حكومة الإطار التنسيقي ترحب بالنازحين اللبنانيين بعد أن تعمدت تجاهل معاناة أكثر من مليون نازح عراقي
استعدادات حكومة محمد شياع السوداني لاستقبال النازحين اللبنانيين استعراض سياسي، وانصياعٌ لتعليمات مرجعية السيستاني التي تعاطفت مع محنة اللبنانيين في بيان لها في وقت تعمدت على مدار سنوات تناسي محنة النازحين العراقيين.
بغداد – الرافدين
استهجن عراقيون تجاهل حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني ملف النازحين العراقيين في حين تبذل جهدها في توفير الدعم للبنانيين بحسب بيان وزارة الهجرة مساء الأربعاء الذي أكد سعي الوزارة إلى توفير الاحتياجات اللازمة لاستقبالهم.
وتساءل عراقيون حول مصير أكثر من مليون نازح عراقي، هل حسمت الحكومة ملفاتهم؟، حيث يعيشون حالة نزوح دائم، لا هم قادرون على العودة إلى مناطقهم ولا هم في المخيمات التي تفتقر للكرامة الإنسانية، في حين تبدي استعدادها لاستقبال النازحين اللبنانيين.
وأشاروا إلى أن استعدادات الحكومة الحالية لاستقبال النازحين اللبنانيين استعراض سياسي، وانصياعٌ لتعليمات مرجعية السيستاني الذي تعاطف مع محنة اللبنانيين في بيان له في وقت يتعمد تناسي محنة النازحين العراقيين.
وكانت وزيرة الهجرة إيفان فائق جابرو قد عقدت اجتماعًا موسعًا مع الكادر المتقدم في الوزارة أمس الأربعاء لبحث استعدادات الوزارة لاستيعاب العائلات اللبنانية في حال مجيئهم إلى العراق بسبب القصف الصهيوني المستمر على مناطق عديدة في لبنان، استنادًا لتوجيهات السوداني، وما أسمته الوزارة “تلبية لتوصيات الصادرة من المرجعية” بحسب بيانها.
وبحسب البيان؛ فإن الوزارة ملزمة بتوفير المستلزمات الضرورية وتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية وتهيئة الأرضية المناسبة للبنانيين الفارين من القصف، في حال مجيئهم إلى العراق بشكل عاجل، وأنه جرى التنسيق مع محافظ كربلاء لتهيئة الأماكن المناسبة لإقامتهم وتوفير المستلزمات الضرورية لهم فضلًا عن التنسيق مع “العتبتين المقدستين” هناك.
وكان السوداني قد قرر مؤخرًا تمديد سمة دخول اللبنانيين الموجودين في العراق دون الحاجة إلى السفر لمدة ثلاثين يومًا، وإعفاء المخالفين منهم من العقوبات، واستمرار منح سمات الدخول مجانًا للبنانيين الواصلين إلى المنافذ الحدودية العراقية.
وفي الوقت الذي تسعى فيه حكومة الإطار إلى تهيئة الظروف المناسبة لاستقبال النازحين اللبنانيين، رصد برنامج الأغذية العالمي في العراق استمرار افتقار النازحين العائدين والذين ما زالوا في المخيمات إلى الوثائق المدنية الأساسية الضرورية للوصول إلى الخدمات واستدامة سبل العيش.
وأكد البرنامج الأممي أن 6 من كل 10 عائلات أفادت بعدم قدرتها على الوصول إلى أي مساعدة حكومية بسبب عدم وجود بطاقة هوية شخصية ما يعيق قدرتهم على إثبات الملكية وتأمين العمل والوصول إلى المساعدات الإنسانية.
ويرى مراقبون أن المصالح السياسية وأجندة وكلاء إيران في العراق تبرر الازدواجية التي تتعامل بها حكومة الإطار والمرجعية مع ملف النازحين في العراق، إذ أن مأساة النازحين دخلت عامها العاشر ولم تتحرك الحكومة ولا المرجعية من أجلهم.
ويؤكد ذلك ما كشف عنه مؤخرًا مدير الإعلام في أمانة بغداد، محمد الربيعي، عن خطة لنقل مصفى الدورة إلى منطقة جرف الصخر، في إطار ما قال إنها خطة لنقل المواقع الصناعية خارج بغداد.
وأشار الإعلامي العراقي عثمان المختار في تدوينة له على منصة “أكس” إلى محنة النازحين في مخيمات بزيبز حيث تعيش آلاف العائلات هناك بلا ماء منذ أسبوعين، في وقت تُعلن فيه وزارة الهجرة في العراق استعدادها لاستقبال العائلات اللبنانية.
وقال المختار “الطائفية والتملق الذي تمارسه وزارة الهجرة يُضاف لفساد سرقة مساعدات وأموال المُهجّرين”. مضيفًا أن جسر بزيبز والكفيل سيبقى وصمة بوجوهكم وعمائمكم.
ومنذ العام 2003، تعد المعاملة التمييزية الممنهجة وما نتج عنها من حملات تطهير طائفي وعرقي أبرز أسباب النزوح في العراق، حيث أصبح مئات الآلاف من العراقيين، الذين وجدوا منازلهم وأراضيهم محتلة من قبل الميليشيات والقوات الحكومية، مشردين في مناطقهم الأصلية إلى جانب ما تسببت به العمليات العسكرية التي شنتها الحكومات المتعاقبة وحلفاؤها بعد العام 2014 من موجات نزوح لملايين العراقيين يُزاد عليهم، الآلاف من النازحين داخليًا في مناطق وسط وجنوب العراق من جراء أزمة المياه المتفاقمة والجفاف الناجم عنها.
وقد أُجبر معظم النازحين داخل العراق على ترك منازلهم بسبب السياسات الطائفية للحكومات المتعاقبة في بغداد، التي استخدمت إزاحة السكان الأصليين كسلاح لمعاقبة وإخضاع أبناء المدن الرافضة للاحتلال، في سبيل القضاء على الجهات المعارضة والمناهضة للنظام السياسي القائم على المحاصصة المجحفة التي فرضها الاحتلال.