أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

التجاهل الحكومي يفاقم معضلة العنف الأسري في العراق

الحكومات المتعاقبة تتحمل مسؤولية ارتفاع حوادث العنف الأسري، لأنها ساهمت بشكل مباشر في تردي الواقع المعيشي فضًلا عن إتاحتها الفرصة للظواهر الشاذة عن المجتمع بالتغلغل لتحقيق أهداف الاحتلالين الأمريكي والإيراني الرامية لتدمير بنية الأسرة وهدم المجتمع.

بغداد – الرافدين
حذر باحثون اجتماعيون من الآثار السلبية العميقة لظاهرة العنف الأسري على المجتمع العراقي.
وأكدوا على أن غياب القوانين الرادعة أدى إلى تفاقم حالات العنف الأسري عقب الكشف عن إحصائيات صادمة للعنف الأسري المستشري في العراق.
وأعلنت مديرية حماية الأسرة والطفل ضد العنف الأسري في وزارة الداخلية تسجيل أكثر من 16 ألف حالة عنف أسري خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2024.
وقال مدير حماية الأسرة والطفل عدنان حمود، إنّ مديرية حماية الأسرة والطفل تعمل جاهداً للحد من حالات العنف الأسري، مشيرًا إلى أن “حالات العنف الأسري خلال الأشهر السبعة الأولى من العام 2024 بلغت 16 ألف و200 و87 حالة”.
يأتي هذا في وقت أكدت مراكز اجتماعية وإنسانية تزايد حالات العنف الأسري في العراق، مسجلة منذ بداية عام 2023 حتى منتصف عام 2024 سبعة عشر ألف و500 حالة.

إقرار حكومي بتسجيل أكثر من 16 ألف حالة عنف أسري خلال الـ7 أشهر من العام الحالي

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية قصة الطفلة ميار مروان علي “9 أعوام” والتي راحت ضحية للعنف الأسري.
وأفاد مصدر في مركز شرطة حي الجهاد ببغداد عن ورد بلاغ إلى القوات الأمنية بوجود طفلة متوفية داخل مستشفى الفرات العام، ليتبين بعد إجراء الكشف الظاهري على جثة الطفلة بأنها تعرضت لعدة إصابات في أنحاء الجسم.
واعترف والدها بقيامه بالاعتداء عليها بالضرب المبرح بواسطة عصا وبالأيدي وربطها في سطح المنزل تحت لهيب أشعة الشمس وتعليقها وتعذيبها، مما أدى إلى وفاتها داخل الدار، ونقلها إلى مستشفى الفرات العام لإخفاء معالم الجريمة مخبرًا عن وفاة طبيعية.
وافرد برنامج “تحت الضوء” الذي يبث على قناة “الرافدين” مساحة للحديث عن تنامي ظاهرة العنف الأسري، في حلقة تحت عنوان “العنف الأسري في العراق في تصاعد مستمر”.
وقال مسؤول قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين الدكتور أيمن العاني خلال مشاركته في البرنامج إن “السبب الرئيس وراء تفاقم ظاهرة العنف الأسري هو ضياع هيبة الدولة وغياب القانون وغياب سلطان القانون بشكل ممنهج ومقصود ومن يكرس هذه الحالة هي حكومات الاحتلال المتعاقبة التي تسعى جاهده للنيل من القانون وسلطانه فهي لا تتعامل بحسن نية مع الشعب العراقي منذ عام 2003 “.
وشدد على أن ازدياد حالات العنف الأسري يعود لغياب الرقابة والقانون ويأتي ضمن التخطيط الاستراتيجي للاحتلالين الأمريكي والإيراني والحكومات المنبثقة عنهما فهذا الجيل هو جيل الاحتلال الذي نشأ وترعرع في ظل حكومات تؤمن بالقتل ولها رغبة عارمة في رؤية الدماء والأشلاء والمشاهد العنيفة والدموية.
وأوضح العاني أن “من المشاكل الكبيرة أيضًا لتفاقم هذه الظاهرة مسألة الوعي الثقافي وحاله التعليم ونشر الوعي وهذه كله يحتاج إلى مقومات ولكن ما يعطل ذلك وجود الميليشيات وهيمنتها على البلد وهذا يناقض تمامًا لمفهوم وجود الدولة ومفهوم المواطن لأنها تعتاش على العنف والتحريض”.

الدكتور أيمن العاني: السبب الرئيس وراء تفاقم ظاهرة العنف الأسري في العراق هو ضياع هيبة الدولة وغياب القانون وغياب سلطان القانون بشكل ممنهج ومقصود

وأكد على أن حالة الفوضى التي يعيشها البلد في ظل حكومات الاحتلال وفي ظل أناس بشهادة بعضهم أنهم “مقاولو تفليش” والدور السلبي الذي تمارسه حكومات الاحتلال وغياب حسن النية والمخططات الخارجية المفروضة التي يراد تنفيذها في ظل هذه الحكومات لا شك أنها تؤدي لغياب القوانين التي تحمي الفئات المجتمعية الهشة، فحماية المواطن حقيقة من صلب عمل الحكومة ولكن في العراق الحالة على العكس تمامًا فحماية المواطن منفية”
ولفت إلى أن هذه الحكومات لا تريد للمجتمع والبلد أن ينهض ويستعيد موقعه الطبيعي على كافة الأصعدة، فهي بمثابة معاول هدم جاء بها الاحتلال وفرضها على الشعب العراقي والنتائج طبعًا كارثية ومن جملة هذه النتائج ازدياد حالات العنف الأسري وتحولها من حالة غير عامة إلى ظاهرة تتفاقم يومًا بعد آخر”.
وقالت الكاتبة العراقية ثائرة أكرم العكيدي خلال حديثها لبرنامج “تحت الضوء” إن ” الكل يعلم العنف هو ظاهرة عالمية لكن بسبب الظروف التي مر بها المجتمع العراقي صار ظاهرة كبيرة وخطيره جدًا”.
وأضافت العكيدي أن “هناك الكثير من الأسباب تقف خلف ارتفاع ظاهرة العنف الأسري في العراق منها تجذر العنف نفسه داخل المجتمع، والقوانين التي تبيح للزوج أو الأب حق تأديب زوجته وأطفاله”.
وأكدت أن “مستوى العنف في الشارع ينعكس مباشرة على الأسرة، فضلًا عن عوامل أخرى، كالبطالة والفقر وتفشي المشروبات الكحوليه والمخدرات، كما أن ظاهرة العنف في المجتمع تعد ناتجًا عن تغيرات اقتصادية وثقافية واجتماعية، وفهم خاطئ للدين، وانفتاح غير متقن على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تشجع على زيادة العلاقات غير الشرعية خارج منظومة الزواج”.
وأشارت إلى أن حادثة الطفلة ميار هي نموذج لانعدام الرحمة والإنسانية وأن الأسباب بالمقام الأول تعود للبعد عن الدين الإسلامي وثانيًا الضغوطات التي تواجه المجتمع من الأزمات الاقتصادية وانهيار القطاعات الخدمية كالكهرباء والمياه وغيرها.
وحملت العكيدي الحكومات المتعاقبة مسؤولية ارتفاع حوادث العنف الأسري، لأنها ساهمت بشكل مباشر في تردي الواقع المعيشي فضًلا عن إتاحتها الفرصة للظواهر الشاذة عن المجتمع بالتغلغل لتحقيق أهداف الاحتلالين الأمريكي والإيراني الرامية لتدمير بنية الأسرة وهدم المجتمع.

ثائرة العكيدي: هناك الكثير من الأسباب تقف خلف ارتفاع ظاهرة العنف الأسري في العراق منها تجذر العنف نفسه داخل المجتمع، والقوانين التي تبيح للزوج أو الأب حق تأديب زوجته وأطفاله

ولفتت إلى أن “الحكومات المتعاقبة أصدرت استراتيجيات للحد من العنف، ولكنها ما زالت حبرًا على ورق لأن هذه السياسات تبقى منقوصة بغياب القوانين المنظمة”.
وشددت على ضرورة إنشاء مؤسسات مختصة بمعالجة مرتكبي العنف وتفعيل القوانين وإجراء حملات توعية داخل المجتمع، منوهة على عدم الاستسلام لمخططات الحكومات العميلة للاحتلال ويجب أن نقاوم لآخر نفس لأن هذا وطننا وهذا مجتمعنا.
واتفق رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان ضياء الشمري خلال مداخلة له في برنامج “تحت الضوء” إلى ما ذهب إليه الدكتور أيمن العاني على أن “القانون في العراق مغيب تمامًا عن حماية الأسرة”.
وأضاف أن “الحالة الاجتماعية والاقتصادية الذي يمر بها العراق بالوقت الحاضر حالة كارثية فالمشاكل داخل الأسرة هي في الغالب متولدة من مشاكل يمكن للحكومة أن تحلها”.
وأكد على أن كل المساوئ التي تحدث داخل الأسرة العراقية هي ثمن لنظام المحاصصة الذي فتح المجال لشخصيات غير كفوءة لتسنم مناصب لا يعلمون كيف يديرونها لذلك نجد أن المظلوم في هذا البلد لا يجد من يسنده حتى أن القضاء في حقيقته غير مفعل والدستور الذي وضعته قوى الاحتلال فيه من الألغام الكثيرة الكفيلة بتدمير المجتمع.
وقالت النائبة السابقة والسياسية ريزان شيخ دلير، إن “العنف الأسري الموجه ضد النساء والأطفال، حقيقة مؤلمة في العراق، ولدينا أرقام مفزعة عن الحالات التي تفشت في عموم البلاد، ما يدفع جديًا إلى تشريع القوانين التي تحمي الأسرة، لا سيما وأن بعض أشكال العنف تؤدي في النهاية إلى الوفاة”.
وبينت أن “جميع الدعوات إلى تشريع قانون يحمي الأسرة العراقية، قوبلت بالمواجهات السياسية من قبل كتل وأحزاب ترفض وجوده، بحجة أنه يخالف بعض التعليمات الدينية، بالتالي لا بد من الاتفاق السياسي يصحبه ضغط مدني وشعبي ومن المنظمات لأجل حل هذه الإشكالية التي تؤثر على المجتمع”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى