أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

عراقي ينشد العدالة منذ 21 عاما بعد أن بتر الاحتلال الأمريكي ساقيه

لم تجد “هيومن رايتس ووتش” أيّ دليل على أنّ الحكومة الأمريكيّة دفعت تعويضات أو قدمت أي سُبل انتصاف أخرى إلى ضحايا الانتهاكات بعد احتلال العراق، كما لم تقدم الولايات المتحدة أي اعتذارات أو أشكال جبر أخرى فرديّة.

بغداد- الرافدين
لايزال المواطن العراقي يونس خضير ينشد العدالة منذ عقدين، بعدما فقد ساقيه جراء غارة أمريكية على العاصمة بغداد، أثناء غزو الولايات المتحدة لبلاده.
ومنذ 21 عاما وبدون ساقين، يبحث خضير (46 عاما) دون جدوى عن العدالة والتعويض، بعد أن أصابته قنابل أسقطها الجيش الأمريكي حين كان يبلغ من العمر 25 عاما.
لم يترك خضير بابا إلا وطرقه، على أمل الحصول على تعويض ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان، فالحرب الأمريكية على العراق خلفت كثيرا من الضحايا بين قتلى ومعاقين ومتضررين آخرين.
متحدثا عن يوم لا ينساه أبدا انقلبت فيه حياته، قال خضير لوكالة “الأناضول” “فقدت ساقيّ نتيجة هجوم بالقنابل شنته القوات الأمريكية في الخامس من آذار 2003”.
وتابع “بينما كنت أسير في الحي الذي أسكنه ببغداد وقت الظهيرة خلال عودتي إلى منزلي، وقع هجوم مفاجئ بالقنابل، ورأيت إحدى ساقي قد بُترت بينما تمزقت الأخرى جراء الهجوم”.
وأضاف “نُقلت إلى المستشفى لتقلي العلاج، ولم تكن المستشفيات في العراق حينها تقدم الخدمات الطبية بشكل جيد”.
وأوضح “بعد إجراء عملية جراحة لي، أفقت وأردت أن أتلمس ساقيّ، إلا أن أقربائي المرافقين لم يسمحوا لي بذلك”.
وزاد “عندما سألتهم قالوا لي لتهدئتي إن ساقيّ على ما يرام، لكنني غافلتهم في وهلة من الزمن وتلمست ساقيّ ووجدتهما مبتورتين، ودخلت في دوامة بكاء”.
ومتحسرا، قال خضير “فقدت ساقيّ وأنا في ريعان شبابي (25 عاما)، وعلى إثرها عانيت من مشاكل نفسية كبيرة، ولم أخرج من المنزل لفترة من الوقت”.
وتابع “كنت لاعب كرة قدم جيد قبل أن يتم بتر ساقيّ، كل هذا أثر على نفسيتي بشكل كبير، كما تأثرت سلبا على صعيد إعالة أسرتي، وما زالت كل هذه السلبيات مستمرة”.
ووفق خضير فإن المنزل الذي يعيش فيه ورثه عن والده، وإخوته الستة جميعهم متزوجون ولديهم أسرهم في هذا المنزل.
وشدد على أنه لم يحصل على أي تعويض من أي جهة حكومية أو ذات صلة منذ 2003.

كنت أسير في الحي الذي أسكنه ببغداد وقت الظهيرة خلال عودتي إلى منزلي، وقع هجوم مفاجئ بالقنابل، ورأيت إحدى ساقي قد بُترت بينما تمزقت الأخرى جراء الهجوم

واضطر خضير لمواصلة العمل في مهنته القديمة، وهي النجارة، رغم أن الأمر بات صعبا عليه للغاية بعد فقدان ساقيه.
وأردف “أعمل أيضا في البناء واتسلق الجدران بصعوبة. أبني أسقف منازل الناس، لكنني لا أستطيع بناء سقف منزلي. لأنني لا أملك القدرة المالية لذلك”.
وتابع “كنت ألعب كرة القدم (…) وعندما فقدت ساقيّ، بدأت من على كرسي متحرك أشاهد الشباب وهم يلعبون كرة القدم، وهذا أكثر الأشياء التي تؤلمني”.
وقالت “هيومن رايتس ووتش” إن الحكومة الأمريكية تقاعست عن تقديم تعويضات أو سبل إنصاف أخرى للعراقيين الذين عانوا من التعذيب وغيره من الانتهاكات، رغم مرور عقدين على ظهور أدلة على إساءة القوات الأمريكية معاملة المعتقلين في سجن أبو غريب وغيره من السجون التي أدارتها الولايات المتحدة في العراق.
وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق في 2003، احتجزت الولايات المتحدة وحلفاؤها نحو 100 ألف عراقي بين 2003 و2009.
ووثّقت “هيومن رايتس ووتش” ومنظمات أخرى التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة على يد القوات الأمريكية في العراق.
وقدم ضحايا الانتهاكات لسنوات شهاداتهم حول المعاملة التي تعرضوا لها، لكنهم لم يتلقوا سوى اعترافا ضئيلا من الحكومة الأمريكية، ولم يحصلوا على أي تعويض. وفق الحظر المفروض على التعذيب بموجب القانون المحلي الأمريكي، و”اتفاقيات جنيف 1949″، و”اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”، والقانون الدولي العرفي، هو حظر مطلق.

فقدت ساقيّ وأنا في ريعان شبابي (25 عاما)، وعلى إثرها عانيت من مشاكل نفسية كبيرة، ولم أخرج من المنزل لفترة من الوقت

وقالت سارة ياغر، مديرة مكتب “هيومن رايتس ووتش” في واشنطن “بعد مرور 21 عاما، لا يزال العراقيون الذين تعرضوا للتعذيب على يد عناصر حكوميين أمريكيين بدون سبيل واضح لرفع دعوى أو الحصول على أي نوع من الإنصاف أو الاعتراف من الحكومة الأمريكية. وأشار المسؤولون الأمريكيون إلى أنهم يفضلون وضع التعذيب خلفهم، لكن الآثار الطويلة الأمد للتعذيب ما تزال واقعا يوميا للعديد من العراقيين وعائلاتهم”.
ولم تجد “هيومن رايتس ووتش” أيّ دليل على أنّ الحكومة الأمريكيّة دفعت تعويضات أو قدمت أي سُبل انتصاف أخرى إلى السجناء ضحايا الانتهاكات في العراق، كما لم تقدم الولايات المتحدة أي اعتذارات أو أشكال جبر أخرى فرديّة.
وحاول عراقيون آخرون الحصول على العدالة في محاكم أمريكية، لكنّ وزارة العدل دأبت على رفض هذه المطالب باستخدام قانون يعود إلى سنة 1946 يوفّر حصانة للقوات الأمريكيّة “من أي مطالبات ناشئة عن أنشطة قتاليّة للقوات العسكريّة أو البحريّة أو خفر السواحل في وقت الحرب”.
ولم تردّ وزارة الدفاع الأمريكية على طلبات متكررة للحصول على معلومات حول ما إذا كانت الحكومة الأمريكيّة قد دفعت تعويضات بموجب قانون المطالبات الأجنبيّة أو أي تعويضات أخرى للضحايا أو أسر أولئك الذي ماتوا بسبب الانتهاكات أثناء الاحتجاز في العراق.
وقال جوناثان ترايسي، وهو محامٍ عسكري سابق نظر في دعاوى تتعلق بأضرار حصلت في بغداد في 2003، إنّه لا يعلم بأيّ أموال صرفها الجيش بموجب قانون المطالبات الأجنبيّة لضحايا التعذيب.
وأضاف “حتى إذا تلقى أيّ من الناجين أموالا، فإنّي أشكّ في أنّ الجيش كان راغبا في استخدام قانون المطالبات الأجنبيّة لأنّ ذلك سيُفهم على أنّه إقرار حكومي”.
وفي العشرين من آذار 2003، أطلق تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة عملية عسكرية لإسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين، بمزاعم بينها امتلاك أسلحة دمار شامل. ظهر أنها كاذبة.
ورغم إسقاط نظام صدام (1979-2003)، في التاسع من نيسان 2003، استمر الاحتلال الأمريكي للعراق.
ومنذ عام 2014، تتواجد الولايات المتحدة عسكريا في العراق ضمن تحالف دولي لمحاربة تنظيم “داعش.
وأسفر الاحتلال الأمريكي للعراق بين 2003 و2011 عن مقتل نحو 200 ألف عراقي؛ معظمهم مدنيون، وفق تقارير حقوقية.


أعمل أيضا في البناء واتسلق الجدران بصعوبة. أبني أسقف منازل الناس، لكنني لا أستطيع بناء سقف منزلي. لأنني لا أملك القدرة المالية لذلك
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى