الأخطار تداهم مواقع الآثار العراقية!!
المواقع الأثرية في العراق لا تتمتع برعاية وحماية كافية حيث تضع الحكومة أعدادًا قليلة جدًا لحماية المواقع الأثرية المتوزعة في أنحاء البلاد.
بغداد – الرافدين
حذر المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان من أن العديد من المواقع الأثرية في العراق معرضة للخطر، بحسب قائمة التراث العالمي الأخيرة.
وأكد رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي، أن العراق يمتلك خمسة عشر ألفًا ومائتين وخمسين موقعًا أثريًا وتاريخيًا وثقافيًا سُجل عدد منها في لائحة التراث الثقافي العالمي
وقال الغراوي في بيان، إن “منظمة اليونسكو سجلت ستة مواقع في العراق على التراث الثقافي وهي (آشور، ومدينة بابل الأثرية، ومدينة سامراء الأثرية ، والأهوار، ومدينة الحضر، وقلعة أربيل”.
وأضاف الغراوي، أن “اليونسكو وضعت سبعة دول عربية على قائمة التراث العالمي المعرض للخطر وهي ( العراق، سوريا، اليمن، فلسطين، ليبيا، لبنان، مصر)”.
وطالب الغراوي “اليونسكو بتعزيز الحماية للمواقع الثقافية المهددة بالخطر في العراق، ومطالبة الحكومة والبرلمان للإسراع بتشريع قانون حماية الأعيان الثقافية”.
وتشكل الأعيان الثقافية رمزًا وهوية وتاريخًا للشعوب، وتحتل مكانة مهمة ليس فقط في الوعي إنما أيضًا في اللاوعي عند كل شعب، لذلك فإن أي اعتداء على هذه الممتلكات يعتبر اعتداء على كرامة الشعوب كافة وتأريخها.
وأشارت مفتشية آثار وتراث محافظة المثنى إلى أن “الحراس المكلفين بحماية المواقع الأثرية في المحافظة لا يتعدى 80 حارسًا فقط، الأمر الذي يعد غير مناسب لحماية المواقع التي تقترب من 900 موقع.
وقال مدير المفتشية سلوان عدنان الأحمر، إن المثنى تعد واحدة من المحافظات التي تكثر فيها المواقع الأثرية، إذ يبلغ عددها نحو 900 موقع أثري، وهي إحصائية ناتجة عن مسح تضاريس المحافظة من قبل الملاكات العلمية والفنية في متحف السماوة الحضاري.
وبين أن “هذه المواقع تتوزع على امتداد الرقعة الجغرافية الواسعة للمثنى بين مناطق السلمان والوركاء وبصية، بينما يقع قسم منها في وسط الأحياء السكنية مثل تل السور”،
وأوضح الأحمر أن “هذه المواقع شهدت توافد أعداد كبيرة من السائحين الأجانب، وتحديدًا من الدول الأوروبية، بعد زيارة بابا الفاتيكان إلى مدينة أور الأثرية”.
وطالب الأحمر الحكومة المحلية بتطوير الواقع السياحي في المدينة الأثرية، من خلال إنشاء شبكة طرق حديثة تليق بتاريخها الممتد عبر آلاف السنين، وإنشاء مرافق سياحية مثل (دار استراحة، لوحات إرشادية وتعريفية)، وزيادة أعداد أفراد الحراسة للمواقع الأثرية في المحافظة التي بدأت تشهد توافدًا للسائحين الأجانب من جميع دول العالم.
وسبق أن أقرّت وزارة الثقافة في حكومة الإطار التنسيقي، بأنّ 90 بالمائة من المواقع الأثرية في البلاد لم يتم اكتشافها إلى الآن، في ظل غياب عمليات التنقيب والفرق الاستكشافية، وعدم توفير حماية لتلك المواقع.
وأكدت الوزارة وجود 15 ألف موقع أثري في عموم مناطق العراق وهي لا تمثل سوى 10 بالمائة مما يمتلكه البلد من مواقع أثرية.
وأضافت أن الأزمات المناخية والعواصف الترابية التي تضرب البلاد تسببت في تآكل بعضها، كما أن عدم تفعيل دور دوائر الآثار في حماية المواقع الأثرية، تحوّلت العديد منها إلى مكبٍ للنفايات، ومراعٍ للحيوانات.
وعلى الرغم من وجود المواقع الأثرية الكثيرة الموجودة في العراق إلا أن الإحصائيات الأخيرة كشفت أن البلد يقع بالمرتبة 65 من أصل 168 دولة، في قائمة الدول الأكثر امتلاكًا للمواقع التراثية المسجلة في قائمة اليونسكو، وهي مرتبة يمكن وصفها بالمتأخرة، نظرًا للإرث الغني الذي يمتلكه البلد.
وكشفت تقارير سابقة تورّط مسؤولين حكوميين في سرقة الآثار وتهريبها، عن طريق مافيا تهريب الآثار التي تعد واحدة من أقوى لوبيات الفساد في العراق.
وبحسب الصحفي كرم نعمة، فـ “عملية تهريب الآثار لا تكتفي بلصوصية البحث عن الأموال، بل متعلقة بهدف سياسي شرير لمحو هوية العراقيين وذاكرتهم الجماعية وتقديمهم مجرد شعب منقسم على نفسه يعلي من شأن الطوائف والقوميات ويحطّم ثروته الأثرية، أكثر من كونه ساهم في بناء الحضارة الإنسانية”.
وهو ما يؤكده أساتذة التاريخ العراقي القديم في الجامعة المستنصرية من أن “كل الآثار العراقية مستهدفة، لأن أرض العراق بكر لحد الآن، في ظل وجود نحو مئتي ألف تل أثري لا رقيب ولا حسيب عليها”.
وأكدوا أن هناك نحو 13 ألف تل أثري لدى مديرية السياحة والآثار، إلا أن هذه الآثار مهملة ودون حراسة مما شجع السراق ومافيات الآثار على استباحتها ونبشها”.
وكانت لجنة الثقافة والسياحة والآثار النيابية قد أقرت في وقت سابق، وجود مخاطر باندثار قرابة 10 آلاف موقع أثري في العراق، محملة وزارة الثقافة مسؤولية إهمال الآثار حيث تركتها عرضتها للسرقات والظروف البيئية القاسية فضلًا عن عدم تخصيصها لموازنة مالية مستقلة لترميمها وصيانتها.
ويرى مراقبون، أن إهمال الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 وحتى اليوم للمواقع الأثرية في العراق، يعد جزءًا من محاولات تغييب هوية العراق التاريخية والثقافية، ومحو تاريخه القديم بما حفل من إنجازات وحضارات أسست لعراق متميز ولامع بين بلدان العالم، والتي أكدت دور العراقيين عبر التاريخ في البناء والحضارة وكانوا مثالًا بارزًا وعنوانًا مشعًا لكل دول وشعوب العالم، فضلًا عن تأثير ذلك الإهمال المتعمد على واقع السياحة في العراق على الرغم من تنوع المواقع الأثرية فيه بما يشكل مصدرًا كبيرًا لجذب السياح، والذي يجده الكثير من المختصين بشؤون الآثار دليلًا على سعي السلطات التي جاءت في أثر الاحتلال الأمريكي للعراق، لفتح الأبواب أمام عصابات النهب والسرقة في ممارسة أدوارها الفاسدة والعبث بآثار العراق كما تريد.