مزاج الساسة في استحداث عطل وهمية يكلف اقتصاد العراق 9 تريليونات دينار
الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي: العراق هو الدولة الأولى في العالم من حيث عدد العطل، ما يكبد خزينة الدولة خسائر بملايين الدولارات عن كل يوم عطلة.
بغداد – الرافدين
كشف خبراء اقتصاديون أن الكلفة السنوية للعطل الرسمية وغير الرسمية في العراق، باستثناء يومي الجمعة والسبت، تقدر بحوالي 9 تريليونات دينار، بينما تصل الكلفة السنوية للعطل غير الرسمية إلى حوالي 5 تريليونات دينار، ما يسبب خسائر مالية كبيرة للعراق.
وقال الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في جامعة المعقل الأهلية بمحافظة البصرة نبيل المرسومي، إن “مجموع العطل الرسمية وغير الرسمية 140 يومًا بما فيها أيام السبت والجمعة في السنة، وبالتالي، فإن عدد أيام العمل الفعلية في السنة يبلغ 225 يومًا، فضلًا عن عطل غير رسمية تفرضها ظروف خاصة، وهو ما يكبد خزينة الدولة خسائر بملايين الدولارات عن كل يوم عطلة.
وأكد المرسومي، على أن العراق هو الدولة الأولى في العالم من حيث عدد العطل، حيث تسجل أعلى المعدلات عالميًا، في حين توجد فقط 8 عطلات رسمية في إنجلترا وويلز.
وسبق أن طالب الخبير الاقتصادي ناصر الكناني، “الحكومة أخذ هذه الخسائر المالية بنظر الاعتبار كونها خسائر كبيرة جدًا، وهذه الخسائر والعطل لها تأثير مباشر ومهم على الناتج المحلي الإجمالي للعراق، فتعطيل الدوام الرسمي ليس بالأمر السهل على الدولة كما يعتقد البعض، بل له تبعات اقتصادية كثيرة على الدولة والمواطن”.
وتعد ظاهرة كثرة العطل الرسمية، واحدة من المخاطر التي تشل الحياة العامة في العراق، في ظل ترهل وظيفي كبير يعرقل عمليات الإنتاج ويرهق خزينة الدولة في حين لا تحقق مؤسساته الحكومية الصناعية والتجارية والمالية عائدات مالية تكفي على أقل تقدير لتأمين رواتب العاملين فيها.
وبسبب أعداد الموظفين الكثيرة، لا يجد الكثير منهم مكانًا للجلوس فيما يتناوب آخرون على الجلوس، يضطر بعضهم إلى شراء المقاعد وجلبها للمؤسسة بعد تدوين أسمائهم عليها كي لا يشغلها سواهم، في مشاهد تعكس سوء الإدارة والتخطيط والفشل الحكومي المستمر.
ويقبل المواطنون والشباب منهم على الوظائف الحكومية، جراء تفشي البطالة وعدم وجود دعم حكومي للقطاع الخاص أو قانون ينظم عمله، إضافة إلى الراتب التقاعدي الذي تضمنه الحكومة للموظفين.
وسبق أن حذر اقتصاديون وسياسيون من تبعات الزيادة المفرطة في أيام العطل على حيوية المجتمع العراقي ونمو الدولة بمختلف قطاعاتها العاملة، سيما وأن الأمر وصل إلى تضرر شريحة العاملين بالأجور اليومية، بعد القفزة الكبيرة في عدد العطل بعد عام 2003.
وتعد شريحة العاملين بالأجور اليومية من أكثر المتضررين من العطل الكثيرة كما يرى ناشطون، حيث قال الناشط السياسي ياسر عبد العزيز، إن “العطل الكثيرة، تحديدًا تلك التي تصدر عن حكومات المحافظات المحلية، تؤدّي إلى مشكلات إدارية واقتصادية، لا سيما أن شريحة غير قليلة من العراقيين تعمل بصيغة الأجور اليومية، الأمر الذي يعرضها لخسارات مالية وفي النهاية لفقر حقيقي لا تعرف الحكومة عنه أي شيء”.
وتخضع أيام العطل المعمول بها بعد الاحتلال، بمعظمها، لـ “مزاجية” الحكومة وأحزابها، من دون الانتباه إلى مدى مساهمتها في تأخير البلاد، فضلًا عن زرع بذرة الفرقة بين مكونات الشعب الواحد حتى وصل الحال ببعض المشرعين إلى السعي لإعلان يوم احتلال بغداد عطلة عيد وطني في البلاد بعد الاكتفاء بإعلانها عطلة بمناسبة “سقوط نظام البعث”.
ويقع العراق “في صدارة البلدان التي تعطل الدوام الرسمي للقطاعين الخاص والعام في مناسبات وطنية ودينية متنوعة” كما جاء في تقرير سابق نشرته شبكة المستشارين العراقيين الميدانيين.
وبحسب التقرير فإنه “لا يمكن للدولة النهوض والتطور بهذا العدد غير المجدي من العطل، باستثناء بعض المناسبات اللازمة نظرُا لرمزيتها”.
وكشف التقرير أن هذه العطل “باتت تسبب كسادًا واضحًا من جهة، وتراجعًا كبيرًا في المستوى التعليمي من جهة أخرى، ناهيك عن تأخير عدة مشاريع مهمة في الإعمار والتنمية”.