أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

في يومهم الدولي.. من ينصف ضحايا الإرهاب في العراق؟

مراقبون: عمليات القتل في العراق لا تتوقف عند حدود الجرائم الإرهابية وقمع التظاهرات أو عمليات التطهير الطائفي، بل تتعدى ذلك إلى عمليات اغتيال ممنهجة تقوم بها الميليشيات بتواطؤ حكومي

بغداد – الرافدين
تساءل مراقبون سياسيون عراقيون عن مدى عدالة الأمم المتحدة في الاحتفال “باليوم العالمي لضحايا الإرهاب” في الحادي والعشرين من أغسطس كل عام، بينما يتم تجاهل ذكرى مئات الآلاف من الضحايا في العراق.
وأكدوا أن “هناك ازدواجية في موقف الأمم المتحدة عندما لا تشمل ضحايا الاحتلال الأمريكي من المدنيين العراقيين، وكذلك ضحايا عمليات القتل على الهوية التي نفذتها الميليشيات الطائفية والقوات الحكومية، ضمن ضحايا الإرهاب”. وتساءلوا: “عن أي إرهاب تتحدث الأمم المتحدة إذا لم يكن الإرهاب الذي عانى منه العراقيون منذ عام 2003؟”.
وأضافوا بأن “نزف الدم العراقي لم يتوقف منذ الغزو الأميركي للبلاد وحتى الآن، إذ يستمر عداد الضحايا بالتزايد ويجري مسلسل القتل على قدم وساق بالتزامن سياسة الإفلات من العقاب التي باتت تمثل السمة الرئيسة لنظام ما بعد 2003، مخلفة مئات الآلاف من الضحايا خلال العقدين الأخيرين”.
وبينوا أن “الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 وما تبعه من عمليات القتل على الهوية أدى إلى مقتل مليوني مدني عراقي، بينهم نساء وأطفال، بينما تعرض مئات الآلاف لعمليات إخفاء قسري على يد الميليشيات والقوات الحكومية، دون معرفة مصيرهم حتى اليوم”.
وبحسب لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري، يُقدَّر عدد المفقودين في العراق بما بين 250,000 ومليون شخص، مما يجعله أحد البلدان التي تضم أكبر عدد من المفقودين في العالم.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن جثث مئات الآلاف من ضحايا القتل غير القانوني لا تزال مدفونة في مقابر جماعية في جميع أنحاء العراق.
وأضافت المنظمة “من أجل تعزيز العدالة والمساءلة للضحايا وأسرهم، ينبغي للحكومة  تكثيف الجهود لاستخراج الجثث من القبور، وتحديد هوية الضحايا، وإعادة الرفات إلى الأسر لدفنها بشكل لائق، وإصدار شهادات الوفاة، وتعويض الأسر، كما يقتضي القانون”.
وأكدت باحثة العراق في هيومن رايتس ووتش سارة صنبر أن ” المقابر الجماعية هي تذكير مؤلم بأكثر فصول التاريخ العراقي عنفًا، وفتحها أمر بالغ الأهمية للسماح لأسر الضحايا، والبلاد بأكملها، بالحصول على أي أمل في العدالة والتعافي من هذه الجروح. يحق للناس معرفة مصير أحبائهم ومنحهم دفنا لائقًا وكريمًا”.
ويقدر “المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق” أن “المقابر الجماعية في البلاد تضم رفات 400 ألف شخص. ولدى العراق أعلى أعداد المفقودين في العالم، ويعتقد أن الكثير منهم دفن في مقابر جماعية”.
ويحمل حقوقيون “أسباب شيوع ظاهرة القتل على الهوية والمقابر الجماعية إلى الاحتلال الأمريكي الذي أدخل البلاد في دوامات العنف والدموية من خلال تسليم مقاليد الحكم في البلاد لزعماء الميليشيات ولوردات القتل ووكلاء إيران في المنطقة”.
وأكدوا أن “البلاد اقحمت في أشكال متعددة من العنف تتمثل بجرائم الاحتلال الأمريكي وإشعال الحرب الطائفية بين عامي 2006 – 2007 حيث تسببت بمقتل واختطاف أكثر من 100 ألف مدني من العرب السنة، فضلاً عن تشريد مئات آلاف العراقيين، ومن ثم تم ترك محافظات عراقية تحت سلطة تنظيم داعش الإرهابي ليكون له نصيبًا من جرائم القتل بحق العراقيين والتنكيل بهم، لتبدأ بعدها عمليات استعادة تلك المحافظات حيث أقدمت القوات الأمنية والميليشيات على حرق تلك المدن وهدم المنازل على رؤوس ساكنيها وارتكاب مجازر بحق أهلها بحجة تحرير تلك المناطق من تنظيم داعش الإرهابي، ليدخل العراقيون بعدها في مرحلة قمع التظاهرات الشعبية واستهداف الناشطين”.
وأشاروا إلى أن “جرائم القتل وغياب المساءلة القانونية الفعّالة عن هذه الأعمال العنيفة يرجع إلى تورط الجهات الأمنية التابعة للدولة نفسها في الحوادث التي يُفترض بها التحقيق فيها”.
واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 21 من آب يومًا دوليًا لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب وإجلالهم، وتكريم ودعم ضحايا الإرهاب والناجين منه وتعزيز وحماية تمتعهم الكامل بما لهم من حقوق الإنسان وبحرياتهم الأساسية.
ويهدف هذا اليوم إلى تكريم الضحايا والناجين من الهجمات الإرهابية والتعبير عن التضامن معهم ومع عائلاتهم، كما يسعى إلى رفع الوعي بالتحديات التي يواجهها الضحايا في حياتهم اليومية، بما في ذلك الحاجة إلى الدعم النفسي والاجتماعي، والتأكيد على ضرورة حماية حقوقهم وتعزيز العدالة.
ويكشف التزايد المهول بمعدلات الجريمة في العراق فضلًا عن التحوّلات الخطيرة في نوعية الجريمة وطبيعتها حجم الانهيار الأمني والاقتصادي والاجتماعي في ظل الظروف السياسية غير المستقرة بعد الاحتلال بعد أن أفضت إلى تحولات أخلاقية ونفسية خطيرة على مستوى الفرد والمجتمع.
ويحمل مراقبون للشأن العراقي النظام القائم في العراق منذ عام 2003 وحتى الآن، والذي تقوده الميليشيات والأحزاب الطائفية مسؤولية ارتكاب جرائم القتل على الهوية، وأنه لم يتسبب فقط في تدهور الأوضاع الأمنية، وساهم كذلك في وضع الأسس المتينة لبيئة مناسبة لانتشار الجريمة وتناميه”.
وأكّدت هيئة علماء المسلمين في العراق أن السلطات الحكومية مستمرة في إزهاق أرواح الأبرياء من العراقيين عن طريق حملات الإعدام الجماعية الظالمة، التي يُساق فيها المعتقلون ظلمًا إلى مشانق الموت الآثمة بتهم باطلة.
وأوضحت الهيئة أن “السلطات الحكومية في العراق تواصل جرائمها الإرهابية التي شرعت بها منذ سنيّ الاحتلال الأولى، وهجمات أحزابها وميليشياتها الإرهابية المسلحة على مناطق ومدن متفرقة في بغداد وعدد من المحافظات الأخرى، حيث كانت تختطف العشرات من المواطنين وتقوم بتصفيتهم، ومن ثَمّ ترمي جثثهم في الشوارع بالتواطؤ مع أجهزة الأمن الحكومية، مستغلة حالة غض النظر التي كانت تمارسها القوات الأمريكية المحتلة في سياق التناغم التخادمي الأمريكي الإيراني، مما اضطر مئات آلاف المدنيين إلى الهجرة الداخلية والخارجية للحفاظ على أرواحهم وحياة أبنائهم”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى