أزمة النقد تزيد معاناة أهالي غزة مع بنوك مغلقة وعدم توفر صراف آلي
لا يستطيع محمد عبد المجيد، الذي يعمل في إحدى المنظمات غير الحكومية، شراء الطعام لعائلته المكونة من 6 أفراد، بسبب عدم تمكنه من سحب أمواله نقدًا لدفع ثمن الطعام.
غزة – يواجه سكان قطاع غزة، صعوبة بالغة في الحصول على بعض من أموالهم في حساباتهم البنكية في قطاع غزة، جراء إغلاق النظام المصرفي منذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع، منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
وعلى مدار أكثر من 10 أشهر، أغلقت جميع فروع البنوك في قطاع غزة أبوابها، جراء الحرب، كما دمرت قوات الاحتلال العديد منها ومن أجهزة الصراف الآلي التابعة لها.
وجراء الحرب، بات الفلسطينيون يعيشون أزمة سيولة مالية خانقة جراء منع إسرائيل دخول ونقل الأموال من وإلى القطاع، ما شكل لهم معاناة إضافية لشراء احتياجاتهم.
وأمام أجهزة الصراف الآلي التي تعمل في وسط قطاع غزة، يصطف مئات الفلسطينيين للحصول على بعض الأموال، حيث تختلف النسبة المتاحة للحصول عليها من صراف آلي لآخر.
وأعلنت سلطة النقد الفلسطينية مطلع نيسان الماضي عن تعذر فتح فروع البنوك لعمليات السحب والإيداع في محافظات قطاع غزة كافة، بسبب القصف والظروف الميدانية القاهرة وانقطاع التيار الكهربائي والواقع الأمني.
وقالت في بيان إن أزمة السيولة تفاقمت مع خروج معظم أجهزة الصراف الآلي عن الخدمة.
ويواجه الفلسطيني محمد عبد المجيد، صعوبة بالغة في الحصول على بعض الأموال من حسابه البنكي في قطاع غزة، جراء إغلاق البنوك منذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
ولا يستطيع عبد المجيد، الذي يعمل في إحدى المنظمات غير الحكومية، شراء الطعام لعائلته المكونة من 6 أفراد، بسبب عدم تمكنه من سحب أمواله نقدًا لدفع ثمن الطعام.
وقال -وهو النازح من مدينة غزة إلى مدينة دير البلح- “نعاني ويلات كبيرة في قطاع غزة جراء الحرب، من بينها أزمة السيولة النقدية”.
وأضاف “بعد أشهر من الحرب، لا نقدر على سحب أموالنا نقدا من البنوك لأنها مغلقة، كما أن أجهزة الصراف الآلي لا تعمل باستمرار، ولا يوجد سوى بعض منها في مدينة دير البلح وسط القطاع”.
وتابع “الوضع مأساوي جداً؛ لا نقدر على شراء الطعام لعائلتنا، ونعتمد على بعض المساعدات التي تأتي، رغم أن هناك ما يكفي من الأموال في البنك لتلبية احتياجاتنا”.
ولفت إلى أنه قبل شهر، حصلت على مساعدة نقدية من إحدى المؤسسات الدولية بقيمة 1000 شيكل، وكانت بالنسبة لي كنزاً في ظل أزمة السيولة.
وفي قطاع غزة، تنتشر العملات الممزقة والمهترئة، مما يشكل إزعاجاً للمواطنين، حيث لا يقبلها الباعة لأنهم غير قادرين على إيداعها في البنوك.
بدوره، قال المسن عدلي عسلية، النازح من مخيم جباليا شمالي القطاع، إلى وسطه: “العملات الورقية متوفرة في الأسواق، ولكن الباعة يرفضون قبولها فتبادلها بين الأفراد يتلفها ولا يوجد بنوك تستبدلها”.
وأضاف “نقص السيولة وعدم دخول أو خروج الأموال من قطاع غزة أدى إلى أزمة يواجهها كل مواطن بالقطاع”.
وتابع “عندما نذهب للشراء بعملات ممزقة، يتم خصم جزء من المبلغ يقدر بـ5 بالمائة، في ظل حاجتنا لكل قرش نتيجة الحرب وآثارها”.
ولفت إلى أنه أصبح إصلاح العملات الورقية شائعا في قطاع غزة، حيث يتم تدوير العملات الممزقة باستخدام لاصق خاص لكي يتمكن المواطن من تداولها في السوق.
وفي مدينة دير البلح، يعمل الفلسطيني ياسر أبو حربين على إصلاح العملات التالفة باستخدام لاصق ورقي مخصص لها.
المنظومة المصرفية معطلة بشكل كامل، ودورة الأموال لم تكتمل
وقال “يعاني المواطنون والتجار من انزعاج كبير عند رؤيتهم العملات الممزقة، لذلك قمت بفتح ورشة صغيرة لإصلاح تلك العملات الورقية”.
وأضاف “أقوم بإصلاح العملات الممزقة باستخدام لاصق ورقي مخصص لها لكي يقبلها البائعون، فالكثير منهم لا يقبلون العملات الممزقة”.
وتابع “أعمل على إصلاح العملات الممزقة منذ 4 أشهر، ولا توجد أموال جديدة تدخل قطاع غزة”.
ولفت إلى أن تلك المهمة تشكل مصدر دخل لي ولعائلتي، حيث أجني بعض الشواكل على كل عملة ورقية أعمل على إصلاحها.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي محمد أبو جياب “أزمة السيولة في قطاع غزة مرتبطة بحالة الحصار الإسرائيلي على القطاع منذ بداية العدوان”.
وأضاف “على مدى أكثر من 10 أشهر، تمارس (إسرائيل) حصاراً ماليا محكما على النظام المصرفي، حيث دمرت أكثر من 50 بالمئة من مكاتب ومقار المصارف، ولم يتبق سوى فرعين أو اثنين وسط القطاع”.
وتابع “تلك أزمة خطيرة وخانقة لها انعكاسات كبيرة على المواطن الفلسطيني، حيث لا يستطيع الحصول على أمواله الخاصة من النظام المصرفي”.
وأوضح “حرمت الأسواق التجارية من كمية كبيرة من السيولة النقدية المحتجزة في خزائن البنوك، نتيجة عجز المواطنين عن الحصول على أموالهم”.
ولفت إلى أن “هذا تسبب في انعكاس خطير على تدهور الواقع التجاري، إضافة إلى تأثيرات الحرب والحصار والتضييق ومنع إدخال السلع، مما يزيد من عمق الأزمات الاقتصادية للمواطن الذي لا يستطيع تلبية احتياجاته الأساسية”.
وأضاف أن “المواطن غير قادر على شراء السلع المتوفرة في قطاع غزة جراء أزمة السيولة النقدية”.
وأشار إلى أن “منع دخول الأموال إلى غزة أدى إلى تلف كميات ضخمة من الأموال الورقية والمعدنية نتيجة التداول غير السليم وعدم استبدال الأوراق النقدية التالفة من النظام المصرفي بسبب تعطل أعمال النظام”.
ورغم أن البنوك في فلسطين تخضع لإشراف سلطة النقد الفلسطينية إلا أنها تبقى تحت هيمنة شبه مطلقة لبنك (إسرائيل) المركزي، ويعتبر الشيكل الإسرائيلي العملة الرئيسية في فلسطين، وفق الخبير أبو جياب.