أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء يدفعان العراقيين للغرق في الأنهر والمسطحات المائية

مختصون يؤشرون إهمالًا حكوميًا في توفير المرافق الترفيهية للشباب والعائلات العراقية لمساعدتهم في تجاوز أزمة ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع التيار الكهربائي ما يدفعهم للتوجه نحو الأنهر والأماكن الخطرة هربًا من الأجواء الحارة.

بغداد – الرافدين
يُسجل العراق منذ بدء موسم الصيف وارتفاع درجات الحرارة بشكل قياسي العديد من حوادث الغرق في الأنهر والبحيرات، في ظل هرب المواطنين من درجات الحرارة المرتفعة، وانقطاع التيار الكهربائي ساعات طويلة عن المنازل، وتوفر عدد قليل من المسابح.
ويُعرف موسم الصيف في العراق بـ”موسم الغرق” الذي يتسبب في حوادث تصيب العديد من العائلات لاسيما فئة الشباب خلال ممارستهم السباحة في الأنهر أو البحيرات أو سواقٍ لريّ المزارع، في وقت باتت فيه المسابح الخاصة خارج متناول اليد لغلاء الاشتراك فيها بينما تتجاوز الحرارة 50 درجة مئوية في الكثير من الأحيان.
وفي العراق الذي يضم 43 مليون نسمة، لا يميز الحر الشديد بين الطبقات الاجتماعية في الليل كما في النهار غير أن سبل مواجهة ارتفاع درجات الحرارة تختلف، لكن الغالبية تلجأ إلى الخيارات المجانية للتخفيف من وطأة ارتفاع درجات الحرارة إلا أن لهذا التوجه تبعات خطيرة على الأرواح.
ففي محافظة بغداد وحدها، قضى ستة أشخاص معظمهم دون سن العشرين غرقًا في نهر دجلة بين الأول من أيار و19 من حزيران الماضي، حسبما أفاد مصدر في شرطة بغداد.
وفي حي الكريعات السكني شمال العاصمة بغداد، يسبح عامل البناء موسى عبدالله (21 عامًا) يوميًا في نهر دجلة إذ “لا خيار آخر” لديه في ظل ارتفاع درجات الحرارة والانقطاع المزمن للتيار الكهربائي.
ويقول العامل بملابسه المبللة والملطخة بدهان أبيض “نحن شباب ونريد أن نستمتع بوقتنا”
ويتساءل “إلى أين نذهب؟ في البيت لا كهرباء وحرارة المياه حارقة”.
ويضيف فيما الحرارة 47 درجة مئوية عند الساعة الرابعة عصرًا “يتسرب مني العرق وأشعر أنني انتهيت بحلول نهاية اليوم بسبب الشمس”.
ويتابع “لا خيار آخر” سوى نهر دجلة حيث “المياه ملوثة”.

العراقيون يتوجهون إلى الأنهار هربًا من درجات الحرارة المرتفعة وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة عن المنازل

وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة وتفاقم الجفاف، يعد العراق من بين الدول الخمس الأكثر تأثرًا ببعض أوجه التغير المناخي وفق الأمم المتحدة.
وشهد العراق في السنوات الأربع الأخيرة موجات جفاف متتالية اتسمت بنقص في المياه وانخفاض ملحوظ في مستوى الأنهار في ظل “مناخ شبه صحراوي”، وسط توقعات أن تكون “السنوات القادمة أكثر حرارة” تتخللها “موجات حارة غير مسبوقة” نتيجة التغيرات المناخية بحسب الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي.
وخلال أيام شهر تموز شديدة الحرارة وبعد أن تخطت درجات الحرارة نصف درجة الغليان هذا الأسبوع في أكثر من نصف محافظات البلاد، من بينها بغداد وأخرى جنوبية، وفقًا لتقرير لهيئة الأنواء الجوية العراقية باتت الأنهر الملاذ الوحيد أمام المواطن العراقي للهرب من هذه الأجواء الحارة.
ويقول علي جمعة (32 عامًا) من محافظة البصرة التي تشهد أعلى درجات الحرارة في البلاد، إن “البصرة تشهد ارتفاعًا كبيرًا في فصل الصيف الأمر الذي يدفع المواطنين إلى ابتكار حلول كثيرة دون الاعتماد على معالجات الحكومة المعدومة من أجل التخلص من حرارة الطقس”.
ويضيف جمعة، “بعض العائلات تلجأ إلى شط العرب للسباحة خلال ساعات النهار وقضاء وقت ممتع برفقة أطفالهم للتخلص من الحرارة، فيما اضطر البعض الآخر إلى إنشاء مسابح صغيرة داخل منازلهم حفاظًا على أبنائهم من الغرق”.
ويشير إلى أن “مياه الأنهر والبحيرات تشهد بين الحين والآخر حالات غرق للأطفال والشباب نتيجة قوة التيار وعدم إتقان السباحة، ورغم وجود مسابح مغلقة وأخرى مفتوحة لأشعة الشمس، لكن الكثير لا يستطيعون دفع أجورها من الطبقة الفقيرة والمتوسطة، لذلك يتوجهون إلى الأنهر كونها مجانية ولا تحدد بساعات معينة”.
ويعدّ “شط العرب” نقطة التقاء نهري دجلة والفرات في مدينة البصرة، وهو من أكبر المواقع النهرية الواسعة والعميقة التي دائمًا مايتم التحذير من السباحة فيها، خاصة خلال الصيف.
ويكشف مصدر مطلع في محافظة البصرة، إن المحافظة سجلت منذ مطلع العام الحالي 29 حالة غرق في الأنهر بسبب السباحة.
وذكر المصدر أن “المحافظة سجلت منذ بداية العيد ولغاية الآن 19 حالة غرق انهر متفرقة من المحافظة أبرزها شط العرب”
ولفت إلى إن “الأيام التي سبقت عيد الأضحى قبل نحو شهر سجلت فيها 10 حالات غرق”.
وبين المصدر، إن “أعداد الوفيات بتزايد مستمر يوميًا جراء ارتفاع درجات الحرارة”.
من جانبه، يؤكد المتحدث باسم وزارة الشباب والرياضة حسام حسن أن “ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة يدفعان الشباب إلى اللجوء إلى الأنهر والبحيرات في بغداد والمحافظات للسباحة هربًا من الحرارة”.
ويلفت حسن، إلى أن “العديد من المحافظات لا توجد فيها مراكز ترفيهية للشباب وإن وجدت تكون غير مؤهلة بشكل كامل ما يدفع الشباب إلى اللجوء للأنهر أو المسابح الأهلية التي في الغالب تكون باهظة الثمن على العديد من الشباب”.
ويعرب المتحدث باسم وزارة الشباب والرياضة، عن “تمنياته بعودة المديريات إلى رعاية الوزارة حتى تكون تحت إشرافها بصورة مباشرة والعمل على إعمارها، وهنالك حاليا مشاريع مسابح في محافظتي كربلاء وصلاح الدين أحيلت إلى الاستثمار وجاري العمل لإنجازها”.

العراقيون يمارسون السباحة في الأنهر والبحيرات في وقت باتت فيه المسابح الخاصة خارج متناول اليد لغلاء الاشتراك فيها

ويشدد مختصون على ضرورة إطلاق حملات توعية حول مخاطر السباحة في الأنهار غير الآمنة، مع التركيز على الفئات العمرية الأكثر تعرضًا للخطر، وتنظيم ورش عمل في المدارس والمجتمعات المحلية لتعليم الشباب السباحة الآمنة وإجراءات السلامة.
ويشير عضو رابطة السبّاحين العراقيين، رائد المالكي، إلى وجود “حاجة للإجراءات الوقائية عند شواطئ الأنهار، لتفادي تلك الحوادث، إلا أن الشرطة النهرية في العراق غير قادرة على تغطية هذه المساحات الكبيرة من الأنهار، لكن ما يجب فعله، هو نشر مفارز ودوريات في مواقع محددة”.
وأضاف المالكي أن “الحل المطلوب هو إنشاء عدد من المسابح في المناطق السكنية، ما يشكل فرصة للشباب للسباحة فيها، لكن بعض هؤلاء الشبان، معتادين على السباحة في الأنهار، وهم قريبون منها، فضلًا عن عدم رغبتهم بإنفاق أموال على المسابح، خاصة وأن بعضها تعد غالية بالنسبة للمراهقين”.
وانتشرت في الأعوام الأخيرة قاعات مخصصة للمسابح في مناطق العاصمة العراقية بغداد والمحافظات الأخرى، إذ إن غالبية روادها من الشباب والأطفال وتكون أوقات ذروة الحرارة خلال أشهر (حزيران) و(تموز) و (آب) من كل عام.
ويقول المواطن البغدادي مصطفى ياسين “نقصد قاعات المسابح هربًا من درجات الحرارة المرتفعة في الصيف وأيضا انقطاع الكهرباء، علاوة على الاستمتاع بالوقت بصحبة الأصدقاء والأهل”.
وأكد أن المسابح أكثر أمانًا من الأنهار التي تشهد حالات غرق مستمرة، إذ تتمتع بقاعات نظيفة وتعقيم مستمر إضافة إلى وجود كادر للإنقاذ في حال وجود حالات غرق يجري إسعافهم بصورة فورية، مبينًا أن الأسعار تختلف من منطقة إلى أخرى مع الامتيازات التي يقدمها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى