أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الضبابية تكتنف مستقبل انتاج النفط في العراق

مشكلات قطاع النفط في العراق على سطح الأرض وليست في باطنه، والذي به طاقة ضخمة غير مكتشفة، كما تشمل تغييرات متكررة في الحكومة والنزاعات السياسية والبيروقراطية وصفقات الفساد.

بغداد- الرافدين
حذر خبراء نفطيون من أن التحديات أمام أنتاج النفط العراقي أكبر بكثير من الفرص المتاحة بسبب سياسات تغير المناخ في الغرب، والشروط التي يضعونها على الدول، بخلاف حصص أوبك+، ومشكلات بغداد الخاصة بالالتزام بالحصص الإنتاجية.
ويقول محللون ومصادر مطلعة في قطاع النفط في العراق إن المشكلات على سطح الأرض وليست في باطنه، والذي به طاقة ضخمة غير مكتشفة، كما تشمل تغييرات متكررة في الحكومة والنزاعات السياسية والبيروقراطية.
وقال مسؤولون بوزارة النفط إن اتفاقا مع شركة بي.بي لتطوير حقول نفط وغاز في كركوك سيستند إلى نموذج تقاسم الأرباح، ومن المتوقع التوصل إلى اتفاق نهائي بحلول نهاية العام الجاري.
وأضاف المسؤولون، الذين طلبوا عدم نشر أسمائهم، أن من المتوقع أن توقع الوزارة وشركة بي.بي اتفاقية سرية هذا الأسبوع سيسلم بموجبها العراق حزمة البيانات الخاصة بحقول كركوك الأربعة ومنشآتها.
وأضاف المسؤولون أن الإنتاج من حقول كركوك يبلغ حاليا 245 ألف برميل يوميا.
ولم ترد بي.بي بعد على طلب وكالة رويترز للتعليق. الا أن مراقبين يرون أن الخشية من فشل الاتفاق هو مادفع حكومة محمد شياع السوداني إلى عرض تقاسم الارباح مع الشركة البريطانية، وهو عرض مفرط في كرمه ولايأخذ بنظر الاعتبار حقوق العراق في ثروته.
وفشلت الحكومات المتعاقبة في التوقيع على جولة التراخيص السادسة، وفي نهاية شباط تم توقيع ستة اتفاقات من أصل 11 منطقة امتياز للنفط والغاز، مما يمثل إصلاحات طال انتظارها لشروط التشغيل في البلاد.
ولم تكن شركات النفط العالمية هي المستفيدة، بل شركة نفط الهلال الإماراتية فضلا عن شركتين صينيتين.
وقال مصدر مقرب من قطاع الطاقة العراقي، لم يكشف عن اسمه لأنه غير مخول بالحديث إلى الصحافة، إن العقود الممنوحة تدفع الرسوم مقدما وتربط الإيرادات بأسعار النفط.
وقال الخبير في أسواق الطاقة والزميل الأقدم بمعهد العراق للطاقة هاري إستبانيان إن قطاع النفط في العراق يعاني حاليًا بصورة عامة نوعًا من الضبابية، والسبب الرئيس في ذلك هو قانون النفط والغاز، الذي كان متوقعًا تشريعه قبل 10 سنوات أو أكثر، وما يزال غير مشرَّع حتى الآن، وتدور حوله كثير من المناقشات.
وحذر إستبانيان خلال مشاركته في حوار نظمته “منصة الطاقة” بعنوان “العراق.. مستقبل إمدادات الطاقة بين الفرص والتحديات ودور دول الخليج” من أن التوجّه العام في بغداد يسير باتجاه الشركات الصينية بصورة خاصة، الأمر الذي لا يريح الغرب.
وأكد على أن تلك العوامل ساعدت الشركات الغربية إلى الخروج من العراق، مثل إكسون موبيل، على عدم العودة.


هاري إستبانيان: قطاع النفط في العراق يعاني حاليًا بصورة عامة نوعًا من الضبابية، والسبب الرئيس في ذلك هو قانون النفط والغاز، الذي كان متوقعًا تشريعه قبل 10 سنوات أو أكثر، وما يزال غير مشرَّع حتى الآن

ولفت إلى أن كثيرًا من توقعات وزارة النفط بأن يبلغ حجم الإنتاج 7 ملايين برميل يوميًا، ولكن بالعودة إلى أكثر من 10 سنوات مضت، وتحديدًا في عام 2012، نجد أن بغداد كانت قد وضعت هدفًا بالوصول إلى 12 مليون برميل يوميًا، وهو هدف صعب جدًا وضعه في ظل التحديات التي تشهدها البلاد.
وتعيش حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني في وضع يوجب عليها أولًا حل أزماتها الداخلية، خاصة مع إقليم كردستان بصورة رئيسة، إذ إن إنتاج النفط أو التصدير من إقليم كردستان إلى تركيا متوقف حاليًا، وهو أمر يزيد بدوره من قلق المستثمرين والمشترين، فقد كانت أربيل تصدّر نحو 300 ألف برميل يوميًا، وفجأة توقفت.
وأظهرت بيانات من شركة تسويق النفط العراقية “سومو” أن الطاقة التصديرية من جنوب العراق توقفت عند حوالي 3.2-3.3 مليون برميل يوميا في العام الماضي بعد تعطل تطوير البنية التحتية في موانئ المنطقة المطلة على الخليج.
وقال المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد لوكالة رويترز إن وزير النفط الحالي حيان عبد الغني، يعتزم تحديث استراتيجيات إنتاج النفط العراقي لتلبية الاحتياجات المحلية مع الامتثال لاتفاق أوبك+.
وأضاف جهاد “من المبكر جدا للحكومة الحديث حول السعي لتحقيق أي زيادات جوهرية في إنتاج النفط العراقي بعيدا عن اتفاق أوبك+”. وبموجب الاتفاق، يبلغ إنتاج العراق المستهدف 4.43 مليون برميل يوميا حتى كانون الأول.
ونتيجة لذلك، حول العراق تركيزه إلى قطاعي التكرير والغاز وخفض الإنفاق الرأسمالي في قطاع النفط، حسبما قال محللون في “إف.جي.إي” للاستشارات و “ريستاد إنرجي”.
بالنسبة لقطاع النفط، أرجأت البلاد مرارا وتكرارا هدف الوصول إلى طاقة تتراوح بين سبعة وثمانية ملايين برميل يوميا، من خمسة ملايين برميل يوميا. وقالت الحكومة السابقة العام الماضي إنها تأمل في الوصول إلى المستويات الأعلى بحلول عام 2027.
وتوقعت بعض شركات الاستشارات في قطاع الطاقة أن العراق قد لا يصل إليها أبدا.
وسبق أن عزا خبير دولي متخصص بشؤون الطاقة اندفاع حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، في منح تطوير حقل عكاز الغازي في الأنبار، إلى شركة أوكرانية غير معروفة، إلى تحذيرات واشنطن للسوداني بأنها لن تسمح لإيران وروسيا والصين بالسيطرة على حقول الغاز في العراق.
وقال سايمون واتكينز، في دراسة نشرها بموقع “أويل براس” المتخصص بشؤون الطاقة، بأن واشنطن حذرت السوداني بأنها ستزيد من الرقابة المالية على الأموال العراقية برمتها وسيتم إيقاف المدفوعات إلى إيران مقابل توريد الغاز للمحطات الكهربائية في العراق، بمجرد أن تفكر حكومته بمنح تطوير حقل عكاز إلى روسيا.
وأكدت واشنطن على أهمية هذا التحذير خلال زيارة السوداني الأخيرة إلى الولايات المتحدة.
ونقل عن مصدر في وزارة النفط العراقية تأكيده على أن السوداني تسلم هذه الرسالة بوضوح.
وكانت وزارة النفط العراقية قد وقعت في الرابع والعشرين من نيسان الماضي عقدًا مع شركة “يوكرزم” الأوكرانية لتطوير حقل عكاز الغازي بطاقة 400 مليون قدم مكعب في محافظة الأنبار لسد متطلبات البلاد من الطاقة الكهربائية.
وانسحبت شركة “كوكاز” الكورية الجنوبية من عقد تطوير حقل عكاز لافتقاد بيئة العمل للسلامة الأمنية. فضلا عن الضغوطات التي سلطت عليه من قبل جهات متنفذة في الحكومة آنذاك في شبهات فساد مكشوفة.
وقال سايمون واتكينز، في الدراسة المطولة، بأن عين إيران وروسيا تنظر إلى عكاز بأنه صفقة استراتيجية لأنه يحتوي على حوالي 5.6 تريليون قدم مكعب من الاحتياطيات المؤكدة.
وأكد في تقرير تحت عنوان ” لماذا منح العراق حقل غاز حيوي استراتيجي لشركة أوكرانية” بأن روسيا والصين وإيران ستفعلان أي شيء من أجل الحصول على حقل عكاز في الأنبار.
وعزا واتكينز الذي سبق أن عمل في فوركس لتداول العملات وألف خمسة كتب عن تداول المال والنفط والأسواق المالية ذلك إلى أن شركات النفط والغاز يحق لها قانونًا تأمين عملياتها في الحقول حول العالم من خلال أي وسيلة تشعر أنها ضرورية. ومن الناحية العملية، يمكن أن يشمل ذلك تمركز قوة أمنية ضخمة مدججة بالسلاح حول حقل النفط أو الغاز. وهي فرصة مضاعفة لإيران في تشغيل ميليشياتها في العراق.
ويمثل حقل عكاز واحدًا من ثلاثة حقول غازية كبيرة تشكل مثلثًا منحرفًا عبر جنوب العراق، ويمتد من حقل المنصورية بالقرب من الحدود الشرقية مع إيران، وصولاً إلى حقل السيبة في محافظة البصرة ثم على طول الطريق غربًا حتى عكاز القريبة من الحدود مع سوريا.
وأضاف واتكينز أهمية سياسية لحقل عكاز غير الأهمية الاقتصادية، بأنه يقع في المدن المعادية عبر تاريخها المعاصر للهيمنة الأمريكية على العراق من الفلوجة والرمادي وهيت حتى حديثة.


سايمون واتكينز: واشنطن حذرت السوداني بأنها ستزيد من الرقابة المالية على الأموال العراقية برمتها وسيتم إيقاف المدفوعات إلى إيران مقابل توريد الغاز للمحطات الكهربائية في العراق، بمجرد أن تفكر حكومته بمنح تطوير حقل عكاز الغازي إلى روسيا
وتمثل تلك النقاط الحدودية مع سوريا طريقًا استراتيجيًا، إذا لا يبعد كثيرًا عن الموانئ الاستراتيجية الرئيسية في بانياس وطرطوس واللاذقية، وكلها مواقع عالمية حاسمة بالنسبة لموسكو.
وتساعد روسيا إيران في مشروعها السياسي في الإطلالة عبر المتوسط مرورا بالعراق، ومن شأن هذه الخطوط أن تنقل النفط الإيراني إلى موانئ سوريا ومن ثم إلى الموانئ الأقل صرامة في جنوب أوروبا.
ولن يسمح هذا الطريق بحركة النفط والغاز الإيراني الخاضع للعقوبات إلى أوروبا فحسب، بل سيسمح أيضًا بدخول أي شيء آخر تريد روسيا وإيران تمريره إلى القارة دون الكثير من الضوابط. كما كان منذ فترة طويلة الجزء الأخير من الخطط الروسية والإيرانية لبناء “جسر بري” من طهران إلى البحر المتوسط يمكن من خلاله زيادة حجم ونطاق تسليم الأسلحة بشكل كبير إلى حزب الله في جنوب لبنان والميليشيات الإيرانية العاملة في سوريا.
وبعد عقدين من احتلال العراق فإن الأهداف الحالية وحتى التوقعات الأقل بعيدة عن هدف العراق بعد الحرب لرفع الطاقة الإنتاجية إلى 12 مليون برميل يوميا.
وقال محللون إن الطموح تراجع في عام 2012 بعد أن تفاوضت شركات النفط الدولية العاملة في العراق على أهداف إنتاج أقل لحقولها بسبب انخفاض عوامل الاستخلاص وارتفاع معدلات التراجع الطبيعي، وكذلك لأن العراق لا يستثمر بما فيه الكفاية في البنية التحتية.
كما كانت شركات النفط الكبرى تأمل في أن تقوم بغداد بتحسين شروط عقود الخدمات الفنية. لكن هذا لم يحدث وغادرت شركات منها إكسون موبيل ورويال داتش شل.
وتوقف مشروع كبير لمعالجة مياه البحر، كان ضروريا لزيادة الإنتاج في حقول النفط الجنوبية من خلال حقن المياه، لأكثر من عقد بسبب الخلاف على الشروط.
وقال باتريك بويان الرئيس التنفيذي للشركة هذا الشهر إن الخلافات التعاقدية لم يتم حلها.
وأضاف “العراق ليس أسهل مكان للاستثمار في ظل كل هذه المخاطر”.
وبحسب بيانات “ريستاد” وأبحاث لرويترز، فإن مشروع المياه سيعزز الإنتاج في الحقول العراقية الخمسة بمقدار مليوني برميل يوميا من النمو البالغ 2.4 مليون برميل يوميا اللازم لبلوغ أهداف العراق لعام 2027.
وقال أديتيا ساراسوات، نائب رئيس شركة ريستاد لأبحاث أنشطة المنبع في الشرق الأوسط، إن الانتهاء قبل عام 2027 غير مرجح.
وقال ساراسوات إن عبد الغني حتى لو تمكن من العثور على شركات مهتمة بهذه المشروعات، فإن إمكانات التكرير في العراق تسمح فقط بزيادة الإنتاج 500 ألف برميل يوميا من الخام وسيستغرق ذلك وقتا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى