أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

أسعار فلكية للوحدات السكنية في بغداد دون رقابة حكومية

على الرغم من إعفاء المستثمر من ضرائب أسعار المواد والأجهزة وإعطائه الأرض بشكل شبه مجاني، وتوفير جميع التسهيلات وتقديم كافة الخدمات والإعفاء من الضرائب لمدة 10 سنوات، إلا أن أسعار الوحدات السكنية في العراق تستمر بالارتفاع حيث وصل بعضها إلى أرقام خيالية تخطت الـ 15 ألف دولار للمتر المربع.

بغداد – الرافدين
سخرت لجنة الاستثمار النيابية في البرلمان الحالي في العراق من حل أزمة السكن ببناء مجمعات سكنية في وقت ترتفع فيه أسعار الوحدات السكنية إلى أسعار جنونية وسط غياب تام للرقابة الحكومية.
وكانت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني قد أعلنت عن بناء مجمعات سكنية بأسعار مناسبة تخدم المواطن البسيط وتساهم بحل أزمة السكن، إلا أن الأمر على أرض الواقع مغاير تمامًا ولم تتحقق هذه الوعود.
وقالت عضو لجنة الاستثمار سوزان منصور، إن “حل أزمة السكن بالمجمعات السكنية والاستثمارات السكنية (نكتة) وبعيد كل البعد عن الصحة”.
وأشارت إلى أن “بسماية تعد أكبر مدينة سكنية لأصحاب الدخل المحدود مع ذلك وصلت أسعار الوحدة السكنية إلى 150 مليون دينار”.

عضو لجنة الاستثمار سوزان منصور: حل أزمة السكن بالمجمعات السكنية والاستثمارات السكنية (نكتة) وبعيد كل البعد عن الصحة.
وأضافت أن “المجمعات السكنية الأخرى تعتبر كارثة بقيمة أسعارها التي تصل إلى نصف المليون دولار وتكون أسعارها بعملة الدولار تزامنًا مع ارتفاع أسعار صرف الدولار وضحية هذه الاستثمارات المواطن العراقي”.
وشددت منصور على ضرورة أن تودي الحكومة دورها بشكل تام باتخاذ الإجراءات اللازمة ومراقبة أسعار الوحدات السكنية، وأن يكون لها موقف جاد تجاه هذه الاستثمارات، وتوفير تسهيلات للمواطنين.
وعلى الرغم من إعفاء المستثمر من ضرائب أسعار المواد والأجهزة وإعطائه الأرض بشكل شبه مجاني مقابل سعر زهيد، وتوفير جميع التسهيلات وتقديم كافة الخدمات والإعفاء من الضرائب لمدة 10 سنوات، إلا أن أسعار الوحدات السكنية تستمر بالارتفاع حيث وصل بعضها إلى أرقام خيالية تخطت الـ 15 ألف دولار للمتر المربع.
ووصف عضو لجنة الاستثمار النيابية محمد الزيادي ارتفاع أسعار الشقق في المجمعات السكنية الجديدة بأنها “مشكلة كبيرة” خاصة عندما تكون هذه المجمعات مخصصة للطبقات الوسطى والفقيرة.
وأشار إلى أن المستثمرين قد يكونون سببًا بارتفاع أسعار الوحدات السكنية لأنهم يقومون بشراء العقارات بغرض بيعها لاحقًا وبأسعار أعلى، مطالبًا حكومة السوداني بمراقبة ارتفاع أسعار الوحدات السكنية والعقارات وتطبيق قوانين تحد من المضاربة العقارية لضمان وصول الوحدات السكنية إلى من يحتاجها فعلًا.
ويرى عراقيون أن من أبرز أسباب أزمة السكن غياب التخطيط وتعطيل الكثير من المشاريع السكنية المقررة وانتشار مشاريع البناء الوهمية وبروز ظاهرة غسل الأموال عن طريق بناء المجمعات السكنية.
وقال أحد المواطنين: إن أقرب وأسهل وسيلة لغسل الأموال في العقارات، وهذه الاستثمارات التي تُعطى بشكل شبه مجاني تبنى بها عمارات سكنية مكونة من 17 طابقًا ثم تباع الشقة الواحدة بـ 250 مليون دينار عراقي!.
وتساءل المواطن، “كيف للموظف والمتقاعد البسيط أن يسدد 250 مليون بثلاث سنوات أو بخمس سنوات في الوحدات التي تمنح إمكانية تقسيط المبلغ على دفعات؟”، مؤكدًا على أن عملية غسل الأموال بالعقارات لن تمنح المواطن البسيط سكنًا يحفظ له كرامته.
وتحولت تلك المجمعات الى أزمة جديدة، نظرًا لارتفاع أسعارها بشكل خيالي، في ظل افتقار العراق إلى القوانين التي تنظم بيع وإيجار العقارات السكنية، والتضخم السكاني الذي تشهده البلاد.
وتمثل أزمة السكن تحديًا كبيرًا مع الفشل الحكومي المستمر في ظل زيادة السكان وضعف في الإجراءات التي تهتم بتوسعة المدن وإنشاء أخرى في المناطق البعيدة عن الكثافة السكانية، الأمر الذي دفع العديد من المواطنين إلى تقسيم بيوتهم لوحدات سكنية صغيرة ما انعكس على الواقع الخدمي وشوه جمالية المدن.
وسبق أن وعد السوداني بحل أزمة السكن التي تشهدها البلاد من خلال إطلاق مبادرة اسماها “أجر وتملك”.
وأشار السوداني إلى أن “الحكومة الحالية وضعت أزمة السكن كأولوية في ظل سكن 9 بالمائة من العراقيين في العشوائيات وفقًا لوزارة التخطيط”.
ويشكك مراقبون بالمبادرات الحكومية وغياب الحلول الناجعة على الأرض لتدارك أزمة السكن لا سيما مع ارتفاع نسب التضخم المالي وزيادة أسعار الوحدات السكنية، وغياب الرقابة الحكومية ودورها في السيطرة على أسعار العقارات.
وشكى أحد المواطنين من أهالي منطقة الصليخ ببغداد غلاء أسعار العقارات في العاصمة ومنها المناطق الشعبية التي كانت تعد بسيطة ومناسبة لذوي الدخل المحدود.
وأكد المواطن على أن سعر المتر الواحد وصل إلى 1200 دولار في المناطق الشعبية، أم في غيرها من مناطق بغداد الراقية فالأرقام خيالية.
وعزا أسباب ارتفاع أسعار الوحدات السكنية والعقارات إلى غياب الرقابة ودور المسؤولين في ضبط سوق العقارات والحد من تفاقم الأزمة. كذلك زيادة الكثافة السكانية وعدم التوسع إلى خارج المدن.
وطالب بمعالجة الأزمة وبناء مجمعات واطئة الكلفة وإعطائها للمواطنين من ذوي الدخل المحدود والبسيط بأسعار رمزية.
وسبق أن أعلن رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، في تموز الماضي، احتلال محافظة بغداد المرتبة الاولى في مؤشر العجز في الوحدات السكنية قياسًا لنسبة السكان بنسبة 31 بالمائة، تلتها محافظة نينوى بنسبة 28 بالمائة ومحافظة البصرة ثالثًا بنسبة 10 بالمائة.
وذكر الغراوي، أن “نسبة العجز السكني من الوحدات السكنية للعامين 2023-2024 بلغ 26 بالمائة من مجموع سكان العراق البالغ عددهم 45 مليون حسب إحصائيات وزارة التخطيط”.
وأضاف أن “معدل ملكية المنازل في العراق نحو 74 بالمائة، أي أن 26 بالمائة أو أكثر من ربع العراقيين يسكنون في الإيجار او في وحدات عشوائية”.
وأشار إلى أن “نسبة الحاجة للوحدات السكنية في المناطق الحضرية سيزيد بواقع 3 بالمائة سنويًا لغاية العام 2030، ووفقًا لهذا المؤشر فإن العراق بحاجة إلى أربعة ملايين وحدة سكنية بحلول العام 2027″.
وطالب بـ”إطلاق المبادرة الوطنية للسكن وتوزيع قطع الأراضي السكنية في المحافظات كافة مع مبادرة القروض السكنية بدون فوائد وإقامة المدن السكنية لمعالجة العجز الكبير في نسبة الوحدات السكنية”.
ويفتقر العراق لقوانين تنظم العقارات، سواء البيع أو الإيجار، على عكس دول المنطقة التي تنظم هذه العملية بقانون، وتحدد سعر الارتفاع سنويًا، كما تضمن حقوق طرفي العقد في الإيجارات، وتحدد القيمة وفق ما تراه الدولة متوازيًا مع طبيعة الأجور والوضع الاقتصادي العام.
ووصلت أسعار العقارات إلى أرقام خيالية تفوق قدرة العراقيين الشرائية في بلد يتراوح فيه متوسط الدخل بين 400 إلى 500 دولار في الشهر للفرد، بحسب مسح نشر عام 2022 لمنظمة العمل الدولية.
مجمعات سكنية بأسعار باهظة تغزو بغداد
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى