محتجون يحرقون مدخل بوابة محافظة ذي قار والمئات يقطعون طريق البصرة مع بغداد
الاحتجاجات المتواصلة في مدينتي الناصرية والبصرة، تؤكد بأن شرارة الغضب الشعبي تضرم بين جيل شاب يشعر بالظلم والقهر والتهميش وفقدان الأمل عندما تسد بوجهه فرص الحياة والكرامة في بلده.
بغداد- الرافدين
تخشى حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني أن تتحول التظاهرات المطالبة بفرص العمل من قبل جيل غاضب جراء التهميش والفشل السياسي، إلى نقمة شعبية على العملية السياسية برمتها.
وتصاعدت الاحتجاجات في محافظتي البصرة وذي قار حيث أقدم المتظاهرون على حرق مدخل بوابة ديوان محافظة ذي قار، فيما قطع المحتجون في محافظة البصرة المطالبين بتعديل سلم الرواتب، الطريق الدولي السريع الرابط مع العاصمة بغداد.
ونقلت مصادر صحافية محلية عن قيام المئات من الخريجين في الناصرية بالتظاهر امام مبنى ديوان المحافظة.
وتحولت التظاهرة من سلمية إلى عنيفة تخللها إحراق مدخل مبنى ديوان المحافظة.
وقال مصدر أمني إن قيام المحتجين بإحراق مدخل الديوان، أدى لحصول صدام مع القوات الأمنية واستخدام الغاز المسيل للدموع.
وسبق أن تظاهر عشرات الخريجين في ذي قار احتجاجاً على قرارات رئيس الحكومة محمد شياع السوداني أثناء زيارته للمحافظة، بعد استثنائه أكثر من 4 آلاف خريج من أبناء مركز المحافظة، لغرض التعيين ضمن تعيينات الـ9 آلاف درجة.
وتترقب حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني أشهرا من الاحتجاجات الشعبية في مدن وسط وجنوب العراق، جراء فشلها بالإيفاء بأي من وعودها الخدمية ومعالجة مشكلة البطالة.
وكشفت الاحتجاجات المتواصلة في مدينتي الناصرية والبصرة، بأن شرارة الغضب الشعبي تضرم بين جيل شاب يشعر بالظلم والقهر والتهميش وفقدان الأمل عندما تسد بوجهه فرص الحياة والكرامة في بلده.
ويتوقع مراقبون بأن الاحتجاجات كامنة في نفوس الشباب وهي أشبه بقدر ضغط كاتم يغلي في مدن العراق وليس من المستبعد انفجاره بأي لحظة ممكنة.
وقالوا إن مدينة الناصرية عرفت بموقفها المتحدي إبان ثورة تشرين ولم تتراجع أمام عمليات القمع من قبل القوات الحكومية والميليشيات الداعمة لها، وبمجرد انطلاق الاحتجاجات مجددا ستزيد من موجة الغضب وتتوسع إلى المدن الأخرى.
وأكدوا على أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني يشعر بذلك، ومحاولته الأخيرة لمنع اندلاع الاحتجاجات في محافظة المثنى المجاورة لذي قار، تكشف أنه لا يمتلك الحلول الواقعية تحول دون اندلاع احتجاجات شعبية ضد حكومته في مدن جنوب العراق.
وأعترف السوداني بالتحديات التي تواجهها حكومته بشأن إعادة ثقة المواطن بالعملية السياسية القائمة منذ احتلال العراق عام 2003.
وأكد خلال لقاء جمعه مع وفد من أهالي محافظة المثنى، لاحتواء أزمة مخاوف احتلالها من قبل الميليشيات، على أن شرعية أي نظام سياسي تكون من خلال علاقته بشعبه.
وحاول السوداني الدفاع عن مجالس المحافظات بوصفها بؤرة فساد مشرع من أموال الشعب العراقي بذريعة أنها “جاءت عن طريق الانتخابات وأن على الجميع احترام خيارات المواطنين”.
ويدرك السوداني طبيعة الغضب الكامن في نفوس أهالي الناصرية منذ زيارته الأخيرة في شهر كانون الثاني الماضي التي تجنب فيها اللقاء بأي من المواطنين.
وأحيطت زيارة السوداني إلى مدينة الناصرية بحماية خاصة وحددت مساراتها مسبقًا للحيلولة دور مروره بأي من الطرقات والشوارع خشية من الغضب الشعبي المتفاقم في المدينة.
ولم يمر السوداني في أول زيارة له للناصرية بأي من طرقات المدينة الرئيسية ومركزها، فيما انتشرت قوات أمنية أرسلت إلى المحافظة قبل يومين من الزيارة لحمايته من أي غضب شعبي خصوصًا من أسر ضحايا ثوار تشرين وشهداء جسر الزيتون وقتلة المتظاهرين في شارع الحبوبي من القوات الحكومية وعناصر الميليشيات.
الناشط في التظاهرات الاحتجاجية في الناصرية حيدر الفتلاوي: حكومة السوداني تحاول امتصاص الغضب الشعبي بكل الطرق خوفاُ من موجة تظاهرات واسعة
وأضاف “تلقينا اتصالات من مسؤولين حكوميين وعدوا بحل المشكلة، وأنهم مكلفون رسميا بمتابعتها، وتلبية المطالب المشروعة للمتظاهرين”.
وشدد على أن الحكومة تسعى لمنع أي حراك شعبي أو ردة فعل قد تحدث في الناصرية على أثر تلك الاعتداءات، مؤكداً على أن “الاعتداء على المتظاهرين أوقع 16 مصابا، بعض منها خطير، وهو يمثل انتهاكا خطيرا وقمعا للمطالبة بالحقوق، وهو استفزاز للناصرية”.
وأضاف أن “القمع لا ينهي التظاهرات الشعبية، وأن تظاهراتنا ستستمر حتى القصاص العادل من المعتدين، والحصول على حقوقنا”، مشددا على أن “الناصرية لن تسكت، وتجب محاسبة المعتدين وإقالة المسؤولين عن القمع”.
وشهدت مدينة الناصرية موجة الاغتيالات بعد تهديدات باغتيال عدد من شهود العيان في قضية مجزرة جسر الزيتون في الناصرية إبان ثورة تشرين والتي يتهم فيها رئيس جامعة الدفاع العليا الفريق جميل الشمري شقيق وزير الداخلية الحالي عبد الأمير الشمري فضلًا عن الضابط عمر نزار.
وتتهم مراصد ومنظّمات حقوقية؛ السلطات الحكومية في العراق، باستخدام القضاء كأداة لقمع الناشطين والمواطنين الذين ينتقدون الفساد الحكومي، أو يكشفون جرائم الميليشيات في البلاد.
وجدد ثوار ذي قار وأسر الشهداء، بالتزامن مع عودة الاحتجاجات، المطالبة بالقصاص من المتورطين بقتل وقمع المتظاهرين بعد سنوات من مجزرة جسر الزيتون.
وطالب المتظاهرون بالقصاص من قتلة متظاهري جسر الزيتون، مشيرين إلى أن التسويف الحكومي بمحاسبة قتلة المتظاهرين ناجم عن تواطؤ واضح بين أحزاب السلطة والميليشيات والمتورطين بقمع التظاهرات.
كما أكد متظاهرو ذي قار أن ثوار تشرين مستمرون وماضون قدمًا على نهج ضحايا مجزرة جسر الزيتون، مشددين على أهمية تغيير الطبقة السياسية التي قادت البلاد إلى الدمار على مدى عشرين عامًا.
وحملت منظمة إنهاء الإفلات من العقاب السلطات القضائية مسؤولية حماية الشهود والأدلة في قضية جرائم قتل المتظاهرين المتهم فيها الضابط عمر نزار.
وأكدت المنظمة في بيان أن هناك محاولات ترهيب وترغيب وشراء للذمم تجري ضد ذوي الشهداء والجرحى، للتسويف في القضية وإحداث خلل في أركان القضية، مشيرة إلى أن المتهم عمر نزار كان مسؤولا عسكريًا عن استخدام السلاح ضد المتظاهرين السلميين في أحداث جسر الزيتون بالناصرية.