هيئة علماء المسلمين في العراق: ارتفاع اللغة الطائفية بين الساسة يهدف للتشويش على حقيقة الفشل السياسي
القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين: في صورة توغل في الإجرام يُبنى التنافس السياسي في العراق على آهات الشعب ومعاناته؛ حيث يتصاعد الجدل في الشارع العراقي بشأن المخاوف من تمرير التعديلات على قانون الأحوال الشخصية، وسط شد وجذب يتركز على تداعياته السياسية والاجتماعية، وتأثيراته على فسيفساء مكونات الشعب العراقي المختلفة، فضلًا عن أهداف الأحزاب السياسية التي تخدم مصالح وأهداف القوى الدولية والإقليمية التي تسيّرها وتتحكم بها.
عمان- الرافدين
قالت هيئة علماء المسلمين في العراق “تعلو اللغة الطائفية بين السياسيين في العراق من جديد متخذين من الجدل بشأن القوانين والتشريعات حجة ومبررًا للتشويش على حقيقة ما يجري في العراق من فشل طاغٍ وإخفاقات، وصرف الأنظار عن إخلاف السلطات وعودها كافة بشأن تحسين الواقع المعاشي للعراقيين وتوفير الخدمات، وإصلاح الأوضاع، وما في هذا الإطار”.
وذكر القسم السياسي في الهيئة في ملف خصصه لقضية “الشد والجذب بين إقرار قانوني العفو العام وتعديل قانون الأحوال الشخصية” ضمن التقرير السياسي الدوري الرابع عشر عن الحالة السياسية في العراق ومتعلقاتها “في صورة توغل في الإجرام وغير المبالاة يُبنى التنافس السياسي في العراق على آهات الشعب ومعاناته؛ حيث يتصاعد الجدل في الشارع العراقي بشأن المخاوف من تمرير التعديلات على قانون الأحوال الشخصية، وسط شد وجذب يتركز على تداعياته السياسية والاجتماعية، وتأثيراته على فسيفساء مكونات الشعب العراقي المختلفة، فضلًا عن أهداف الأحزاب السياسية التي تخدم مصالح وأهداف القوى الدولية والإقليمية التي تسيّرها وتتحكم بها، إلى درجة بلغت المحاصصة فيها مبلغًا متطورًا في إجراءاتها بحيث يعكس السجال الجاري اليوم بشأن قوانين مجلس النواب نوعًا من الصفقات السياسية وكأن أحد الطرفين يطالب نظيره بالموافقة على تمرير تعديلات قانون الأحوال الشخصية مقابل السماح له بالنقاش بشأن قانون العفو العام، في تجاهل تام لحقوق الشعب العراقي ومصيره الذي أمسى مهددًا أكثر من أي وقت مضى!.
وأضاف التقرير الدوري “أما قانون الأحوال الشخصية المعمول به الآن في العراق فقد أُقّر عام (1959)، وهو قانون يسري على جميع العراقيين دون تمييز مذهبي، لكن التعديلات الجديدة تشير في إحدى فقراتها على إنه “يحق للعراقي والعراقية عند إبرام عقد الزواج أن يختار المذهب الشيعي أو السني الذي تطبق عليه أحكامه في جميع مسائل الأحوال الشخصية، ويجوز لمن لم يسبق له اختيار تطبيق أحكام مذهب معين عند إبرام عقد الزواج، تقديم طلب إلى محكمة الأحوال الشخصية المختصة لتطبيق أحكام الشرع على الأحوال الشخصية، وفق المذهب الذي يختاره ويجب على المحكمة الاستجابة لطلبهم”.
وأوضح “ينص مشروع تعديل القانون أيضًا على إلزام المجلس العلمي في ديوان الوقف الشيعي والمجلس العلمي والإفتائي في ديوان الوقف السني بالتنسيق مع مجلس الدولة بوضع مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية وتقديمها إلى مجلس النواب للموافقة عليها خلال (6) أشهر من تاريخ نفاذ هذا القانون”. ويشتمل التعديل كذلك تصديق محكمة الأحوال الشخصية على عقود الزواج “التي يبرمها الأفراد البالغون من المسلمين على يد من لديه تخويل شرعي أو قانوني من القضاء أو من ديواني الوقفين الشيعي والسني بإبرام عقود الزواج”.
وأشار إلى أن كل ذلك دفع بالمتخوفين من التعديلات إلى رفضها لاعتقادهم وقناعتهم بأنها تمّس وحدة البلد اجتماعيًا وتفتح الباب مجددًا أمام حالة جديدة من الانقسام الطائفي، وأنها تحد من حقوق المرأة والأسرة العراقية، وأن حجتهم الأكبر تكمن فيما تضمنه المشروع بمدونة الأحكام الشرعية للأحوال الشخصية، وهي مقترح غير معد إلى الآن، لكنها كفكرة ترتكز على “آراء واجتهادات” تغلب عليها مغالطات في الفهم والتطبيق، ويكتنفها قصور في التصور، مما يجعلها من مولدات الجدل الكبير لو أُقرت، حيث تنعكس تأثيراتها على المجتمع العراقي وعلاقاته الأسرية.
وشدد القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين على أنه بات من الواضح أن النظام السياسي القائم في العراق ومن ورائه القوى والإرادات التي تسيّره؛ اتخذ قراره بالانتقال من حالة الطائفية السياسية -التي حاول فيها فرض واقع مشوّه على العراقيين- إلى حالة تمكين الطائفية المجتمعية رغمًا عن العراقيين تحت مظلة القانون؛ لأن ما فشل في تحقيقه بواسطة الأولى بما يضمن بقاءه واستمراره؛ يدفعه إلى الوصول إليه بامتطاء الأخرى.