الأمم المتحدة تحذر من غسيل الأموال القذرة في العراق
الممثلة الإقليمية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا كريستينا ألبرتين: التقارير الإعلامية المتفائلة لا تغير من حقيقية أن العراق يتبوأ مراتب عليا على مستوى العالم في عمليات غسيل الأموال.
بغداد- الرافدين
أوصلت الممثلة الإقليمية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا كريستينا ألبرتين، رسالة تحذيرية لمحافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق، بشأن عمليات غسيل الأموال في العراق.
وخاطبت ألبرتين العلاق الذي يشغل أيضا منصب رئيس مجلس مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بأن التقارير الإعلامية المتفائلة لا تغير من حقيقية أن العراق يتبوأ مراتب عليا على مستوى العالم في عمليات غسيل الأموال.
وأشارت إلى أن العقوبات الأمريكية المستمرة على مجموعة مصارف عراقية تؤكد أن عمليات غسيل الأموال مستمرة، وأحيانا تتغاضى عنها حكومة محمد شياع السوداني.
وقالت “إن العالم والولايات المتحدة بالذات التي تسيطر على أموال تصدير النفط العراقي في حساب مصرفي بالبنك الفيدرالي، لا تستطيع تفهّم أن فصائل مشاركة في الحكومة متورطة في عمليات غسيل الأموال”.
وأكتفي بيان للبنك المركزي العراقي بالقول إن العلاق استقبل الممثلة الإقليمية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا كريستينا ألبرتين، والوفد المرافق لها، وجرى خلال اللقاء بحث تعزيز العلاقات الثنائية واستكمال البرامج المتحققة بين الجانبين خاصة ما يتعلق ببناء القدرات ومتابعة المتحصلات الجرميّة وفق أفضل الممارسات الدولية.
وسبق أن زعمَ علي العلاق إنه لا يملك بيانات حول حجم الدولارات المهربة من العراق إلى إيران أو أي بلد مجاور، في مسعى يكرر ادعاءات رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني لتبرئة إيران من تهريب الدولار من العراق.
وقال العلاق في تصريحات لوكالة “رويترز” “إن العراق قطع شوطًا كبيرا في تطبيق قيود على المعروض من الدولار الأمريكي تستهدف إيران لكنه يواجه معركة شاقة في ظل نظام مصرفي غير معتاد على الرقابة الصارمة وتمسك مهربي العملة بنشاطهم”.
وأضاف “إنها معركة فعلا لأن المستفيدين من هذا الوضع والمتضررين (من الإجراءات الجديدة) سيحاولون بشتى الطرق مواصلة أنشطتهم غير الشرعية”.
وبدت تصريحات العلاق محاولة للتهرب من كشف جهات ولائية متنفذة داخل حكومة الإطار التنسيقي تعمل على تهريب العملة إلى إيران.
وكشف النائب في البرلمان الحالي سوران عمر، أن “مسؤولين كبار” وراء تهريب العملة الأجنبية إلى خارج العراق.
وأشار إلى أن انخفاض قيمة الدينار مجددًا مرتبط بالمصارف التي تشارك في مزاد العملة، مؤكدًا أن قسمًا كبيرًا من العملات الأجنبية لا تذهب إلى التجار المحليين، والكثير من المسؤولين الكبار يقفون خلف بعض المصارف والتي بعضها لديها فروع في كردستان العراق حيث تقوم بتهريب الدولار لخارج البلاد.
ويأتي تحذير الممثلة الإقليمية بعد أسابيع من تشديد الاتحاد الأوروبي على أن مكافحة الفساد من أولويات عمل بعثة الاتحاد في العراق، متوعدة دافعي الرشاوى والضالعين بالفساد بالملاحقة والمحاسبة.
وقال سفير الاتحاد الأوروبي لدى بغداد توماس سايل إن مكافحة الفساد مهمة جداً، إذا أراد العراق المضي قدما في استقطاب الاستثمارات الأجنبية وليس فقط للحصول على الأموال. وطالب حكومة بغداد لتهيئة الظروف لإعادة العراق إلى المجتمع الدولي عبر تطبيق المعايير الدولية، وضرورة وجود إجراءات بصورة جيدة لتعديل العمل وزيادة النزاهة والشفافية والمحاسبة والكشف عن مصير وطريقة استخدام الأموال العامة والعائدات.
وفي وقت تعاني الدولة من آفة الفساد التي ضربت جميع المؤسسات الحكومية لا يعرف رقم حقيقي لحجم الأموال المهربة، إذ تتضارب الأرقام الحكومية حول حقيقة تلك الأموال التي استنزفت ثروات البلاد.
وقالت عضوة هيئة النزاهة البرلمانية ناهدة الدايني، إن الاختلاس المبرمج وعمليات غسيل الأموال من قبل أطراف سياسية متنفذة، نتيجة ضعف الرقابة في أغلب المصارف التي تتبع إلى جهات حزبية.
وأضافت الدايني، أن أرقام الفساد المعلنة من قبل هيئة النزاهة قليلة جدًا مقارنة بعشرات التريليونات من الدنانير التي قد أخفيت وذهبت إلى جيوب الفاسدين في عدد من المصارف، سواء أكانت حكومية أم أهلية.
وترى الخبيرة المصرفية آلاء العبيدي، أن الظروف التي يعيشها العراق وحالة القلق وضبابية المشهد السياسي، تنعكس على الأداء المالي بصورة عامة والمصرفي على وجه الخصوص.
وأضافت أن عدم وجود مؤسسات مصرفية موثوقة ورصينة يسهم بقوة في توقف التنمية بكل أنواعها ويزيد من تدهور بنية الدولة والمجتمع.
وسبق أن شككت صحيفة “وول ستريت جورنال” المتخصصة بالشؤون الاقتصادية في قدرة حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، في السيطرة على شبكات تهريب وغسيل الأموال القذرة إلى إيران ودول أخرى.
وذكرت الصحيفة أن تحركات السوداني بشأن محاصرة تهريب الدولار بعد زيادة سعر الصرف مقابل الدينار العراقي، جاءت نتيجة امتثاله للضغوط الأمريكية لمنع تهريب الدولار إلى إيران.
وأشارت إلى أنه يصعب على السوداني الوقوف بوجه شبكات غسيل الأموال القذرة، لوقوف جهات سياسية متنفذة خلف تجارة الدولار غير المشروعة، والتي أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في السوق وأثقلت كاهل العراقيين.
ويتخذ تهريب الدولار من العراق أشكالاً مختلفة، مما يعقد أي جهد حكومي. ففي بعض الحالات، تحصل شبكات التهريب على الدولارات نقدًا من تجار العملة وتنقلها في سيارات إلى إيران ودول أخرى مجاورة للعراق.
وتتدفق مئات الملايين من الدولارات يوميًا عبر البنوك العراقية ومكاتب الصرافة غير الخاضعة للرقابة، والتي يقول مسؤولون أمريكيون إنها مليئة بالمعاملات الاحتيالية وغسيل الأموال.
ويؤكدون على أن جزءًا من هذه الدولارات تمر عبر الحدود إلى إيران، مما يزود طهران بالعملة التي تشتد الحاجة إليها للتخفيف من العقوبات الأمريكية عليها.
وتواجه السلطات الحكومية معركة شاقة لتعطل شبكات البنوك القوية وتجار العملة من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران التي تسيطر على المعاملات غير المشروعة.
وذكرت الصحيفة أن زعماء الميليشيات يمتلكون النفوذ السياسي الذي يحول دون اعتقالهم، وقد أثبتوا قدرتهم على الحيلة في إيجاد طرق للالتفاف حول الجهود المبذولة لوقف حركة الدولار باتجاه إيران.