أخبار الرافدين
تقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدوليةعربية

حرب الصواريخ السامة على غزة تهدد بيئة المنطقة بأسرها

الخبير البيئي الفلسطيني سعيد العكلوك: القذائف والمتفجرات التي ألقاها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، لم تتسبب فقط بتدمير البنى التحتية والمباني، إنما دمرت البيئة أيضا.

غزة- حذر الخبير البيئي الفلسطيني سعيد العكلوك، من التداعيات الصحية والبيئية جراء مواصلة “إسرائيل” حربها المدمرة على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول الماضي، قائلا إنها “ستمتد لعقود وتهديدها سيشمل المنطقة”.
وتطرق العكلوك إلى تداعيات استمرار الحرب وإلقاء صواريخ تحوي مواد كيميائية سامة على البيئة في قطاع غزة، كما سلط الضوء على الاحتباس الحراري الذي من شأنه أن يلقي بآثاره على المنطقة بأسرها.
وقال الخبير البيئي، إن استهداف “البنية التحتية الحيوية، مثل شبكات المياه والصرف الصحي، إضافة إلى تدمير المنازل والمباني والمنشآت الصناعية، سيترك آثارا بيئية وصحية وخيمة تمتد لعقود، وتؤثر على المناخ والاحتباس الحراري على نطاق أوسع”.
ربط تدمير شبكات المياه والصرف الصحي بحالة التدهور الصحية للفلسطينيين في غزة، خاصة فيما يتعلق بانتشار الأمراض كالتهاب الكبد الوبائي.
وبحسب مؤسسات صحية فلسطينية وأممية، فإن انتشار التهاب الكبد الوبائي في قطاع غزة خاصة بين الأطفال، يأتي نتيجة نقص النظافة الشخصية والمياه، وتلوّث الغذاء، والاكتظاظ السكاني في مراكز النزوح جراء الحرب، وما يترافق معها من قيود يفرضها جيش الاحتلال على كل مقومات الحياة.
وبدعم أمريكي، تشن “إسرائيل” منذ السابع من تشرين الثاني الماضي، حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 135 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل “إسرائيل” الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
وقال العكلوك إن استهداف “مكونات شبكة مياه الشرب من آبار وخزانات وخطوط توزيع، إضافة إلى تدمير شبكات الصرف الصحي”، ألقى بظلاله “الكارثية على البيئة الفلسطينية”.
وتابع “تم تدمير محطات ضخ المياه العادمة المخصصة لنقل مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى محطات المعالجة التي تحولها لمياه آمنة، وتعمل على حقنها في الخزان الجوفي، أو ضخها باتجاه البحر بطريقة تقلل من خطرها على الصحة العامة”.
وأوضح أن ذلك التدمير تسبب في تسرب المياه العادمة إلى الشوارع ما أدى بشكل أو بآخر إلى انتشار الأمراض بين الفلسطينيين خاصة المعوية منها.
وفي إطار بحثهم عن حلول للتخلص من مياه الصرف الصحي، لجأ الفلسطينيون في قطاع غزة إلى نقب الحفر الامتصاصية خاصة في خيام وأماكن النزوح، وفق العكلوك.
وأضاف “حفر الحفر الامتصاصية للتخلص من مياه الصرف الصحي يشكل خطرا حقيقيا على البيئة والصحة العامة”.
وأرجع ذلك إلى قرب الحفر الامتصاصية من المياه الجوفية، التي يتم نقبها في مناطق النزوح خاصة غرب المناطق الوسطى والجنوبية لكون تربتها عالية النفاذ.
وزاد “هذا القرب يؤدي لتسرب المياه العادمة التي تحتوي على ملوثات عضوية وفضلات بشرية، إلى آبار المياه الجوفية، ما يؤدي إلى انتشار الأمراض بشكل واسع، وذلك لاعتماد المواطنين على هذه المياه”.
وربط العكلوك بين “عملية نقب الحفر الامتصاصية بشكل عشوائي و تفشي التهاب الكبد الوبائي (أ) في قطاع غزة، خاصة بعد تسجيل قرابة 100 ألف إصابة”.
فيما يتعلق بالتأثيرات البيئية للقذائف والمتفجرات التي ألقاها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، قال العكلوك “لم تتسبب فقط بتدمير البنى التحتية والمباني، إنما دمرت البيئة أيضا”.
وبيّن أن “هذه القذائف تحتوي على مواد مشعة وفسفور ويورانيوم منضب، والتي تترك آثارا بيئية بعيدة المدى”.
وأشار إلى تجمع كميات هائلة من الركام والمواد الكيميائية الخطيرة الناجمة عن القصف للمباني في قطاع غزة، والتي بدورها لها آثار سلبية على البيئة.
ولفت إلى أن هذا الركام يحتوي على “بقايا ضحايا (أشلاء فلسطينيين قتلى)، ما قد يؤدي إلى انتشار الأمراض والأوبئة عبر الكلاب الضالة والحيوانات الأخرى التي تنبش الأنقاض، وتحمل الأمراض المعدية وتنقلها إلى أماكن عدة”.
وسبق أن قال وزير الأشغال العامة والإسكان الفلسطيني عاهد فائق بسيسو، إن كمية الركام الناتجة عن الحرب الإسرائيلية على غزة تقدر بنحو 40 مليون طن، بينما تحدث برنامج الأمم المتحدة للبيئة في الشهر نفسه عن “أكثر من 107 كيلوغرامات من الركام لكل متر مربع في القطاع”.
وأعرب الخبير البيئي عن قلقه من الأثر الذي تعكسه الحرب على المناخ، قائلا إن “إزالة الركام الناتج عن هذه الحرب سيؤدي إلى انبعاث 629 ألف طن من الكربون المكافئ، ما يزيد من الاحتباس الحراري”.
وحذر من أن “هذه التأثيرات لن تقتصر على قطاع غزة فقط، بل ستؤثر على المنطقة بأسرها”.
و”الكربون المكافئ” مصطلح يستخدم لقياس التأثير الكلي لمختلف الغازات الدفيئة على الاحتباس الحراري.
وطالب العكلوك بضرورة “تدخل عاجل من المجتمع الدولي والمنظمات الأممية التي تعنى بالبيئة والصحة العامة، لمواجهة الكارثة التي تعانيها البيئة الفلسطينية”.
وختم حواره مع وكالة “الأناضول” قائلا “إذا لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة لمعالجة هذه الكوارث، فإن الوضع سيزداد سوءا، ما يهدد حياة ملايين من السكان في غزة والمنطقة المحيطة”.
وقال برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن التأثيرات البيئية للحرب في غزة “غير مسبوقة” ما يعرض المجتمع لـ”مخاطر التلوث المتزايد بسرعة في التربة والمياه والهواء، فضلا عن مخاطر الأضرار التي لا يمكن إصلاحها للنظم البيئية الطبيعية”.
وقالت المديرة التنفيذية للبرنامج إنغر أندرسن، في تقييم أولي نشره الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة، إن سكان غزة لا يتعاملون فحسب مع “معاناة لا توصف من الحرب المستمرة، بل إن الضرر البيئي الكبير والمتزايد في غزة يهدد بحبس شعبها في فترة تعافي مؤلمة وطويلة”.
وأفاد تقييم البرنامج بأن “إلقاء الذخائر التي تحتوي على معادن ثقيلة ومواد كيميائية متفجرة في المناطق المكتظة بالسكان في غزة أدى إلى تلويث التربة ومصادر المياه”.
وحذر من خطورة ذلك على “صحة الإنسان والذي سيستمر لفترة طويلة بعد وقف الأعمال العدائية”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى