أخبار الرافدين
تقارير الرافدينعربية

القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق: حزب الله لم يستطع حتى اللحظة الخروج عن مسار قواعد الاشتباك في الرد على العدو

القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق: لماذا ينخرط حزب الله الآن في "معركة مفروضة" عليه من العدو، وفي ظرف مناسب جدًا للعدو، بعد تراجع حدة المعركة في غزة وتناقص متطلباتها الضاغطة على جهده العسكري، وتوفر فرصة مناقلة قواته وآلته الحربية من الجنوب إلى الشمال؟

عمان- الرافدين
قال القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق، على الرغم من جسامة الخسائر الناجمة عن الهجمات بالنسبة لحزب الله؛ فإنه لم يستطع حتى اللحظة الخروج عن مسار “قواعد الاشتباك” في الرد على “العدو الصهيوني”.
وشدد القسم السياسي بموقف ميداني وقراءة في مشهد تطورات الأحداث في لبنان، صدرت الثلاثاء الرابع والعشرين من أيلول، على أن إذا ما قورنت أفعال حزب الله الميدانية بتصريحات مسؤوليه وعلى رأسهم زعيمه حسن نصر الله الذي خرج بخطاب خجول، بدا فيه هادئًا وغير منفعل مثلما كان يتعاطى بحماس حين يعلق على الأحداث في سوريا قبل سنوات إلى درجة أنه قال وقتها: إنه مستعد للذهاب بنفسه إلى هناك ليقاتل “الإرهابيين” بحسب تعبيره؛ لكن المشهد اختلف تمامًا حين بات العدو الصهيوني هو الطرف الذي من المفترض أن يواجهه في هذه المرحلة، واكتفى برشقات من الصواريخ محدودة التأثير -وإن كثرت وتعمقت في الأراضي المحتلة- على الرغم من الهالة الإعلامية التي رافقتها.
وأضاف القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق “مع اقتراب معركة طوفان الأقصى من إتمام سنتها الأولى؛ أخذت الأحداث تتصاعد في لبنان ولا سيّما بعد الهجمات والتفجيرات التي طالت مؤخرًا قياديين في حزب الله؛ حيث لقي عدد من قادة (فرقة الرضوان) في الحزب، مصرعهم في هجوم طال مجمعًا كانوا مجتمعين فيه، فيما قتل عدد من أعضاء الحزب وأصيب العشرات منهم باستهداف شريحة كبيرة من قاعدته التنظيمية عن طريق تفجير أجهزة الاتصال الخاصة بهم، فضلاً عن الاغتيالات المنتخبة التي تطال مسؤولين مؤثرين في الحزب بين حين وآخر”.
وشهدت التطورات الأخيرة عدوانًا صهيونيًا شرسًا وغير مبرر بالمرة على لبنان، كان ضحيته الأكبر هم المدنيون من أشقائنا أبناء الشعب اللبناني، حيث تسبب بمقتل وإصابة أكثر من (2100) شخص، بينهم أطفال ونساء ومسعفون؛ جرّاء الغارات والهجمات في غضون يوم واحد (الاثنين 23/9/2024م)، وفق ما صدر عن وزارة الصحة اللبنانية، التي كانت قد أعلنت سابقًا في بيانات متفرقة مقتل (100) شخص وإصابة أكثر من (400) آخرين؛ نتيجة الغارات والهجمات التي استهدفت شرقي البلاد وجنوبيها، مما يُبقي الحصيلة قابلة للزيادة.
وقال القسم السياسي: إذ نعرب عن ألمنا وتعاطفنا مع الشعب اللبناني والضحايا الأبرياء الذين سقطوا بلا ذنب؛ فإننا نقرأ في ضوء التطورات الخطيرة للمشهد؛ قراءات متعددة، منها ما لا يقبل خلافًا للحقيقة، ولا يتعارض مع الواقع المشاهَد والمرصود، أبرزها ما يأتي:
