أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

ملك الدولار في العراق يعيش مرفها في لندن بعد أن حوّل عشرات المليارات إلى إيران

صحيفة وول ستريت جورنال: 80 بالمائة من البنوك العراقية التي تقوم بالتحويلات المالية بالدولار لم يكن من الممكن تعقبها، وذهب الجزء الكبير من التحويلات سرا إلى الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الولائية.

بغداد- الرافدين
كشفت صحيفة وول ستريت جورنال عن قيام ثلاثة بنوك في العراق يملكها علي غلام المقرب من ميليشيات ولائية تشارك في حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، بتحويل عشرات المليارات من الدولارات إلى خارج البلاد خصوصا إيران في مقابل قطع غيار السيارات والأثاث وغير ذلك من الواردات التي تشكل نسبة ضئيلة من قيمة المبلغ المحول.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن غلام الذي هرب من العراق يعيش حاليا في لندن مرفها في منزل تبلغ كلفته 40 مليون دولار ويقع بالقرب من مكان إقامة السفير الأمريكي في بريطانيا.
وكان غلام أحد أكبر المشغلين في نظام مصرفي مؤقت تم إنشاؤه من قبل قوات الاحتلال الأمريكي عام 2003 وعرف لاحقا بنظام الصرف الصحي للفساد بالعراق عبر مزاد بيع العملة.
وكان غلام البالغ من العمر 42 عاماً، والذي يقيم الآن في لندن، يدير إمبراطورية كانت تتعامل مع الحصة الأكبر من الدولارات المحولة إلى خارج العراق، وفي بعض الأيام كانت تتعامل مع ما يصل إلى 20 بالمائة من التحويلات البنكية، حسبما قال هو ومسؤولون مصرفيون عراقيون.
وكانت بنوك غلام “بنك الشرق الأوسط العراقي للاستثمار، وبنك الأنصاري الإسلامي، وبنك القابض الإسلامي” أول من تم منعه من التعامل بالدولار من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة الأمريكية في أواخر عام 2022.
ولم يشرح المسؤولون الأمريكيون القرار علنًا. وقالوا في أحاديث خاصة إن البنوك تم منعها بسبب حجم معاملاتها المشبوهة الكبير. ولم يتم اتخاذ أي إجراء ضد غلام شخصيًا.
ونفى غلام أن تكون بنوكه قد أرسلت أموالاً عن علم إلى فيلق القدس أو الحكومة الإيرانية.
وقال “ليس لدى الأميركيين أي شيء ضدي. ليس لي أي علاقة بغسيل الأموال أو إيران”.
وأضاف إن حياته في لندن، حيث يعيش هو وعائلته بعد انتقالهم من بغداد في عام 2018، انقلبت رأسًا على عقب منذ قطع الدولار الأمريكي.
ويقع منزله الذي تبلغ تكلفته 40 مليون دولار، والذي تم تجديده مؤخرًا بأرضيات رخامية لامعة ومسبح في الطابق السفلي محاط بطيور الببغاء، على بعد بضع بنايات من مقر إقامة السفير الأمريكي. وغالبًا ما يتوجه إلى مطاعم لندن المفضلة بسيارته الرياضية رولز رويس>
وقال “النظام سيء، لكن كل البنوك في العراق كانت تعمل وفق نفس النظام. لماذا جلب الأمريكيون هذا النظام؟”.
ومنذ حظر بنوك غلام، ضغطت وزارة الخزانة وبنك الاحتياطي الفيدرالي من أجل إجراء تغييرات أكثر شمولاً في العراق.
ومنعت الولايات المتحدة عشرين بنكًا عراقيًا آخر من إجراء معاملات بالدولار.
وتتطلب القواعد الجديدة الصارمة التي فرضها البنك المركزي العراقي منذ أواخر عام 2022 تحت ضغط الولايات المتحدة من البنوك الكشف عن المستلمين النهائيين للتحويلات البنكية.
وقال مسؤولون إن بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك بدأ في ذلك الوقت في مراقبة التحويلات البنكية بعناية من الحسابات الرسمية للعراق، ورفض أي تحويل لا يتوافق مع الإجراءات القياسية للتحويلات المالية الدولية.
وبعد سنوات، عندما بدأ البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في النظر عن كثب إلى أين تذهب الأموال العراقية، وضع شروط صارمة على عمليات التحويل ووضع أكثر من عشرين مصرفا عراقيا تحت العقوبات.
وقال مسؤولون أمريكيون إن بنوك علي غلام كانت من بين أكثر من عشرين بنكًا عراقيًا متورطًا في تحويل الدولارات إلى إيران وحلفائها من الميليشيات، باستخدام شركات واجهة وفواتير مزورة للالتفاف على العقوبات التي تمنع إيران من النظام المالي العالمي. وتكشف عمليات تدقيق بنوك غلام التي اكتملت في أيار الماضي، والتي راجعتها صحيفة “وول ستريت جورنال”، عن تفاصيل غير عادية لمعاملات الدولار الخارجية التي قال المدققون إنها أثارت مخاوف بشأن غسيل الأموال.
وقال مسؤولون أمريكيون إن ما يصل إلى 80 بالمائة من بين البنوك العراقية التي تقوم بالتحويلات المالية بالدولار لم يكن من الممكن تعقبها، وذهب جزء من هذا المبلغ المحول سرا إلى الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الولائية.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخزانة الأمريكية لمسؤولين عراقيين في اجتماع عقد في بغداد في كانون الثاني إن البنوك العراقية “استغلت عمدا” وصولها إلى الدولارات الأمريكية لدعم فيلق القدس، وهو الذراع شبه العسكري للحرس الثوري الإيراني، وكذلك الميليشيات العاملة في العراق والتي تدعمها الحكومة الإيرانية، بحسب مسؤولين أميركيين مطلعين على المناقشات.
وقال وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، برايان نيلسون، لمسؤولي البنك المركزي العراقي في الاجتماع، إن الميليشيات شاركت في “هجمات مستمرة” على القوات الأمريكية، بما في ذلك بعض الهجمات التي تسببت في سقوط ضحايا، حسبما قال مسؤولون مطلعون على المناقشات.


منزل غلام في لندن تبلغ قيمته 40 مليون دولار ويقع قرب مقر إقامة السفير الأمريكي

وأضاف في مقابلة مع الصحيفة إن الولايات المتحدة اتخذت إجراءات لمنع البنوك العراقية المشتبه بها من استخدام نظام بنك الاحتياطي الفيدرالي لتحويل الدولارات. وأضاف “كان من المهم بالنسبة لوزارة الخزانة ضمان عدم تحويل هذه الأموال لدعم النظام الإيراني”.
ورفض نيلسون، الذي ترك وزارة الخزانة في آب الماضي، من خلال متحدثة باسمه مناقشة محادثاته مع المسؤولين العراقيين.
وبدأت الحملة على البنوك العراقية في أواخر عام 2022 بعد أكثر من عقد من التقاعس الأمريكي، حتى بعد تحذيرات المفتش العام للبنتاغون منذ عام 2012 من احتمال حدوث احتيال بقيمة 800 مليون دولار أسبوعيا.
وقال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون إن الولايات المتحدة فرضت على مر السنين قيودًا مؤقتة على التدفقات النقدية إلى العراق، لكنهم يخشون أن تؤدي الضوابط الصارمة أو الدائمة إلى دفع العراق إلى الفوضى الاقتصادية.
وبالنسبة لإيران، التي فرضت عليها عقوبات بسبب نشاطها النووي غير المشروع ودعمها للإرهاب، فإن الوصول إلى الدولارات أمر بالغ الأهمية لشراء الأسلحة وأجزاء الطائرات بدون طيار والصواريخ، وتمويل الجماعات المسلحة التي تدعمها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما فيها حزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن والميليشيات الولائية في العراق وسوريا، بحسب مسؤولين أميركيين.
وقررت واشنطن بعد احتلال العراق في عام 2003، الاحتفاظ بأرباح العراق من مبيعات النفط ـ عشرات المليارات سنوياً ـ في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك. ولإعادة توزيع العائدات إلى العراق، بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في شحن الدولارات نقداً إلى بغداد ومعالجة التحويلات المصرفية التجارية من البنوك الخاصة العراقية للتجارة الدولية، على أمل إحياء اقتصاد العراق المحطم بعد سنوات من الحرب والعقوبات.
وكان النظام المخصص للتحويل ومزاد العملة يفتقر إلى التدقيق الأساسي الذي يعتبر معيارياً في العمل المصرفي الدولي، فهو لم يتطلب من البنوك الكشف على وجه التحديد عن هوية الجهة التي تحصل على الأموال التي تقوم بتحويلها إلى خارج العراق.
وتستخدم البنوك التي تسعى إلى تحويل الأموال دوليًا عادةً نظام مراسلة آمنًا، يُعرف باسم Swift تقوم الخدمة التي يقع مقرها في بلجيكا بتوجيه الرسائل بين البنوك، وتحديد المبلغ والمستلم المقصود. وهي تتعامل مع ملايين تعليمات الدفع اليومية عبر أكثر من 200 دولة ومنطقة و11000 مؤسسة مالية.
ويوافق كل بنك في سلسلة الرسائل أو يرفض التحويل بعد مراجعة تهدف إلى الحد من غسل الأموال أو تمويل الإرهاب أو أي نشاط احتيالي آخر.
وبعد عقود من العقوبات، لم تتمكن البنوك العراقية الخاصة من إبرام الاتفاقيات اللازمة مع البنوك الأجنبية الكبرى لإجراء التحويلات المالية الدولية باستخدام نظام سويفت القياسي للمعاملات التجارية.
وبدلاً من ذلك، بدأت الولايات المتحدة والبنك المركزي العراقي في استخدام نوع مختلف من رسائل سويفت المستخدمة عادة لنقل الأموال بين البنوك. ولأن التحويلات من بنك إلى آخر تعتبر أقل خطورة بكثير من التحويلات بين العملاء التجاريين، فإن الرسائل لا تتطلب الكشف عن المتلقي النهائي للتحويلات البرقية.
وقال مسؤولون أمريكيون إن هذه الفجوة استُخدمت لتحويل الدولارات على نطاق واسع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى