السفارة الأمريكية في بغداد: الميليشيات الولائية تعمل بحرية في العراق
أجبر الوضع المتقلّب الذي يشهده العراق بعد مقتل عناصر من الميليشيات الولائية في ضربات للقوات الأمريكية على بغداد، محمد شياع السوداني على ممارسة فعل توازن يتمثّل في الحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة، بعد وصوله إلى السلطة بدعم أحزاب مؤيّدة لإيران.
بغداد– الرافدين
قالت سفارة الولايات المتحدة في بغداد الجمعة، إن ميليشيات متحالفة مع إيران وتعمل بحرّية في العراق قامت بالاعتداء على مجمع الدعم الدبلوماسي في بغداد” مؤكدة “الاحتفاظ بالحق بالدفاع عن النفس”.
وأضافت السفارة الأمريكية في بيان “في يوم الثلاثاء الموافق العاشر من أيلول، تم الاعتداء على مجمع الدعم الدبلوماسي في بغداد وهو منشأة دبلوماسية أميركية”، مذكّرة بعدم ورود “أنباء عن حدوث إصابات” كما أفادت في بيان مقتضب.
وتابعت “تشير الدلائل إلى أن الهجوم بدأ من جانب ميليشيات متحالفة مع إيران وتعمل بحرّية في العراق”.
وأكّدت السفارة الأمريكية في بغداد الجمعة “الاحتفاظ بحقنا في الدفاع عن النفس وحماية أفرادنا في أي مكان في العالم”، داعية كذلك الحكومة العراقية إلى “حماية الأفراد الشركاء من الدبلوماسيين والتحالف ومنشآتهم”.
ويقدّم المجمع دعما لوجستيا للبعثة الدبلوماسية الأمريكية ويضم كذلك منشآت طبية.
وسبق أن استُهدف مجمع الدعم الدبلوماسي الملحق بالسفارة الأمريكية في بغداد، لا سيّما في الثالث من كانون الثاني 2022 بالتزامن مع مرور عامين على مقتل زعيم فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس ميليشيات الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في ضربة أمريكية في العاصمة العراقية.
وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية قال مسؤول أمني عراقي طالبا عدم الكشف عن هويته إنّ “صاروخين من نوع كاتيوشا” سقطا في مطار بغداد الدولي “أحدهما على سياج مكافحة الإرهاب والثاني في داخل قاعدة التحالف” الدولي الذي تقوده واشنطن.
وجاء ذلك التطور الأمني وسط اضطرابات إقليمية وقبل ساعات من وصول الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى العاصمة العراقية في أول زيارة خارجية له منذ انتخابه في تموز.
وتنشر الولايات المتحدة زهاء 2500 جندي في العراق ونحو 900 في سوريا المجاورة، في إطار التحالف الذي أنشأته عام 2014. ويضمّ التحالف كذلك قوات من دول أخرى لا سيّما فرنسا والمملكة المتحدة.
وردّت واشنطن مرارا بشنّ ضربات جوية طالت مقرات للميليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا.
يأتي ذلك بعد أيام من تحذير رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال سي.كيو. براون الميليشيات الولائية المنضوية في الحشد الشعبي في العراق من مهاجمة قوات بلاده في العراق وسوريا والأردن.
وقال براون “هناك أيضا خطرا يشكله حلفاء إيران المسلحون كالحوثيين في اليمن الذين يستهدفون حركة الشحن في البحر الأحمر”.
وتساءل رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية “هل يتصرف هؤلاء الآخرون بالفعل بشكل فردي لأنهم غير راضين..” في إشارة إلى الميليشيات المرتبطة بالحرس الإيراني وتعلن ولائها إلى المرشد علي خامنئي، مع أن رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني يقول إنها خاضعة لسلطته.
وأكد الجنرال براون على أن الحوثيين والميليشيات الولائية في العراق وسوريا على وجه الخصوص، يتصرفون بالوكالة عن غيرهم.
ويحظى السوداني بنفوذ محدود على الميليشيات المتحالفة مع إيران. واحتاج إلى دعم تلك الجماعات المنضوية في الحشد الشعبي والإطار التنسيقي للظفر برئاسة الحكومة.
وأجبر الوضع المتقلّب الذي يشهده العراق بعد مقتل عناصر من الميليشيات الولائية في ضربات للقوات الأمريكية على بغداد، السوداني على ممارسة فعل توازن يتمثّل في الحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة، بعد وصوله إلى السلطة بدعم أحزاب مؤيّدة لإيران.
وتحدث براون لوكالة “رويترز” بعد رحلة استغرقت ثلاثة أيام لمنطقة الشرق الأوسط، مؤكدا على أن المخاطر على المدى القريب لاتساع رقعة الحرب في الشرق الأوسط انحسرت إلى حد ما بعد تبادل “إسرائيل” وحزب الله في لبنان إطلاق النار دون حدوث مزيد من التصعيد، لكن إيران لا تزال تشكل خطرا بدراستها توجيه ضربة لإسرائيل.
وسبق أن شدد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، خلال اتصال هاتفي على رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني، بأن مسؤوليته السيطرة على الميليشيات الولائية المرتبطة بإيران.
وقال بأن الولايات المتحدة لن تتسامح مع أي تصرف يهدد مصالح بلاده في العراق والمنطقة من قبل أذرع إيران، في ظل التوترات المتفاقمة بالمنطقة.
وشدد وزير الخارجية الأمريكي على أهمية تحمل العراق مسؤولية حماية المستشارين العسكريين التابعين للتحالف من هجمات الميليشيات الموالية لإيران.
وأعاد بلينكن جملة للرئيس الأمريكي جو بايدن سبق وأن قالها للسوداني بأن إدارته “تدعم حكومته بدرجة واسعة، إلا أن هذا الدعم ليس مجانيًا ولا مفتوحًا”.
وقبل ذلك أسمَعَ بلينكن رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني تنبيها واضحا يطالبه بالسيطرة على الميليشيات الولائية المارقة وفق السلطات الحكومية التي تخوله بذلك.
وقال بلينكن للسوداني في اتصال هاتفي “عندما يفلت الوضع في العراق، فهو أكثر ما يهدد وضع حكومتك وأن إيران لا يمكن أن تريد خيرا للعراق عندما تحرك أذرعها من الميليشيات في المنطقة”.
ويكشف تنبيه وزير الخارجية الأمريكي للسوداني إدراك واشنطن أن الهدوء السياسي في العراق خادع ومرشح أن ينفجر في أي لحظة لتصفية حسابات بين المتصارعين على السلطة.
ويسعى السوداني إلى “تهدئة الوضع” وتقديم ضمانات للأمريكيين بما يتعلق بميليشيات الحشد خوفًا من خروج الأمور عن السيطرة.
ولا يتوقع أن يكون بمقدور السوداني السيطرة على الميليشيات الولائية المنضوية في الحشد الشعبي.
ولا تخفي هذه المليشيات ولائها إلى إيران وتعلن جهارا أنها تنسق قراراتها مع الحرس الثوري الإيراني.
ويجمع مراقبون سياسيون على أن السوداني يحاول المحافظة على وضعه في رئاسة الحكومة ببعث رسائل خضوع لخطاب الميليشيات، فيما يتحدث بشكل مختلف كليًا مع المسؤولين الأمريكيين.