أخبار الرافدين
تقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدوليةعربية

قوات الاحتلال تدمر التعليم في غزة لتجهيل الفلسطينيين وعزلهم

وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”: أكثر من 600 ألف طفل بقطاع غزة يعانون صدمة شديدة ومحرومون من التعليم، فيما تحولت مدارسهم إلى مراكز لجوء مكتظة بالنازحين وغير صالحة للتدريس.

غزة – تقترب الإبادة الجماعية التي ترتكبها “إسرائيل” في قطاع غزة من إتمام عامها الأول، وتواصل قوات الاحتلال للعام الثاني حرمان الطلاب الفلسطينيين من حقهم في التعليم، ما يضعهم أمام مستقبل غامض ومجهول، وسط تفاقم المعاناة وانهيار النظام التعليمي.
ومع استمرار الحرب وتدمير “إسرائيل” للمرافق التعليمية، توقفت الدراسة بالكامل منذ السابع من تشرين الأول 2023، في محاولة لتجهيل الفلسطينيين وعزلهم عن فرص التعليم والتطور، وفقا لما أشار إليه مسؤول فلسطيني.
وقبل بدء المجازر الإسرائيلية، كان العام الدراسي بقطاع غزة يسير بشكل طبيعي، حيث كانت المدارس سواء الحكومية أو التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) مجهزة وتستوعب الطلاب بشكل مناسب.
وكانت البيئة التعليمية منظمة ومهيأة، لكن مع بدء الهجمات الإسرائيلية وعدم وجود أماكن آمنة وتدمير المرافق التعليمية، أصبح مستقبل التعليم في غزة غامضا وتركت العملية التدريسية إلى مصير مجهول.
كان هناك 796 مدرسة تستوعب نحو 800 ألف طالب وطالبة، بالإضافة إلى 17 جامعة وكلية مجتمع متوسطة، ومن تلك المدارس والجامعات، دمر جيش الاحتلال 123 بشكل كامل و335 بشكل جزئي، وفق تصريحات مسؤولين، وجهاز الإحصاء الفلسطيني.
وقال أحمد النجار، مدير عام وحدة العلاقات العامة بوزارة التربية والتعليم في غزة، لوكالة الأناضول “قبل الحرب، كان هناك 796 مدرسة في قطاع غزة تستوعب أكثر من 800 ألف طالب وطالبة”.
وتعرضت ست جامعات في قطاع غزة للتدمير الكامل أو الجزئي جراء الهجمات الإسرائيلية، وهي: الجامعة الإسلامية، جامعة الإسراء، جامعة الرباط، جامعة الأزهر، جامعة الأقصى، وجامعة القدس المفتوحة.
وفي قطاع غزة، يوجد 17 جامعة وكلية مجتمع متوسطة معتمدة، وفقا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
وأضاف النجار “منذ بداية الحرب، تغيب الطلاب عن المدارس، حيث استهدف الاحتلال كافة المرافق التعليمية، وتلقت جميع المدارس هجمات وحشية متعمدة وما زالت هذه الهجمات مستمرة حتى الآن”.
وتابع “العائق الأكبر للانطلاق المباشر للدراسة هو استمرار الحرب، وعدم توقف القصف والمجازر اللحظية ضد أهالي قطاع غزة”.
وبسبب عمليات النزوح القسري التي فرضتها قوات الاحتلال على الفلسطينيين في غزة من منازلهم جراء قصفها، تحولت المدارس التي لم يقصفها الجيش الإسرائيلي إلى مراكز إيواء للعائلات التي فقدت منازلها، ففقدت تلك المدارس قدرتها على مواصلة مسيرة التعليم.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” إن أكثر من 600 ألف طفل بقطاع غزة يعانون صدمة شديدة ومحرومون من التعليم، فيما تحولت مدارسهم إلى مراكز لجوء مكتظة بالنازحين وغير صالحة للتدريس.
وفي منشور عبر منصة “إكس” لمفوض الأونروا، فيليب لازاريني قال “أكثر من 70 بالمئة من مدارسنا في غزة دمّرت أو تضررت، والغالبية منها أصبحت ملاجئ مكتظة بمئات آلاف الأسر النازحة ولا يمكن استخدامها للتعليم”.
وعن ذلك يقول إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الإعلامي الحكومي: “في إطار جريمة الإبادة ضد شعبنا الفلسطيني، لا يزال الجيش الإسرائيلي يستهدف كل القطاعات الحيوية بشكل ممنهج، مع التركيز بشكل خاص على القطاع التعليمي”.
ويضيف “الاحتلال يستهدف الهيئات التعليمية، حيث قتل أكثر من 750 من المعلمين والمعلمات والعاملين في القطاع التعليمي في غزة، بالإضافة إلى قتل 115 من العلماء والباحثين والمفكرين في مجال التعليم الجامعي”.
ويتابع الثوابتة “الاحتلال (الإسرائيلي) قتل أكثر من 11500 طالب وطالبة في جميع المراحل الدراسية”.
ويلفت إلى أن “الاحتلال يسعى لتجهيل أبناء شعبنا الفلسطيني”، وأنه يمنع حوالي 800 ألف طالب وطالبة من الالتحاق بالعام الدراسي الجديد للعام الثاني على التوالي.
ورغم هذه الظروف إلا أن بعض الأهالي والمدرسين بمبادرات فردية حاولوا إعادة الحياة للعملية التعليمية على نطاق ضيق بسبب ضعف الإمكانيات.
وعمل هؤلاء على تقديم التعليم لعشرات الأطفال بمجهود فردي وتطوعي وبشكل غير رسمي داخل خيام بمخيمات النازحين.

ما بقي من مدارس غزة
وداخل الخيام وفي فصول بمدارس مدمرة جزئيا يعمل المدرسون المتطوعون على تقديم دروس للأطفال من المنهاج الفلسطيني، حرصا على الحفاظ على استمرارية التعليم وضمان عدم انقطاعه رغم الظروف الصعبة.
وتفتقر تلك الخيام والفصول إلى أبسط الأدوات التعليمية المتمثلة بالكتب والقرطاسية والمقاعد، لكن الفلسطينيين يصرون على تلقي التعليم باستخدام أقل الإمكانيات المتاحة.
وفي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، تحولت بعض الخيام إلى فصول تعليمية، حيث يجتمع فيها الطلاب لمواصلة تعليمهم رغم ظروف الحرب.
ورغم أنهم يتلقون دروسا إلا أن هؤلاء الطلاب يخشون من الاستهداف في ظل القصف الإسرائيلي الذي يطول الخيام والمدارس بشكل شبه يومي، ويسفر عن سقوط قتلى وجرحى معظمهم أطفال ونساء.
ولا تستطيع تلك الخيام والفصول التعليمية استيعاب جميع الطلاب، حيث تقتصر قدرتها على استقبال أعداد محدودة فقط، في ظل النقص الحاد في الإمكانيات والأماكن المناسبة في الوضع الراهن في غزة.
وداخل إحدى الخيام التعليمية، تقدم معلمة اللغة الإنجليزية نداء المدهون دروسا للأطفال، حيث تردد الحروف بشكل بسيط وبصوت عالٍ.
تقول المدهون “نبذل قصارى جهدنا لاستكمال العملية التعليمية في ظل الحرب ونقص الإمكانيات”.
وتضيف “نعمل مع مجموعة من المدرسين بشكل تطوعي لتعليم الطلاب المواد الأساسية مثل اللغة العربية والرياضيات والإنجليزية”.
وتتابع “في ظل هذه الظروف الصعبة يجب أن تستمر العملية التعليمية؛ فالأطفال بحاجة إلى التأسيس لمستقبلهم، ويجب أن نواصل تعليمهم رغم الانقطاع”.
وتلفت إلى أن هناك إقبالا كبيرا من الأهالي على إرسال أبنائهم، إذ يحرصون على تعليمهم رغم الظروف.
وتوضح أن الانقطاع عن التعليم ترك آثارا نفسية على الطلاب، وتعرب عن أملها في أن يتم تعويض هذه الفجوة في الأيام القادمة.
وتأمل المعلمة الغزية أن تنتهي الحرب في قطاع غزة ويعود الأطفال إلى مقاعد الدراسة.
الفتاة جمانة البالغة من العمر 13 عاما، لم تتردد في الذهاب لتلقي الدروس التعليمية داخل الخيمة بعد عام من توقف الدراسة.
وتقول “خلال العام، تعرضنا للنزوح 11 مرة، وانقطعنا عن الدراسة، حيث الاحتلال يريد تدمير العملية التعليمية”.
وتضيف الفتاة الغزية “أريد حقي في التعليم لتحقيق حلمي في المستقبل، والاحتلال حرمنا من هذا الحق”.
وفي التاسع من أيلول الماضي، انطلق العام الدراسي الجديد في مدارس الضفة الغربية المحتلة، بينما بقي قطاع غزة، الذي يتعرض لإبادة جماعية ترتكبها إسرائيل منذ عام، محرومًا من بدء العام الدراسي.
وقبل السابع من تشرين الأول، كان العام الدراسي يبدأ في وقت واحد في كل من غزة والضفة الغربية، حيث يتلقى الطلاب منهجا فلسطينيا موحدا، وتُجرى الاختبارات الفصلية والنهائية في نفس التوقيت.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى