معهد “تشاتام هاوس”: شباب ثورة تشرين بعد 5 سنوات على اندلاعها لم يقبلوا الوضع الراهن في العراق
المعهد الملكي للشؤون الدولية يؤكد في دراسة تحت عنوان "وكلاء التغيير: الشباب في العراق" على أن الحكومات المتعاقبة تعاملت مع الشباب باعتبارهم مجموعة يمكن التفاعل معها عندما يتوافق ذلك مع مصالحها الإدارية والسياسية والطائفية.
بغداد- الرافدين
أكد المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية “تشاتام هاوس” على أنه لا ينبغي تفسير غياب حركة الاحتجاج الجماهيرية في العراق حاليًا على أنه علامة على أن الشباب أصبحوا أقل طموحًا.
وذكرت المعهد في دراسة تحت عنوان “وكلاء التغيير الشباب في العراق” بعد مرور خمس سنوات على بدء ثورة تشرين التي عملت على الإطاحة بالعملية السياسية التي بنيت على مفاهيم المحاصصة الطائفية وحولت العراق إلى مرتع للفساد والفشل السياسي، أن شباب العراق لم يصبحوا أكثر قبولًا للوضع الراهن. لقد حدث تحول استراتيجي في نهج العديد من الشباب العراقيين تجاه النشاط والمشاركة المدنية منذ عام 2019، كاستجابة للمخاطر العالية المتمثلة في المواجهة السياسية المباشرة.
واستناداً إلى مجموعة من المقابلات مع الشباب في جميع أنحاء العراق، قدم حيدر الشاكري الباحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تجارب جيل جديد من الجهات الفاعلة في المجتمع السياسي والمدني ورجال الأعمال الذين يعملون على تحقيق تغيير بناء داخل مجتمعاتهم.
وتوضح الدراسة التحديات النظامية التي يواجهها الشباب العراقيون في جهودهم الرامية إلى تحدي الهياكل والأعراف القائمة.
وفي كثير من الأحيان، خلال العقدين الماضيين، تجاهلت الاستجابات والبرامج السياسية المحلية والدولية، التي تهدف إلى إشراك الشباب وبناء القدرات الفنية، إمكانات الشباب ليكونوا شركاء استباقيين قادرين على قيادة المبادرات والتأثير على التغيير النظامي.
وعلى مدى العقدين الماضيين، فشلت المبادرات الوطنية والدولية المتعاقبة، إلى جانب موجات الحركات الاحتجاجية، في معالجة إحدى المظالم الرئيسية للشباب في العراق بشكل مناسب.
وافتقرت إلى الفرص التي يمكن أن تعدهم بشكل صحيح لمستقبل يمكنهم فيه أن يكونوا مشاركين نشطين في الحكومة والاقتصاد والمجتمع الأوسع.
وبحثت العديد من الدراسات في الروابط بين مظالم الشباب وحركات الاحتجاج في العراق، ولكن هناك أبحاث محدودة حول ما يأتي بعد مثل هذه الاحتجاجات بالنسبة للشباب، وخاصة عندما لا يتم تلبية مطالبهم.
وركز الباحث على ما علمته ثورة تشرين للجيل الحالي من الناشطين الشباب حول المشاركة المدنية، وكيف حفز إرث احتجاجات عام 2019 العديد من الناس على المساهمة بشكل هادف في المجتمع من خلال النشاط السياسي وريادة الأعمال وحركات المجتمع المدني التي يقودها الشباب.
ويواجه الشباب في العراق التحديات الحكومية في شكل خطوط حمراء وبيروقراطية في دعوتهم إلى التغيير.
وتعاملت الحكومات بعد احتلال العراق عام 2003 مع الشباب باعتبارهم مجموعة يمكن التفاعل معها عندما يتوافق ذلك مع مصالحها الإدارية والسياسية والطائفية.
وعادة ما ينظر أصحاب المصلحة الدوليون إلى الشباب العراقيين في المقام الأول باعتبارهم متلقين للمساعدات أو التمويل، بما يتماشى مع الأولويات المحددة سلفا من قبل الجهات المانحة.
وتتجاهل هذه المنظورات إمكانات الشباب في أن يكونوا شركاء حقيقيين واستباقيين، وقادرين على قيادة المبادرات والتأثير على القرارات الاستراتيجية.
وتأتي دراسة “وكلاء التغيير الشباب في العراق” بعد أشهر قليلة من دراسة مماثلة للمعهد الملكي أكد فيها أن العراق في لب منطقة الشرق الأوسط كواحد من أكثر المناطق اضطرابًا في العالم، حيث تتشابك في المنطقة الأزمات والصراعات التي تتجاوز الحدود الوطنية لتشكل لوحة معقدة من النزاعات.

حيدر الشاكري: يواجه الشباب في العراق التحديات الحكومية في شكل خطوط حمراء وبيروقراطية في دعوتهم إلى التغيير
وقال كريستوفر فيليبس أستاذ العلاقات الدولية في جامعة “كوين ماري” في لندن، إن الحرب المنسية في العراق يديرها الحشد الشعبي التي تنضوي تحته ميليشيات تدين بالولاء لإيران.
وأكد فيليبس الذي سبق أن أصدر مجموعة كتب من بينها “ساحة المعركة: عشرة صراعات تشرح الشرق الأوسط الجديد” و”المعركة من أجل سوريا: التنافس الدولي في الشرق الأوسط الجديد” على أن العراق لا يزال هشًا، وغالبًا ما تزداد حالته سوءا بسبب القضايا المتعلقة بمستقبل ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران في السياسة والمجتمع.
وحذر من تجاهل هذه الصراعات التي تقف خلفها ميليشيات موالية لإيران يمكن أن يؤدي إلى انفجارات جديدة للعنف ويعزز حالة عدم الاستقرار.
وقال الباحث البريطاني الحاصل على الدكتوراة في العلاقات الدولية، والزميل ببرنامج الشرق الوسط وشمال أفريقيا بمعهد “تشاتام هاوس”، إن الحوثيين في اليمن مثل ميليشيات الحشد الشعبي في العراق يعبرون عن ولائهم إلى إيران ويؤكدون بأن الصراع هناك لم يحل بعد.
وغالبًا ما يتم تحريف حقيقة أن الحشد لا يشكل أي تهديد عسكري للعراق، لا سيما مع مضاعفة قواته إلى حوالي 240 ألف عنصر وزيادة مماثلة في ميزانيته. ولكن، كما هو الحال مع حزب الله في لبنان، أصبحت قوات الحشد الشعبي ماهرة للغاية في التلاعب في أروقة السلطة لاحتكار المناصب السياسية والقضائية والاقتصادية والإدارية.
وأشار فيليبس إلى أن نفس الحرب ماتزال مستعرة في سوريا عبر ميليشيات مدعومة من إيران، ورغم تراجع القتال بعد عام 2020، فإن الرئيس السوري بشار الأسد المدعوم من إيران يسيطر على أقل من ثلثي بلاده.
وقال إنه لا تزال التوترات عالية في الدول التي شهدت حروبًا أهلية في الماضي والتي قد تشتعل مرة أخرى. فلبنان في حالة حرب.
وأوضح أن هذه الحروب التي تقف ورائها ميليشيات ولائية ليست حوادث معزولة، بل جزء من نسيج مترابط من عدم الاستقرار الإقليمي.
وخلص فيليبس في دراسته إلى أنه يجب على المجتمع الدولي أن يأخذ هذه الدروس بعين الاعتبار، وأن يكون حذرًا من الحروب المنسية الأخرى في الشرق الأوسط ومن بينها العراق قبل أن تنفجر هي أيضا.