حكومة السوداني تدفع إلى تجنيس مئات الآلاف من الإيرانيين بذريعة إعادة العراقيين المبعدين
عراقيون يشككون بدوافع إعلان حكومة الإطار التنسيقي لخطة "إعادة إدماج العراقيين المبعدين" المثيرة للجدل والغموض، مؤكدين على أنها تهدف إلى منح المزيد من الإيرانيين الجنسية العراقية والايغال في عمليات التغيير الديموغرافي لبنية المجتمع العراقي.
بغداد- الرافدين
تدفع حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني إلى تجنيس مئات الآلاف من الإيرانيين في خطة زعمت انها تهدف إلى إعادة إدماج العراقيين المبعدين من الخارج وإدارة شؤونهم عند عودتهم.
ولم يحصل ابعاد العراقيين من بلادهم باستثناء اليهود بعد عام 1948 والإيرانيين في ثمانينات القرن الماضي.
وأوضح بيان حكومي، أن هذه الخطة تأخذ بعين الاعتبار الملحوظات المعروضة في اجتماع حكومة السوداني، مبينا أن الخطة تركز على وضع توصيف للمبعدين من الخارج، بالإضافة إلى تنسيق وزارة الخارجية مع وزارة الهجرة والمهجرين بشأن ملف إعادة المبعدين.
وعاد غالبية الإيرانيين المسفرين في ثمانينات القرن الماضي بعد احتلال العراق عام 2003، إلا أنه لم يعرف إلى الآن هدف خطة حكومة الإطار مع اليهود العراقيين.
وسبق أن أثار اتفاق حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني مع السلطات الإيرانية على قبول دخول الإيرانيين إلى العراق بوثائق سفر خاصة، استياءً شعبيًا وتساؤلات عن جدوى منح الإيرانيين مميزات خاصة بدوافع سياسية وطائفية.
وتساءل عراقيون عما إذا كان الاتفاق الحكومي يعامل بالمثل من قبل إيران، أم أنه توجه لجعل “العراق محافظة إيرانية” كما تهدف سياسية الهيمنة الإيرانية على المنطقة.
وتساءلت مصادر اقتصادية عراقية عن الجدوى في منح الإيرانيين هذا الامتياز وعدم الأخذ بنظر الاعتبار الأضرار الأمنية لتنقل مئات الآلاف من الإيرانيين وهم يدخلون العراق بهدف ترويج الممنوعات والحصول على الدولار من الأسواق العراقية، بذريعة زيارة المراقد.
ويشكك عراقيون بدوافع إعلان الحكومة لخطة “إعادة إدماج العراقيين المبعدين” المثيرة للجدل والغموض، مؤكدين على أنها تهدف إلى منح المزيد من الإيرانيين الجنسية العراقية والايغال في عمليات التغيير الديمغرافي لبنية المجتمع العراقي.
وتسعى إيران ووكلاؤها في العراق إلى تغيير تركيبة البلاد ديموغرافيًا عبر تهجير العراقيين من مناطقهم قسرًا كما في مناطق حزام بغداد وديالى وصلاح الدين وبابل وغيرها من المناطق العراقية، وجلب المزيد من الجنسيات الأجنبية وتوطينهم في مدن الفرات الأوسط ومناطق أخرى تقع تحت سيطرة الميليشيات الإيرانية.
وتزداد مخاوف العراقيين من عمليات التجنيس من قبل الحكومة أو التي تأتي تحت ضغط من الميليشيات الموالية لإيران من أجل تجنيس العمالة الإيرانية الموجودة في العراق، أو الدارسين في الحوزة الدينية في النجف من أفغان وباكستانيين.
ويتم استقطاب هؤلاء من قبل إيران وتحويلهم إلى ميليشيات في خدمة أجندة طهران داخل العراق أو في دول الإقليم، مثل ميليشيات “زينبيون” و”فاطميون” التي جندتها إيران للقتال في سوريا.
وسبق أن حذر سياسيون وخبراء احتمالية تعديل القانون الخاص بمنح الجنسية في العراق، لاسيما ما يتعلق بإمكانية الحصول على الجنسية لمن يقيم مدة عام واحد في العراق.
وينص قانون الجنسية العراقية رقم 26 لسنة 2006 الذي يمكن تفسيره حسب مصلحة المشروع الاستيطاني وتغييراته الديموغرافية الخطيرة على بنية المجتمع العراقي التي استمرت آلاف السنين، على أن لوزير الداخلية أن يقبل تجنيس غير العراقي الذي “أقام في العراق بصورة مشروعة مدة لا تقل عن عشر سنوات متتالية سابقة على تقديم الطلب”.
ووفقًا للتعديل الذي يجري الجدل بشأنه فإنه سيخفف المدة إلى عام واحد، ما يضاعف أعداد المعنيين بإجراء التجنيس.
كما تنص الفقرة الثالثة من المادة 6 في القانون على أنه “لا تُمنح الجنسية العراقية لأغراض سياسة التوطين السكاني المخل بالتركيبة السكانية في العراق”.
وتثير تعديلات القانون المرتقبة قلقًا في الأوساط العراقية من إمكانية إحداث تأثير سلبي على تركيبة بلادهم الديموغرافية وتطمس هويتها العربية، عبر تجنيس الأجانب لحسابات سياسية إيرانية وخاصة في العاصمة بغداد حيث يوجد مقيمون من جنسيات عديدة مهيأة لنيل الجنسية.
ومن السهل تمرير التعديلات المثيرة للجدل في ظل الأغلبية التي تمتلكها أحزاب إيران من خلال تحالف الإطار التنسيقي وضعف الكتل المنافسة وصعوبة إقامة تحالفات تستطيع التصدي للتغييرات التي يجري الإعداد لها.
ولا يعتقد الكاتب والسياسي العراقي شاكر كتاب بوجود صعوبات بالنسبة للمنظومة الحاكمة، أمام تعديل قانون منح الجنسية، معتبرًا أن المنظومة الحاكمة “لم تعر القضية الوطنية وسلامة سيادة البلاد واستقلالها أي قدر من الاهتمام، وأُهملت كثيرًا من جوانب أساسية ومصيرية، واعتمدت مبدأ المحاصصة والسلاح وإفراغ العراق من أغلب القيم الجوهرية والمتعلقة بمفهوم الوطنية”.
وتابع شاكر في حديثه لوكالة الأناضول “ولا ننسى أن جماهير شعبنا المتضررة جدًا من سياسات المنظومة الحاكمة” مشددَا على أنها “لن تقف متفرجة على التفريط بحقوق الوطن وسيادته”.
وأضاف، “لا أظن أن هدفًا يختبئ وراء ذلك كله إلا التغيير الديموغرافي لسكان العراق ولأغراض خاصة ذات بعد استراتيجي”.
من جانبه، حذر عضو اللجنة العليا للميثاق الوطني العراقي، مكي نزال، من أنه “كلما صدرت نسخة جديدة من القانون بدأت حملات إعلامية ظاهرها مناقشة القانون وباطنها التمويه على بعض فقراته لغرض تمريره، بما يخدم مشاريع الدولتين المؤثرتين في العراق، وهما الولايات المتحدة وإيران”.
وبين نزال أنه “منذ 2003 بدأ حراك قانون الجنسية الذي يشكل مصدر رعب للعراقيين الخائفين من جلب مجموعات كبيرة من دول مثل إيران وأفغانستان لإحداث تغيير ديموغرافي تدريجي وقلب الموازين في بلد طالما حرص على نقاء أصول مواطنيه”.
ويرى نزال، أن “هذا القانون خطير جدًا لأن المسألة ليست في شخص جاء للتجنيس، وإنما كتل بشرية ستؤثر على عروبة بغداد بالتحديد”.
وأكد على، أن “البرلمان سيمرر ما يُمرر إليه، فهو ليس حرًا ليتخذ قرارات حرة، وستجد كثيرًا من الفوضى والصراخ، ولكن في النهاية سيمر ما تريده الولايات المتحدة وإيران”.