تراجيديا تشكيلية تجسدها إلهام الأسطل وسط عذابات غزة
ترسم الفنانة الشابة إلهام الأسطل بريشتها وألوانها الزيتية فوق أنقاض المنازل المدمرة في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، لتجسد تفاصيل معاناة الفلسطينيين جراء الحرب الإبادة الوحشية التي تشنها قوات الاحتلال.
غزة- بلوحاتها الفنية تعكس التشكيلية الفلسطينية إلهام الأسطل معاناة الفلسطينيين من نزوح واعتقال وتعذيب نتيجة الحرب الإسرائيلية الوحشية المستمرة على قطاع غزة منذ السابع تشرين الأول الماضي.
وترسم الفنانة الأسطل (25 عاما) بريشتها وألوانها الزيتية فوق أنقاض المنازل المدمرة في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، لتجسد تفاصيل معاناة الفلسطينيين جراء الحرب الإسرائيلية المدمرة.
وتجسد في لوحاتها الفنية التي سمتها “كارثة ومعاناة”، محطات فارقة في الحرب الإسرائيلية، محاكيةً آلام ومآسي الشعب الفلسطيني على مدى الشهور الماضية من الحرب.
وقالت الأسطل “رسمت لوحة كارثة ومعاناة باستخدام الألوان الزيتية لأتمكن من إبراز المعالم والمحطات الفارقة في هذه الحرب القاسية التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة”.
وجسدت اللوحة عدة محطات بارزة، من أبرزها قصة الأسير الفلسطيني السابق بدر دحلان، الذي خرج من سجون الاحتلال في الثلاثين من حزيران الماضي، وهو يعاني اضطرابات نفسية حادة جراء التعذيب الشديد الذي تعرض له خلال شهر من الاعتقال.
وأضافت الأسطل “اعتقل دحلان في سجون إسرائيل وخرج مصدومًا ومشوشًا، بعينين جاحظتين وجسد نحيل، ما جذب انتباه العالم بأسره”.
وتابعت “كما ظهرت على جسد بدر دحلان إصابات متعددة، خاصة على وجهه ويديه، تعكس حجم التعذيب الذي يتعرض له الأسرى الفلسطينيون داخل السجون الإسرائيلية”.
وأثرت بعمق ملامح الشاب دحلان في الفنانة إلهام الأسطل، وظلت عالقة في ذهنها حتى قررت أن تعبر عنها من خلال هذه اللوحة الفنية، حيث كانت تلك الملامح تجسيدًا واضحًا للألم والمعاناة التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون، ما دفعها إلى رسم اللوحة.
وتضمنت اللوحات أيضًا قصة المسنّة الفلسطينية دولت الطناني، التي هاجمها أحد كلاب البوليسية للجيش الإسرائيلي بوحشية خلال مداهمة منزلها في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، وذلك في العملية العسكرية البرية الأخيرة في أيار الماضي.
ولا تزال الفنانة الفلسطينية تتذكر تفاصيل قصة المسنّة الطناني في تلك الليلة المشؤومة، بعد انتشار صورة للكلب الإسرائيلي وهو يهاجمها في منزلها.
وقالت الفنانة الأسطل “صورة الهجوم الوحشي على المسنّة الطناني من قِبل أحد كلاب الجيش الإسرائيلي لا تُنسى بأي شكل من الأشكال، بل تركت جرحًا غائرًا في داخل كل إنسان حر وشريف”.
كما تجسد اللوحات، وفقًا للأسطل، محاربة إسرائيل للأديان من خلال استهداف وتدمير الكنائس والمساجد في قطاع غزة.
وأشارت إلى أن “جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدف منذ بداية الحرب المدمرة مئات المساجد وعددًا من الكنائس، ما تسبب في تدميرها وتضررها وهذا يعكس محاربتها للأديان”.
ومنذ السابع من تشرين الأول الماضي، تسببت الغارات الإسرائيلية على القطاع في تدمير 610 مساجد، بالإضافة إلى تضرر 211 مسجدًا آخر، إلى جانب تدمير 3 كنائس، وفقًا لإحصاءات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
ولم تغفل الفنانة الفلسطينية عن تجسيد المعاناة الكبرى للفلسطينيين في محافظات قطاع غزة منذ بداية الحرب، والمتمثلة في الهجرة القسرية وعمليات النزوح المتواصلة بفعل العمليات العسكرية الإسرائيلية البرية.
وقالت الأسطل “لقد دفع الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين إلى النزوح القسري مشيًا على الأقدام لمسافات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة، حيث تركوا بيوتهم ومشاريعهم وممتلكاتهم خلفهم، وذهبوا إلى مناطق قيل إنها آمنة، ليعيشوا في ظروف قاسية داخل خيام لا تصلح حتى للحيوانات”.
وتضيف “كل تلك المحطات حاولت تجميعها في لوحة فنية تجسد آلامًا ومآسي يكابدها الفلسطينيون من نزوح واعتقال وتعذيب، بهدف إيصال رسالة للعالم أجمع: يكفينا قتل ودمار وخراب وتعذيب، فنحن شعب يستحق الحياة”.
ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، يواجه الفلسطينيون معاناة النزوح، حيث يأمر جيش الاحتلال سكان المناطق والأحياء السكنية بإخلائها استعداداً لقصفها وتدميرها.
ويضطر الفلسطينيون خلال نزوحهم للجوء إلى بيوت أقربائهم ومعارفهم، وآلاف الأسر تقيم في خيام بالشوارع والمدارس، في ظل ظروف إنسانية صعبة حيث لا تتوفر المياه ولا الطعام الكافي، وتنتشر الأمراض.
ولأكثر من مرة، حذرت مؤسسات صحية محلية ودولية من انتشار الأمراض والأوبئة في صفوف النازحين نتيجة التكدس في مراكز الإيواء وانعدام سبل النظافة الشخصية والعلاجات اللازمة.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن عدد النازحين داخل القطاع منذ السابع من تشرين الأول الماضي، بلغ مليوني شخص.
وتشن “إسرائيل” حربا مدمرة على قطاع غزة للشهر العاشر على التوالي، بدعم أمريكي، خلفت قرابة 129 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.
وتواصل قوات الاحتلال الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.