حكومة السوداني تعترف: العراق سيواجه أزمة مالية في 2025 مع انخفاض أسعار النفط
رفعت حكومة الإطار التنسيقي الميزانية في عام 2024 حتى بعد حجم إنفاق قياسي في عام 2023 عندما تم تعيين أكثر من نصف مليون موظف جديد في القطاع العام المتخم بالفعل، وأعلنت عن مشاريع تتطلب أموالا ضخمة ترضي فيها أقطاب العملية السياسية للحصول على حصتها من أموال الدولة.
بغداد – لرافدين
أعترف مظهر صالح المستشار المالي لرئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني إن العراق سيواجه أزمة في الموازنة في عام 2025 بسبب انخفاض أسعار النفط، المصدر الرئيسي لإيرادات البلاد.
وقال صالح في مقابلة مع وكالة “رويترز” “لا نتوقع مشكلات كبيرة في عام 2024 لكننا نحتاج إلى انضباط مالي أكثر صرامة في عام 2025”.
ويعتمد العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك”، بشكل كبير على عائدات النفط.
ويشكل قطاع الهيدروكربونات الغالبية العظمى من عائدات التصدير ونحو 90 بالمائة من إيرادات الدولة. فيما تستحوذ كارتلات الفساد المسيطرة على الحكومة على مبالغ ضخمة من إيرادات الدولة في مشاريع وهمية.
ويجعل هذا الاعتماد الكبير على النفط العراق بشكل خاص عرضة لتقلبات أسعار الخام العالمية.
ومع ذلك، رفع العراق ميزانيته في عام 2024 حتى بعد حجم إنفاق قياسي في عام 2023 عندما تم تعيين أكثر من نصف مليون موظف جديد في القطاع العام المتخم بالفعل وأعلنت حكومة الإطار عن مشاريع تتطلب أموالا ضخمة ترضي فيها أقطاب العملية السياسية للحصول على حصتها من أموال الدولة.
وذكر صالح أن ميزانية 2024 ارتفعت إلى 211 تريليون دينار (161 مليار دولار) من 199 تريليون دينار (153 مليار دولار) في عام 2023 مع عجز متوقع قدره 64 تريليون دينار.
وتتوقع الحكومة في الميزانية أن يبلغ سعر النفط 70 دولارا للبرميل في عام 2024، أي أقل بنحو ستة دولارات من متوسط السعر المرجح هذا العام.
وأضاف صالح أن صرف الرواتب ومعاشات التقاعد في مواعيدها لا يزال على رأس الأولويات.
وتكلف الرواتب ومعاشات التقاعد 90 تريليون دينار (69 مليار دولار)، أي أكثر من 40 بالمئة من الموازنة.
وقال “ستصرف الحكومة الرواتب حتى لو كلفها ذلك كل شيء، الرواتب مقدسة في العراق”.
وأضاف أن العراق يحاول تحسين وضعه المالي من خلال زيادة الإيرادات غير النفطية عن طريق تحسين تحصيل الضرائب لكنه لا يدرس فرض أي ضرائب جديدة.
وقدر صالح أن العراق يخسر ما يصل إلى عشرة مليارات دولار سنويا بسبب التهرب الضريبي والمشاكل المتعلقة بالجمارك. في إشارة إلى ملف فساد كبير متعلق بالمراكز الحدودية التي تسيطر عليها جهات متنفذة وتستحصل منها مبالغ طائلة.
وكشفت وثائق مسربة عن صرف وزارة المالية الحالية مليارات الدنانير كمنح مالية من الموازنة إلى الأحزاب السياسية المُّمثلة في مجلس النواب أو المشاركة في الانتخابات.
ونشر النائب أمير المعموري على صفحته الشخصية في “فيسبوك” وثائق تثبت صرف منح مالية للأحزاب السياسية، تقدر بنحو 18 مليار دينار.
مظهر صالح: العراق يخسر ما يصل إلى عشرة مليارات دولار سنويا بسبب التهرب الضريبي والمشاكل المتعلقة بالجمارك
ورغم الامتيازات الهائلة التي يتمتع بها أعضاء مجلس النواب في العراق والتي قد تتجاوز ما يتمتع به وزراء ورؤساء في دول أخرى، لكن يبدو أن ذلك كله لم يكف القائمين على الأمر في البلاد، فقرروا منح الأحزاب مليارات الدنانير دون وجه حق من أموال الموازنة العامة، بينما تتصاعد بصورة مرعبة معدلات الفقر والبطالة بين العراقيين، ليؤكدوا بذلك جدارة العراق تحت سلطتهم، بنيل مراكز متقدمة في صدارة الدول الأكثر فسادا في العالم.
في وقت قال عضو اللجنة المالية النيابية مصطفى الكرعاوي، إن الموازنة ما زالت تعتمد بنسبة 90 بالمائة على الإيرادات النفطية بسبب الفشل في تنويع المصادر.
وذكر الكرعاوي، انه كلما تغير سعر النفط سيكون هناك تأثير مباشر على الموازنة وبالتالي كلما انخفضت أسعار النفط العالمية سيكون هناك عجز في نسبة الإنجاز للموازنة.
وأضاف أن انخفاض أسعار النفط سيؤثر على الموازنة الاستثمارية بشكل مباشر وكذلك الموازنة التشغيلية للقضايا السلعية والخدمية بحسب الأولويات وكذلك الحركة الاقتصادية بشكل عام في البلاد.
واعتبر النائب السابق عن اللجنة المالية محمد الشبكي، توجه الحكومة لتعظيم الإيرادات غير النفطية عبر فرض رسوم على بعض الوزارات ينم عن عجز واضح في الموازنة العامة.
وقال الشبكي إن لجوء الحكومة إلى فرض رسوم على استخدام المياه في الزراعة، كما فرضت ضرائب على الرقود في المستشفيات الحكومية يوضح وجود عجز كبير في الموازنة، مبينًا أن فرض هذه الضرائب سيعمل على رفع الأسعار بصورة عامة في الأسواق.
وأضاف أن الكثير من الوزارات وعلى مدار السنوات السابقة كانت نسبة مشاركتها في الموازنة تصل إلى 0 بالمائةـ ما تسبب بمشكلات كبيرة على المستوى الاقتصادي للبلد.
وبيّن أن وزارة المالية حجمت كل عمليات الصرف في الموازنة التشغيلية من أجل دعم الرواتب، لافتًا إلى أن أي عجز حقيقي في الموازنة التشغيلية سيؤثر على صرف الرواتب.
وتعكس المخاوف بشأن موازنة عام 2025 تحديات تواجه سوق النفط العالمية. فأسعار النفط تتخذ اتجاها نزوليا منذ منتصف عام 2022 مع انخفاض خام برنت من أكثر من 120 دولارا للبرميل إلى أقل من 75 دولارا في الأيام القليلة الماضية.
ويرجع هذا الانخفاض إلى حد كبير إلى ضعف الطلب العالمي، وخاصة من الصين أكبر مستورد للنفط في العالم بسبب تباطؤ نموها الاقتصادي.