ميليشيا الحشد تعترف بقصف مستودع أسلحة في اليوسفية من دون اتهام أي جهة
تسعى طهران من خلال حث وكلائها على شن الهجمات إلى الحفاظ على شرعيتها وتعزيزها بين وكلائها باعتبارها القوة المعارضة الرئيسية للولايات المتحدة في المنطقة، في حين أن الوكلاء يستفيدون من هذه الهجمات من أجل تحقيق مصالحهم والاستمرار في الهيمنة وتخويف الشارع العراقي.
بغداد– الرافدين
لم يستبعد مسؤول في ميليشيات الحشد الشعبي احتمال أن يكون الانفجار الذي حدث في مستودع أسلحة الميليشيات في منطقة اليوسفية ناجما عن “ضربة جوية”.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المسؤول الذي لم تذكر أسمه قوله إن المستودع “مؤمن بشكل فني لا يقبل وقوع أي حادث عرضي”.
فيما نقلت مصادر إعلامية محلية عن مصدر أمني في العمليات المشتركة العراقية قوله إن عملية استهداف مخازن الأسلحة للواء 42 لميليشيا العصائب بزعامة قيس الخزعلي نفذتها طائرة أمريكية مسيّرة.
وأضاف بأن “الأجواء العراقية لم تشهد خرقا لأي طائرة من خارج البلاد سوى طائرات أمريكية مسيّرة”.
وأكد شهود عيان أنّ “أعمدة الدخان والانفجارات ما زالت تتوالى حتى مساء الخميس”.
ولم تعرف الجهة التي نفذت القصف، لكن القوات الأمريكية المتمركزة في قاعدة عين الأسد في محافظة الانبار سبق وأن نفذت عمليات استهدفت معسكرات الميليشيات وزعمائها في بغداد.
ويأتي الانفجار الأخير عقب تعرض قاعدة “عين الأسد” العسكرية حيث تنتشر قوات تابعة للتحالف الدولي، والواقعة في غرب العراق، لهجوم بطائرتين مسيرتين ليل الثلاثاء من دون أن يؤدي الى وقوع أضرار أو ضحايا.
وقال المعلق السياسي العراقي شاهو القره داغي، “مع كل صيف يعود موسم الانفجارات في مخازن الأسلحة والعتاد التابعة للفصائل المسلحة.. وكالعادة لا يعطون معلومات أكيدة حول سبب الانفجارات، هل هي أخطاء داخلية أو هجمات بالمسيرات أو غير ذلك من الأسباب”.
وسبق أن عبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، عن قلق واشنطن من عدم إطاعة ميليشيات الحشد الشعبي لأوامر “القائد العام للقوات المسلحة العراقية محمد شياع السوداني”.
وقال ميلر “نحن قلقون من أن عناصر الحشد الشعبي لا يطيعون القائد العام للقوات المسلحة العراقية ويشاركون في أعمال عنف وزعزعة الاستقرار في العراق وسوريا”.
وأضاف أن “الهجمات على القوات الأمريكية، وقوات التحالف الدولي، وأفراد الجيش العراقي، والمواقع التجارية تنتهك أمن العراق واقتصاده”.
وأكد على مواصلة بلاده مطالبة حكومة السوداني بكبح جماح الميليشيات الولائية، وتحميلها مسؤولية خرق القانون.
ويتجاهل المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في هذا الكلام عن عمد بأن حكومة السوداني شكلت من أحزاب وميليشيات منضوية في الإطار التنسيقي الذي تعد الميليشيات المكون الرئيسي فيه.
وسبق أن جرى اتصال هاتفي بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والسوداني تضمن، بحسب مسؤول مقرب من السوداني، تهديدات ضمنية حول ضمان المصالح الأمريكية، والتي قد تؤدي إلى استهداف ميليشيا النجباء المنضوية في الحشد الشعبي وزعيمها أكرم الكعبي.
وقال أحد المقربين من السوداني، إن بايدن أوضح لرئيس حكومة الإطار التنسيقي أن إدارته “تدعم حكومته بدرجة واسعة، إلا أن هذا الدعم ليس مجانيًا ولا مفتوحًا”.
وأضاف أن السوداني سعى “لتهدئة الوضع” وتقديم ضمانات للأمريكيين بما يتعلق بميليشيات الحشد خوفًا من خروج الأمور عن السيطرة.
واعتبر موقع “لوو فير” الأمريكي المتخصص بالنزاعات والقضايا القانونية، أن الهجمات التي تشنها الميليشيات من وكلاء إيران على القوات والمصالح الأمريكية في العراق وسوريا، هدفها توجيه “إشارات سياسية” الطابع إلى واشنطن، وأنه برغم أن هذه الميليشيات لا تسعى إلى افتعال مواجهة كبرى مع الولايات المتحدة.

وتسعى طهران من خلال حث وكلائها على شن الهجمات إلى الحفاظ على شرعيتها وتعزيزها بين وكلائها باعتبارها القوة المعارضة الرئيسية للولايات المتحدة في المنطقة، في حين أن الوكلاء يستفيدون من هذه الهجمات من أجل تحقيق مصالحهم والاستمرار في الهيمنة وتخويف الشارع العراقي.
وسبق أن أسفر “انفجار وحريق” في شهر نيسان، داخل قاعدة كالسو التي تؤوي قوات الجيش والشرطة وعناصر ميليشيا الحشد في محافظة بابل في وسط العراق، عن سقوط قتيل وثمانية جرحى.
ووقع الانفجار الخميس في مستودع “للدعم اللوجستي” تابع للحشد الشعبي يقع جنوب بغداد، وفق ما أفاد مسؤولون.
وجاء في بيان للميليشيات الولائية المنضوية في الإطار التنسيقي الذي شكل حكومة محمد شياع السوداني، أنه “في الساعة 19.00 بتاريخ الثامن عشر من تموز وقع انفجار في مخازن الدعم اللوجستي للواء 42 التابع لقيادة عمليات صلاح الدين تحديدا المعسكر الخلفي في منطقة اليوسفية جنوب بغداد”.
وأفاد بأن جهاز الإطفاء يعمل على إخماد النيران، وأشار إلى تشكيل “لجنة فنية مختصة للوقوف على أسباب الانفجار”.
وأكد مصدر أمني “وقوع انفجار في أحد مستودعات عتاد الحشد الشعبي جنوب بغداد”، لافتا إلى أن أسباب الانفجار لا تزال مجهولة.
واستبعدت لجنة فنية عراقية تولت التحقيق في الانفجار، أن يكون ناتجا من هجوم خارجي، مرجحة وقوعه جراء “مواد شديدة الانفجار” مخزنة في الموقع.
ويضم الحشد ميليشيات موالية لإيران نفذ بعضها على خلفية الحرب في غزة، عشرات الهجمات ضد القوات الأمريكية المنتشرة في العراق وسوريا.
وفشل رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بالسيطرة على ميليشيات منضوية في الحشد الشعبي ومصنفة إرهابيا وفق قرار وزارة الخارجية الأمريكية.
وتمارس ميليشيات “أنصار الله” إلى جانب كتائب “حزب الله” و “حركة النجباء” و “كتائب سيد الشهداء” دورا سياسيا بتعليمات إيرانية تستفز به القوات الأمريكية وخارج سلطة السوداني الأمر الذي جعله تحت الضغط الأمريكي من جديد بعد أشهر من التهدئة.
وذكر تقرير لمعهد “ميديا لاين” الأمريكي المهتم بشؤون الشرق الأوسط، أن السوداني يمارس لعبة خطيرة بخضوع حكومته لسلطة الميليشيات الولائية وتأمين الدعم لها.
وأضاف في تقرير كتبته جورجيا فالينتي المهتمة بشؤون الشرق الأوسط، أن دعم السوداني تزامن مع تصنيف وزارة الخارجية الأمريكية ميليشيا “أنصار الله” في السابع عشر من حزيران كجماعة إرهابية إلى جانب كتائب حزب الله، وحركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء.
ويحظى السوداني بنفوذ محدود على الميليشيات المتحالفة مع إيران. واحتاج إلى دعم تلك الجماعات المنضوية في الحشد الشعبي والإطار التنسيقي للظفر برئاسة الحكومة.
وأجبر الوضع المتقلّب الذي يشهده العراق والمنطقة منذ أسابيع عدّة، السوداني على ممارسة فعل توازن يتمثّل في الحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة، بعد وصوله إلى السلطة بدعم أحزاب مؤيّدة لإيران.
ويجمع مراقبون سياسيون على أن السوداني يحاول المحافظة على وضعه في رئاسة الحكومة ببعث رسائل خضوع لخطاب الميليشيات، فيما يتحدث بشكل مختلف كليًا مع المسؤولين الأمريكيين.