أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

حكومة الاحتلال التاسعة تتفنن في القمع الوحشي وتصعّد اعتداءاتها على الخريجين.

باحثون: طريقة تعامل القوات الأمنية مع متظاهري المهن الطبية والقسوة المفرطة في قمع المتظاهرين السلميين؛ تثبت أن النظام السياسي برمته يخشى من عودة شبح ثورة تشرين

بغداد – الرافدين
أقدمت قوات “مكافحة الشغب” التابعة لحكومة الاحتلال التاسعة بارتكاب جريمة جديدة بحق المتظاهرين من خريجي المهن الطبية والصحية، حيث لجأت إلى استخدام القوة المفرطة لقمع احتجاجات سلمية أقيمت في حديقة الشواف قرب بوابة “المنطقة الخضراء” وسط العاصمة بغداد. جاءت هذه الاحتجاجات للمطالبة بحقوق شريحة مهمة في المجتمع العراقي.
وأفاد شهود عيان أن “قوات مكافحة الشغب استخدمت عجلات خراطيم المياه الحارّة، فضلا عن ضرب المتظاهرين من خريجي المجموعة الطبية لسنة 2023، بعد أن تجمعوا قرب بوابات المنطقة الخضراء وسط بغداد، حيث تم تسجيل أكثر من 25 إصابة نتيجة ضربهم واستخدام المياه الحارة”.
وأضافت أن “خريجي المجموعة الطبية تجمهروا بأعداد كبيرة وانطلقوا من منطقة العلاوي وسط بغداد باتجاه المنطقة الخضراء للمطالبة بالتعيين إلا إن قوات مكافحة الشغب حالت دون تقدمهم أكثر وباشرت بتفريقهم عبر استخدام المياه الحارة والعصي الكهربائية ومن ثم ملاحقتهم واعتقال البعض منهم وفقدان أثر 11 متظاهرًا”.
ويأتي التحرك الجديد بعد أقل من 10 أيام من مظاهرة مماثلة قاموا بها بالقرب من وزارة المالية، المسؤولة عن تخصيص الدرجات الوظيفية في المؤسسات الحكومية.
وعلى الرغم من أن تظاهرات خريجي المهن الصحية والطبية تتواصل في العراق منذ أشهر للمطالبة بالتعيين المركزي في مؤسسات الدولة، وفق القانون، فإن الحكومة لم ترد بجدية على هذه الدعوات.
وتسلط التظاهرات التي ينظمها خريجو الكليات “المهن الصحية” الضوء على معاناة هذه الشريحة من المجتمع، وتؤكد على حقوقهم في التوظيف.
وينص القانون رقم 6 لعام 2000 على تعيين خريجي كليات المهن الطبية والتمريض والرعاية الصحية، وهو ما أقر به وزير الصحة صالح مهدي الحسناوي.
ونددت نقابات واتحادات العراق بتعرض خريجي المهن الطبية والصحية لعام 2023 للاعتداء الوحشي من قبل قوات مكافحة الشغب في بغداد.
وأضافت أنه “لا ذنب لذوي المهن الصحية والطبية بالسياسات الخاطئة من الحكومات”، مطالبين بـ”تنفيذ قرار رئيس الوزراء بسد النقص وإحالة المعتدين إلى المحاكم المختصة”.
كما طالبت وزارة التعليم العالي بـ”ضرورة التنسيق مع النقابات بوضع آلية للتعيين”.
إلى ذلك وتصدر هاشتاغ مجزرة الشواف الترند في العراق، حيث أبدى العراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي استياءهم وامتعاظهم من مشاهد القمع العنيف بحق للمتظاهرين السلميين على يد القوات الأمنية.
وكتب أحد الخريجين على منصة إكس “كانت الشرارة الأولى لثورة تشرين هي القمع والاعتداء على الخريجين من قبل حكومة “عادل عبد المهدي” والآن تعود من جديد ..حكومة الإطار تعتدي على الخريجين بوحشية وكأنهم ليسوا عراقيين..!؟ “الثورة تقرع طبولها”.
وعلق أحدهم على وحشية التعامل مع الخريجين بالقول “هذه نتيجة من يطالب العيش الكريم في بلد الرافدين، هذه نتيجة من يدرس ويتعب ويسهر 16سنة ، هذه نتيجة من يريد يفرح أمه وأباه في بلد الخيرات ، هذه نتيجة من يريد يحقق أمانيه وطموحاته”.
وقال أحد المدونين “أن تصل المرحلة بدهس بناتنا الحرائر والتعدي عليهن وضرب كبار السن ووقوع الجرحى واستمرار الاعتقالات، هذا يدل على أمر واحد فقط أن الثورة قامت ولن تتوقف حتى تزيل عروشكم يا طغاة يا مجرمين”.
وأضاف أحد المدونين أن “مشاهد مساعدة الأهالي الشرفاء من سكنة المنطقة بإدخال كثير من الخريجين ولاسيما الخريجيات الحرائر إلى البيوت لحمايتهم من اعتداءات الشغب يدل على تكاتف المجتمع ولحمته في مجابهة السلطة القمعية”
وقال مدون آخر “بعد ضربهم بهمجية، قوات الشغب تشن حملة اعتقالات للمتظاهرين وذويهم و تفرقهم بالماء الحار في لهيب الصيف بالتزامن مع جلسة البرلمان! الحكومات لم تتعلم من اخطاءها مع المحتجين”.
وقال المتحدث باسم المرصد العراقي للحقوق والحريات عادل الخزاعي تعليقًا عن الأحداث “واهم من يعتقد أن الثورة العراقية لن تعود ستعود وبقوة ويجب على النُخب المُخلصة تهيئة وتمهيد وتسليط الضوء وإرشاد الشارع بالطريق الصحيح، عودة الثورة إلى الشارع العراقي ستقلب المعادلة في العراق والمنطقة”.
وأضاف الخزاعي أن “المجتمع الدولي لا يحترم الضعفاء، وسيُجبر على القبول بالبديل القادم”.
وأبدت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان عن رفضها للاعتداءات المتكررة التي تطال المتظاهرين من ذوي المهن الطبية، مؤكدة حق التظاهر وسلميته.
ودعا رئيس اللجنة أرشد الصالحي، وزارة الداخلية إلى “فتح تحقيق عاجل وشامل في تلك الاعتداءات لضمان محاسبة المسؤولين عنها”.
وأشار الصالحي، إلى أن “التوسع الكبير في عدد الجامعات الأهلية، خصوصاً في أقسام المجموعات الطبية، قد أدى إلى تقييد قدرة وزارتَي الصحة والمالية على استيعاب الأعداد المتزايدة من الخريجين”.
وأضاف أن “هذا الوضع غير العادل يتطلب من الدولة توفير الدرجات الوظيفية اللازمة لهؤلاء الخريجين، وعدم تأجيل تعيينهم”.
وطالب الصالحي، بـ “ضرورة إعادة النظر في سياسات قبول الطلاب في أقسام المجموعات الطبية بالجامعات الأهلية؛ لضمان عدم تراكم أعداد الخريجين في السنوات المقبلة”.
وأكد رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، أن “الدولة عليها أن تكفل حق العمل وبضمنه توفير فرص العمل للخريجين والتعيينات في المؤسسات الحكومية، خاصة أن هناك قوانين صدرت سابقا بتعيين خريجي المهن الصحية، وبالتالي هم يطالبون بتطبيق هذا القانون أسوة بأقرانهم الذين تم تعيينهم”.
وأشار الغرواي إلى أن “القانون لم يتغير ولكن موازنة عام 2024 لم تتضمن مخصصات مالية لتعيين حملة الشهادات العليا بعكس ميزانية العام السابق، ولذلك هم يطالبون بأن تتضمن ميزانية عام 2025 المبالغ التي تضمن تعيينهم”.
وأجمع عدد من الناشطين والصحفيين والباحثين أن “الحكومة توسعت في السنوات الأخيرة في منح رخص لجامعات أهلية بدأت تنافس الجامعات الحكومية وتخرج أعدادًا هائلة من الخريجين، مما دفع الدولة إلى إيقاف التعيينات في القطاع الحكومي بسبب هذه الأخطاء”.
وأكدوا أن التوسع في الجامعات الأهلية فاقم مشكلة التوظيف.
وبينوا أن “السياسات الخاطئة حرمت خريجي الجامعات الحكومية ذات المعدلات العالية جدا من حقهم في التعيين لأن هناك جامعات أهلية بدأت تنافس هذه الكليات بمعدلات أقل بكثير، إذ يدفع فيها الطالب أموالا كثيرة حتى يتخرج ويساوي الطالب الحكومي، وذلك بدون وجود دراسات لقياس مدى جدوى خريجي هذه الجامعات”.
وقالت الناشطة والباحثة في الشأن السياسي، نهاد الشمري “كان من المعروف أن خريجي كليات المهن الصحية من الطب والصيدلة والتمريض وغيرهم يعينون فور تخرجهم، لكن هذا الأمر توقف في الفترة الأخيرة بسبب عدم وجود ميزانيات تغطي المرتبات للأعداد الهائلة من الخريجين”.
وقالت إن هؤلاء المتظاهرين “دخلوا هذه المعاهد والكليات الطبية على أمل أن يتعينوا في القطاع الحكومي لكن صدموا أن هذا الأمر قد توقف”.
وأشارت إلى أن التضخم الاقتصادي والترهل الوظيفي قد أثرا سلبا على قدرة الحكومة على استيعاب جميع الخريجين.
ولفتت إلى إن “الحكومة الحالية تتحدث عن تفعيل القطاع الاقتصادي الخاص والمشترك بغية إنجاز حلول لهذا الملف وتوفير فرص عمل، لكن هذا الموضوع يتطلب وقتا وخططا وهو ليس حلا آنيا ولذلك خرج الطلاب ليطالبوا بحقوقهم وإيجاد حلول سريعة للمشكلة”.
ويرى الصحفي العراقي إياد الدليمي إن “طريقة تعامل القوات الأمنية مع متظاهري المهن الطبية والقسوة المفرطة في قمع المتظاهرين السلميين؛ تثبت أن النظام السياسي برمته يخشى من عودة شبح ثورة تشرين، هذا النظام يدرك جيدًا أنه فاسد ولا أخلاقي ولا يليق بإدارة دولة بحجم العراق، عودة التظاهرات هذه المرة ستكون كارثية على الساسة”.
وأضاف الدليمي “ما يلفت النظر في تظاهرات ذوي المهن الطبية اليوم هو هذا العدد الهائل، علما أنهم فقط من خريجي العام 2023، ترى هل فعلا العراق يحتاج إلى كل هذا الكم؟ لماذا إذن فتحتم باب التعيين فقط للمجموعة الطبية؟ لماذا صار المركز الصحي الواحد يضم 40 موظف مختبر وحاجته الفعلية لا تتجاوز 10؟”.
وأكد إلى أنه “عندما تعمد إلى افتتاح عشرات الجامعات الأهلية، وتفتح باب التعيين المركزي لطلاب المجموعة الطبية،ويندفع الطلاب لهذه الكليات “الطبية” ثم تأتي فجأة وتوقف التعيين تكون النتيجة تظاهرات عارمة ،بلد لا يعرف ساسته معنى التخطيط، عشوائية في كل شيء، تمام كعمليته السياسية العشوائية العراق”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى