أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

معلمو العراق يشكون الاعتداءات والتضييق على الحريات في يومهم العالمي

وزارة التربية تنشغل في مصادرة حريات المعلمين دون أن تفعل القوانين الرادعة للمعتدين على الطواقم التعليمية بعد أن تركت المدرسين عرضة للاعتداءات في مدارسهم.

بغداد – الرافدين
مر اليوم العالمي للمعلّمين، شاحبًا على الطواقم التدريسية في العراق وهي تعيش واقعًا رثًا ومؤلمًا للتعليم، تزامنا مع حملة تضييق على الحريات ومصادرة للآراء وتزايد ملفت لظاهرة الاعتداء عليهم بعدما تركتهم حكومات الاحتلال المتعاقبة فريسة لبيئة يغيب فيها القانون.
ويُنظّم اليوم العالمي للمعلّمين سنويًّا في الخامس من تشرين الأول منذ عام 1994، للاحتفاء بذكرى توقيع توصية اليونسكو ومنظمة العمل الدولية لعام 1966 بشأن أوضاع المدرسين.
وتشكّل هذه التوصية الإطار المرجعي الرئيس للنظر في حقوق المعلّمين ومسؤولياتهم على الصعيد العالميّ.
وجاء اليوم العالمي للمعلمين هذا العام متزامنا مع إجبار وزارة التربية في حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني موظفيها لاسيما المعلمين منهم على التوقيع على تعهدات خطية تلزمهم بعدم انتقاد أي شخصية سياسية عبر منصات التواصل الاجتماعي الأمر الذي أثار استياء الملاكات التدريسية ومنظمات حقوقية.
وعدت أوساط تعليمية وأخرى حقوقية الإجراء بمثابة خطوة تقيد من حرية التعبير وتندرج ضمن مساع أخرى تكرس سياسة تكميم الأفواه وتشيع ثقافة إرهاب الموظفين عبر منعهم من ممارسة حقهم المدني في التعبير عن الرأي.
وبحسب وثائق مسربة، خاطبت مديريات تربية بابل وكربلاء في وزارة التربية، منتسبيها في تعميم صادر استنادًا على كتاب سابق لوزارة التربية بالتوقيع على تعهد خطي يقضي “بعدم نشر منشورات تهجم وانتقاد للشخصيات السياسية كونها ظاهرة غير أخلاقية”.

التربية تمنع موظفيها من انتقاد الساسيين وحقوقيون يعدون الإجراء خطوة نحو تكريس المزيد من القيود على حرية التعبير في البلاد

وصدر الكتاب بناءًا على توصيات لجنة تحقيقية وافق عليها الوزير بإيلاء الموضوع “الأهمية القصوى” فيما توعدت الوزارة المخالفين باتخاذ إجراءات قانونية، بعدما ألزمت كافة ملاكاتها التربوية والتدريسية بالتوقيع على التعهد الخطي بعدم نشر مثل تلك الأمور.

تعهد وزارة التربية يخالف القانون ومواده التي كفلت حرية التعبير وفقًا لحقوقيين

وإزاء هذا الإعمام، بدا أحد مديري المدارس مثل الكثير من نظرائه محرجًا من الإقدام على الطلب من طاقم مدرسته التوقيع على هذا التعهد.
وأضاف المدير الذي طلب عدم ذكر اسمه “عندما وصل الكتاب إلى المدرسة، قرأته مرارًا ولكن خجلت من الطلب من المدرسين التوقيع على التعهد”.
وبين أن “الكادر التدريسي بحسب هذا الكتاب مجبر على التوقيع على التعهد، وعدم الإدلاء بأي رأي سياسي وهذه حالة جديدة من تكميم الأفواه، التي تستهدف قطاعات معينة الواحدة تلو الأخرى، مهددة إياهم بقطع الأرزاق”.
بدوره قال نقيب المعلمين العراقيين عدي العيساوي، إن أكثر من مليون عراقي سيتأثرون بالقرار الأخير لوزير التربية، الذي يمنع بموجبه المعلمين والمدرسين وبقية الكوادر التربوية من إبداء الآراء أو الانتقاد عبر صفحاتهم الشخصية.
وأكد العيساوي أن القرار يوحي بوجود ظاهرة أو سيل من الإساءات المتكررة من كوادرنا، وهذا ما لم يثبت قطعاً معربا عن رفضه لتكريس هذه الفكرة.
ويعاني القطاع التربوي والتعليمي في العراق من تدهور كبير في جودة التعليم، بلغ مستويات غير مسبوقة، وخرج العراق من مؤشر دافوس لجودة التعليم؛ وما يزال المستوى التعليمي خارج نطاق التقييم العالمي لمعايير الجودة.
ويتأثر قطاع التعليم بالنقص الكبير بأعداد المدرسين والمعلمين وحاجة البلاد إلى نحو 90 ألف مدرس ومعلم موزعين بين رياض الأطفال والمدارس الابتدائية والثانوية وفقًا لوزارة التخطيط.
وسبق أن كشف الناطق الإعلامي باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي عن وجود “فجوة تراكمية للملاكات التربوية المتنوعة تقدر حسب إحصائيات الوزارة بـ 87 ألفًا و743 من الملاكات التربوية”.
وبين الهنداوي أنَّ “الحاجة الفعلية للملاكات التربوية تتوزع بواقع 3 آلاف و199 معلمة لرياض الأطفال، في وقت يبلغ احتياج المدارس الابتدائية 66 ألفًا و353 معلمًا ومدرسًا، في حين تحتاج المدارس الثانوية والمتوسطة والإعدادية إلى 18 ألفًا و191 مدرسًا ومدرسة”.
وتعلق التدريسية نور عادل الخفاجي على هذا الأمر بالقول إنّ “النقص الحاصل في الطواقم التعليمية يهدد مستوى التعليم وانخفاض الجودة، خاصة بالمواد الأساسية في المدارس ما يؤدي إلى أعباء في التعليم على المدرس، وبالتالي فإن الأمر يؤدي إلى ضعف إنتاجيته”.
وتلفت الخفاجي إلى “وجود العديد من المعلمين الذين يحملون على عاتقهم تدريس المراحل بأكملها، وهذا يحدث كثيرًا في المراحل الابتدائية، الامر الذي يحمّل المعلم ثقلًا كبيرًا، يفوق طاقته الاستيعابية، وبالتالي يؤثر ذلك في جودة المادة المعروضة أمام التلاميذ”.
وتنبه إلى أن تقديم الدرس بشكل سطحي ومبسط، هو ما ولد ظاهرة اللجوء الى التدريس الخصوصي او التعليم الأهلي.
ويضاف هذا الملف الى عدد من ملفات الفساد والخروقات الكبيرة التي تمضي بها وزارة التربية من خلال سيطرة جهات سياسية فاقمت من معاناة الطواقم التدريسية فضلا عن الطلاب، في ظل تلكؤ رافق انطلاق العام الدراسي الجديد الذي بدأ قبل أسابيع وسط نقص في تجهيز الكتب والقرطاسية والبنى التحتية للمدارس.

