أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

حكومة السوداني تمعن في تنفيذ سلسلة إعدامات بدوافع طائفية

خبراء دوليون: عمليات الإعدام المنهجية التي تنفذها الحكومة العراقية ضد السجناء المحكوم عليهم بالإعدام بناء على اعترافات مشوبة بالتعذيب وبموجب قانون غامض لمكافحة الإرهاب (…) قد ترقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية.

بغداد- الرافدين
أمعنت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني مع تواطؤ مكشوف من قبل رئاسة الجمهورية والقضاء في تنفيذ سلسلة إعدامات بحق 21 شخصا بينهم امرأة، بذريعة “الإرهاب”.
إلا أن غالبية أسر الضحايا وجهات حقوقية دولية تؤكد أن المدانين لم يخضعوا إلى محاكمة عادلة وتم استحصال اعترافات منهم تحت التعذيب، فضلا عن كونهم جميعا من طائفة واحدة الأمر الذي يكشف الدوافع الطائفية في تنفيذ الإعدامات الجديدة.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ثلاثة مصادر أمنية ومصدر طبي الأربعاء، عن إعدام 21 شخصا في أعلى حصيلة إعدامات في العراق في الأشهر الأخيرة.
وفي الأعوام الأخيرة، أصدرت المحاكم العراقية مئات أحكام الإعدام والسجن المؤبد بحق مدانين بالانتماء إلى “جماعة إرهابية”، إثر محاكمات نددت بها جماعات حقوق الإنسان واعتبرت أن الأحكام فيها صدرت على عجل.
وبموجب القانون العراقي، تصل عقوبة جرائم الإرهاب والقتل إلى الإعدام. ويتعيّن على رئيس الجمهورية المصادقة على هذه الأحكام قبل تنفيذها.
وقال مصدر أمني في بغداد إنه تمّ تنفيذ حكم الإعدام “بـ21 مدانا بينهم بقضايا إرهاب”.
ومن محافظة ذي قار في جنوب العراق، أكّد مصدر في سجن الناصرية المعروف باسم “سجن الحوت” أن من بين هؤلاء امرأة وقد أُعدموا “وفق المادة 4 إرهاب (…)”.
وأكّد أن الحكم نُفذ “بإشراف فريق عمل من وزارة العدل”.
وأشار كذلك إلى أن “المرأة كانت واحدة من بين أشخاص (أُعدموا) قتلوا شخصا” في العام 2019 تزامنا مع تظاهرات مناهضة للحكومة في ساحة الوثبة في العاصمة العراقية.
وقتل متظاهرون حينها شابّا اتهموه بإطلاق النار قبل أن يعلّقوه على عمود في الشارع.
من جهته، أشار مصدر طبي في محافظة ذي قار الجنوبية إلى أن قسم الطب العدلي تسلم الأربعاء جثث مَن تم إعدامهم من إدارة السجن.
وأكّد مصدران أمنيان آخران أنهم جميعا عراقيون.
ولم يكن ممكنا على الفور التأكد من تاريخ تنفيذ عمليات الإعدام، إذ قدّرت بعض المصادر حدوثها الثلاثاء في حين قالت أخرى إنها جرت الأربعاء.
ونددت محامية دفاع فرنسية عن اثنين ممّن أُعدموا بـ”سلسلة جديدة من الإعدامات” نُفذت “بأكبر قدر من السرية”.
وفي تموز، نُفذ حكم الإعدام بحق عشرة أشخاص مدانين بـ”جرائم إرهابية”. وفي أيار، أُعدم 19 شخصا بإدانات مشابهة. وقبل شهر من ذلك، أُعدم 11 شخصا.
وسبق أن انتقدت منظمات حقوقية عدة سوء الظروف الإنسانية في سجن الحوت حيث يسود اعتقاد في أوساط كثير من العراقيين، أن من يدخله لن يتمكن من مغادرته على قيد الحياة.
وواجه العراق انتقادات مجموعات حقوقية اعتبرت أن المحاكمات جرت على عجل أو شملت انتزاع اعترافات من المتهمين تحت التعذيب.
وقال الإعلامي العراقي محمد الجميلي “الإعدامات في العراق باتت تنفذ سرا وبدون سابق إنذار، ولا إعلام لعائلات المعدومين ولا محاميهم، لتجنب ردود الأفعال من بعض المنظمات الحقوقية وهيئات حقوق الإنسان، مما يؤكد أن النظام الحاكم في العراق يستخف بكل التقارير التي تنتقد العدالة الغائبة، وبيانات المنظمات الحقوقية التي تطالبه بإعادة محاكمة المتهمين وفق شروط العدالة بعد أن تأكد العالم كله أن اعترافات المتهمين جرت تحت التعذيب والتهديد بالانتقام من عائلاتهم وزوجاتهم، وفي غالب الأحيان يجري توقيعهم على مستندات وهم مغمضو العينين لا يعرفون مضمونها ولا ما كتب فيها.”
وأضاف الجميلي “في ظل انعدام المصداقية والشفافية في عمل وزارة العدل في النظام القمعي الحاكم في العراق، لا يعلم على وجه التحديد عدد المحكومين بالإعدام في (سجن الحوت) بالناصرية سيئ الصيت، ولكن تقديرات منظمات حقوقية تشير إلى أن العدد يفوق الثمانية آلاف محكوم، ولا تسأل عن أعداد المخبرين السريين الذين فبركوا التهم لهؤلاء الأبرياء، ولا عن تحقق شروط العدالة المعتبرة عند التحقيق معهم، ولا التعامل الإنساني الذي تفرضه القوانين والشرائع في التعامل حتى مع الأعداء، فكيف بالذين لا جريرة لهم سوى شهوة الانتقام من المتحكم بالسلطة في البلد المنكوب”.


محمد الجميلي: المنظومة القضائية بأجمعها أصبحت رهينة لدى المتنفذين في السلطة وميليشياتها، وأن القضاء شريك أساس في جريمة الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان، وفي سوق الآلاف من الأبرياء لمقصلة الإعدام لتحقيق غايات لا تمت للإنسانية وللمواطنة بصلة

وأكد على إن القصص المروعة عن التعامل مع المعتقلين وطريقة انتزاع الاعترافات منهم عند التحقيق معهم، التي ينقلها بعض المحامين أو ذوو المحكومين ممن تسنى لهم مواجهة أبنائهم في السجون، مما يشيب له الولدان، وتؤكد أن المنظومة القضائية بأجمعها أصبحت رهينة لدى المتنفذين في السلطة وميليشياتها، وأن القضاء شريك أساس في جريمة الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان، وفي سوق الآلاف من الأبرياء لمقصلة الإعدام لتحقيق غايات لا تمت للإنسانية -فضلا عن المواطنة- بصلة، بل وفي قتل العديد منهم أثناء التحقيق بسبب التعذيب الوحشي لإجبارهم على الاعتراف بما يطلب منهم، ثم إن التصفيات للأبرياء وقتل حياتهم عمدا لا يقتصر على إعدامهم في مقاصل الإعدام، بل إن أعداد من يتم تصفيتهم في السجون سواء بالتعذيب النفسي والجسدي أو بانعدام الرعاية الصحية قد توازي أعداد من يتم إعدامهم سرا أو علنا.
وفي نهاية حزيران، اعتبر خبراء مستقلون يعيّنهم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وإن كانوا لا يتحدثون باسمه، أن “عمليات الإعدام المنهجية التي تنفذها الحكومة العراقية ضد السجناء المحكوم عليهم بالإعدام بناء على اعترافات مشوبة بالتعذيب وبموجب قانون غامض لمكافحة الإرهاب (…) قد ترقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية”.
وأعربوا يومها عن “قلقهم إزاء العدد الكبير من عمليات الإعدام التي تم الإبلاغ عنها علنا منذ عام 2016 والتي بلغ مجموعها ما يقرب من 400”.
وأواخر كانون الثاني، قال الخبراء الأمميون إنه “تم إعدام يوم 25 كانون الأول 13 سجينا عراقيا” وهو “أكبر عدد من السجناء المدانين الذين تفيد تقارير عن إعدامهم من قبل السلطات العراقية في يوم واحد” منذ 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 عندما أُعدم 20 شخصا.
واتهمت منظمة العفو الدولية القضاء في العراق بإصدار أحكام إعدام ظالمة نتيجة انتزاع الاعترافات من المعتقلين بالقوة على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب.
وأشارت المنظمة إلى عيوب في منظومة القضاء في العراق، وإلى أن العدالة في هذا البلد أدخلت الآلاف من الرجال والصبية في طابور الإعدام، بعد اعترافات انتُزعت تحت التعذيب والإكراه وأنواع أخرى من سوء المعاملة.
وشددت على أنه يتعين على العراق إصلاح المنظومة القضائية وإصدار قانون بشأن الجرائم الدولية، مؤكدة أن الإرادة السياسية قد تكون غائبة لدى الائتلاف الحاكم الذي يضم ميليشيات مسلحة.
وقالت الباحثة لدى “هيومن رايتس ووتش” سارة صنبر إن “استئناف الإعدامات الجماعية في العراق تطور مريع، ينبغي للحكومة العراقية أن تعلن فورًا عن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام”.
وأضافت أن “هذا الظلم الهائل تفاقمه الشوائب القضائية الموثقة جيدًا، التي تحرم المتهمين من المحاكمات العادلة”.
وأكدت على أنه لسنوات، كان لدى العراق أحد أعلى معدلات الإعدام في العالم، ومن المقلق للغاية أن نرى عودة العراق إلى هذه العقوبة بدل إجراء إصلاحات قضائية فعلية تضمن المحاكمات العادلة.
وتأتي عمليات الإعدام بعد تحذير مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور مثنى حارث الضاري، من إن هناك إجراءات ذات بعد سياسي تتخذها السلطات الحكومية في العراق تجاه المعتقلين والملفات ذات الصلة بهم.
وأوضح الدكتور الضاري في أمسية مجلس الخميس الثقافي التي نظمتها هيئة علماء المسلمين في العراق بمقرها في العاصمة الأردنية عمان، حقيقة قانوني العفو باتجاهيه العام والخاص، والأسباب التي تحول دون إقرارهما، وما يرافق ذلك من واقع حال مؤلم يقاسيه المعتقلون الذين يتعرّضون لجميع أنواع الانتهاكات ومنها الإعدام البطيء الناجم عن التعذيب، وانعدام الرعاية الطبية، والتجويع.
وتناول الدكتور الضاري في الأمسية التي اشترك فيها مدير المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب عمر الفرحان، مواقف الأمم المتحدة ولا سيّما البعثة الأممية في العراق تجاه ملف الإعدامات، مسلطًا الضوء على التدخلات الدولية في هذا السياق والتي تعتمد في غالبها على الرواية الحكومية التي تكون مغايرة للحقيقة، ومناقضة لواقع الحال، فضلاً عن كونها رواية غير حيادية لأن السلطات متهمة بالانتهاكات، ولا يمكن أن تكون شهادتها في هذا الشأن معتبرة.
وعلّق مسؤول القسم السياسي في الهيئة على موقف رئيس الجمهورية في العراق الذي تصدر عنه المصادقات على أحكام الإعدام، مشيرا إلى أن رئاسة الجمهورية لا تقدم ولا تؤخر شيئًا في ملف المعتقلين وحملات الإعدامات الظالمة التي تقودها السلطات الحكومية تجاههم.
وسلّط الدكتور الضاري الضوء على جهود قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين، والمركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب، في الكشف عن الانتهاكات والجرائم الممنهجة التي ترتكبها الحكومة والميليشيات بأنماط طائفية؛ وتوثيقها، وتصنيفها قانونيًا، والعمل على تجرميها، مستعرضًا جانبًا من هذه الجهود التي تتعلق بالتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وتزويدها بالحقائق والوثائق والوقائع التي تكشف عن حقيقة الحالة الإنسانية في العراق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى