الذي تتمتع به كردستان العراق نسبيا منذ نهاية حرب الخليج الأولى في عام 1991.
وقال مسؤول برلماني عراقي مطلع على شؤون النفط إن بغداد على علم بتفاصيل التجارة لكنها تتجنب الانتقادات العلنية مع سعي المسؤولين إلى حل النزاعات القائمة مع أربيل.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه لحساسية المسألة، أن الضغط على أربيل لوقف تهريب النفط من شأنه أن يحجم الإقليم ويحرمه من كافة مصادر التمويل، ما قد يؤدي إلى انهياره.
وأشار مسؤولون عراقيون إلى تجارة السوق السوداء النفطية في أحاديث خاصة باعتبارها السبب وراء عدم قدرة بغداد على الالتزام بحصص إنتاجها في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وهو ما يشكل نقطة خلاف مع السعودية، الزعيم الفعلي لأوبك.
كما أن العدد الكبير من الشاحنات التي تزحم الطرق السريعة وتتورط في حوادث أحيانا يثير غضب السكان.
وقال رشيد دلك، وهو يزور قبر شقيقه روزكار، الذي قتل في حادث مع شاحنة في أيار الماضي على الطريق السريع بين أربيل والسليمانية المؤدي إلى الحدود الإيرانية “إنه أمر مؤلم للغاية”.
وأوضح “رغم العبور على طرقنا وإتلافها وقتل أحبائنا… لم ير أحد هنا دولارا”.
وقال مسؤولون عراقيون إن حجم الصادرات غير الرسمية، التي لم يُعلن عنها من قبل، هو أحد أسباب عدم قدرة العراق على الالتزام بتخفيضات الإنتاج المتفق عليها في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) هذا العام.
ولم يرد مسؤولون إيرانيون على طلبات للتعليق.
وقال عاصم جهاد المتحدث باسم وزارة النفط العراقية إن التجارة الكردستانية لم تحصل على موافقة الحكومة، وإن شركة تسويق النفط العراقية الحكومية (سومو) هي الجهة الرسمية الوحيدة المصرح لها ببيع الخام العراقي.
وذكر أن الحكومة ليس لديها أرقام دقيقة عن كميات النفط التي يتم تهريبها إلى إيران وتركيا.
وقال جيم كرين الخبير بمعهد بيكر في جامعة رايس بمدينة هيوستن الأمريكية “أوبك الآن أقل صبرا على التهريب، ومن المعروف أنها تفرض إجراءات عقابية على الأعضاء المخالفين. أشك في أننا سنرى أي رد فعل ضد بغداد لأنه من المعروف أن المنطقة الكردية لا تخضع لسيطرة السلطات المركزية”.
وأشار مسؤول أمريكي إلى أن هذه التجارة أيضا يمكن أن تضع كردستان على مسار تصادمي مع حليفتها الوثيقة واشنطن التي تجري تقييما حول ما إذا كانت هذه التجارة تنتهك أي عقوبات اقتصادية أمريكية على إيران.
وحتى العام الماضي، كان إقليم كردستان يصدر معظم النفط الخام الذي ينتجه عبر خط الأنابيب الرسمي بين العراق وتركيا الذي يمتد من مدينة كركوك العراقية الغنية بالنفط إلى ميناء جيهان التركي.
لكن تلك الصادرات، التي كانت تبلغ نحو 450 ألف برميل يوميا، توقفت في م آذار 2023 عندما أصدرت محكمة دولية حكما بالموافقة على طلب من الحكومة العراقية لوقف الشحنات، مما ترك خط الأنابيب في مأزق قانوني ومالي.
وفقا لمصادر ومسؤولين في قطاع النفط ودبلوماسيين، فإن الشاحنات سرعان ما بدأت في نقل النفط من شمال العراق إلى إيران وتسارعت وتيرة التجارة هذا العام بعد تعثر محادثات إعادة فتح خط الأنابيب عبر تركيا.
وقال مسؤولون محليون إنه ليس هناك حصر ولا تسجيل لأي عائدات من هذه التجارة في خزائن حكومة إقليم كردستان التي تعاني لدفع رواتب الآلاف من موظفي القطاع العام.
وقال النائب علي هوما صالح الذي كان رئيسا للجنة النفط في برلمان كردستان قبل حله في عام 2023 “لا أثر لعائدات النفط”. وقدر حجم التجارة بأكثر من 300 ألف برميل يوميا، وهو أعلى من معظم التقديرات الأخرى.
وقال هيوا محمد المسؤول في الاتحاد الوطني الكردستاني، أحد الحزبين الحاكمين في الإقليم، إن النفط يمر عبر المعابر الحدودية بعلم سلطات الإقليم والسلطات العراقية.
ولم يرد مسؤولون في حكومة إقليم كردستان العراق على طلبات للتعليق.


هيوا محمد: النفط المهرب يمر عبر المعابر الحدودية بعلم سلطات الإقليم والسلطات الحكومية في بغداد
وليس هناك متحدث رسمي باسم وزارة الثروات الطبيعية في حكومة الإقليم، وهي الوزارة التي تشرف على تجارة النفط في كردستان.
وقال مسؤول أمريكي إن واشنطن تدقق في تجارة النفط لتقييم مدى الالتزام بالعقوبات المفروضة على إيران.
وأحجمت وزارة الخزانة الأمريكية عن التعقيب.
وقال مسؤول بوزارة الخارجية “العقوبات الأمريكية على إيران لا تزال قائمة، ونتواصل بشكل دوري مع شركائنا فيما يتعلق بتنفيذ العقوبات، لكننا لا نكشف تفاصيل تلك المحادثات”.
وذكر مسؤول كبير في وزارة الثروات الطبيعية في كردستان أن إنتاج النفط في الإقليم يبلغ 375 ألف برميل يوميا، يتم نقل 200 ألف منها بالشاحنات إلى إيران وتركيا وتكرير الباقي محليا.
وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه نظرا لحساسية الأمر “لا أحد يعرف ما مصير عائدات 200 ألف (برميل يوميا) يتم تهريبها إلى الخارج، أو المشتقات النفطية المباعة لمصافي الإقليم”.
وقالت مصادر سياسية وفي قطاع النفط إن الشركات النفطية في كردستان تبيع النفط الخام إلى مشترين محليين بأسعار مخفضة تتراوح بين 30 و40 دولارا للبرميل، أي حوالي نصف السعر العالمي لخام برنت، ما يعادل إيرادات لا تقل عن 200 مليون دولار شهريا.
وتسيطر ثماني شركات نفط عالمية على غالبية إنتاج النفط في كردستان هي دي.إن.أو وجينيل إنرجي وشركة جلف كيستون بتروليوم وشاماران بتروليوم وشركة إتش.كيه.إن إنرجي وويسترن زاجروس وشركة كاليرجان التابعة لإم.أو.إل وشركة هنت أويل.
وأحجمت شركة هنت أويل ومقرها الولايات المتحدة عن التعليق. ولم ترد الشركات السبع الأخرى بعد على طلبات للتعقيب، كما لم ترد مجموعة كار (كار جروب) المحلية، وهي لاعب رئيسي في كردستان.
وبينما توقف معظم إنتاج النفط عندما أغلق خط الأنابيب، قالت بعض الشركات، منها دي.إن.أو وكيستون وشاماران، في بيانات إنها بدأت منذ ذلك الحين في إنتاج النفط الخام لبيعه لمشترين داخل كردستان.
وذكرت شركة شاماران أن متوسط سعر النفط الخام الذي باعته في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024 بلغ 36.49 دولار للبرميل، بينما قالت كيستون في حزيران إن مبيعات الخام من حقل شيخان هذا العام تحقق نحو 28 دولارا للبرميل.
وقالت المصادر في القطاع إن المشترين المحليين المعتمدين يأخذون الخام من شركات النفط ويبيعونه من خلال وسطاء للتصدير، دون علم المنتجين.
وأوضحت معظم المصادر السياسية وفي قطاع النفط أن الغالبية العظمى من النفط المنقول بالشاحنات يذهب إلى إيران عبر المعابر الحدودية العراقية الرسمية، منها معبر حاج عمران أو من خلال بنجوين في الجنوب.
وقالت مصادر سياسية ودبلوماسية وفي القطاع إن النفط الخام يتم تحميله من هناك على متن سفن في موانئ إيرانية بالخليج في بندر خميني وبندر عباس، وهو طريق تجاري كان يستخدم في الماضي لصادرات النفط الكردية، أو ينقل برا إلى أفغانستان وباكستان.
ولم تتمكن رويترز من تحديد كيف تستفيد إيران، التي تواجه صعوبات في بيع منتجاتها النفطية بسبب العقوبات، من هذه التجارة، ولا من الذي يحصل على النفط في إيران.
وقال محمد المسؤول الكبير في الاتحاد الوطني الكردستاني إنه يتم إرسال النفط إلى إيران لتكريره وتحويله إلى بنزين.
وأحجمت وزارة النفط الباكستانية عن التعليق. ولم يرد مسؤولون أفغان على طلبات للتعقيب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى