والي أدييمو للسوداني: هناك الكثير أمام حكومتك لتفعله في محاصرة الأموال القذرة
رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني يفشل في اقناع نائب وزير الخزانة الأمريكية والي أدييمو، بأن حكومته التزمت بالمعايير الدولية المالية، في محاولة لإنهاء القيود الأمريكية على التحويلات المالية العراقية.
بغداد – الرافدين
فشل رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني في اقناع نائب وزير الخزانة الأمريكية والي أدييمو، بأن حكومته التزمت بالمعايير الدولية المالية، في محاولة يائسة لإنهاء القيود الأمريكية على التحويلات المالية العراقية، بعد العقوبات التي فرضت على نحو عشرين مصرفا عراقيا.
وتعهد السوداني أمام نائب وزير الخزانة الأمريكية وعدد من المسؤولين في وزارة الخزانة الأمريكية خلال لقاء في نيويورك الثلاثاء، بإن تنجز حكومته جميع متطلبات التحويلات المصرفية في العراق عبر المنصة الإلكترونية نهاية العام الجاري.
غير أن مصدر إعلامي عراقي مرافق لرئيس حكومة الإطار التنسيقي أكد بأن نائب وزير الخزانة الأمريكية قال للسوداني “هناك الكثير يجب على حكومتك أن تفعله، لمحاصرة الأموال القذرة والتحويلات المشبوهة”.
وتعهد السوداني أمام والي أدييمو، بأن حكومته ستعمل على “التحول إلى نظام المصارف المراسلة، وفق نهج الحكومة والتزامها برفع قدرات البنوك العراقية، بما يتناسب مع المعايير العالمية ويلبي حاجة البيئة الإستثمارية”.
وحسب بيان لحكومة السوداني، شهد اللقاء بحث العلاقات الاقتصادية الثنائية بين البلدين في مختلف القطاعات الحيوية، واستعراض جهود الحكومة وخططها في الاصلاح الاقتصادي والمالي، والتوجه نحو تنويع مصادر الناتج العراقي وتعزيز مستهدفات التنمية والإجراءات العملية المطبقة في مجال مكافحة غسيل الأموال.
غير أن وسائل اعلام أمريكية وصفت اللقاء بأنه محاولة فاشلة جديدة من السوداني لفك القيود والعقوبات على النظام المصرفي العراقي بعد تهريب الأموال إلى إيران وحزب الله اللبناني.
وحاول السوداني تقديم صورة عن سيطرة حكومته على تهريب الدولار إلى إيران.
ولم يقتنع المسؤولون الأمريكيون بالذرائع التي قدمها السوداني، حيث استمع إلى جملة تكررت كثيرا من قبل المسؤولين الأمريكيين بأن “على حكومته فعل الكثير من أجل إيقاف تهريب الدولار إلى إيران”.
وقال السوداني للمسؤولين الأمريكيين إنه لا يمكن العمل في أي قطاع تنموي دون خطوات إصلاحية للقطاع المصرفي، وضرورة المضيّ في الحوار مع الخزانة الأمريكية والبنك الفدرالي الأمريكي، وصندوق النقد الدولي، والمؤسسات المالية الدولية الأخرى.
وقال نائب وزير الخزانة الأمريكية والي أدييمو للسوداني بأن الولايات المتحدة “ستواصل اجتثاث أولئك الذين يسعون إلى إساءة استخدام النظام المالي الأمريكي والدولي لتمويل الإرهاب والانخراط فيه”. في إشارة إلى غسيل وتهريب الأموال إلى إيران وحزب الله في لبنان.
وأضاف أدييمو أن حكومة العراق لديها الكثير مما تفعله حيال غسيل الأموال القذرة وإساءة استخدامها من قبل ميليشيات وجماعات مارقة مرتبط بإيران وحزب الله اللبناني.
وشدد على أن العقوبات الأمريكية تؤكد التزام الحكومة الأمريكية بملاحقة عملاء إيران وحزب الله ومموليه، بغض النظر عن موقعهم.
وأواخر العام 2022، اعتمد القطاع المصرفي العراقي نظام سويفت الالكتروني للتحويلات بهدف إتاحة رقابة أفضل على استخدام الدولار، وضمان الالتزام بالعقوبات الأميركية على طهران، وكذلك من أجل الحدّ من غسيل الأموال وتهريبها.
وقالت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، إن أفعال إيران تهدد الاستقرار بالشرق الأوسط وقد تتسبب في تداعيات اقتصادية، مضيفة أن بلادها ستستخدم العقوبات وتعمل مع الحلفاء لمواصلة عرقلة أنشطة إيران التي وصفتها بالخبيثة والمزعزعة للاستقرار.
ولضمان الالتزام بالمعايير الدولية فيما يتعلق بتبييض الأموال والعقوبات على إيران، منع نحو 20 مصرفًا عراقيًا من القيام بتحويلات بالدولار، لكنها لا تزال تعمل في العراق باستخدام الدينار.
ويتخوف العراقيون من إمكانية إدراج بنوك محلية بعقوبات جديدة، خاصة وأن معظم المصارف الخاصة تتبع أحزابًا وميليشيات موالية لإيران، وتساهم في شراء الدولار من المصرف المركزي أو من السوق السوداء، لتحويله إلى إيران.
وعلى الرغم من منع ثمانية بنوك تجارية محلية مؤخرًا من التعامل بالدولار، فضلًا عن منع 14 مصرفًا محليًا العام الماضي، في إطار الإجراءات المتخذة للحد من عمليات الاحتيال وغسل الأموال القذرة وغير ذلك من الاستخدامات غير المشروعة للعملة الأمريكية، تستمر معاناة العراقيين في الحصول على الدولار لتلبية احتياجاتهم الضرورية.
ويعزو مراقبون استمرار العقوبات الأمريكية على بنوك محلية وشخصيات وشركات لها ارتباطات بالميليشيات إلى غياب الدور الحكومي في اتخاذ إجراءات حقيقية للحد من عمليات تهريب الدولار وغسل الأموال، مشددين على أن العقوبات القادمة ربما ستكون هي الأقوى.
وكانت وكالة “رويترز” للأنباء قد نسبت إلى مسؤول كبير بوزارة الخزانة الأمريكية تأكيده على أن البنك المركزي العراقي يجب أن يعالج المخاطر المستمرة الناجمة عن سوء استخدام الدولار في البنوك التجارية العراقية كي يتجنب فرض إجراءات عقابية جديدة تستهدف القطاع المالي، مشيرا إلى أعمال احتيال وغسيل أموال وتهرب إيران من العقوبات.
وذكر المسؤول الذي تحدث لوكالة “رويترز” شريطة عدم نشر اسمه، أنه لا تزال هناك بنوك عراقية أخرى تعمل بمخاطر يجب معالجتها ومع وجود احتياطيات تزيد على 100 مليار دولار في الولايات المتحدة، يعتمد العراق بشكل كبير على حسن نية واشنطن في ضمان عدم تعرض عائدات النفط وأمواله لعقوبات أمريكية.
ولدى العراق أكثر من 70 بنكا خاصا في سمة جديدة نسبيا في قطاع كان يخضع بالكامل تقريبا لهيمنة الدولة لحين احتلال العراق من قبل القوات الأمريكية عام 2003.
ومن بين هذه البنوك، ما يقل قليلا عن الثلث في القائمة الأمريكية السوداء.
وقال المسؤول لوكالة “رويترز” في بغداد “أختار التركيز على البنوك التي لا يزال لديها إمكانية الوصول وأرى أن المخاطر مستمرة فيها”.
وأضاف “سيكون شيئا رائعًا لو اقتنص البنك المركزي الفرصة لمعالجة الأمر بشكل مباشر مما قد يبطل الحاجة في الولايات المتحدة لاتخاذ المزيد من الإجراءات”.