أولاً: أظهر التصعيد الأخير الذي بادر به العدو -مرة أخرى- كمَّ الخداع الذي يلتحف به (الحزب) وسائر المنخرطين في (المحور الإيراني) لإيهام الرأي العام، وصناعة أرضية تُجنى منها مكاسب سياسية ومصالح ذات أبعاد خاصة؛ حيث جاء هذا التصعيد متأخرًا بعد انقضاء سنة إلا أسبوعين من انطلاق معركة طوفان الأقصى في قطاع غزة، وبدلاً من أن يبادر (الحزب) لفتح الجبهة الشمالية من فلسطين على العدو الصهيوني منذ ذلك الوقت؛ اتخذ من (قواعد الاشتباك) وُجاءً له ولمحوره؛ لينصرف عن النصرة الحقيقية والفاعلة لغزة، مكتفيًا بالتصعيد الخطابي والإعلامي، وما لا أثر فاعل له على الأرض أو نكاية ملموسة بالعدو، فلما نزلت الحرب بساحته أفرج -مكرهًا- عن كم من الصواريخ، أطلقها على (حيفا) وعدد من مناطق الداخل الفلسطيني المحتل؛ لكنه عجز -حتى اللحظة- عن أن يثبت حجم الضرر الذي ألحقه بالعدو الصهيوني.
ثانيًا: انتظر (الحزب) سنة كاملة دون أن يؤدي ما يدّعيه، ولو كان الأمر متعلقًا به لانتظر أكثر؛ لكن مرحلة تصعيد الهجمات العدوانية، التي بدأها (العدو) هي التي أجبرته على المغامرة، التي ظهر فيها جسم الحزب مخترقًا إلى حد كبير؛ فدفع بذلك ثمنًا يبدو في معيار الراصدين باهظًا، لكنه ليس كذلك إذا ما قُرئت الأحداث على وفق قاعدة (تخادم المحورين)، لأن ما هو أكثر فداحة من ذلك وقع ولم تكلف إيران ولا (الحزب) نفسيهما جهدًا في الرد عليه طوال الأشهر التي خلت، مما يدل مجددًا على ما كُنّا نقوله منذ سنوات -وما نزال- بأن التابع مجبور على تحمّل ما تتطلبه مصالح المتبوع؛ وهذا هو واقع الحال الذي يقوم عليه المشهد في العراق، وهو الواقع عينه الذي أدركه أهلنا في سوريا منذ أكثر من عقد، ثم أهلنا في اليمن، وباتت الفرصة اليوم مناسبة جدًا لتنتبه إليه الأمة في مختلف بلدانها.
ثالثًا: إن ما يدعو إلى الإفصاح عن هذه الرؤية، هو أن (الحزب) -بحكم كونه جزءًا مما يسمى (محور المقاومة)- يُفترض به أن يكون ساندًا وعامل دعم لمعركة (طوفان الأقصى)؛ لكنه فضَّل خيارات التهدئة الميدانية، ومنح العدو طوال الأشهر الماضية مبررات استمرار العدوان وحرب الإبادة على غزة، مكتفيًا بما لا يردع ولا يضر ضررًا فادحًا -في الساحة اللبنانية- بموازاة التحرشات -في الساحة العراقية- التي يحسن العدو ومحوره (الأمريكي-الغربي) توظيفها؛ في سبيل إيهام الرأي العام، وترسيخ بعض التصورات والأوهام فيما يتعلق بطبيعة العلاقة بين أمريكا وإيران وتفسيراتها.
رابعًا: لا بد في هذا المقام من إعادة التذكير بموقفنا الذي عبرنا عنه بتأريخ: (3/11/2023م) تحت عنوان: (أبرز دلالات خطاب حسن نصر الله بشأن معركة طوفان الأقصى)، الذي استشرفنا فيه مجريات الأحداث، وبما يوافق واقع ما نعيشه اليوم، حين رصدنا تنصل (الحزب) من كل فعل مؤثرٍ وحاسمٍ لمقاومة الاحتلال الصهيوني خارج الساحة اللبنانية، وإقراره بأن معركة طوفان الأقصى ليست لها علاقة بأي ملف إقليمي؛ لتبرير مواقفه.
خامسًا: بغض النظر عن تفسيرنا لمواقف (الحزب) على مدى الأشهر الماضية في معركة طوفان الأقصى؛ فإن لنا الحق بالتساؤل: لماذا ينخرط (الحزب) الآن في (معركة مفروضة) عليه من العدو؟ وفي ظرف مناسب جدًا للعدو، بعد تراجع حدة المعركة في غزة وتناقص متطلباتها الضاغطة على جهده العسكري، وتوفر فرصة مناقلة قواته وآلته الحربية من الجنوب إلى الشمال؟
ألم يكن جديرًا بالحزب أن يشارك في معركة (طوفان الأقصى) منذ بدايتها، بقراره الخاص وإرادته المتسقة مع شعار (وحدة الساحات)، وبما يضع العدو بين كماشتي المقاومة في غزة و(الحزب) في جنوب لبنان، وبما كان سيفرض -بعد إرادة الله- قواعد معركة صعبة على العدو، تضع قيادته السياسية في مأزق حقيقي، وبما كان سيؤدي إلى تقليل أمد المعركة الرئيسة في غزة نفسها، ويقلل من حجم الآلام والضحايا؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى