القضاء ينصاع لأحزاب الإطار ويشرعن الإفلات من العقاب بتبرئة مرتكب مذبحة جسر الزيتون
منظمة إنهاء الإفلات من العقاب: هناك مزاجية في تطبيق القانون الذي لا يطال الميليشيات وأحزاب السلطة، ما أدى لترسيخ نفوذ وتغول الميليشيات وتحصيل المكاسب السياسية والاقتصادية.
بغداد – الرافدين
أثار قرار محكمة التمييز الاتحادية الإفراج عن الضابط في قوات التدخل السريع عمر نزار بعد صدور حكم سابق بحقه بالسجن المؤبد عن حادثة مجزرة جسر الزيتون، غضب الشارع العراقي من انحياز القضاء لصالح المتهم على حساب أرواح الضحايا ومأساة ذويهم.
وكانت محكمة الجنايات في محافظة ذي قار قد أدانت عمر نزار، في حزيران 2023 بتهمة “إصدار الأمر بإطلاق الرصاص الحي على متظاهرين على جسر الزيتون في الناصرية إبان ثورة تشرين عام 2019، ما تسبب في وقوع قتلى وجرحى”، وكانت هذه الاحتجاجات السبب الرئيس في استقالة عادل عبد المهدي من رئاسة الوزراء.
وجاء في قرار المحكمة التي أصدرت الحكم منتصف تموز 2024، أن “الأدلة المتحصلة في الدعوى ضد المتهم عمر نزار فخر الدين محل شك، والشك يفسر لصالح المتهم”.
واشار الحكم النهائي إلى “نقض كافة القرارات الصادرة في الدعوى وإلغاء التهمة الموجهة للمتهم المذكور عمر نزار فخر الدين (…) والإفراج عنه لعدم كفاية الأدلة المتحصلة ضده وإخلاء سبيله”.
وأوضحت المحكمة في قرارها أن “المشتكين لا توجد لديهم شهادة عيانية ضده وقد جاءت أقوالهم متناقضة مع بعضها بصدد مشاهدتهم له في مكان الحادث من عدمه”.
وسبق ذلك موجة اغتيالات شهدتها مدينة الناصرية بعد تهديدات باغتيال عدد من شهود العيان في قضية مجزرة جسر الزيتون في الناصرية إبان ثورة تشرين والتي يتهم فيها رئيس جامعة الدفاع العليا الفريق جميل الشمري شقيق وزير الداخلية الحالي عبد الأمير الشمري فضلًا عن الضابط عمر نزار.
وحملت منظمة إنهاء الإفلات من العقاب السلطات القضائية مسؤولية حماية الشهود والأدلة في قضية جرائم قتل المتظاهرين المتهم فيها الضابط عمر نزار.
وأكدت المنظمة في بيان أن هناك محاولات ترهيب وترغيب وشراء للذمم تجري ضد ذوي الشهداء والجرحى، للتسويف في القضية وإحداث خلل في أركانها، مشيرة إلى أن المتهم عمر نزار كان مسؤولًا عسكريًا عن استخدام السلاح ضد المتظاهرين السلميين في أحداث جسر الزيتون بالناصرية.
وأشارت إلى أن هناك نوعًا من المزاجية في تطبيق القانون الذي لا يطال الميليشيات وأحزاب السلطة، ما أدى لترسيخ نفوذ وتغول الميليشيات وتحصيل المكاسب السياسية والاقتصادية.
وكانت منظمة إنهاء الإفلات من العقاب قد أجرت تحقيقًا استقصائيًا كشف بالوثائق والتسجيلات المصورة عن ضلوع المقدم عمر نزار بارتكاب جرائم قتل وتعذيب ضد المدنيين خلال عمليات تحرير الموصل من داعش عام 2016 وخلال التظاهرات التي شهدتها مدن عراقية عدة وأبرزها حادثة جسر الزيتون في مدينة الناصرية.
وأثارت الوثائق والشهادات التي استعرضتها المنظمة ردود فعل محلية ودولية ناقمة، ما جعلها قضية رأي عام في البلاد، اضطرت حكومة عادل عبد المهدي وقتها إلى سجن عمر نزار تحت ضغط الرأي العام.
وتتهم مراصد ومنظّمات حقوقية؛ السلطات الحكومية في العراق، باستخدام القضاء كأداة لقمع الناشطين والمواطنين الذين ينتقدون الفساد الحكومي، أو يكشفون جرائم الميليشيات في البلاد.
وفي تقرير صدر بعد أيام من اعتقال نزار عام 2022 وصفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدعوى ضد الضابط العراقي بأنها “نقطة مفصلية للمساءلة”.
وقالت المنظمة إن أهمية القضية “لا تقتصر على كونها إحدى الحالات القليلة التي تلاحق فيها السلطات ضابطًا أمنيًا كبيرًا لارتكاب جرائم ضد المدنيين، بل هي مهمة أيضًا لأن الحكومات السابقة تقاعست عن التحرك”.
وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أن “هذا الاعتقال خطوة أولى مهمة نحو المساءلة، لكن الاعتقالات بسبب القتل الجماعي للمتظاهرين وغيرها من الانتهاكات الحقوقية الجسيمة يجب ألا تتوقف عند هذا الحد، وألا تقتصر أبدًا على الحالات التي يتم فيها تسريب التحقيقات إلى العلن”.
وعلى الرغم من اعتراف جميل الشمري المتهم الأول بارتكاب مجزرة جسر الزيتون في لقاء سابق على إحدى القنوات التلفزيونية أكد فيه إصدار عمر نزار أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين في الناصرية، إلا أن القضاء العراقي يعود مرة أخرى ليثبت أنه أداة تصفية الخصوم السياسيين لحكومة الإطار التنسيقي.
وعبّر الشارع العراقي، عن غضبه واستيائه من قرار الإفراج عن عمر نزار، مشكّكًا بنزاهة السلطة القضائية، فيما لمّح العديد من المدونين، إلى أن الإفراج عن نزار جاء نتيجة ضغط من قبل الإطار التنسيقي الموالي لإيران، والذي يتحكم بالمشهد السياسي العراقي على القضاء لتبرئة عمر نزار.
ويرى الناشط المدني من الناصرية حسين العامل أن “تبرئة نزار أو غيره من المتورطين بجرائم ضد المتظاهرين أمر متوقع في ظل سلطات تحمي القتلة”.
وقال “إن السلطات لم تكشف لغاية الآن عن أي متورط في قتل نحو 800 متظاهر وإصابة نحو 30
ألف آخرين”.
وشدد على أن هناك تجاهلًا لهذه الجرائم، وقرار اليوم ليس عادلًا ويحمل الكثير من الشبهات السياسية.
وأعرب ممثلو تظاهرات تشرين في الناصرية عن استيائهم لصدور قرار من محكمة التمييز في بغداد يقضي بتبرئة الضابط عمر نزار في ملف القضية المعروفة بمجزرة جسر الزيتون عام 2019 التي راح ضحيتها عشرات الناشطين بين قتيل وجريح، وسط تساؤلات عن حقوق المظلومين والضحايا.
واستغرب المحتجون في بيان لهم عبر فيديو متداول على منصات التواصل الاجتماعي، من تجاهل محكمة التمييز وعلى رأسها فائق زيدان دعاوى كثير من عائلات الضحايا والاكتفاء بشهادة اثنين بحسب ما جاء في البيان.
ووجه المحتجون تساؤلًا للسلطات الحكومية، في حال “لم يكن عمر نزار أو جميل الشمري أو عادل عبد المهدي قد قتل المتظاهرين فمن قتلهم؟”، في إشارة لتقاعس حكومة الإطار التنسيقي في الكشف عن قتلة المتظاهرين.
ولوّح المحتجون بخطوة مختلفة عن سابقاتها، تتضمن غلق الطرق في الناصرية والنواحي التابعة لها بعد عودتهم من الزيارة الأربعينية.
وقال المتظاهرون في البيان، إنهم “يرفضون قرار الإفراج وسيجددون رفضهم له بعد إتمام زيارة الأربعين”، مطالبين رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان بالعدول عن قرار الإفراج عن عمر نزار.
وتعليقًا على إصدار محكمة التمييز قرارًا بإخلاء سبيل الضابط عمر نزار، عبر حزب البيت الوطني، عن استغرابه من تبرئة المجرمين وتبييض وجوههم وطمس معالم جريمة مجزرة جسر الزيتون، والتي راح ضحيتها أكثر من 100 متظاهر.
وأكد الحزب في بيان على أن “هذه الجرائم سياسية ولن تسقط بالتقادم وإن طال الزمان فإنها ستفتح للعدالة وينال المجرمون جزائهم العادل، ولن ينفعهم التخفي وراء بعض رموز النظام السياسي الفاسدين”.
ودعا الجميع لأخذ دورهم الحقيقي والوقوف بوجه هذه التصرفات الظالمة التي تريد الضغط لتبرئة المجرمين، والمناداة سوية بحقوق الشهداء والجرحى وإنصاف عوائلهم وتحقيق العدالة بمن نفذ الجريمة.