الحكومة تعجز عن توفير الحماية للمعلمين في العراق على الرغم من القوانين واللجان المشكلة لوضع حد لظاهرة الاعتداءات

ولا يخفي تدريسيون بمناسبة اليوم العالمي للمعلم أساهم على واقع التعليم في العراق بعد إبادته كليا وبعدما بات المعلم يمثل اليوم صورة للانهيار الذي تعاني منه العملية التعليمية برمتها.
يأتي ذلك في وقت تضاعفت الاعتداءات على المعلمين ووصلت حد القتل في بعض القرى والأقضية ومن قبل بعض الطلبة وذويهم، ما يجعلها ظاهرة مأساوية تدق ناقوس الخطر.
وعلى الرغم من إصدار رئيس الحكومة محمد شياع كتابًا لتشكيل لجنة بعضوية وزارة الداخلية، وجهاز الأمن الوطني، ووزارة التربية، ونقابة المعلمين، وشبكة الإعلام الحكومي، للحد من حالات الاعتداء على الملاكات التعليمية والتدريسية، من أجل القضاء على الظاهرة بشكل تام مازالت هذه الظاهرة تهدد الواقع التعليمي في العراق.
وجاء كتاب السوداني متزامنا مع تشكيل وزارة التربية لجنة قانونية تعنى بالدفاع عن المدرسين ضد الاعتداءات التي يتعرضون لها من قبل الطلاب وأولياء أمورهم، في مؤشر يعكس مدى استمرار تلك الاعتداءات وتأثيراتها السلبية على العملية التعليمية في العراق.
ولم توضح الوزارة طبيعة عمل اللجنة، إلا أن مسؤولا في الدائرة القانونية في الوزارة، أكد أن “اللجنة تضم عددا من المحامين وتعمل بالتنسيق مع الدائرة القانونية في وزارة التربية”.
وأكد، المسؤول مشترطا عدم ذكر اسمه، أن “اللجنة ستتابع قضايا الاعتداء على المعلمين والمدرسين في المدارس، وتتبنى الدفاع عنهم قانونيا، خاصة وأن بعض القضايا التي سجلت في السابق خسرها المدرسون بسبب عدم قدرتهم الشخصية على توكيل محامين، كما أجبر الكثير منهم على التنازل عن الشكاوى على المعتدين، بعد تلقيهم تهديدات عشائرية ومن جهات متنفذة”.
وأشار إلى أنه “سيتم متابعة أي قضية يتقدم فيها المعلمون بشكوى رسمية حتى وإن كانت سابقة”.
ولفت إلى أن “الاعتداءات كثيرة ولا يكاد يمضي أسبوع واحد من دون تسجيل اعتداء أو أكثر خاصة في مدارس جنوبي البلاد”.
بدوره أكد المحامي، علي عون، أن “ضعف تطبيق القانون أدى إلى زيادة نسبة الاعتداءات على المعلمين”.
وقال إن “قانون حماية المعلمين في حال تم تطبيقه بشكل صحيح فإنه سيحجم تلك الاعتداءات بشكل كبير ما يعني وجود حاجة ملحة إلى تطبيق القانون بشكل صحيح، وعدم مجاملة أي معتد”.
وشدد على أن “هناك عمليات تسويف للقضايا القانونية عبر إجبار المعلمين على التنازل عن حقهم القانوني”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى