مسعود بزشكیان في بغداد لمزيد من الإيرادات من ثروات العراق
الرئيس الإيراني يحمل تعليمات من خامنئي تهدف إلى تنظيم وضع الميليشيات والأحزاب الموالية للنظام الإيراني في العراق، وفق وضع "وحدة الطائفة فوق أي اعتبار وطني".
بغداد- الرافدين
يدفع الرئيس الإيراني مسعود بزشكیان في أول زيارة رسمية له خارج إيران إلى تحقيق المزيد من الإيرادات على حساب الشعب العراقي، وزجّ العراق بشكل أعمق في الحروب المدمرة في المنطقة لخدمة مصالح النظام الإيراني
وحطّ بزشكيان في بغداد بعد ساعات قليلة من سماع دوي انفجار داخل مطار بغداد الدولي في قاعدة يشغلها مستشارون للتحالف الدولي، فيما تحدث مسؤول أمني عن سقوط “صاروخين”.
وقالت القوات الحكومية في بيان إنّه “لم يتسنّ لها معرفة حقيقة ونوع الانفجار”، مؤكدة مع ذلك أنّ “حركة الطيران المدني طبيعية لجميع الرحلات”.
وجاء في بيان لمكتب رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني أن هذا الأخير “استقبل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان”، مرفقا بيانه بصور يتصافح فيها الرجلان على مدرج المطار ثم يسيران على سجادة حمراء بحضور مسؤولين وعسكريين.
وتتمتع إيران بنفوذ سياسي كبير في العراق خصوصا على الأحزاب والميليشيات الولائية المنضوية في الحشد الشعبي. ويهيمن حلفاء طهران العراقيون على البرلمان، وكان لهم دور أساسي في اختيار رئيس الحكومة الحالي.
وذكر موقع الرئاسة الإيرانية الإلكتروني الثلاثاء أن زيارة بزشكيان ستستمر ثلاثة أيام، مشيرا الى أن الرئيس الإيراني سيعقد، بالإضافة الى الاجتماعات الرسمية، لقاءات مع إيرانيين في العراق ومع رجال أعمال. وسيزور مدن النجف وكربلاء والبصرة وكذلك إقليم كردستان العراق الذي تربطه بطهران علاقات متوترة.
ويرى محللون إيرانيون أن بزشكیان هو أداة مخلصة للمرشد الإيراني علي خامنئي، وأعلن بوضوح أنه ذاب تمامًا في ولاية الفقيه وليس لديه أي برنامج سوى تنفيذ أجندة خامنئي.
ولكن النظام يجد نفسه عالقًا في مستنقع الأزمات الداخلية والخارجية دون وجود مخرج.
ويعترف المسؤولون ووسائل الإعلام التابعة للنظام بأن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي تعصف بإيران هي نتيجة 45 عامًا من حكم الملالي الثيوقراطي، وأن هذه الأزمات لا يمكن حلها ضمن إطار النظام الحالي والمجتمع الإيراني أشبه ببرميل بارود قد ينفجر في أي لحظة، وهناك بوادر انتفاضات أكبر من تلك التي شهدتها البلاد في عام 2022 تلوح في الأفق.
ومع ذلك، فإن واقع النظام أكثر سوءًا. ففي هذا الأسبوع، خالف بزشكيان وعوده الانتخابية ورفع أسعار الخبز إلى 90 بالمائة. كما أعلن أنه يحتاج إلى 200 مليار دولار للخروج من الأزمة الاقتصادية، نصفها يجب أن يأتي من الخارج. الأمر الذي يعول عليه في زيارته إلى العراق بعد محاصرة تهريب الدولار من العراق من قبل النظام البنكي الدولي.
ويحاول النظام الإيراني استغلال العراق بشكل أكبر، بعدما أصبح تحت سيطرة أحزاب وميليشيات ولائية تابعة له، لخدمة مصالحه الخاصة.
ويتجه نظام في إيران إلى استغلال الدول التي يسيطر عليها مثل العراق. وسيواصل النظام تحميل تكلفة بقائه من جيوب شعوب إيران والعراق.
ولخصت صحف “فرهیختكان” المرتبطة بعلي أكبر ولايتي، وزير خارجية النظام خلال حرب الإيرانية العراقية، وصحيفة “إيران” التابعة لحكومة بزشكيان، بالإضافة إلى وكالة الأنباء الحكومية أهداف زيارة بزشكيان إلى العراق، بطابع اقتصادي، يهدف إلى جلب الأموال وإبرام عقود تساهم في حل الأزمات الاقتصادية التي يواجهها النظام.
ويهدف الرئيس الإيراني إلى “تحرير 11 مليار دولار من الأموال المجمدة للنظام الإيراني في العراق”، وهي أموال تعود لعائدات تصدير الكهرباء والغاز إلى العراق، التي لم يتمكن النظام من استردادها بسبب العقوبات المفروضة عليه.
ويعمل بزشكيان على إبرام عقود تهدف إلى تعزيز التبادل التجاري وتنفيذ مشاريع مثل توسيع شبكة السكك الحديدية، ومد خطوط أنابيب الغاز والنفط، واستغلال الحقول الغازية المشتركة.
كما يسعى النظام لاستغلال نفوذ ميليشياته المسيطرة على حكومة الإطار التنسيقي لمواصلة استنزاف ثروات العراق.
ورافق بزشكيان في زيارته إلى بغداد ممثلو الشركات التابعة للحرس الثوري والمؤسسات المرتبطة بخامنئي للتفاوض حول مشاريع في قطاعات النفط والزراعة والكهرباء وغيرها.
ومن بين أهداف الزيارة أيضًا، تنظيم وضع الميليشيات الموالية للنظام الإيراني في العراق، وكذلك الأحزاب والجماعات السياسية العراقية الخاضعة لسيطرة طهران.
ورغم أن هذه الملفات تُدار بالكامل من قبل مكتب خامنئي وفيلق القدس التابعة للحرس الثوري، إلا أن حكومة بزشكيان تركز بشكل أساسي على الأهداف الاقتصادية، مع نقل رسائل أمنية وسياسية لتحقيق توحيد الأحزاب والفصائل الموالية للنظام في حكومة الإطار التنسيقي، مثل نوري المالكي وهادي العامري وعمار الحكيم وقيس الخزعلي، في ظل تصاعد الخلافات بينهم حول استغلال موارد العراق، وهو ما يثير قلق النظام الإيراني بشدة.
ويدفع الرئيس الإيراني باتجاه إعادة تعريف العلاقة بين النظام والميليشيات التابعة له في العراق، بهدف تعزيز سيطرتها على البلاد، وزيادة استغلالها في زعزعة الاستقرار وإشعال الحروب في المنطقة وفق تعليميات المرشد الإيراني التي تتلخص بوضع وحدة الطائفة فوق أي اعتبار وطني عراقي.
ويتردد مراقبون سياسيون بالجزم في نجاح زيارة بزشكيان إلى بغداد خصوصا ما يتعلق بسماح الولايات المتحدة التي تراقب النظام المصرفي العراقي من أجل منع اختراق العقوبات المالية على طهران.