أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

حكومة السوداني تتجاهل دعوات حقوقية وإنسانية وتنفذ المزيد من عمليات الإعدام

حكومة السوداني تواصل بنفس طائفي تنفيذ المزيد من أحكام الإعدام دون الالتفات لمناشدات ذوي المعتقلين والمطالبات بإعادة المحاكمات في ظل قضاء يستند لوشاية المخبر السري والاعترافات المنتزعة تحت التعذيب في إدانة المتهمين.

بغداد – الرافدين
تواصل حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني ورئاسة الجمهورية ممثلة بعبد اللطيف رشيد تجاهل دعوات المنظمات الإنسانية والحقوقية إلى وقف تنفيذ أحكام الإعدام بعد مصداقتها وتنفيذها المزيد من الإعدامات خلال الأيام الماضية إمعانًا منها في تكريس النهج الطائفي في البلاد.
وجاءت عمليات الإعدام الجديدة على الرغم من التحذيرات التي أطلقتها منظمات حقوقية وإنسانية من مغبة استمرار تنفيذ هذه الأحكام في ظل قضاء يفتقر لأدنى مقومات العدالة ومحاكمات لا تتوفر فيها شروط العدالة.
ومنذ سنوات تواجه أحكام الإعدام في العراق انتقادات متواصلة وتشكيكا كبيرًا من منظمات دولية معنية بحقوق الإنسان، بسبب طبيعة التهم الموجهة للسجناء، والإجراءات العنيفة التي تصاحب التحقيقات الأولية، ومنها ظاهرة انتزاع الاعترافات تحت التعذيب والابتزاز، والاعتماد على تقارير المخبر السري، المعمول به في العراق، التي تقوم غالبا على دوافع انتقامية وطائفية، حسب المراقبين.
وتحدثت عائلة أحد المعدومين (ز . ط . الجنابي) عن تفاصيل اعتقال ابنهم ومراحل إصدار الحكم ضده بالإعدام ثم تنفيذ الحكم به الآن، وسط رحلة معاناة حقيقية للعائلة.
وذكر أحد أفراد العائلة، طالبًا عدم ذكر اسمه، أن ابنهم تم اعتقاله عام 2011 وفق المادة 4 إرهاب، إلا أن حكم الإعدام بحقه صدر عام 2023 وتم تنفيذ حكم الإعدام به قبل أيام، أي بعد مرور أكثر من 13 عامًا على الاعتقال.
وأشار إلى ان ابنهم تم اعتقاله قبل ظهور تنظيم داعش، ولم يشارك في قتل أحد، بل كان يشارك في مقاومة الاحتلال الأمريكي.
وأشار إلى أن سلطات السجن لم تبلغهم بموعد إعدام ابنهم، كما لم تبلغهم بعد تنفيذ الحكم، بل تم إبلاغ العائلة من خلال أصدقائه في السجن، الذين اتصلوا بأهل المعدوم هاتفيا، قبل أن يجدوا جثة ابنهم في ثلاجة الموتى في مستشفى الناصرية.
وأكد أن عمليات الإعدام نفذت من دون أي إشعار مسبق ومن دون إبلاغ عائلات المحكومين، حيث تم إذاعة أسماء السجناء الذين سينفذ بهم الإعدام فجأة عبر مكبر الصوت في السجن في اليوم السابق للتنفيذ.
ونوه إلى أن المعدوم كان يتوقع تنفيذ حكم الإعدام به في أي لحظة بعد مصادقة رئيس الجمهورية مؤخرًا على مئات الأحكام بالإعدام على متهمين بالإرهاب، ولذا فإن المحكوم قام بتوديع زملاءه في السجن وكتب وصيته إلى أهله، قبل التنفيذ، منوها أنه كان يرغب قبل موته، بمشاهدة ابنته البالغة 13 عاما التي لم يرها منذ ولادتها.
وكشف قريب المعدوم أن عائلة المحكوم، تعرضت طوال 13 عامًا من الاعتقال إلى معاناة حقيقية، من خلال الذهاب شهريا من بغداد إلى الناصرية لزيارة ابنهم المعتقل هناك، وسط الابتزاز المالي الذي كانوا يتعرضون له من العاملين في السجون التي تتقل فيها، من أجل تأجيل إصدار الحكم ضده، أو لإيصال بعض احتياجات المعتقل من ملابس وأدوية وطعام، ومنها دفع مبلغ شهري لمنتسبين في السجن من أجل وضعه في زنزانة فيها هاتف وتكييف.
ونقل عن ابنهم المعدوم، أن الأوضاع في السجون سيئة للغاية نظرا لسوء معاملة السجناء واستغلالهم ماديا، وبسبب الازدحام الكبير في الزنزانات وانتشار الأمراض بين السجناء وعدم توفر الطعام الكافي والأدوية، مشيرا إلى موت العديد من السجناء في سجن الناصرية نتيجة عدم توفير الأدوية لهم أو سوء المعاملة، وخاصة للمتهمين بالإرهاب.
وفي الأسابيع الأخيرة تداول عراقيون على نطاق واسع مناشدة لسيدة عراقية تدعو إلى إيقاف تنفيذ حكم الإعدام بابنها.
وتذكر السيدة في رسالة صوتية، أن لديها “وثائق تؤكد تعرّض ابنها للتعذيب”.
ودعا خطباء مساجد الجمعة، إثر انتشار الرسالة الصوتية، الحكومة إلى إيقاف تنفيذ أحكام الإعدام، وهي بالآلاف، ومنح المحكومين حقّ التظلم وحق إعادة محاكمتهم، في ظروف قانونية وعدلية واضحة إلا أن الحكومة تجاهلت جميع هذه المطالب والمناشدات وواصلت تنفيذ المزيد من عمليات الإعدام.

حربي عناد العلواني ضحية جديدة من الأنبار لحملة الإعدامات الطائفية في السجون الحكومية

وتحدث ناشطون وصحفيون عن تفاصيل تتعلق بعمليات الإعدام الجديدة التي نفذتها الحكومة الأسبوع الماضي وطالت معتقلين من أبناء محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين، موضحين أن الضحايا اعتقلوا قبل إحدى عشرة سنة إبّان حكومة الاحتلال الخامسة برئاسة نوري المالكي بسبب وشاية مخبر سري.
وأكد الصحفي العراقي عثمان المختار أن “من بين من تم إعدامهم الاثنين، حربي عناد العلواني الذي جرى أسره سنة 2008 من الجيش الأميركي بتهمة المقاومة في الأنبار وفق بند سلطة الاتئلاف المؤقتة A01 (تعريض حياة الجنود الاميركيين للخطر)”.
وأضاف المختار في منشور له على منصة أكس أن “العلواني سلم من قبل الجيش الأمريكي إلى حكومة نوري المالكي عام 2011 قبل أن ينفذ به محور المقاومة والممانعة الإعدام عام 2024”.
وبين أن “الإعدامات الجديدة التي نفذت فجر الاثنين الماضي بالعراق دون أن تعلن عنها السلطات شملت معتقلًا من زمن حكومة نوري المالكي، باعترافات انتزعت تحت التعذيب قبل اتصالهم بشقيقته لاستلام جثته”.
بدوره قال الكاتب العراقي، إياد الدليمي إن “موقف رئاسة الجمهورية الحالية فيما يتعلق بالتوقيع على مذكرات الإعدام بهذا العدد والكيفية يطرح تساؤلاتٍ عديدة، خصوصًا إذا ما علمنا أن الرئيسين السابقين برهم صالح وفؤاد معصوم أحجما عن التوقيع على تلك المذكّرات، لاعتقادهما بأن اعترافاتٍ كثيرة انتزعت تحت التعذيب والتنكيل”.
وأضاف الدليمي “يبدو أن الرئيس الحالي له رأي مختلف، فهو سرّع عملية التوقيع على تلك المذكرات، على الرغم من أن العديد من المنظمات الحقوقية العراقية والدولية شككت بالاعترافات وتحدثت بصراحة عن أنها انتزعت تحت التعذيب”.
وتابع “رئيس الجمهورية يتحمل المسؤولية قبل غيره لأنه لم يكن قادرًا على الممانعة إلى حين إعادة النظر في محكوميات المئات من المعتقلين الذين نفذت بهم أحكام الإعدام والتي يعرف الجميع أنها جائرة”.
وكانت هيئة علماء المسلمين في العراق؛ قد أطلقت أواخر شهر حزيران الماضي حملة ذات بعد إنساني وقانوني؛ لإنقاذ المعتقلين وإيقاف جرائم الإعدامات التي ترتكبها حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، ودعت في هذا الصدد إلى تشكيل لجنة وطنية، لمتابعة موضوع السجناء العراقيين، ورصد كل ما يتعلق بعمليات الإعدام والتصفية الجسدية في السجون الحكومية.
وشددت الهيئة على وجوب أن يكون في العراق جهد وطني واسع في هذا الصدد ووفق سياق عملي ومن خلال لجنة وطنية من كل الأطياف، والفئات، والمكوّنات، والتوجهات، والأماكن في العراق، بغض النظر عن الخلفية السياسية والدينية والفكرية؛ مؤكدة أن لأمر يتعلق بالعراق عمومًا، وبعشرات الآلاف من المعتقلين المودعين في السجون الحكومية؛ حيث يتم إعدامهم أو تصفيتهم.
ودعت هيئة علماء المسلمين إلى نقل ملف إعدامات المعتقلين من الحالة المحلية إلى الحالة الإقليمية والدولية، ومن خلال تعاون الأطراف المشاركة في اللجنة المنشودة؛ بحيث يتم تجميع الوثائق ذات الصلة بالقضية وصياغتها بشكل قانوني، ثم التواصل بشأنها مع المنظمات الدولية.
وفي حزيران الماضي، أعرب خبراء من الأمم المتحدة عن “القلق إزاء العدد الكبير من عمليات الإعدام، التي تم الإبلاغ عنها علنا منذ عام 2016، والتي بلغ مجموعها ما يقرب من 400، بما في ذلك 30 حالة إعدام هذا العام”.
وأضافوا أنه بحسب الأرقام الرسمية، هناك 8 آلاف سجين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام في العراق.
وحثّ الخبراء -وفقًا لوكالة الصحافة الفرنسية- السلطات الحكومية في العراق على “الوقف الفوري لجميع عمليات الإعدام”، وقالوا إنهم يشعرون “بالفزع إزاء أعداد الوفيات التي تم الإبلاغ عنها في سجن الناصرية، بسبب التعذيب وظروف الاحتجاز المؤسفة”.

قوى وميليشيات الإطار التنسيقي تمارس ضغوطًا كبيرة لعرقلة تمرير تشريع قانون العفو العام بصيغته الحالية

وسبق أن اتهمت منظمة العفو الدولية القضاء في العراق بإصدار أحكام إعدام ظالمة نتيجة انتزاع الاعترافات من المعتقلين بالقوة على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب.
وأشارت المنظمة إلى عيوب في منظومة القضاء في العراق، وإلى أن العدالة في هذا البلد أدخلت الآلاف من الرجال والصبية في طابور الإعدام، بعد اعترافات انتُزعت تحت التعذيب والإكراه وأنواع أخرى من سوء المعاملة.
وشددت على أنه يتعين على العراق إصلاح المنظومة القضائية وإصدار قانون بشأن الجرائم الدولية، مؤكدة أن الإرادة السياسية قد تكون غائبة لدى الائتلاف الحاكم الذي يضم ميليشيات مسلحة.
أما منظمة “هيومن رايتس ووتش” فأعلنت أن “ما لا يقل عن 150 سجينًا في سجن الناصرية العراقي يواجهون الإعدام الوشيك من دون سابق إنذار بعد موافقة الرئيس عبد اللطيف رشيد على أحكام الإعدام الصادرة بحقهم”.
وقالت الباحثة في شؤون العراق في منظمة “هيومن رايتس ووتش سارة صنبر إن “تجدد عمليات الإعدام الجماعية في العراق تطور مروع، وينبغي للحكومة أن تعلن فورًا وقفًا اختياريًا لتنفيذ أحكام الإعدام، وتتفاقم هذه المظالم الهائلة بسبب العيوب الموثقة جيدًا في النظام القضائي العراقي والتي تحرم المتهمين من محاكمة عادلة”.
وفي بيان سابق لذات المنظمة حول عقوبة الإعدام في العراق، في كانون الثاني 2024 أشارت إلى أنه “تم التعجيل بمحاكمات الإرهاب في العراق عمومًا، استنادًا إلى اعترافات المتهمين، التي غالبًا ما يتم الحصول عليها تحت التعذيب”.
وعدت المنظمة أن “السلطات انتهكت بشكل منهجي حقوق المشتبه بهم في الإجراءات القانونية الواجبة، مثل الضمانات التي ينص عليها القانون العراقي بأن المعتقلين سيمثلون أمام قاض في غضون 24 ساعة، وسيتاح لهم الاتصال بمحام طوال فترة الاستجواب، وسيتم إخطار عائلاتهم وأن يتمكنوا من التواصل معهم أثناء الاحتجاز”.
وأضافت أن “انتهاك ضمانات المحاكمة العادلة للمتهم، سيجعل من فرض عقوبة الإعدام حكمًا تعسفيًا”.
وأشارت المنظمة إلى أنه “على مدى سنوات، كان العراق أحد أعلى معدلات الإعدام في العالم”.
وفي المقابل تمارس قوى وميليشيات الإطار التنسيقي، ضغوطًا كبيرة لعرقلة تمرير تشريع قانون العفو العام بصيغته الحالية، إلا بعد إجراء تعديلات جذرية تفرغه من محتواه، وتجعل من نصوصه عاجزة عن إنصاف عشرات الآلاف من المعتقلين ممن زجوا في السجون ظلمًا وبتهم كيدية.
ومع استمرار العراقيل التي يضعها الإطار التنسيقي والتي حالت دون التمكن من قراءة مشروع القانون داخل البرلمان والتي كان آخرها إقران التصويت على تعديل قانون الأحوال الشخصية وما يتضمنه من بنود تكرس الطائفية مقابل التصويت على قانون العفو العام الذي يعد من أبرز البنود التي جرى التوافق عليها قبل تشكيل الحكومة.
ويرى المحلل السياسي عبد الله الركابي أن “الاحتيال من طرف بعض الأحزاب الشيعية حال دون تمرير قانون العفو العام الذي تسعى لإقراره القوى السنية”.
وأوضح أن “التعديلات التي قد تطرح عبر جلسات البرلمان المقبلة، قد تفرغ القانون من محتواه، بالإضافة إلى احتمالات العرقلة التي قد تصاحب هذا المشروع من طرف النواب الذي يتبعون الفصائل المسلحة والأحزاب الشيعية”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى