هيئة علماء المسلمين في العراق: السلطات الحكومية تنفذ أحكام الإعدام بدوافع واتجاهات طائفية
القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق يؤكد على أن إصرار السلطات الحكومية في العراق على إزهاق أرواح المعتقلين بواسطة حملات الإعدام الجماعية؛ هو النمط الأكثر وضوحًا في التعبير عن طبيعة النظام السياسي القائم على الاستبداد والطغيان.
عمان- الرافدين
قالت هيئة علماء المسلمين في العراق إن إصرار السلطات الحكومية في العراق على إزهاق أرواح المعتقلين بواسطة حملات الإعدام الجماعية؛ هو النمط الأكثر وضوحًا في التعبير عن طبيعة النظام السياسي القائم على الاستبداد والطغيان، ومنهجية حكوماته المتعاقبة التي كانت وما تزال تتبع أسلوب الاستئصال والتغييب بدوافع وأهداف سياسية ذات أبعاد طائفية، حيث يُساق المعتقلون ظلمًا إلى مشانق الموت الآثمة وفق اتهامات باطلة وذرائع لا تقوى على الصمود أمام العقل والحقيقة، بعد أن أطبقت حلقة النظام القضائي الفاسد بأحكامها الجائرة على أعناق المعتقلين.
وأضاف القسم السياسي الهيئة في التقرير السياسي الدوري الرابع عشر عن الحالة السياسية في العراق ومتعلقاتها، عن المشهد الأمني وحقوق الإنسان واستمرار مسلسل الإعدامات في العراق “تُعدُّ حملات الإعدامات الجارية في السجون الحكومية انتقامية محضة؛ لأن ما تتخذه السلطات إزاءها من أساليب تطال المعتقلين بشكل شبه يومي؛ تؤشر صراحة على ذلك، ومن صور الانتقام في هذا الصدد: ما يحيق بالمعتقلين من جرائم الموت البطيء إمّا بواسطة التعذيب الممنهج أو بتفاقم الأمراض التي يقابلها إهمال طبّي، وفساد إجرائي يتعلق بعدم صلاحية الغذاء والدواء، بموازاة ألوان متعددة من الانتهاكات الصارخة المستمرة، واكتظاظ الزنازين الضيقة بما يصل أضعاف طاقتها الاستيعابية؛ وذلك كلّه مما لا يخفى على أحد يُعنى بمتابعة الشأن العراقي، ولا سيّما المنظمات ذات العلاقة بحقوق الإنسان على المستويين المحلي والدولي”.
وأشار التقرير الدوري الرابع عشر لهيئة علماء المسلمين في العراق إلى تقارير دولية ومحلية عدة أكدت وجود حالات تعذيب وسوء معاملة وإهانة للمحتجزين تشمل: ضرب الضحايا، وتعريضهم للصدمات الكهربائية في أماكن حساسة من الجسم، إلى جانب الحرق، والتعليق من اليدين لساعات طويلة، والعنف الجنسي، وإخضاع المحتجزين إلى أوضاع مجهدة، وحرمانهم من النوم والطعام والماء، والعمل على انتزاع الاعترافات منهم بالإكراه، فضلًا عن الانتهاكات الأخرى في إطار الاحتجاز التعسفي، والتغييب القسري، ووشايات المخبر السري، والدعاوى الكيدية الباطلة التي يودع بموجبها آلاف الشباب والرجال في السجون من دون تهمة أو محاكمة في معظم الأحيان.
واوضح التقرير “علاوة على قيام هيئة علماء المسلمين برصد واقع الحال الذي يطغى على ملف المعتقلين في العراق والتنبيه إلى تداعياته، ودعوتها في ضوء ذلك إلى حملة وطنية لإنقاذهم وحقن دمائهم بعدما رسمت لها خارطة طريق تراها مناسبة ومجدية في هذا الظرف بناءًا على تجاربها المستمرة في إطار الجهد الإنساني والحقوقي الذي توليه اهتمامًا كبيرًا؛ فقد نبَّهت مؤخرًا بعض المنظمات الدولية، ومنها منظمة الأمم المتحدة على الموضوع نفسه وما يتعلق به من ملفات وقضايا، فصرَّحت به في تقرير أعده خبراء في مجال حقوق الإنسان من الناشطين في مؤسسات المنظمة، وصدر بتأريخ (27/6/2024)، وجاء فيه: إن عمليات الإعدام المنهجية التي تنفذها الحكومة ضد السجناء المحكوم عليهم بالإعدام بناءًا على اعترافات مشوبة بالتعذيب، وبموجب قانون غامض لـ(مكافحة الإرهاب)، ترقى إلى مستوى الحرمان التعسفي من الحياة بموجب القانون الدولي وقد ترقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية، وفعلت ذلك أيضًا عدد من المنظمات الدولية الفاعلة في العراق”.
وعلى الرغم من ذلك كله؛ تُصرُّ السلطات الحكومية وبإرادة سياسية صريحة على مواصلة تنفيذ أحكام الإعدام بموجب قانون “مكافحة الإرهاب” الذي يوظف في أبعاد واتجاهات طائفية، وتتجاهل في الوقت نفسه التقارير المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، ومصادرة الحريات، والقتل خارج نطاق القانون أو في ظل السلطة القضائية المسيسة، وما وُثق من جرائم تعذيب تجعل المتورطين فيها -سواء بشكل مباشر أو عن طريق الموافقة- تحت طائلة المسؤولية الجنائية، ولا تكتفي سلطات الحكومة الحالية –على خطا سابقاتها- بذلك؛ بل تطغى على المشهد حالة إفلات تام من العقاب يتمتع الجناة في ظلها بالحرية المطلقة، وتُمنح لهم الفرص لمواصلة ارتكاب المزيد من الجرائم المماثلة.
وجاء في التقرير “في هذا السياق تخرج تصريحات نوّاب ومسؤولين لتعزز القناعة بأن النظام السياسي بسلطاته كلِّها (التشريعية، والتنفيذية، والقضائية) فضلًا عن سلطة الإعلام الموجّه، يدفع باتجاه تنفيذ أحكام الإعدام ويطرح في ضوء ذلك مفاهيم عجيبة غايتها تمكين ظاهرة مصادرة حق الحياة للمعتقلين، ومن ذلك ما جاء في تصريحات النائب مصطفى سند الذي تحدث عن (جهود) بذلها -كما يقول-: من أجل الإسراع في تنفيذ أحكام الإعدام، منتقدًا مساعي تأخيرها أو إيقافها، ومتخذًا من الاتهامات الفضفاضة والأحكام الجائرة التي تصدرها المحاكم -على نحو غير قانوني ولا يتسم بمعايير المحاكمات العادلة- وسيلة لجعل الأوهام قناعات يمتطيها للحصول على مكاسب سياسية ومغانم طائفية”.