أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

إصابة مهاجم المنتخب الوطني أيمن حسين تكشف المشكلة المزمنة للواقع الصحي في العراق

خلو مستشفيات البصرة من الأجهزة المتطورة لتشخيص الحالات الطارئة يدفع اتحاد الكرة العراقي إلى نقل مهاجم المنتخب الوطني أيمن حسين إلى دولة الكويت لتلقي العلاج بعد إصابته خلال المباراة مع عمان.

البصرة- الرافدين
كشف نقل مهاجم المنتخب الوطني، أيمن حسين إلى دولة الكويت لتلقي العلاج بعد إصابته في المباراة مع عمان ضمن التصفيات المؤهلة لكأس العالم عن الواقع الصحي المتردي للبلاد بعدما عجزت محافظة البصرة عن تقديم العلاج لنجم المنتخب في مستشفياتها.
وتساءل مدونون عراقيون ونشطاء عن مصير المواطن العادي الذي لن يتمكن بطبيعة الحال من السفر على وجه السرعة لتلقي العلاج في دول الجوار بالمقارنة مع نجم المنتخب أيمن حسين الذي نقل على عجل إلى الكويت بتوجيه من أعلى المستويات في اتحاد الكرة والجهاز الفني والإداري للمنتخب الوطني.
وقالوا إن ما حصل يمثل فضيحة لاسيما وأن البصرة تمتلك 5 مستشفيات حكومية وأكثر من 7 مستشفيات أهلية لم تمكنها جميعًا من تقديم العلاج المناسب وفق التقييمات الطبية لافتقارها للأجهزة المتطورة للتعامل مع حالته.
وعد الكثير ممن تفاعل مع القضية أن ما جرى يمثل سلوكًا مهينًا وفيه اعتراف ضمني بعدم إمكانية القطاع الطبي العراقي من تشخيص ومعالجة الحالات الطارئة المشابهة في بلد نفطي وموازنات انفجارية، لا تتوفر فيه أجهزة حديثة ومتطورة، وسط حالة من الدهشة والصدمة، من ضعف البنية التحتية الطبية.
ودفعت هذه التساؤلات والضغوطات، دائرة صحة البصرة لإصدار توضيح، غير أن هذا التوضيح حمل عدة نقاط تعمق الريبة والاستغراب أكثر، من بينها أن الاتحاد العراقي متعاقد مع مستشفى أهلي في البصرة لغرض تقديم العلاج لأية حالات إصابة للاعبيه إذا حدثت في البصرة، لكن بالرغم من هذا التعاقد، إلا أن الاتحاد اختار نقل أيمن حسين إلى الكويت.
وبينت صحة البصرة في البيان انه “عندما تعرض اللاعب أيمن حسين للإصابة تم نقله إلى المستشفى المتعاقد معها من قبل اتحاد الكرة العراقي، فيما قامت دائرة الصحة حرصا منها على سلامة لاعب منتخبنا الوطني بإرسال عدد من أطباء الاختصاص في الجراحة والقلب والكادر التمريضي وسيارات الإسعاف والمسعفين للإجراء الطبي اللازم له “.
وتابعت “كان رأي الاتحاد نقله إلى أحد المؤسسات الصحية في الكويت وعلى إثر القرار تم توفير أربع عجلات إسعاف ومسعفين وكادر طبي لتأمين وصول لاعب منتخبنا الوطني إلى الكويت دون تفاقم حالته الصحية”.
ويتضح من توضيح صحة البصرة، أن اتحاد الكرة متعاقد مع مستشفى أهلي “لم يثق بإجراءاتها وتشخيصها أساسًا”، لكن ربما حسنا فعل بذلك، حيث كشف الطبيب المعالج والذي أجرى العملية في الكويت للاعب أيمن حسين في تصريحات صحفية، إن “التشخيص الذي تم في العراق للاعب أيمن حسين كان تشخيصًا يتحدث عن حالة طارئة جدًا”.
وأضاف أننا “اعتمدنا تشخيصنا بعد اجراء الفحوصات بالأشعة المقطعية بالصبغات وأبلغنا أطباء العراق في تشخيصنا، وتبين أن الأعراض التي كانوا قد شخصوه فيها بالعراق مختلفة عما توصلنا اليه في الكويت، حيث أن تشخيصنا في الكويت يبين أن الحالة أقل خطورة من التشخيص في العراق والحالة أفضل”.
في المقابل نفى طبيب مختص في مستشفى الشفاء، الذي وصله أيمن حسين أول مرة، أن يكون المستشفى لديه عقد كما ذكرت دائرة صحة المحافظة.
وأكد أن المستشفى “قام بجميع الإجراءات اللازمة لمعالجة حالة حسين الذي تعرض لنزيف في الشريان الأبهر، وتم استقباله في طوارئ المستشفى حيث أجريت له الفحوصات الأولية في قسم الأشعة التشخيصية وأنه بناءًا على حالته، خضع حسين لعملية وضع (جيست تيوب لتصريف الدم)”.

إصابة أيمن حسين خلال مباراة المنتخب مع عمان في البصرة تتحول إلى قضية رأي عام بعد عجز مستشفيات المدينة عن تأمين علاجه

ويفسر تضارب المعلومات واختلاف التشخيص حقيقة الحالة الصحية للاعب أيمن حسين، بعدما جرى الحديث في البداية عن نزيف داخلي في القلب وبالشريان الأبهر نتيجة كدمة في الصدر، قبل أن يتم تناقل معلومات عن وجود نزيف في الرئة، قبل الحديث بعد انتقاله للكويت عن كدمة في الصدر، حيث يبدو أن معلومة نزيف القلب هو التشخيص الأخطر والذي تم في البصرة، والذي وصفه الطبيب الكويتي بأنه تشخيص أخطر من التشخيص والوضع الحقيقي لأيمن حسين.
بدوره أكد عضو اتحاد كرة القدم احمد الموسوي، أن مستشفيات محافظة البصرة لا تملك الأجهزة التي استخدمت في التدخل الجراحي للاعب ايمن حسين، لذلك تم نقله الى الكويت.
وقال الموسوي، إن “أيمن حسين، أصيب في الدقيقة السادسة من المباراة وتحامل على نفسه للبقاء الى الدقيقة الثمانين وتم نقله الى مستشفى الشفاء في البصرة لكن حالته تطلبت تدخل جراحي بأجهزة غير متوفرة في المحافظة”.
وبيّن أن “ايمن حسين صحته مستقرة حاليا وندعو الجمهور لعدم القلق لكنه سيغيب عن مباراة الكويت ومشاركته مستحيلة، وفترة غيابه لم تحدد بعد”.
ويعاني القطاع الصحي في العراق من تراجع كبير وانهيار أدى إلى حرمان ملايين العراقيين من الرعاية الصحية المستحقة لهم ولعائلاتهم، بعدما أدى الفساد والفشل الحكومي إلى نقص الطواقم الطبية ونهب مخصصات الرعاية الصحية لصالح الفاسدين في الأحزاب الحاكمة والميليشيات المتنفذة سياسيًا.
وكشفت تقارير حكومية أن تكاليف سفر العراقيين لتلقي العلاج في الخارج تقدر بمبلغ يتراوح بين 750 مليونًا إلى مليار دولار سنويًا بسبب تهالك المستشفيات العراقية وخلوها من المعدات الطبية المتطورة، إضافة لتهالك هذه المستشفيات وسوء الخدمة فيها.
وتعد وزارة الصحة من بين أكثر الوزارات فسادًا، وطالما كشفت صفقات شراء معدات غير لازمة وإهمال تغطية الحاجات الأساسية التي يفترض توفرها في المستشفيات حجم الفساد المستشري في الوزارة.
وتجمع مصادر سياسية وهيئات دولية على أن نظام الرعاية الصحية الفاسد في العراق، يعكس بشكل واضح فشل أسلوب الحكم والعجز عن التغلب على الصراعات السياسية.
وأشارت إلى أن العراق خامس أغنى دولة نفطية في العالم، ومع ذلك لا يستطيع مواطنوه الحصول على الأدوية الأساسية والتأمين الصحي الذي يعالجهم من الأمراض.
وكان العراق قد حل في المرتبة 79 كأسوأ بلد في تقديم الرعاية الصحية على مستوى دول العالم.
ولم يتقدم العراق في مؤشر الرعاية الصحية لمجلة (CEOWORLD) الأمريكية لعام 2024 إلا على دول فقيرة وغير مستقرة مثل بنغلادش والسودان وأوغندا وباكستان والسلفادور.
ويعتمد مؤشر الرعاية الصحية على تحليل إحصائي للجودة الشاملة لنظام الرعاية الصحية في البلدان، بما في ذلك البنية التحتية للرعاية الصحية وكفاءات المتخصصين في الرعاية الصحية كالأطباء وطاقم التمريض وغيرهم من العاملين الصحيين؛ ثم التكلفة المترتبة على الفرد وتوافر الأدوية عالية الجودة، واستعداد الحكومة.
ويأخذ مؤشر المجلة الأمريكية المعنية بتقديم إحصاءات عن جودة الحياة في دول العالم، في الاعتبار عوامل أخرى بما في ذلك العوامل البيئية، والحصول على المياه النظيفة، والصرف الصحي، واستعداد الحكومة لفرض عقوبات على مخاطر مثل تعاطي التبغ والسمنة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى