اشتباك مسلح مع عناصر ميليشيا الحشد وهتاف ضد الخميني وخامنئي في كربلاء
كريستوفر فيليبس أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لندن: العراق لا يزال هشًا، وغالبًا ما تزداد حالته سوءا بسبب القضايا المتعلقة بمستقبل ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران في السياسة والمجتمع.
بغداد– الرافدين
كشف الاشتباك المسلح فجر الخميس بين عناصر من الجيش الحكومي وعناصر من ميليشيا منضوية في الحشد الشعبي في مدينة كربلاء خلال زيارة الأربعينية. وهن المزاعم الحكومية أن الحشد خاضع لسلطة رئيس الوزراء.
وطارد مواطنون عناصر الميليشيات بعد الاشتباك معهم وهتفوا بسقوط نفوذ إيران في العراق واستهدفوا بالذات اسم الخميني والمرشد الإيراني علي خامنئي.
وتعكس هذه المواجهة غضبا شعبيا ورسميا في العراق من نفوذ إيران المتزايد، وقد تمثل انطلاقا لانتفاضة أوسع تشمل مختلف المحافظات، وخاصة تلك التي صار يسيطر عليها الإيرانيون من بوابة الزيارات الدينية.
ولا يكتفي الإيرانيون بالتحكم في العراق من خلال الميليشيات والأحزاب الحليفة التي تتحكم في كل شيء داخل البلد، وإنما زاد نفوذهم المباشر اقتصاديا وأمنيا في العراق من بوابة الزيارات وما يتبعها من اقتصاد مواز يتضرر منه الاقتصاد العراقي.
ويشعر العراقيون بأن إيران توظف الزيارات الدينية في المزيد من السيطرة على العراق أكثر من كونها مناسبات دينية، وهو ما يفسر انطلاق احتجاج تلقائي من مواطنين ضد ميليشيات الحشد الشعبي بمناسبة الأربعينية لكونها واجهة لحماية الوجود الإيراني.
ووقع تبادل اطلاق النار وسط جمع كبير من الزوار قرب حاجز تفتيش تابع للجيش، وعلى اثره تم اعتقال ستة من أفراد الحشد الشعبي المتورطين بالحادث، حسبما قال مسؤول بوزارة الداخلية.
واوضح المسؤول رافضا الكشف عن اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية أن الحادث وقع في كربلاء على بعد خمسة كيلومترات من المدينة القديمة، حيث يتجمع مئات الآلاف من الزوار.
واندلع الاشتباك عندما حاولت أربع مركبات من ميليشيات الحشد عبور حاجز تفتيش للجيش، على طريق مخصص للمشاة ومغلق أمام حركة السيارات، بحسب مسؤول وزارة الداخلية. ومنع الجنود الآليات من المرور، وأطلق الطرفان النار في الهواء، بحسب المصدر نفسه.
وأكد مسؤول في ميليشيا الحشد، رفض الكشف عن هويته، أن قوة من مديرية أمن الحشد أرسلت إلى مكان الحادث أوقفت ستة منتسبين للمؤسسة ومتورطين في الاشتباك.
وأضاف أن “التحقيقات لا تزال جارية لمعرفة المتسبب في فتح النيران وسط الزوار”.
وكانت وزارة الداخلية العراقية أعلنت عن اعتقال 53 شخصا على خلفية مشاجرة استخدمت فيها الأسلحة وحصلت شمال قضاء الكوفة بمحافظة النجف خلال مراسم زيارة الأربعينية. ولا يعرف إن كان هذا الحادث امتدادا للتوتر الذي حصل في كربلاء أم هو حدث مستقل.
وقالت في بيان صحفي إن قوات مشتركة من التدخل السريع وشرطة محافظة النجف ضبطت “أسلحة وأعتدة ومازالت عمليات البحث مستمرة عن جميع المتورطين في هذا الحادث”.
وحتى بعد ان تم دمج ميليشيات الحشد ضمن قوات الأمن الحكومية، تحدث بين الحين والاخر توترات ومناوشات بين عناصر من الحشد ومؤسسات أمنية أخرى، حتى في العاصمة بغداد أحيانا.
وغالبًا ما يتم تحريف حقيقة أن الحشد لا يشكل أي تهديد عسكري للعراق، لا سيما مع مضاعفة قواته إلى حوالي 240 ألف عنصر وزيادة مماثلة في ميزانيته. ولكن، كما هو الحال مع حزب الله في لبنان، أصبحت قوات الحشد الشعبي ماهرة للغاية في التلاعب في أروقة السلطة لاحتكار المناصب السياسية والقضائية والاقتصادية والإدارية.
قال كريستوفر فيليبس أستاذ العلاقات الدولية في جامعة “كوين ماري” في لندن، إن العراق في لب منطقة الشرق الأوسط كواحد من أكثر المناطق اضطرابًا في العالم، حيث تتشابك في المنطقة الأزمات والصراعات التي تتجاوز الحدود الوطنية لتشكل لوحة معقدة من النزاعات.
وأضاف الباحث الذي سبق أن أصدر مجموعة كتب من بينها “ساحة المعركة: عشرة صراعات تشرح الشرق الأوسط الجديد” و”المعركة من أجل سوريا: التنافس الدولي في الشرق الأوسط الجديد” أن الحرب المنسية في العراق يديرها الحشد الشعبي التي تنضوي تحته ميليشيات تدين بالولاء لإيران.
وأكد فيليبس في دراسة نشرها المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني “تشاتام هاوس” على أن العراق لا يزال هشًا، وغالبًا ما تزداد حالته سوءا بسبب القضايا المتعلقة بمستقبل ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران في السياسة والمجتمع.
وحذر من تجاهل هذه الصراعات التي تقف خلفها ميليشيات موالية لإيران يمكن أن يؤدي إلى انفجارات جديدة للعنف ويعزز حالة عدم الاستقرار.
وقال الباحث البريطاني الحاصل على الدكتوراة في العلاقات الدولية، والزميل ببرنامج الشرق الوسط وشمال أفريقيا بمعهد “تشاتام هاوس”، إن الحوثيين في اليمن مثل ميليشيات الحشد الشعبي في العراق يعبرون عن ولائهم إلى إيران ويؤكدون بأن الصراع هناك لم يحل بعد.