أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

أثرياء الفساد في العراق يسيطرون على قطاع العقارات ولا يحلون أزمة السكن في العراق

نائب رئيس لجنة الاستثمار والاقتصاد النيابية سوزان منصور: ما يجري في بغداد هو حالة ارتفاع جنوني بأسعار الوحدات السكنية والتي لا يمكن للطبقة المتوسطة والفقيرة شراء أي وحدة، فضلًا عن عدم وجود دعم مالي من قبل المصارف الحكومية.

بغداد – الرافدين
يتأمل غالبية الموظفين والعمال من الطبقة المتوسطة في العراق بحسرة المجمعات السكنية التي تشيدها كارتلات الفساد في العراق، في أكبر عملية غسيل للأموال القذرة، ويتحسرون مع أنفسهم متسائلين، متى بمقدور المواطن العادي وليس من طبقة لصوص الدولة أن يكون بمقدوره شراء شقة تلم أسرته.
لا يجد كل هؤلاء العراقيين، وهم بالملايين إجابة لتساؤلهم المشروع وحقهم في الحصول على مسكن يحفظ كرامتهم في بلدهم
وتساءل عراقي “هل هذا الجزاء؟ أن أخدم الدولة 30 أو 35 عامًا وألقى مصيري في الشارع؟”.
ويصل سعر المتر المربع الواحد لمنزل في منطقة لا تتوفر فيها خدمات مياه أو كهرباء حكومية في جانب الكرخ إلى 2300 دولار على الأقل. وفي ضاحية المنصور الراقية مثلًا، يمكن أن تصل المعدلات إلى ستة أضعاف هذا الرقم.
وفي منطقة الكرادة، وصل سعر المتر المربع الواحد للمناطق السكنية إلى أكثر من خمسة آلاف دولار.
وقال سمسار العقارات في منطقة زيونة رعد الشمري “إن من يمتلك مليون دولار بالكاد يمكنه شراء منزل هنا، لم يعد الأمر متاحًا للناس العاديين”.
وعبر الشمري عن شكوكه بقدرة أحفاده على شراء منزل خاص بهم في المستقبل مع الارتفاع الهائل للأسعار بعد غسل أموال الفساد القذرة.
وقال “كل شيء يتعلق بالمال اليوم في بغداد، حيث يمكن بناء مساحة 10 في 10 أمتار واعتبارها منزلًا”.
ولم تكن العملية وليدة اليوم أو الأشهر القليلة الماضية، بل جرت على مدى سنوات حتى وصلت الأسعار إلى ما هي عليه الآن من ارتفاع هائل في أسعار العقارات.

مجمعات سكنية بأموال الفاسدين المغسولة

وما تزال أزمة السكن في العاصمة العراقية بغداد تشغل بال العراقيين في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار الوحدات السكنية في المجمعات الاستثمارية وسط غياب واضح للدور الرقابي الحكومي.
ويرى مراقبون، أن الارتفاع الجنوني بأسعار الوحدات السكنية سببه غياب الدور الرقابي لهيئة الاستثمار الوطنية، والتي دعي رئيسها أكثر من مرة إلى البرلمان الحالي للاستجواب، لكن من دون جدوى.
وترتبط أحزاب كبرى وشخصيات سياسية من الطبقة العليا، في ملف الفساد الحاصل في المجمعات السكنية، إذ يمتلك كُثر منهم شركات استثمار خاصة، وهذه تحوز على عروض استثمارية كثيرة بسبب نفوذ أصحابها.
وتدرّ هذه الاستثمارات أموالًا ضخمةً لهم، ليس عبر الاستحواذ على عقود بناء المجمعات فحسب، ولكن نتيجةً للرشى المقدّمة لقاء التسهيلات التي يوفرونها للمستثمرين أيضًا.
وكانت لجنة الاستثمار والاقتصاد النيابية قد دعت إلى وضع حد للارتفاع الجنوني في أسعار الوحدات السكنية الاستثمارية.
وقالت نائب رئيس لجنة الاستثمار والاقتصاد النيابية النائب سوزان منصور “إنه من المفترض الاستبشار لما تشهده بغداد وبقية المحافظات من بناء للوحدات والمجمعات السكنية والممنوحة أراضيها من قبل الدولة، إلا أن ما يجري هو حالة ارتفاع جنوني بأسعار الوحدات السكنية والتي لا يمكن للطبقة المتوسطة والفقيرة شراء أي وحدة، فضلًا عن عدم وجود دعم مالي من قبل المصارف الحكومية”.
وأضافت منصور، أن المواطن من حقه أن يتملك وحدة سكنية بأسعار معقولة ومدعومة من قبل الدولة، مبينة، أن حالة المضاربات بين أصحاب رؤوس الأموال بشراء وبيع الوحدات السكنية هي الأخرى أسهمت برفع الأسعار.
ودعت منصور، إلى إعادة النظر بآليات منح رخص الاستثمار للمشاريع السكنية ووضع حد للارتفاع الجنوني في أسعار الوحدات السكنية الممنوحة للاستثمار.
ووصل عدد المجمعات السكنية في بغداد إلى 46 مجمعًا، تفتقر غالبيتها إلى التخطيط السليم وهي مُقامة بشكل يزيدها بعدًا عن حل أزمة السكن أو معالجة العشوائيات، برغم تمركزها على أراضي الدولة المخصصة للاستثمار، والتي تُمنح للمستثمر بأسعار رمزية وشبه مجانية، وفقًا لقانون الاستثمار العراقي رقم 13 لعام 2006.
ويُقسم البناء الحاصل في المجمعات السكنية إلى قسمين؛ الأول يمثّله البناء العمودي وبناء العمارات والشقق السكنية، فيما يمثل البناء الأفقي مثل المنازل والقصور، القسم الثاني.
ويقسم هذان القسمان إلى أقسام عدة أخرى؛ المجمعات الفارهة، وتتمركز غالباً في المناطق الحيوية داخل المُدن، وتباع بأسعار باهظة، فيما تتمركز المجمعات الاقتصادية على أطراف المُدن الخارجية، وتباع بأسعار أقلّ من الأولى، وبرز مؤخراً قسم آخر، يتوسط هذين القسمين، تُمثّله تلك المجمعات المقامة على الأطراف الداخلية للمُدن.
وتتميز هذه المجمعات جميعها، باستحداث الطاقة الكهربائية والمياه والمجاري بنسبة 100 بالمائة، وتكون هذه الخدمات متوافرةً لقاء بدل شهري محدد مسبقاً، يدفعه المشتري.
ولا تبدو أغلب أسعار المجمعات السكنية في متناول الطبقة المتوسطة ومحدودي الدخل، حيث يؤكد أحد المواطنين في العاصمة بغداد أن سعر الشقة يصل في بعض المجمعات إلى 400 مليون أو 600 مليون، متسائلًا: من أين يأتي الفقير بهذه المبالغ؟”.

لا يمكن للفقير تأمين مبلغ شقة واحدة في مجمعات الفاسدين

وتحولت تلك المجمعات الى أزمة جديدة، نظرًا لارتفاع أسعارها بشكل خيالي، في ظل افتقار العراق إلى القوانين التي تنظم بيع وإيجار العقارات السكنية، والتضخم السكاني الذي تشهده البلاد.
ففي منطقة الزعفرانية التي تعد ذات أغلبية من محدودي الدخل، بلغ سعر المتر المربع الواحد في مجمع سكني لشقق بمساحة 158 مترًا مربعًا، والذي يتم بناؤه حاليًا، مليونًا و350 ألف دينار (نحو 880 دولارًا وفقًا لسعر الصرف في السوق الموازي حاليًا)، ويتم التسديد على شكل ست دفعات بين كل دفعة وأخرى خمسة أشهر.
ويتجاوز سعر الشقة بمساحة 133 مترًا مربعًا في مجمع دار السلام السكني 200 مليون دينار، ويحتاج رب العائلة مبلغ 50 مليون دينار كمقدمة لشرائها، فيما تبلغ الدُفعات الشهرية مليوناً ونصف مليون دينار، أما الشقة بمساحة 200 متر مربع فكلفتها تتجاوز 300 مليون دينار بدفعة أولى تبلغ 78 مليون دينار وقسط شهري يتجاوز مليوني دينار.
في المقابل فإن أسعار العقارات في بعض المناطق وصلت إلى 20 ألف دولار للمتر الواحد وفي مناطق أخرى تتراوح ما بين 3500 إلى 14 ألف دولار للمتر الواحد.
ووصلت قيمة سعر المتر الواحد في حي اليرموك ما بين 4000 و20000 دولار، بينما في حي الحارثية المجاورة، تراوح بين 3500 و14000 دولار، وفي القادسية بين 3200 ولغاية 14000 دولار، بينما تراوح في المنصور وزيونة والجادرية بين 3300 و13000 دولار، وفي حي الجامعة بين 2500 ولغاية 11000 دولار، بينما تقل القيمة كلما كانت المنطقة باتجاه أطراف العاصمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى