أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

من المسؤول عن زيادة أعداد أطباء الاسنان في العراق؟

مراقبون: سوء تخطيط الحكومات المتعاقبة بخطط القبول في كليات طب الأسنان أثر سلبًا على تعيين أطباء الأسنان وفق الاستحقاق القانوني، وإغراق السوق الخاص في مستنقع البطالة، بسبب عدم اكتراثهم لما ستؤول إليه المهنة في المستقبل.

بغداد – الرافدين
كشف تحذير نقابة أطباء الأسنان في العراق، المواطنين من تسجيل أبنائهم الطلبة في كليات طب الأسنان للعام الدراسي المقبل والأعوام اللاحقة، بسبب زيادة أعداد أطباء الأسنان في العراق فوق الحاجة السكانية الفعلية للبلاد وبما يؤكد فشل الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 في التخطيط لمستقبل خريجي الجامعات العراقية.
وبحسب البيان الصادر عن نقابة أطباء الأسنان في العراق في الثلاثين من شهر آب الماضي، الذي اطلع موقع الرافدين على نسخة منه، فقد قررت النقابة إقامة مؤتمر صحفي احتجاجي على زيادة أعداد القبول في كليات طب الأسنان والتي تسببت في زيادة أعداد أطباء الاسنان في العراق فوق الحاجة السكانية الفعلية للبلاد.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي تحذر فيها نقابة أطباء الأسنان من زيادة أعداد القبول لخريجي المرحلة الإعدادية في كليات طب الأسنان، فقد سبق للنقابة أن كشفت ببيان لها في تشرين الثاني 2020، عن اتخاذ إجراءات مع الجهات المعنية لتحديد أعداد القبول في كليات طب الأسنان ومنع استحداث كليات جديدة أهلية وحكومية، للحفاظ على هذه المهنة وعدم إغراقها في سوق البطالة بسبب سوء التخطيط.
ويرى مراقبون أن هذا التحذير دليلًا على الفوضى المتحكمة بقرارات الدولة، وغياب النظرة التي تعتمد المهنية في التخطيط لحاجة البلاد الآنية والمستقبلية، واستمرار الفاسدين والجهات المتنفذة في تحقيق الأرباح والأموال الطائلة عبر قبول المزيد من الطلبة في الجامعات الأهلية.
وأكد المراقبون أن التحذير يُظهر، سوء تخطيط الحكومات المتعاقبة بخطط القبول في كليات طب الأسنان والذي أثر سلبًا على تعيين أطباء الأسنان وفق الاستحقاق القانوني، وإغراق السوق الخاص في مستنقع البطالة، بسبب عدم اكتراثهم لما ستؤول إليه المهنة في المستقبل.
وفي تدوينة سابقة عبر منصة “إكس”، أكد رئيس لجنة الصحة في البرلمان الحالي ماجد شنكالي، خطورة هذه المشكلة، وإن “أعداد الطلبة المقبولين في كليات طب الأسنان وصل إلى ما يقارب الـ 30 ألف، وهذا الرقم هو أكثر من احتياج العراق بكل سكانه وحسب المعايير العالمية”.
وتساءل شنكالي: “من سمح بذلك وأين التخطيط والدراسات؟ وأين سيعملون؟”، في إشارة إلى الفوضى في التخطيط وسوء الإدارة وإهمال الحكومات المتعاقبة لمستقبل الشباب العراقي.
وكانت نقابات وأكاديميات علمية عراقية قد حذرت من الاستمرار في إبادة التعليم في العراق والاستهانة بالمعايير الطبية والتفريط بصحة الإنسان لحساب مصالح تجارية وحزبية ضيقة، عبر استحداث كليات طب أهلية.
ويضطر المئات من خريجي التخصصات الطبية للانتظار سنوات عديدة قبل حصولهم على وظيفة في المؤسسات الصحية الحكومية، وسط مخاوف حقيقية من وقوع الآلاف من خريجي كليات الطب والصيدلة والتخصصات الصحية الأخرى من الجامعات الحكومية في فخ البطالة خلال السنوات القادمة، لينضموا إلى ملايين العاطلين من التخصصات الأخرى.
وسبق أن أدانت نقابات أطباء العراق والصيادلة والأسنان ونقابة الأكاديميين العراقيين، في بيان مشترك، قرارات وزير التعليم العالي في حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، نعيم العبودي، باستحداث أقسام طبية في كليات أهلية.
وأشار الدكتور عبد الله اللطيف الدليمي التدريسي بكلية الطب في الجامعة العراقية إلى أن العدد الكبير من الكليات الأهلية التي فتحت لأغراض تجارية، مع تراجع كبير في بناء المستشفيات، تسببت في انضمام خريجي الكليات الطبية إلى صفوف العاطلين عن العمل.
وقال الدليمي إن “بعض الدول لديها وزارة الصحة والتعليم الطبي وبذلك تكون الوزارة هي المسؤولة عن أعداد الخريجين، إلا أن الأمر في العراق مختلف، حيث إن وزارة التعليم العالي هي المسؤولة عن أعداد طلاب التخصصات الطبية وليس وزارة الصحة”.
وفي مطلع العام الحالي 2024، أعلنت وزارة التخطيط الحالية، أن أعداد الطلبة الخريجين في طب الأسنان والصيدلة في تزايد، مما ينتج حدوث فائض ويثقل كاهل موازنة الدولة، وأن الوزارة ستوقف إبداء الرأي في تخصصي طب الأسنان والصيدلة.
ولا يخفي عراقيون أساهم على واقع التعليم في البلاد بعد إبادته كليًا والسماح لمؤسسات طائفية بالتدخل في مناهجه وفرض وصايات على البحوث والدراسات. والسماح لجهات فاسدة مرتبطة بدول خارجية بفتح مدارس ومعاهد وجامعات تجارية لا تبالي بوطنية العملية التعليمية.
وقال الأكاديمي والباحث السياسي الدكتور محمود المسافر بأن الفساد المالي والإداري الذي ينخر الدولة منذ الاحتلال وحتى اليوم ساهم بتردي واقع التعليم.
وأكد المسافر في تصريح لقناة “الرافدين” بأن الاحتلال والحكومات التي اعقبته ينفذون خطة ممنهجة لإعادة العراق إلى عهد ما قبل الصناعة بمساعدة بعض الدول التي لا تريد للعراق أن ينافسها في المنطقة ولاسيما إيران.
ويواجه نظام التعليم في العراق غيابًا واضحًا في الخطط والاستراتيجيات التي انعكست وبشكل مباشر على نتاج النظام التعليمي وأصبح ضعيفًا في الاستقطاب وغير موحد.
ويعاني التعليم العالي في البلاد من اختلالات هيكلية مرتبطة بفشل الدولة على عدة مستويات والفساد المستشري الذي أنتج حالة الشلل في الرؤى التعليمية والاجتماعية والثقافية لدى المؤسسات التي تصنع القرارات وترسم السياسات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى