أخبار الرافدين
محمد الجميلي

ملك العلماء.. الناصح الأمين

لم يقف بأبواب الملوك والحكام، ولم يجامل أو يداهن مسؤولًا كبيرًا أو صغيرًا، ولم يرج منهم منصبًا أو نفعًا لنفسه ولدنياه، لذلك كرمه المسلمون في العراق بلقب ملك العلماء، وهو العبد لملك الملوك، ليس في اسمه فحسب، حقق العبودية لله بسلوكه سبيل العلم ونشره، فنظر الله وجهه ونور قلبه وعصمه من الفتن التي أخذت الكثيرين ممن يسمون بالعلماء -مع الأسف- ذات اليمين وذات الشمال، حتى بتنا نرى عمائم بيضاء لا تستنكف أن تكون في خدمة المليشيات والباطل!
يكرهه المنحرفون الذين ران الزيغ على قلوبهم، ويكرهه أهل الربا لشدة ما حذر منه ومن أكله، ويكرهه أعداء الحق والعلم الشرعي لأنه أفنى عمره في تعليم طلبة العلم جيلًا بعد جيل، ولكن الله يحب العلماء الربانيين الذين يصدعون بالحق ولا يخشون في الله لومة لائم، والمؤمنون الصادقون كذلك يحبون العلماء الصادقين ولا عزاء للمنافقين الخانعين، بل إن أهل السماء ومنهم جبريل ليحبون من يحبه الله من أوليائه، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع، فكيف بمعلم الناس الخير؟
فماذا يضير عبد الملك السعدي وغيره إن كرهه فلان أو علان من الرويبضات والإمعات إن كان الله يحبه والملائكة والمؤمنون؟
ونصيحة للذين يدافعون عن الشيخ السعدي وخصوصًا العلماء منهم: شكرًا لكم فهذا من حق الشيخ عليكم -وإن كان الشيخ لا يطلبه ولا يهمه ذلك- ولكن الواجب الحق عليكم؛ أن تحذروا مما حذر منه الشيخ من الفرق الباطلة والجماعات المنحرفة؛ من أمثال نهرو الكسنزاني وتفضحوا ضلاله وابتداعه، وتحذروا المسلمين من خطورة منهجه وما يكيده لأهل السنة، فهو بيدق بيد إيران ومليشياتها ينفذ أجنداتهم ومخططاتهم في استهداف دين الإسلام الصحيح وعقيدة أهل السنة بدعم من أعداء الإسلام وعلى رأسهم الانكليز وأعوانهم.
ومن يحب الشيخ السعدي ويدافع عنه وينصره عليه أن يفضح تلك الجماعة الخطيرة التي تسمي نفسها (الرباط المحمدي)، وتزعم أنها على منهج الإسلام الصحيح وتتهم غيرها بأنهم إرهابيون أو متطرفون أو تكفيريون، وإنما هي مخلب بيد مليشيات الحشد ترتبط بهم ارتباطًا وظيفيًا ومؤسساتيًا ومن يغفل عن ذلك أو يتجاهله فإنما هو مجامل لهم أو مكثر لسوادهم كما قال الشيخ السعدي في بيانه.
إن فضح جماعة (الرباط المحمدي) من واجبات الوقت، ومثله التحذير من زعيمها الحشدي عبد القادر الآلوسي ابن بهجت الذي لا يعلم أحد من زرعه في مدينة الفلوجة، ومن يقف وراءه، حتى تكشفت الأمور بعد الاحتلال وسيطرت إيران ومليشياتها على المحافظات ذات الغالبية السنية، فانخرط قادرهم هذا مع عصابته في مليشيات الحشد بصورة علنية وبدون خوف، بعد أن سهلت له السيطرة على كثير من مساجد أهل السنة، ومهدت لأتباعه الطريق لتبوأ المناصب المهمة في الوقف السني ليأتي اليوم القريب الذي يسلمونهم فيه مقاليد الوقف ودوائره في المحافظات.
أما التكفيريون فأحسب أن منابر محافظاتنا الغربية لا حرج لديها في التحذير منهم، بل إنهم يبالغون أحيانًا حتى يخال السامع من غير أهل العراق، أن أهل السنة كلهم تكفيريون، وهو أمر بعيد كل البعد عن غالب معتقد أهل السنة، وإنما التكفير ما نراه ونسمعه ويشهده كل العراقيين، ذاك الذي راج مؤخرا ومن شخصيات نافذة ومسؤولة في الحكم، بلعن الصحابة وتكفيرهم علنا، مع أن دستورهم المسخ وقوانينهم تمنع سب الرموز الدينية، فكيف بسب الصحابة الكرام رضي الله عنهم ورضوا عنه؟!
يجب أن يعي الجميع أن هذه المحافظات التي قاومت الاحتلال الأمريكي وأذاقته مر العلقم والتي تربي أبناءها على حب القرآن والسنة، وبناتها على الفضيلة، مستهدفة أيما استهداف، ليس بالمخدرات والاعتقالات والإعدامات والإفقار فحسب، بل الأخطر من ذلك هو خطط محو الدين الحق ومحاربة السنة النبوية الشريفة، بنشر الزيغ والضلال والانحراف، وتشجيع الشباب والشابات على التمرد على دينهم ومعتقداتهم وتسهيل المنكرات أمامهم، وهذا لعمر الحق ما يعملون عليه.
من يحب الشيخ السعدي ويريد الدفاع عنه فليعمل على تنفيذ ما جاء في بيانه الأخير -الذي أحسبه جاء متأخرا- بعد أن استفحل خطر الفرق الضالة وعاثت فسادًا في دين الله وسنة نبيه.
وأما الشيخ العلامة عبد الملك بن عبد الرحمن السعدي فهو يعمل لآخرته ويرجو مرضاة ربه وعفوه ورحمته فإن ذلك أعظم وأجل وأكبر من كل ما نكتب فيه شعرًا أو نثرًا، وقد عرف المُلك الحقيقي والجاه العظيم والغنى والقوة والسلطان ذاك الذي يكون عند الله يوم العرض عليه ونصب الموازين وهو يجتهد لذلك، نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى