البحرية اليونانية تنقذ عشرات اللاجئين العراقيين قبل غرق قاربهم في البحر
تكشف حوادث الهجرة غير الشرعية، أن غالبية الشباب فقدوا الأمل بأي اصلاح سياسي في العراق الأمر الذي دفعهم إلى ركوب المجهول عبر الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
بغداد- الرافدين
نجا 77 مهاجرا عراقيا من الغرق في المياه الإقليمية اليونانية في منطقة شهدت العام الماضي واحدة من أسوأ حوادث غرق سفن المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط.
وكان هؤلاء الأشخاص وجميعها من العراقيين على متن مركب شراعي في جنوب غرب مدينة بيلوس الساحلية وسيُنقلون إلى ميناء كالاماتا، حسبما أفاد خفر السواحل دون ذكر الميناء الذي انطلقوا منه.
غير أن ممثل جمعية اللاجئين العائدين من أوروبا، بيشرو عبدالله، قال إن سبعين من المهاجرين كانوا من العراقيين الأكراد.
وأضاف أن جميع الأشخاص كانوا على متن قارب مثقوب ومعرّض للغرق وتم من قبل البحرية اليونانية.
وسبق أن ناشد أقارب ركاب قارب يحمل على متنه قرابة 77 مهاجرا أن مركبهم تعرض لثقب منذ عدة ساعات، وقد يغرق بما عليه، التوجه لإنقاذهم.
وفي حزيران 2023، غرقت سفينة صيد متهالكة ومثقلة بالحمولة بعدما أبحرت من مدينة طبرق الساحلية شرقي ليبيا وعلى متنها أكثر من 750 شخصًا، جنوب غرب بيلوس.
وقضى يومها أكثر من 600 شخص فيما نجا 104 أشخاص.
وقدّم عشرات الناجين شكوى جنائية ضد خفر السواحل اليوناني، معتبرين أنهم استغرقوا ساعات للرد على الرغم من التحذيرات الصادرة عن وكالة مراقبة الحدود الأوروبية (فرونتكس) ومنظمة “هاتف الإنذار” غير الحكومية.
وبحسب تقرير لوكالة لوتكا لشؤون اللاجئين، فإن في الفترة ما بين عام 2015 والأشهر الستة الأولى من العام الحالي، توفي 591 شخصاً وهم في طريقهم إلى أوروبا، من بينهم 343 شخصاً و248 مفقوداً.
ويشكل العراقيون والسوريون نسبة عالية من المهاجرين غير الشرعيين، على أمل الوصول إلى بلدان تصون كراماتهم المهدورة في أوطانهم.
وفند غرق عشرات المهاجرين العراقيين غير الشرعيين في تحطم سفينة قبالة الساحل الجنوبي لإيطاليا، في شهر حزيران الماضي مزاعم حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني عن الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد.
وتكشف حوادث الهجرة غير الشرعية، أن غالبية الشباب فقدوا الأمل بأي اصلاح سياسي في البلاد الأمر الذي دفعهم إلى ركوب المجهول عبر الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
ووضعت الحكومات المتعاقبة حال الشباب العراقي بين خيارين إما الهروب من جحيم الواقع المزري، أو البقاء في البلاد حيث الفقر والبطالة وتردي مستوى التعليم، وبالتالي الوقوع في شرك المخدرات واللجوء للانتحار، أو الانخراط في صفوف الميليشيات بحثًا عن لقمة العيش بينما يرون ثروات بلادهم تنهب من قبل الساسة والمرتبطين بهم مما تنشئ جيلًا غير سوي ومشبع بالصدمات النفسية
وفقد 64 شخصا في البحر المتوسط من العراقيين والسوريين والإيرانيين، وجرى إنقاذ كثيرين بعد تحطم سفينتهم، حسبما قالت وكالات أممية في بيان نقلته وكالة “أشيوتيد برس”.
وفي حادث تحطم سفينة منفصل، أجلى منقذون عشرات المهاجرين المشتبهين، لكنهم عثروا على 10 جثث عالقة تحت سطح قارب خشبي قبالة جزيرة لامبيدوزا الإيطالية الصغيرة، وفق ما ذكرت منظمة الإغاثة الألمانية “ريسكشيب”.
ونقلت وكالات أممية عن ناجين قولهم إن سفينة غرقت على بعد نحو 200 كيلومتر قبالة كالابريا كانت قد أبحرت من تركيا لكن النيران اشتعلت بها وغرقت.
وقال خفر السواحل الإيطالي في بيان إن عملية البحث والإنقاذ بدأت بعد نداء استغاثة من قارب فرنسي كان يبحر في منطقة حدودية، حيث تجري اليونان وإيطاليا عمليات بحث وإنقاذ.
وقالت وكالات أممية إن الناجين والمفقودين في البحر جاءوا من إيران وسوريا والعراق.
ويفند العدد الكبير من اللاجئين العراقيين مزاعم حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بشأن الاستقرار السياسي، بينما مافيات تهريب العراقيين تتوسع مع ارتفاع منسوب رغبة جيل الشباب للهجرة من العراق.
ويندرج الخطاب الدعائي عن عودة المغتربين من خارج العراق ضمن سياسة التزييف المستمرة في حكومة الإطار التنسيقي واستثمار ما يسمى بـ “الهدوء السياسي الخادع” للإيحاء إلى الشارع العراقي والإقليمي بأن الأوضاع في العراق مستقرة.
وانتقد عراقيون مطالبات الحكومة بعودة اللاجئين إلى العراق ممن استقرت أوضاعهم في بلدان اللجوء، ودعوها للاهتمام بحل مشاكل النازحين داخل البلاد أولًا.
وأضافوا أن الحكومة التي تعجز عن إعادة النازحين داخل العراق إلى مناطقهم الأصلية كيف ستنجح في إعادة المهاجرين في الخارج.
ويدفع الانهيار الاقتصادي وعدم الثقة بمستقبل العملية السياسية ملايين العراقيين للبحث عن لجوء في بلدان أوروبية وغربية أخرى خلال السنوات الأخيرة حسب دراسة لمنظمة الهجرة الدولية.
ويحاول غالبية العراقيين الهجرة بشتى الطرق المشروعة وغير المشروعة للحصول على اللجوء في الدول الأوروبية وللهرب من الاضطرابات والانفلات الأمني الذي تشهده البلاد خلال العقدين الماضيين.
ويعزو المهاجرون سبب هجرتهم للافتقار إلى فرص العمل والبطالة، مؤكدين أن لا مستقبل واعد لهم في العراق.
وتضاعفت أعداد المهاجرين إلى دول الاتحاد الأوروبي بسبب عدم استقرار البلاد نتيجة الصراع المتصاعد بين شركاء العملية السياسية.
وأصبح خيار الهجرة بمثابة استراتيجية يتبعها الأهالي للفرار من التدهور الاقتصادي والأمني في ظل غياب العدالة الاجتماعية في العراق.
وتصنف سجلات الأمم المتحدة الشعب العراقي من أكثر الشعوب طلبًا للهجرة والتوطين في بلد آخر.
وحل العراق في المرتبة الرابعة على قوائم الاتحاد الأوروبي بأكثر الدول على مستوى العالم في تقديم طلبات اللجوء بحسب وكالة الهجرة بالاتحاد الأوروبي
ويبلغ عدد العراقيين المهاجرين واللاجئين نحو خمسة ملايين مهاجر موزعين على 35 دولة وذلك بحسب إحصائية غير دقيقة، بينما لا تمتلك حكومة العراق إحصائية لعدد المهاجرين واللاجئين.
وأكدت إحصاءات وكالة الهجرة على أن العراقيين هم ثاني أعلى الشعوب العربية بعد السوريين طلبًا للجوء إلى أوروبا.
وتعمل الأحزاب الفاسدة على تحويل العراق إلى بيئة طاردة للمجتمع لا يؤثر فقط على الناحية السكانية وإنما يساهم في تفريغ البلاد من الطبقات المنتجة والفعالة وبالتالي تأخر حضاري وانهيار مؤسساتي بحسب المفهوم الصحيح للدولة، وبقاء الساحة فارغة للجهلة والفاسدين خدمة لمصالحهم الحزبية.
وسبق أن حذر قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين من تصاعد وتيرة الهجرة وما يواجهون من مصاعب خلال رحلة اللجوء.
وأشار القسم في تقريره السنوي الذي أصدره إلى تقديم 53 ألف شاب من كردستان العراق بطلبات اللجوء أغلبهم من أعمار ما دون 18 عامًا، 93 منهم لقوا حتفهم غرقًا في البحر، أعيدت 47 جثة منها فقط.
وأكد التقرير على وفاة 31 مهاجرًا غالبيتهم من كردستان العراق إثر غرق زورقهم في قناة المانش شمال فرنسا، أثناء محاولتهم للعبور نحو سواحل بريطانيا.
وتعد شريحة الشباب الأكثر تفكيرًا باللجوء لأنهم يبحثون عن حياة أفضل وبناء مستقبل لهم في ظل الفوضى وتراجع المستوى الأمني والاقتصادي وغياب أفق واضح لحل هذه المشاكل.
وقال الأكاديمي والباحث السياسي الدكتور حامد الصراف، إن النظام السياسي منذ عام 2003 يدفع الشباب إلى الهجرة بسبب فقدانهم الأمن والحياة الكريمة خصوصًا أن العراق من البلدان الغنية بالثروات.
وأضاف “التقارير الدولية بشأن ملف المهاجرين العراقيين تضاف إلى سلسلة الإخفاقات الحكومية في حل أزمة الهجرة”.