قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين يوثق إعدامات جديدة في العراق
منظمة العفو الدولية: عيوب في منظومة القضاء في العراق أدخلت الآلاف من الرجال والصبية في طابور الإعدام، بعد اعترافات انتُزعت تحت التعذيب والإكراه وأنواع أخرى من سوء المعاملة.
عمان- الرافدين
رصد قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين في العراق؛ قيام السلطات الحكومية في بغداد بإعدام وجبة جديدة من المعتقلين في سجن الناصرية جنوبي البلاد.
ووثق القسم تقارير نشرتها وكالتي “رويترز” والصحافة الفرنسية، نقلاً عمّن وصفتها بالمصادر الأمنية التي أفادت بتنفيذ حكم الإعدام شنقًا بحق عشرة معتقلين يوم الاثنين الثاني والعشرين من تموز، بذريعة “الإرهاب” الذي توظفه السلطات الحكومية طائفيًا، وذلك في أحدث إعلان رسمي منذ شهر نيسان الماضي حيث أقرت وزارة العدل الحالية بإعدام أحد عشر معتقلاً آخرين في السياق نفسه.
لكنّ مصادر محلية وناشطين فضلاً عن ذوي الضحايا؛ أكّدوا في الأشهر الثلاثة الماضية ارتفاع وتيرة الإعدامات الجماعية ذات الطابع السري دون إعلان من جانب السلطات، الأمر الذي اضطر منظمات ذات صلة بحقوق الإنسان من قبيل “العفو الدولية” إلى الكشف عن جملة من الحقائق المتعلقة بهذا الملف ولا سيّما افتقار الشفافية، والقوانين الفضفاضة، والمحاكات غير العادلة التي تصدر عنها أحكام الإعدام، مثل اعترافات من تصفهم السلطات بـ “المدانين” تُنتزع بالإكراه وفي ظل عمليات تعذيب ممنهجة.
وكشف ناشطون وصحفيون عن تفاصيل أخرى تتعلق بعمليات الإعدام الجديدة التي نفذتها الحكومة الاثنين الماضي وطالت معتقلين من أبناء محافظتي نينوى وصلاح الدين شمال بغداد، موضحين أن الضحايا اعتقلوا قبل إحدى عشرة سنة إبّان حكومة الاحتلال الخامسة برئاسة نوري المالكي بسبب وشاية مخبر سري.
وتداول الناشطون مقطع فيديو يوثق تلقي شقيقة أحد الضحايا جثمانه، مشيرين إلى أنه كان أستاذًا جامعيًا ويحضر لنيل درجة الدكتوراه حينما اعتقل، وقد توفي والده أثناء مدة اعتقاله، ولم تلتفت السلطات القضائية للتقارير التي أكّدت تعرضه للتعذيب وإجباره على التوقيع على اعترافات لا يعرف شيئًا بشأنها.
وكانت هيئة علماء المسلمين في العراق؛ قد أطلقت أواخر شهر حزيران الماضي حملة ذات بعد إنساني وقانوني؛ لإنقاذ المعتقلين وإيقاف جرائم الإعدامات التي ترتكبها حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، ودعت في هذا الصدد إلى تشكيل لجنة وطنية، لمتابعة موضوع السجناء العراقيين، ورصد كل ما يتعلق بعمليات الإعدام والتصفية الجسدية في السجون الحكومية.
وشددت الهيئة على وجوب أن يكون في العراق جهد وطني واسع في هذا الصدد ووفق سياق عملي ومن خلال لجنة وطنية من كل الأطياف، والفئات، والمكوّنات، والتوجهات، والأماكن في العراق، بغض النظر عن الخلفية السياسية والدينية والفكرية؛ مؤكدة أن لأمر يتعلق بالعراق عمومًا، وبعشرات الآلاف من المعتقلين المودعين في السجون الحكومية؛ حيث يتم إعدامهم أو تصفيتهم.
ودعت هيئة علماء المسلمين إلى نقل ملف إعدامات المعتقلين من الحالة المحلية إلى الحالة الإقليمية والدولية، ومن خلال تعاون الأطراف المشاركة في اللجنة المنشودة؛ بحيث يتم تجميع الوثائق ذات الصلة بالقضية وصياغتها بشكل قانوني، ثم التواصل بشأنها مع المنظمات الدولية.
وسبق أن واتهمت منظمة العفو الدولية القضاء في العراق بإصدار أحكام إعدام ظالمة نتيجة انتزاع الاعترافات من المعتقلين بالقوة على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب.
وأشارت المنظمة إلى عيوب في منظومة القضاء في العراق، وإلى أن العدالة في هذا البلد أدخلت الآلاف من الرجال والصبية في طابور الإعدام، بعد اعترافات انتُزعت تحت التعذيب والإكراه وأنواع أخرى من سوء المعاملة.
وشددت على أنه يتعين على العراق إصلاح المنظومة القضائية وإصدار قانون بشأن الجرائم الدولية، مؤكدة أن الإرادة السياسية قد تكون غائبة لدى الائتلاف الحاكم الذي يضم ميليشيات مسلحة.
وقالت الباحثة لدى “هيومن رايتس ووتش” سارة صنبر إن “استئناف الإعدامات الجماعية في العراق تطور مريع، ينبغي للحكومة العراقية أن تعلن فورًا عن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام”.
وأضافت أن “هذا الظلم الهائل تفاقمه الشوائب القضائية الموثقة جيدًا، التي تحرم المتهمين من المحاكمات العادلة”.
وفي أواخر كانون الثاني، أعرب خبراء من الأمم المتحدة ينظرون في عمليات الإعدام في العراق عن “قلقهم البالغ حيال التقارير التي تفيد بأن العراق بدأ عمليات إعدام جماعية في منظومة سجونه”.
وفي بيانهم، ذكر الخبراء المستقلون الذين يعيّنهم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وإن كانوا لا يتحدثون باسمه، عمليات إعدام تم تنفيذها أواخر العام الماضي في سجن الحوت.
وأفاد البيان أنه “تم إعدام يوم الخامس والعشرين من كانون الأول الماضي 13 سجينًا عراقيًا سبق أن صدرت أحكام بإعدامهم”، مشيرا إلى أن “هذا أكبر عدد من السجناء المدانين الذين تفيد تقارير عن إعدامهم من قبل السلطات العراقية في يوم واحد” منذ السادس عشر من تشرين الثاني 2020 عندما أُعدم 20 شخصًا.
وقالت المحامية والباحثة في القانون الدولي إيناس زايد خلال مشاركتها في برنامج “تحت الضور” في قناة “الرافدين” “عندما نتحدث عن عقوبة الإعدام فنحن نتحدث عن جزاء يجب أن يتم في ظل ظروف محاكمة عادلة وقضاء محايد وأيضًا يتمتع بكافه ضمانات المحاكمة العادلة”.
وأضافت أنه “بالنظر إلى القضاء في العراق نجد هناك الكثير من الثغرات التي لا يمكن معها وصف المحاكمات التي يتعرض لها الأشخاص بأنها محاكمات عادلة”.
وأكدت على أنه في بعض الأحيان هناك تمييز على حسب المذهب أو حتى العرق أو الانتماء السياسي وغيرها، وهناك حرمان من حق الدفاع حيث أن العديد من الأشخاص لم تتاح لهم فرصه التواصل مع محامي أو حتى مع ذويهم من أجل إبلاغهم بالتهم الموجهة إليهم، وبعضهم لم يعلم ما هي التهم بالضبط الموجهة إليهم ابتداءًا”.
وأشارت إلى أن أغلب الاعترافات أخذت تحت ظروف مهينة ولا إنسانية وأيضًا في سجون أقل ما توصف بأنها تفتقر لأدنى مقومات الحياة”.
وأوضحت أن “هناك العديد من الظروف التي تقع في دائرتها الشبهة حول أي قرار من الممكن أن يتم اتخاذه من قبل المحكمة فكيف إذا كنا نتحدث عن عقوبة الإعدام وهي أخطر عقوبة حيث تعتبرها منظمه العفو الدولية هي انتهاك لحق الإنسان بالحياة”.
ولفتت إلى أن الدول التي تتبع هذه العقوبة في أشد الحالات خطورة هناك فرصة تمنحها الدولة أو يمنحها القضاء للشخص خصوصًا إن كانت هناك أدلة جديدة من الممكن أن يثبت بها براءته من الجرم المسند إليه، ولكن هناك الإعدامات حتى لا تتيح للشخص أو المتهم الفرصة لاستئناف الحكم أو لتمييزه أو حتى الذهاب إلى محكمه عليا.
وبينت أن “عقوبة الإعدام تنفذ في العراق على وجه السرعة كنوع من أنواع التصفية الجسدية لبعض الأشخاص من خلال غطاء قانوني وقضائي مع الأسف لأن هذه التصفيات لا يمكن أبدًا أن توسم بأنها شرعية أو قانونية تحت أي ظرف في هذه الحالات”.
وشددت على ضرورة اتخاذ إجراءات عملية على كافة الأصعدة، لأن الصمت عن هذه الانتهاكات غير مقبول، وهناك الكثير من الذين ينتظرون أحكامهم ويجب إنقاذهم حتى لا تستمر دوامة الخسائر في الأرواح، فضلًا عن الضحايا الذين تم إعدامهم زورًا وبهتانًا وهم لم يرتكبوا أي جرم، لا يمكن أبدًا القول بأن حقوقهم قد ضاعت.