أخبار الرافدين
كرم نعمة

مَن يحكم العالم بايدن أم نتنياهو؟

دعونا نرسم الحدث ليس كما كان في أصله، ونستبدل بيل كلينتون بدونالد ترامب، فماذا يمكن أن نتوقع، توبيخا شديدا يفتقر للكياسة الدبلوماسيةمثلا!!
حدث ذلك عام 1996 في أول لقاء رسمي بين بيل كلينتون وبنيامين نتنياهو، شعر كلينتون بالرجل المتغطرس الجالس أمامه فالتفت إلى أحد مساعديه وقال “من هي القوة العظمى اللعينة هنا؟”.
لقد أسس نتنياهو ما يسميه المحللون العسكريون “هيمنة التصعيد” على كل من يجلس في المكتب البيضاوي، ولا أحد من الرؤساء الأمريكيين خضع لذلك أكثر من جو بايدن.
لم يرغب أي رئيس أمريكي أكثر من بايدن في وضع الشرق الأوسط في الملفات غير المهمة. ومع ذلك، وفي أعقاب التوغل البري الإسرائيلي الأخير في لبنان واحتمال اندلاع حرب شاملة مع إيران، فمن غير المرجح أن يتم تعريف أي رئيس أمريكي خضع لسياسة الغرور الإسرائيلية أكثر من بايدن.
الهزيمة الشنيعة للولايات المتحدة في أفغانستان ومن ثم سحب بطاريات الصواريخ من السعودية وعدم مواجهة الصواريخ الحوثية، وهي في واقع الأمر صواريخ إيرانية نحو حقول النفط السعودية والإماراتية، دع عنك ترك العراق لحكم ميليشيات إيران، يؤكد بلا أدنى شك الفشل الأمريكي، أو بتعبير أدق فشل أدارة بايدن في المنطقة.
لذلك يبدو أن من يحكم المنطقة اليوم هي الغطرسة المتصاعدة لنتنياهو، أو كما يقول ألون بينكاس، الدبلوماسي الإسرائيلي السابق والكاتب الحالي في صحيفة هآرتس”يعرف نتنياهو كيف يلعب لعبة واشنطن بشكل أفضل من معظم الساسة الأمريكيين. وهكذا تفوق على بايدن”.
ولكن حتى وفقا لمعايير نتنياهو، فإن الوضع الحالي يشبه بيتا من ورق. فقبل شهر واحد فقط من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، قد يؤدي ما يحدث في الشرق الأوسط إلى تغيير النتيجة في الخامس من تشرين الثاني “نوفمبر” المقبل، وفق الكاتب في صحيفة فايننشيال تايمز أدوارد لوس.
هناك حقيقة مفادها أن التصعيد بين إيران وإسرائيل قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط، وهو ما من شأنه أن يؤدي على الفور إلى إحباط معنويات المستهلكين الأمريكيين في الوقت الذي يتوجه فيه الناخبون إلى صناديق الاقتراع.
لذلك جاء تصريح بايدن الذي يجعل أي متابع يتوقع بانه لايمكن أن يزداد الرئيس الأمريكي غباء مع مرور الوقت عندما نصح إسرائيل بالتفكير في بدائل غير قصف حقول النفط الإيرانية. وكأنه يقول للعالم بوضوح إن النفط بالنسبة للولايات المتحدة أهم من أن يدمر أي مكان أو أن يموت أي إنسان، ذلك منطق لا يمكن أن يقدم عليه السياسي إلا اذا كان يريد أن يعري نفسه أمام العالم!
اعترف بايدن قبلها بأيام بأنه كان في نقاش مع نتنياهو بشأن ضربة إسرائيلية لحقول النفط الإيرانية. وكانت إيران قد أشارت في الماضي إلى أنها سترد على أي ضربة من هذا القبيل بهجمات على البنية التحتية النفطية في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. وقد ارتفع معها سعر خام برنت بالفعل من 70 دولارًا للبرميل إلى 78 دولارًا. وقد تدفع جولة جديدة من الضربات السعر نحو 100 دولار.
ولكن نتنياهو، وليس بايدن، هو الذي سيقرر ما سيحدث بعد ذلك. ويُظهِر التاريخ الحديث أن رئيس الوزراء الإسرائيلي من غير المرجح أن يعول على أي ضبط للنفس يحثه بايدن عليه في السر. لأنه يريد أن يكسر الحقيقة التي سادت بعد هجوم حماس على المستوطنات الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول “أكتوبر” 2023، بأن أسطورة إسرائيل ليست أكثر من خيوط العنكبوت!
لكن بول سالم، نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن، يرى عكس ذلك بقوله “كنا نعتقد أن نتنياهو قد استنفد أرواحه التسعة. ولكن تبين أنه كان لديه عدة أرواح أخرى في جيبه الخلفي”.
ومع ذلك مرة أخرى، ضلل نتنياهو إدارة بايدن. ففي مناسبات لا حصر لها، بدا نتنياهو وكأنه يوافق على شيء مع واشنطن ويفعل العكس في الممارسة العملية. سواء كان الأمر يتعلق بالخلافات حول شروط وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن، أو المحاولة الأخيرة لوقف إطلاق النار لمدة 21 يومًا مع حزب الله، فإن بايدن يبدو عاجزا في كل مرة. يقول بينكاس”يبدو أن إدارة بايدن تقول، نحن نعاني من القليل من رطوبة الخريف. لا، هذه ليست رطوبة موسمية، إنه نتنياهو يبصق عليكم”!
في مذكراته الجديدة “Unleashed” يكتب بوريس جونسون وزير الخارجية البريطاني الأسبق عندما زاره نتنياهو في مقر وزارة الخارجية ”بيبي (نتنياهو) ذهب إلى المرحاض الخاص بمكتبي لفترة، قد يكون ذلك محض صدفة أو لا، لكن قيل لي لاحقا أنه بعد فحص الحمام عثروا على جهاز تنصت في المرحاض”.
مع ذلك لا أحد في هذا العالم الديمقراطي الذي يتباهى بالمعايير الإنسانية والأخلاقية يعلم نتنياهو كما يتم فرض السلوك المهذب على الحمقى!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى