واشنطن تمنع حكومة السوداني التعامل باليوان الصيني لمنع غسيل الأموال وكسر العقوبات على إيران
صحيفة “وول ستريت جورنال” المتخصصة بالشؤون الاقتصادية تشكك بقدرة حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، في السيطرة على شبكات تهريب وغسيل الأموال القذرة إلى إيران ودول أخرى
بغداد- الرافدين
منع البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي يسيطر على أموال تصدير النفط العراقي، حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني من استخدام اليوان الصيني في تعاملاته المصرفية مع الدول الأخرى.
وفرض البنك الفيدرالي قيودا على تحريك الأموال العراقية الموجودة في حساب خاص تحت سيطرة السلطات المالية الأمريكية بعد أن أعلنت حكومة السوداني نيتها الانتقال إلى استخدام اليوان الصيني في تجارتها مع إيران ودول أخرى.
ويُحظر على البنك المركزي العراقي منذ احتلاله البلاد عام 2003 من قبل القوات الأمريكية استخدام احتياطاته الضخمة من الدولار الا بموافقة البنك الفيدرالي الأمريكي.
ويحول القرار الأمريكي الجديد دون غسيل الأموال وكسر العقوبات الأمريكية على إيران. وسوريا ودول أخرى.
ويأتي هذا القرار بعد أن دعت اللجنة المالية في البرلمان الحالي إلى بيع النفط بعملات غير الدولار، بهدف تجاوز العقوبات الأمريكية المتكررة على البنوك العراقية.
غير أن السلطات المصرفية الأمريكية تقول إن استخدام عملات غير الدولار في بيع النفط العراقي يهدف بالأساس إلى طريقة ملتوية في غسيل الأموال وكسر العقوبات على إيران.
ويتعين على البنوك العراقية أن تمر عبر شبكة “سويفت” التي تتطلب موافقة نهائية من بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الذي يستطيع أن يوقف أي دفعة من البنك المركزي العراقي ولا يتردد في ذلك.
ويصف اقتصاديون دوليون وضع العراق في التصرف باحتياطاته من العملة الأجنبية بانه لا يختلف عن روسيا وإيران. ومعاملاته عبر شبكة “سويفت” تعتمد على قرار واشنطن بالتأكد أين تذهب الأموال.
ونصحت إيران حكومة السوداني بالانضمام إلى تجمع “بريكس” الاقتصادي الذي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، في محاولة للتخلص من السطوة الأمريكية على أمواله.
ويرى خبراء اقتصاديون أن النصيحة الإيرانية ليس دعما لاقتصاد العراق، بل من أجل الالتفاف على السيطرة الأمريكية على احتياطات العراق المالية وبالتالي كسر العقوبات على طهران.
ويشكل الابتعاد عن الدولار وشبكة “سويفت” أولوية لمجموعة “بريكس”.
وقال نائب رئيس مجلس الدوما الروسي ألكسندر باباكوف “إن أولوية الأجندة المالية لمجموعة البريكس هي إنشاء نظام مراسلة مالية خاص بنا يشبه سويفت”.
وقال السفير الروسي لدى الصين إيغور مورغولوف “نحن نعمل على ترك الفضاء الذي يهيمن عليه الدولار ونطور الآلية والأدوات اللازمة لنظام مالي مستقل حقًا”.
ويأتي القرار الأمريكي الجديد بمنع العراق من التعامل باليوان الصيني بالتزامن مع الرسالة التي أوصلتها الممثلة الإقليمية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا كريستينا ألبرتين، إلى محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق، بشأن عمليات غسيل الأموال في العراق.
وخاطبت ألبرتين العلاق الذي يشغل أيضا منصب رئيس مجلس مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بأن التقارير الإعلامية المتفائلة لا تغير من حقيقية أن العراق يتبوأ مراتب عليا على مستوى العالم في عمليات غسيل الأموال.
وأشارت إلى أن العقوبات الأمريكية المستمرة على مجموعة مصارف عراقية تؤكد أن عمليات غسيل الأموال مستمرة، وأحيانا تتغاضى عنها حكومة محمد شياع السوداني.
وقالت “إن العالم والولايات المتحدة بالذات التي تسيطر على أموال تصدير النفط العراقي في حساب مصرفي بالبنك الفيدرالي، لا تستطيع تفهّم أن فصائل مشاركة في الحكومة متورطة في عمليات غسيل الأموال”.
وشدد الاتحاد الأوروبي على أن مكافحة الفساد من أولويات عمل بعثة الاتحاد في العراق، متوعدة دافعي الرشاوى والضالعين بالفساد بالملاحقة والمحاسبة.
وقال سفير الاتحاد الأوروبي لدى بغداد توماس سايل إن مكافحة الفساد مهمة جداً، إذا أراد العراق المضي قدما في استقطاب الاستثمارات الأجنبية وليس فقط للحصول على الأموال. وطالب حكومة بغداد لتهيئة الظروف لإعادة العراق إلى المجتمع الدولي عبر تطبيق المعايير الدولية، وضرورة وجود إجراءات بصورة جيدة لتعديل العمل وزيادة النزاهة والشفافية والمحاسبة والكشف عن مصير وطريقة استخدام الأموال العامة والعائدات.
وفي وقت تعاني الدولة من آفة الفساد التي ضربت جميع المؤسسات الحكومية لا يعرف رقم حقيقي لحجم الأموال المهربة، إذ تتضارب الأرقام الحكومية حول حقيقة تلك الأموال التي استنزفت ثروات البلاد.
وسبق أن زعمَ علي العلاق إنه لا يملك بيانات حول حجم الدولارات المهربة من العراق إلى إيران أو أي بلد مجاور، في مسعى يكرر ادعاءات رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني لتبرئة إيران من تهريب الدولار من العراق.
وقال العلاق في تصريحات لوكالة “رويترز” “إن العراق قطع شوطًا كبيرا في تطبيق قيود على المعروض من الدولار الأمريكي تستهدف إيران لكنه يواجه معركة شاقة في ظل نظام مصرفي غير معتاد على الرقابة الصارمة وتمسك مهربي العملة بنشاطهم”.
وأضاف “إنها معركة فعلا لأن المستفيدين من هذا الوضع والمتضررين (من الإجراءات الجديدة) سيحاولون بشتى الطرق مواصلة أنشطتهم غير الشرعية”.
وبدت تصريحات العلاق محاولة للتهرب من كشف جهات ولائية متنفذة داخل حكومة الإطار التنسيقي تعمل على تهريب العملة إلى إيران.
وسبق أن شككت صحيفة “وول ستريت جورنال” المتخصصة بالشؤون الاقتصادية في قدرة حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، في السيطرة على شبكات تهريب وغسيل الأموال القذرة إلى إيران ودول أخرى.
وذكرت الصحيفة أن تحركات السوداني بشأن محاصرة تهريب الدولار بعد زيادة سعر الصرف مقابل الدينار العراقي، جاءت نتيجة امتثاله للضغوط الأمريكية لمنع تهريب الدولار إلى إيران.
وأشارت إلى أنه يصعب على السوداني الوقوف بوجه شبكات غسيل الأموال القذرة، لوقوف جهات سياسية متنفذة خلف تجارة الدولار غير المشروعة، والتي أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في السوق وأثقلت كاهل العراقيين.
ويتخذ تهريب الدولار من العراق أشكالاً مختلفة، مما يعقد أي جهد حكومي. ففي بعض الحالات، تحصل شبكات التهريب على الدولارات نقدًا من تجار العملة وتنقلها في سيارات إلى إيران ودول أخرى مجاورة للعراق.