العروض الصوتية لحكومة السوداني عن انسحاب القوات الأمريكية لا يوجد ما يؤكدها على الأرض
عندما يتعلق الموضوع بانسحاب القوات الأمريكية من العراق فحكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني تعلن للعراقيين عكس ما تناقشه مع المسؤولين الأمريكيين.
بغداد- الرافدين
شكك مراقبون سياسيون باعلان حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بحث انهاء مهمة التحالف في العراق.
وقالوا “عندما يتعلق الموضوع بانسحاب القوات الأمريكية من العراق فحكومة السوداني تعلن للعراقيين عكس ما تناقشه مع المسؤولين الأمريكيين”.
واعلن السوداني أنه بحث مع قائد بعثة التحالف الدولي لمحاربة داعش في العراق الجنرال كيفن ليهي، بحضور السفيرة الأمريكية ببغداد، انهاء مهمة التحالف في العراق.
وذكر بيان لمكتب السوداني أنه جرى خلال اللقاء، بحث سير الحوار الفني بين الجانبين لإنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق.
وسبق أن وصف مصدر سياسي مقرب من رئيس حكومة الإطار التنسيقي، التهويل الإعلامي الحكومي أو من قبل أحزاب إيران في العراق عن الانسحاب القريب للقوات الأمريكية من العراق، بمحاولة من السوداني لمنح أتباع الميليشيات “نصرًا يطبلون له ويزمرون”.
وأكد مصدر في تصريح لقناة “الرافدين” مفضلا عدم الكشف عن هويته، بسبب حساسية عمله، على وجود اتفاق في الأوساط المراقبة أن المؤشرات على الأرض لا توحي بأي انسحاب قريب للقوات الأمريكية من العراق كما تزعم حكومة الإطار التنسيقي.
وقال “الحقيقة إن السوداني لم تعد لديه أي رافعة سياسية، بعدما انقلبت معظم قوى الإطار عليه، بسبب نواياه الانتخابية.”
ويناقض بيان حكومة السوداني ما كشفت عنه وزارة الخارجية قبل اسبوعين عن تأجيل موعد انتهاء مهمة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، عن حقيقة مركز القرار في واشنطن وليس في المنطقة الخضراء.
وعزا بيان لوزارة الخارجية ما أسماه بـ “التأجيل” إلى “التطورات الأخيرة”، من دون أن يحدد هذه التطورات.
وأضافت الوزارة في البيان إن اللجنة العسكرية العليا الأمريكية العراقية التي تضم مسؤولين من البلدين ناقشت تفاصيل سحب المستشارين من المواقع العسكرية.
وجاء في البيان “ركزت أعمال اللجنة العسكرية العليا خلال الأشهر الماضية على تقييم خطر تنظيم داعش بهدف الوصول إلى موعد نهائي لإنهاء المهمة العسكرية.
وأضاف أنه “لم يبق سوى الاتفاق على تفاصيل وموعد الإعلان وبعض الجوانب اللوجستية الأخرى. كنا قريبين جدا من الإعلان عن هذا الاتفاق ولكن بسبب التطورات الأخيرة تم تأجيل الإعلان عن إنهاء المهمة العسكرية للتحالف الدولي في العراق”.
وبدت الذريعة واهية في بيان وزارة الخارجية عن تأجيل انسحاب القوات الأمريكية كما كان متوقعا، وأن “النصر الاعلامي” الذي طالما أعلنته الميلييشيات الولائية بشأن “طرد القوات الأمريكية” لم يخرج عن التصريحات التلفزيونية.
ويوجد في العراق 2500 جندي أمريكي. وفي الخامس من آب، أصيب خمسة أفراد على الأقل من القوات الأمريكية في هجوم على قاعدة عسكرية في العراق.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مصادر عراقية قولها إن حكومة السوداني تريد أن تبدأ قوات التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في الانسحاب في أيلول القادم وإنهاء عمل التحالف رسميا بحلول أيلول 2025، مع احتمال بقاء بعض القوات الأمريكية بصفة استشارية وفق تفاوض جديد.
وكانت قناة “الرافدين” قد شددت في أكثر من تقرير لها على أن العروض الصوتية لحكومة الإطار والميليشيات المنضوية تحتها عن انسحاب القوات الأمريكية، لا يوجد ما يؤكدها على الأرض وفق التخادم الأمريكي الإيراني لإبقاء الوضع على ما هو عليه في العراق.
وسبق أن فند المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الميجر جنرال بات رايدر، المزاعم الإعلامية من قبل حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني التي تتحدث عن جدولة انسحاب القوات الأمريكية من العراق.
وقال الجنرال رايدر “إن القوات الأمريكية موجودة في العراق بناء على دعوة من الحكومة العراقية، وإنه ليس على علم بأي طلب رسمي محدد لمغادرة القوات الأمريكية”.
وأوضح أن اجتماع اللجنة العسكرية العليا خطوة مهمة أخرى على طريق الانتقال من مهمة التحالف العسكري إلى الشكل الذي سيبدو عليه الوجود العسكري الأمريكي والعلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة والعراق.
وأكد على أن اجتماعات اللجنة تناقش ثلاث نقاط وهي تقييم التهديد الذي يشكله داعش وقدرات القوات العراقية والظروف العملياتية على الأرض.
ويفند كلام المسؤول في البنتاغون ما قاله المتحدث العسكري باسم السوداني اللواء يحيى رسول إن العراق والولايات المتحدة أجريا محادثات من أجل صياغة جدول زمني “لخفض مدروس وتدريجي وصولا إلى إنهاء مهمة قوات التحالف الدولي” في العراق”.
وأضاف “وطالما لم يعكر صفو المحادثات شيء فإن الاجتماعات ستتواتر بصورة دورية لإتمام أعمال اللجنة بالسرعة الممكنة”.
وسبق أن أعلن السوداني أنه يريد خروجًا سريعًا ومنظمًا للقوات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة من أراضيه عن طريق التفاوض، لكنه لم يحدد موعدًا نهائيًا، ووصف وجود تلك القوات بأنه مزعزع للاستقرار في ظل التداعيات الإقليمية لحرب غزة.
وقال السوداني في مقابلة مع وكالة “رويترز” في بغداد إن هناك “ضرورة لإعادة ترتيب هذه العلاقة بالشكل الذي لا تكون هدفًا وملفًا ومبررًا لأي جهة داخلية أو خارجية للعبث باستقرار العراق والمنطقة”.
ويحظى السوداني بنفوذ محدود على الميليشيات المتحالفة مع إيران. واحتاج إلى دعم تلك الجماعات المنضوية في الحشد الشعبي والإطار التنسيقي للظفر برئاسة الحكومة.
وأجبر الوضع المتقلّب الذي يشهده العراق بعد مقتل عناصر من الميليشيات الولائية في ضربات للقوات الأمريكية على بغداد، السوداني على ممارسة فعل توازن يتمثّل في الحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة، بعد وصوله إلى السلطة بدعم أحزاب مؤيّدة لإيران.
ويجمع مراقبون سياسيون على أن السوداني يحاول المحافظة على وضعه في رئاسة الحكومة ببعث رسائل خضوع لخطاب الميليشيات، فيما يتحدث بشكل مختلف كليًا مع المسؤولين الأمريكيين.
ويقلل مراقبون سياسيون من أهمية مزاعم السوداني بشأن سحب القوات الأمريكية من العراق، ويصفونها بعروض إعلامية فاقدة التأثير، ولا تحظى بأن أهمية بالنسبة للشارع العراقي، كما لا تثير اهتمام الجانب الأمريكي كثيرًا.
ويدفع السوداني نحو المحافظة على موقعه في رئاسة الحكومة، أمام زعماء أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي، عبر رسائل تنديد بالقوات الأمريكية وإنهاء الشركة معها بعد مقتل مشتاق طالب السعيدي وأبو باقر الساعدي من كبار عناصر ميليشيا “النجباء” و “حزب الله” المنضوية في الحشد الشعبي، لامتصاص غضب الميليشيات الولائية التي طالبت بإنهاء وجود القوات الأمريكية في العراق.
وقال المحلل نورمان ريكليفس الذي عمل مع الحكومة الأمريكية وكان سابقًا مستشارا لوزير الداخلية في العراق “لا أرى أي فرصة لمغادرة القوات الأمريكية العراق في المستقبل القريب”.
وكانت صحيفة “بوليتيكو” قد نقلت عن برقية للخارجية الأمريكية أن السوداني صرح لمسؤولين أمريكيين بشكل خاص أنه يريد التفاوض بشأن إبقاء القوات الأمريكية في البلاد على الرغم من إعلانه الأخير أنه سيبدأ عملية إخراجهم من البلاد.
وأبلغ السوداني الجانب الأمريكي عدم أخذ تصريحاته بشأن إخراج القوات الأمريكية على محمل الجد، فهي موجهة للاستهلاك المحلي بغية إرضاء “الجماهير”، الأمر الذي يكشف عن الازدواجية والنفاق السياسي الذي يمارسه السوداني على العراقيين.
وقال أحد كبار مستشاري السوداني لصحيفة بوليتيكو إنه “أبلغ مسؤولين أمريكيين أن إعلان السوداني إخراج القوات الأمريكية من العراق كان محاولة لإرضاء الجماهير السياسية المحلية” وأنه “ملتزم بالتفاوض بشأن الوجود المستقبلي لقوات التحالف الدولي في الأراضي العراقية.”