الميليشيات الولائية في العراق تنفي صلتها بهجوم الجولان للنأي بنفسها عن صراع يفوق حجمها
الميليشيات الولائية في العراق تتراجع عن تهديداتها ووعيدها وتنفي صلتها بهجوم الجولان مع تصاعد احتمالات تعرضها لضربة إسرائيلية وشيكة ضمن إطار رد جيش الاحتلال على إيران وأدواتها في المنطقة.
بغداد – الرافدين
كشف نأي الميليشيات الولائية في العراق بنفسها عن معارك “إسرائيل” في لبنان وقطاع غزة بعد الأنباء المتواترة عن رد وشيك للكيان الصهيوني على إيران يشمل جميع أدواتها في المنطقة لاسيما العراق عن الشعارات الفارغة التي تطلقها.
وجاء تراجع الميليشيات عن تهديداتها ووعيدها بعد معلومات تداولتها مصادر صحفية إسرائيلية تفيد بتخطيط الكيان الصهيوني لضربة وشيكة تستهدف ميليشيات ولائية في العراق ينسب لها إطلاق طائرات مسيرة ملغمة على هضبة الجولان المحتل تسببت إحداها بمقتل وإصابة عدد من الجنود الإسرائيليين.
ونقل تقرير لموقع “ميدل ايست آي” البريطاني، عن زعماء في الميليشيات الولائية ومسؤولين عراقيين قولهم إن “ادعاءات اسرائيل حول مقتل اثنين من جنودها في هضبة الجولان بمسيرة عراقية، هو ادعاء تم تلفيقه”.
وذكر التقرير البريطاني، أن “القوى السياسية والفصائل المسلحة في العراق، قررت في الأسبوع الماضي النأي بنفسها عن المعارك بين إسرائيل وحزب الله اللبناني وتركيز جهودها على الدعم الانساني في لبنان وفلسطين”.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتراجع الميليشيات عن شعاراتها فقد سبق أن أعلنت ميليشيا حزب الله العراقي مطلع العام الحالي على نحو مفاجئ في بيان، تعليق العمليات العسكرية ضد القوات الأمريكية بعد أقل من شهر على إعلان أكدت فيه تصعيد عملياتها وتغيير قواعد الاشتباك “نصرة لغزة” على حد وصفها.
وجاء بيان الميليشيا وقتها بعد إعلان واشنطن التحضير لرد عسكري على الهجوم الذي استهدف القاعدة الأمريكية قرب الحدود بين سوريا والأردن والذي أسفر عن مقتل 3 جنود أمريكيين.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية “بنتاغون” في حينها، إنها تنتظر أفعالًا وليس أقوالًا فقط من ميليشيا “حزب الله العراقي”، فيما يخص عدم الاعتداء على القواعد الأمريكية في المنطقة.
وجاء ذلك في معرض رد على بيان الميليشيا التي أعلنت تعليق عملياتها العسكرية ضد القوات الأمريكية.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أعلن يوم الجمعة أن طائرتين مسيرتين محملتين بالمتفجرات استهدفتا قواته في الجولان في وقت مبكر من صباح اليوم السابق، وان ضابطين من الكتيبة الثالثة عشرة في “لواء غولاني” قتلا، وأصيب 24 جنديًا اخرون، واتهمت اسرائيل فصيلًا مسلحًا عراقيًا مدعومًا من ايران بالمسؤولية عن ذلك.
لكن تقرير ميدل إيست آي، نقل عن زعماء ثلاثة ميليشيات مسلحة في العراق، تحديهم الرواية الاسرائيلية، مؤكدين انه لم تتم مهاجمة الجولان في ذلك اليوم.
ونقل التقرير عن كاظم الفرطوسي، وهو احد قادة كتائب سيد الشهداء، قوله إن “المقاومة تعلن عن العمليات التي تنفذها بمجرد وقوعها، ولم تعلن المقاومة عن هذه العملية او تتبنى مسؤوليتها كما تردد”.
وبحسب الفرطوسي، فإنه “لو كنا نفذناها لكنا أعلنا عنها”.
ونقل التقرير البريطاني كذلك، عن قيادي كبير في الحشد الشعبي إشارته إلى أن “اجتماعًا عقد يوم الجمعة بعد المزاعم الاسرائيلية، حيث ضم الاجتماع ممثلين عن كتائب حزب الله وحركة حزب الله النجباء وكتائب سيد الشهداء، حيث حاول المجتمعون تحديد الحقيقة وراء ادعاء الهجوم على الجولان. وبحسب المسؤول الحشدي نفسه، فإن الفصائل العراقية الثلاثة نفت تنفيذ العملية”.
وأوضح المسؤول الذي شارك في الاجتماع ان “الفصيل المسلح الوحيد الذي بمقدوره تنفيذ مثل هذه العملية هو كتائب حزب الله، وقد قالوا صراحة بأنهم لا علاقة لهم بالعملية ولم يكونوا وراءها”.
وتابع المسؤول قائلًا إن “تحليلنا هو أن العملية اما انها مفبركة، وهو أمر مرجح لعدة أسباب، أو أن فصيلًا مسلحًا آخر، غير الفصائل الثلاثة المعروفة، نفذ العملية من خارج الاراضي العراقية”.
وتوقعت مصادر في الميليشيات المسلحة والأجهزة الأمنية أن تضرب إسرائيل عدة أهداف، من بينها مقرات الحشد الشعبي، وهي مظلة حكومية تشرف على مختلف الفصائل شبه العسكرية، بما فيها تلك المقربة من إيران.
وانتشرت أخبار في الأوساط السياسية والإعلامية خلال الأسبوع الماضي بأن إسرائيل وضعت قائمة تضم 35 هدفًا في العراق، تشمل مواقع وأسماء القادة السياسيين وزعماء الفصائل المسلحة.
وقال مسؤول كبير في الحشد الشعبي إن “أهداف إسرائيل في العراق معروفة وواضحة. سوف تهاجم معسكرات بعض الفصائل المسلحة، وكذلك معسكرات ومقرات الحشد الشعبي، وربما تستهدف بعض قادة الفصائل المسلحة”.
وأضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته أن “الشخصيتين الوحيدتين المستهدفتين فعليًا هما أكرم الكعبي، قائد حركة النجباء، وأبو حسين المحمداوي، قائد كتائب حزب الله”.
وأشار المسؤول إلى أن “قادة الفصائل المسلحة الأخرى المرتبطة بإيران استبدلوا أدوارهم العسكرية بأدوار سياسية واقتصادية، ولم يعد لهم أي تأثير حقيقي في المقاومة المسلحة”.
وتابع “الإسرائيليون والأمريكيون يعرفون ذلك ويدركونه جيدًا، وليس لديهم مصلحة في استهدافهم”.
وتؤكد مصادر صحفية أن السوداني وضع جميع القوات العسكرية في العراق في حالة تأهب قصوى منذ مساء الثلاثاء، ولم يظهر معظم زعماء الميليشيات المسلحة إلى العلن منذ ذلك الحين.
ووفقًا لمصادر مطلعة فإن قيادة ميليشيا الحشد الشعبي اتفقت على إرسال تعليمات صارمة إلى جميع القادة بضرورة عدم إشراك أي من المقاتلين المسجلين في هيئة الحشد الشعبي في الصراع الإقليمي بأي شكل من الأشكال.
وقال المصدر الذي حضر اجتماع للحشد بهذا الخصوص إن “المجتمعين اتفقوا على أن من يقرر المشاركة في المعركة، فعليه عدم استخدام مقاتليه المسجلين على قوائم رواتب الحشد الشعبي أو آلياته أو معداته”.
ووصف أحد القادة الكبار، الذي كان حاضرًا في الاجتماع أيضًا، الوضع بأنه “حرج للغاية” وقال إن “أي خطأ يحدث سندفع ثمنه جميعًا”.
وأضاف “نحن مستهدفون، فمواقع قواتنا ومقراتنا ومخازن أسلحتنا مكشوفة ومعروفة، لذلك لا مجال لأي عمل غير محسوب”.
ومع ذلك، تتضارب التقديرات العسكرية والسياسية في العراق بشأن تلك الأهداف، لكن ثمة مخاوف من ضرب مخازن أسلحة وغرف عمليات ومنازل آمنة.
ويُعتقد بأن قادة ميليشيات مسلحة قد غادروا العراق خلال الأسبوعين الماضيين مع تصاعد الحرب في لبنان، واغتيال أمين “حزب الله” اللبناني حسن نصر الله.
وأكد الصحفي العراقي عثمان المختار أن “زعيم ميليشيا العصائب قيس الخزعلي غادر منذ أسبوعين إلى إيران هو وعائلته ولم يظهر إعلاميًا ولا مرة منذ بدء العدوان الصهيوني على لبنان”.
وأوضح المختار في منشور له على منصة أكس أن “زعيم ميليشيا العصائب قيس الخزعلي كان قد ظهر يوم 3/12/2017 جنوبي لبنان، برفقة قيادات حزب الله وقال نعلن جهوزيتنا للوقوف صفا واحدًا مع الشعب اللبناني أمام الاحتلال الإسرائيلي”.
وتساءل متهكمًا “هل ينتظر انتهاء الحرب حتى يسرق السكراب مثلما فعل في بيجي والموصل؟”.
وعلى الصعيد السياسي يعتقد سياسيون أن إسرائيل تروج لفكرة أن فصيلًا عراقيًا هو الذي قتل جنودها في الهجمات على الجولان، من أجل تمهيد الطريق أمام هجوم على اهداف مرتبطة بإيران في العراق”.
وتنقل مصادر صحفية عن مستشار لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قوله إنه لن يعلق على الأنشطة التي جرت خارج العراق، إلا انه لم ينكر ان الادعاء الاسرائيلي كان مثيرًا للقلق، وبحسب المستشار نفسه، “لا نعرف اين وقعت العملية ولا كيف، ولا سيطرة لدينا على ما يحدث خارج العراق”.
وتابع مستشار السوداني قائلًا إن “الاسرائيليين والجميع يدركون الموقف الرسمي للحكومة في بغداد، فنحن ضد توسيع الصراع بين حزب الله واسرائيل، وتركز جهودنا على الجهود الدبلوماسية لمنع المنطقة من الانزلاق الى حرب شاملة”.
وتظهر محاولات نأي حكومة السوداني بنفسها عن أي حرب مفتوحة تحاول إيران جرها إليها بشكل جلي بعد تحركاتها وبسرعة عالية على ثلاثة مسارات متزامنة؛ بهدف تفادي تداعيات الحرب عليها”.
وتتركز المسارات الثلاثة على “الجهود الدبلوماسية والحكومية للحديث مع الحلفاء الغربيين المؤثرين في الأحداث، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا؛ بهدف إقناعهم بموقف العراق البعيد عن الحرب، وتاليًا قيامهم بالضغط على إسرائيل في حال فكرت باستهداف العراق”.
وظهر الموقف الحكومي في أضعف صوره حينما لم تستهجن الحكومة أو ترفض وصف رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو أو حتى تُصدر بيان استنكار لحديثه أمام اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة حينما وصف العراق بإحدى دول اللعنة المتحالفة مع إيران وسوريا واليمن بعدما رفع خارطة سوداء لدول الشر كما سماها.
وذهب الموقف الحكومي بعيدًا في خضوعه إلى حضور أحد أعضاء الوفد الدبلوماسي العراقي المشارك في الاجتماع والاستماع لكلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بالرغم من انسحاب أغلب الوفود، مما جعل الجميع يدرك بأن حكومة السوداني لاتمتلك أي مصدر للقوة والقرار المستقل للرد على التجاوزات الإسرائيلية بعد أن رهنت قرارها بيد إيران على الرغم من ادعاء من شكلها بصلته بـ “محور المقاومة”.